-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
لا
تكن كاتباً سياسياً ما لم تكن
ثائراً أ.د.
محمد اسحق الريفي إنها
نصيحة متواضعة أوجهها إلى
الكاتب السياسي الشريف الحر،
الذي انحاز إلى صف أمتنا ودافع
عنها بكلمة الحق، بصدق وجد،
مبتغياً وجه الله، ولا أوجهها
إلى أصحاب الأقلام المأجورة،
الذين باعوا ضمائرهم وعقولهم،
ولا إلى الكتَّاب اللاهثين وراء
الشهرة، ولا إلى المنافقين
المتملقين. للكتابة
السياسية غايات عديدة، منها
الشريفة، ومنها الخسيسة، وإذا
كنت تكتب في مجال السياسة
لغايات شريفة، فلا أنصحك
بالكتابة إلا إذا تحليت ببعض
الصفات التي تجعل منك ثائراً
متمرداً على الفساد والظلم
والطغيان. وأهم
هذه الصفات: الاستغناء عن كل شيء
في هذه الدنيا، وقطع الرجاء من
كل شيء إلا من رحمة الله، فلا
تتوقع سوى الرفض، والمنع من
السفر، وفقدان المنصب في
المؤسسة التي تعمل بها، وربما
فقدان الوظيفة، والتضييق عليك
بشتى الوسائل في عملك، وصدود
المسؤولين عنك وتوجسهم منك،
واعتداء المنفلتين أمنياً
وأخلاقياً... فالكتابة
السياسية تختلف عن الكتابة في
المجالات الأخرى، مثل الكتابة
الأدبية، فالأخيرة قد ترفع من
مكانتك الاجتماعية ورتبتك
الوظيفية، وقد تجلب لك الأموال،
بل تكسبك شهرة وبريقاً بين
أقران العمل وفي المجتمع الذي
تعيش فيه. أما
الكتابة السياسية الشريفة
الحرة، فإنها ستجلب لك الكثير
من المتاعب والمشاكل والمصائب،
خاصة إذا كنت تعمل في المؤسسات
الحكومية والجامعات والمؤسسات
التعليمية، الحكومية أو
الأهلية. فكل
الجامعات العربية والإسلامية
تعاني من التبعية للمؤسسات
الأمريكية والأوروبية التي
تقدم المنح والمساعدات المالية
لهذه الجامعات، في إطار برامج
ثقافية ودبلوماسية أمريكية
وأوروبية هادفة، لتعزيز
المصالح الغربية في منطقتنا
العربية والإسلامية.
ولذلك فإن تلك الجامعات
لديها حساسية شديدة من
الكُتَّاب الذين يتعرضون
لسياسة الولايات المتحدة
الأمريكية وحلفائها
الأوروبيين، المعادية لأمتنا
والداعمة للكيان الصهيوني،
بالفضح والنقد.
وربما تزداد هذه الحساسية
من الكُتَّاب الذين ينتقدون قمع
أنظمة الحكم العربية، وتساوقها
مع الأمريكيين والأوروبيين في
مخططاتهم التي تستهدف أمتنا،
وتآمرها ضد المقاومة الإسلامية. ولذلك
فإن تلك الجامعات تعمل على
إبعاد هؤلاء الكُتَّاب الشرفاء
الأحرار عن المواقع والمناصب
الإدارية، وعن الأضواء،
وتهمشهم، وتحد من نشاطهم، وربما
ترسل لهم رسائل عديدة، مباشرة
وغير مباشرة، تحذرهم فيها من
الاستمرار في الكتابة، حفاظاً
على سمعة المؤسسة التعليمية
ومصالحها المالية. وعلى
العكس من ذلك تماماً، فإن
الكتَّاب الذين يتعاملون مع
قضايا العرب والمسلمين بسلبية،
وينظرون إلى الولايات المتحدة
وحلفائها الأوروبيين على أنها
دول صديقة للعرب والمسلمين،
ويقيمون علاقات ودية مع جهات
رسمية، غربية وعربية، ويساهمون
في تمكين الدبلوماسية
الأمريكية والغربية في
مجتمعاتنا، ويعملون على تحقيق
العولمة (الأمركة) الثقافية
والتعليمية، فإن هؤلاء
الكتَّاب يحظون بتقدير تلك
الجامعات والقرب من إدارتها،
وينالون المناصب المرموقة وبعض
الأموال التي تحصل عليها تلك
الجامعات من المنح والمساعدات
الغربية. ولا شك
أن من يجاهد في سبيل الله عز وجل
بكلمة الحق، لا ينظر إلى
المناصب ولا إلى الأموال، ولا
يهمه التهميش والتحجيم، ولا
يحسب لوجهة نظر الأدوات الغربية
في جامعاتنا أي حساب، ولا يتطلع
إلى أي شيء في هذه الدنيا غير
الحياة الحرة الكريمة، ومرضاة
الله عز وجل.
والشباب الذين يضحون
بحياتهم في سبيل الله عز وجل،
وهم في مقتبل العمر، غير
متطلعين إلى أجر أو شهرة أو جاه،
هم قدوة الكاتب الذي يجاهد
بكلمة الحق، دفاعاً عن أمتنا. ومن
الصفات المهمة التي ينبغي أن
تتوفر في الكاتب السياسي الشريف
الحر، "القوة"، أو
الاستناد إلى جهة "قوية"،
تحميه من بطش أهل الباطل
والنفاق والطغيان، الذين لا
يروق لهم أن تجد الحقيقة طريقها
إلى عقول الناس، ولهذا فسيعملون
كل ما بوسعهم لحجب الحقيقة،
وسيستخدمون كل وسائلهم للتصدي
للكاتب الشريف الحر. والقوة
أنواع، ولها عدة مصادر: فبعض
الكتَّاب يحتمي بعائلته، أو
تنظيمه، وبعضهم يعول على
التأييد الجماهيري الذي يحظى
به، وعلى المنظمات المدنية التي
ينتسب إليها، وبعضهم يستند إلى
بعض المجتمعات المتحضرة التي
تحمي حق حرية التعبير والحقوق
الإنسانية العامة.
ولكن أفضل أنواع القوة بعد
الإيمان بالله عز وجل والتوكل
عليه، هي التي تجعل من الإنسان
ثائراً، وهي الاستغناء عن
العالم، وتحمل الألم
والمعاناة، والتضحية، والصدق
والإخلاص. على كل
حال، متعة الجهاد بكلمة الحق لا
تدانيها متعة في هذه الحياة
الدنيا، ولهذا فإن من يشعر بهذه
المتعة لا يتوقف عن الكتابة
مهما كانت الأخطار والتحديات،
لأنه ثائر لا ينتظر سوى
التضحيات والألم والمعاناة. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |