-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
إسرائيل
وقراءتها الخاطئة تحسين
يحيى أبو عاصي تخطيء
إسرائيل في كثير من تقديراتها
الأمنية والاستخباراتية
والسياسية والعسكرية ، على
الرغم من قوة أجهزتها وطول
أذرعتها الأمنية . فعلى
سبيل الأمثلة لا الحصر : عندما
تعرض موقعا عسكريا في كوسوفيم
للقصف الصاروخي من رجال
المقاومة الفلسطينية بتاريخ 8 / 4
/ 2008 م ، وأصدرت القيادة
الإسرائيلية تصريحا في نفس
اليوم ، أعلنت فيه أن الموقع كان
به 65 عسكريا وأن 38 منهم أصيبوا
بجروح من تأثير شظايا الصواريخ
والباقي أُصيب بالهلع . جاء هذا
التصريح بعد أن اقتنعت دولة
الكيان بترتيباتها الأمنية
والعسكرية والاستخباراتية التي
لم تحمها من ضربات رجال
المقاومة الفلسطينية ، كما لم
تحمها من قبل عندما خطفت
المقاومة الجندي الإسرائيلي
جلعاد شاليط . وأظهرت الفضائيات
وكتبت الصحف العبرية عن حالات
كثيرة من الهلع والخوف
والانهيار، أُصيب بها جنود
الاحتلال أثناء حربهم على لبنان
في صيف 2006 ، وما ذكرته التقارير
من صراخ وبكاء واستغاثة الجنود
الإسرائيليين في المعارك مع
المقاومة اللبنانية ، لتثبت من
جديد خطأ قراءة التقديرات
الأمنية لدولة الكيان ، خاصة
بعد التقرير الذي أصدرته لجنة
فينو غراد على أثر الحرب
الأخيرة على لبنان صيف 2006 . ومن
أمثلة القراءة الخاطئة أيضا ،
فقد أدى اغتيال كيان الاحتلال
لقادة المقاومة في غزة إلى مزيد
من دفع الجهد الحركي والتعبوي
والتنظيمي والعسكري والإعلامي
لصالح حركة حماس ، كما أدى إلى
تعاطف شعبي عالمي معها ،
واستقطاب الكثير من أنصارها
ومؤديها لصالح أيديولوجيتها ،
مما مكنها من الوصول إلى الحكم
بسهولة - كأحد الأسباب الحاسمة
التي أوصلت حماس للحكم وليس
كلها - ، وذلك تماما كما كان عليه
الحال عندما كانت إسرائيل تشن
غاراتها على مخيمات اللجوء
ومراكز القادة في لبنان ،
وعندما كانت تغتال قادة حركة
فتح ، مثل الشهيد خليل الوزير
والشهيد صلاح خلف ، وقادة
الثورة في لبنان...... وغيرهم
الكثير ... ومعركة الكرامة من قبل
، كل ذلك أدى إلى مزيد من الجهد
الثوري ، ومن إشعال نار الثورة ،
ومزيد من الإصرار والثبات ، فقد
كانت العقلية السياسية
العسكرية في دولة الكيان تنتظر
أن يأتي اليوم الذي ترى فيه يأس
الفلسطينيين من قيادته ، ويأسهم
من العمل المقاوم ، يأتي ذلك من
خلال القراءة الخاطئة لقادة
الكيان لطبيعة وأسس وفسيفساء
نضال الشعب الفلسطيني ،
المتجذرة في سيكولوجية
فلسطينية نوعية ومتميزة ، لا
تتأثر ولا تتلاشى مهما عظمت
الخطوب وتوالت المحن . لقد صرح
من قبل بعض القادة العرب ومعهم
قادة الكيان بعد سيطرة حماس على
غزة ، أن المقاومة ستنهار في مدة
لا تزيد عن الشهرين ، وعندما مرّ
الشهران صرح القادة السابقون
بأنها ستنهار في مدة ستة أشهر،
ثم أصدروا تصريحا ثالثا بأنها
ستنهار خلال سنة واحدة ، وعندما
لم يحدث ذلك مطلقا أصدر قادة
الكيان تصريحاتهم بأن المقاومة
شكلت في غزة نموذجا لجيش دولة ،
وأنها تمكنت من فرض الأمن
والنظام على جميع أنحاء القطاع
، كما أنها تزداد قوة يوما بعد
يوم ، وصرحوا ولا زالوا أن حركة
فتح قد تلاشت وأنها غير قادرة
على قيادة الشعب الفلسطيني ،
متجاهلين بسبب القراءة الخاطئة
ذاكرة الشعب الفلسطيني ومخزون
وعيه . ولعل تصريح شارون من قبل
الذي اعتبر فيه أنه لا فرق بين
تل أبيب ونتساريم ، ثم يخرج من
غزة بتأثير ضربات المقاومة دليل
آخر على القراءة الإسرائيلية
الخاطئة لفهم طبيعة فسيفساء
سيكولوجية الشعب الفلسطيني .
وبسبب
القراءة الخاطئة ، فبعد الحرب
على غزة في ديسمبر 2008 – يناير
2009تراجع العدو عن تحقيق أي من
أهدافه التي أعلن عنها قبل وفي
بداية العدوان على غزة في
ديسمبر 2008 - يناير 2009 ، يأتي ذلك
بنسخة مطابقة تماما في تراجعه
عن تحقيق أهدافه عندما قام
بعدوانه على لبنان في صيف 2006 .
ولعل سوء القراءة
الاسرائلية هي من وراء سقوط
خلايا التجسس في كل من لبنان
ومصر بأيدي رجال الأمن في
البلدين . لقد صرح
قادة الكيان في أكثر من مناسبة
أنهم يخوضون مع المقاومة
اللبنانية والفلسطينية صراع
الأدمغة ، كما صرح بن غريون من
قبل أن حربه مع العرب هي حرب
حضارة وعلم . فكلما ظهرت خطة
أمنية أو عسكرية من الكيان ،
قابلتها المقاومة اللبنانية في
لبنان والفلسطينية في غزة بخطة
مقابلة ، بحيث تفاجئ العدو بها
وبحسن التخطيط والأداء ، على
الرغم من دفع الثمن الذي لم يصل
في الفهم العسكري إلى مفهوم
الهزيمة العسكرية لأي طرف منهما
( كيان الاحتلال – المقاومة ) . تخطيء
دولة الكيان في الكثير من
تقديراتها أو قراءاتها ، فهي لم
تعرف حتى الآن مكان شاليط ، ولا
معلومات لديها عن الطيار
الإسرائيلي المفقود (أرون أراد)
منذ حوالي العشرين عاما ، كما لم
تنجح في ضرب كثير من مواقع منصات
إطلاق الصواريخ ومخابئ الأسلحة
، حيث أخطأت القراءة فقصفت بيوت
الآمنين والمساجد والمدارس ،
وروضات الأطفال والمؤسسات
الخدماتية الشعبية والرسمية ،
ولم تنجح في تحديد أماكن تواجد
القادة أثناء المعركة على أراضي
غزة ولبنان ، باستثناء الشهيد
صيام رحمه الله ، لتثبت تخبطها
المعلوماتي من جديد . وضمن
سلسلة القراءات الخاطئة للكيان
، فقد اتبعت إسرائيل ودول
الجوار أقصى أنواع الحصار على
غزة لحوالي أربع سنوات ( حتى
تاريخه ) ، ولم تتحقق أهداف
الكيان ولا أهداف دول الجوار من
وراء الحصار، الذي مس كل شيء
يتعلق في حياة المواطن ، كما
راهن نتنياهو قبل أيام على
إسقاط المقاومة
في غزة على أيدي الفلسطينيين
أنفسهم ، وهو اليوم يراهن على
القضاء على المقاومة في الضفة
الغربية .... في قراءات جديدة
خاطئة ، كما أخطأ قادة العدو في
قراءة مغزى انتفاضة الشعب
الفلسطيني ، عندما اتبع سياسة
كسر العظام والقمع والضرب
والاعتقال والقتل ، وعندما توعد
قادته بالقضاء على الانتفاضة
خلال مائة يوم . ونتيجة
للقراءات الخاطئة فالكيان
سيفشل حتما في التعامل مع الملف
النووي الإيراني ، وسيفشل حتما
بالقضاء على المقاومة في فلسطين
ولبنان ، وليس ذلك من باب
الإنشاء ولا دغدغة العواطف ، بل
من باب المعطيات المؤكدة
بالحقائق والوثائق والأرقام
والأدلة والبراهين .... ففي تاريخ
دولة الكيان لم يحدث أن تدرب جيش
الكيان على عمليات حماية الجبهة
الداخلية كما تبين في مناوراته
الأخيرة 6 / 4 / 2009
التي غطت كل أرض فلسطين
المحتلة ( 1948 ) ، ولم يحدث في
تاريخ المقاومة الفلسطينية كما
حدث أثناء حربه الأخيرة على غزة
، حيث ضربت المقاومة العمق
الإسرائيلي ، وزلزلت أركان
الجبهة الداخلية ، وضربت مواقع
حيوية مدنية وعسكرية
واستراتيحية اعترف بها قادة
الكيان أنفسهم مثل مدن: أسدود،
وعسقلان، ونتيفوت جنوب
إسرائيل، وأجزاء من مدينة بئر
السبع، والمجلس الإقليمي
لمنطقة أشكول، والمجلس
الإقليمي لمنطقة سدوت هانيجف،
والمجلس الإقليمي لمنطقة
مرحافيم، والمجلس الإقليمي حوف
إشكالون بالقرب من عسقلان،
بالإضافة إلى بلدة أوفاكيم،
وعدد آخر من بلدات النقب الغربي
.كما استهدف القصف قاعدة
حتسريم العسكرية ، الواقعة
بالقرب من مدينة بئر السبع ، وهي
إحدى أكبر القواعد العسكرية
الإسرائيلية التي تنطلق منها
الطلعات الجوية ، إضافة إلى
موقعي ناحال عوز ونير عوز
العسكريين بالقرب من قطاع غزة . ونال
القصف كيبوتس شعار هانيجف ،
ومستوطنتي كريات جان سديروت
جنوب إسرائيل، ومستوطنة كريات
ملاخي التي تقع بعد مدينة بئر
السبع ، كل ذلك بسبب سوء
التقديرات الإسرائيلية ..كذلك
لم تتوقع إسرائيل الحملة
القوية والناجحة والتي أطلقتها
المقاومة الفلسطينية الباسلة
على الخونة والعملاء أثناء
الهجوم على غزة ، مما أثر ذلك
على عمليات جيش الكيان وفق
اعتراف قائد المنطقة الجنوبية .
وضرب الكيان الأنفاق بقنابل
الأعماق الارتجاجية الأمريكية-
من دون أن يحقق من وراء ذلك هدفا
واحدا . ونجحت المقاومة في غزة
من امتصاص أثر الضربة الأولى في
حربها على غزة ، وهذا ما لم ينجح
الكيان في قراءته قبل المعركة ،
بالإضافة إلى أن قدرة المقاومة
على إطلاق الصواريخ أصبحت أكثر
جرأة وكثافة رغم الضربات
المكثفة من دولة الكيان ، فقد
وصلت صواريخ المقاومة
الفلسطينية إلى مشارف تل أبيب ،
ومدنا لم تتعرض للتهديد من قبل
منذ تأسيس دولة الكيان . فقبل
أربعة أيام من المجزرة
الصهيونية على غزة ، علق المعلق
العسكري الإسرائيلي أليكس
فيشمان في صحيفة يديعوت أحرونوت
، يركز على ضرورة الحسم العسكري
الذي لوحت به تل أبيب ، وكانت
النتيجة فشل الكيان في تحقيق
هذا الحسم بسبب القراءة الخاطئة
، وقبل شهر من الحرب على غزة قال
يوفال ديسكن ، رئيس جهاز الأمن
العام – الشاباك -، في جلسة
الحكومة : إن الذراع العسكري
لحماس استغل نصف السنة الأخير،
وحسن قدراته على إطلاق النار
الصاروخية للهاون والمقذوفات
الصاروخية ، إلى مدى بعيد
ومتوسط ، فأدخلت بئر السبع إلى
مدى صواريخ حماس ، وكشف أن لديهم
القدرة على الوصول إلى كريات
جات ، وأسدود ، وأن منشآت حيوية
مثل مركز البحوث النووية في
ناحال زوريك وقاعدة سلاح الجو
في حتسور توجد ضمن هذا المدى
للصواريخ ، وفتحت بلدية تل أبيب
الملاجئ استعدادا للأسوأ بسبب
قراءتها الخاطئة . وفي
أبريل 2008 حذرت المصادر العسكرية
الصهيونية من أن 200 ألف من سكان
الدولة العبرية سيصبحون في مرمى
القذائف الصاروخية الفلسطينية
في غضون عامين ، ولكن عدد
الإسرائيليين الذين وقعوا تحت
مرمى صواريخ المقاومة
الفلسطينية وصل إلى مليون
إسرائيلي ، وأكد ت معاهد
الدراسات الغربية منذ ثلاثة
أعوام أن التوازن الإستراتيجي
بين حماس وإسرائيل أصبح أمرا
واقعا ، ومنها الدراسة التي
نشرتها الباحثة الأمريكية
مارجريت ويس في أبريل 2008 من معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
بعنوان: - أسلحة الإرهاب-.
والتي قالت فيها : أن
المقاومة الفلسطينية
واللبنانية نجحت في خلق توازن
عسكري وغيرت موازين الرعب
. المقاومة
اليوم ليست كتلك التي كانت
بالأمس ، واليوم ليس كالبارحة ،
وغدا بإذن الله ليس كاليوم ، وكم
نتمنى أن يصلح الله بين الإخوة
المناضلين في حركتي فتح وحماس ،
وأن يتحدوا وراء مشروع المقاومة
، بعيدا عن الانقلابات
والانقسامات والخلافات .
لقد فشل
الكيان في القراءة لكثير من
المعطيات ، فشل يتلوه فشل من
بعده فشل ، فشل في قراءة طبيعة
الشعب الفلسطيني واللبناني
والعربي .... وفشل إسرائيلي يدفع
ثمنه الشعب العربي المسلم في
لبنان وفلسطين ، يظهر جليا في كل
مرة تقترب الانتخابات
الاسرائلية ، لتصبح الدماء هي
ورقة المساومة والمادة
الانتخابية الأولى لأحزاب
الكيان المتنافسة .
ـــــــــــ *كاتب
فلسطيني مستقل ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |