-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
"تيه
في أسفار "إسرائيل سوسن
البرغوتي حاول
شارون رئيس وزراء الكيان
الصهيوني الأسبق تحسين صورته
أمام العالم، بعد أن ابتكر أشد
أساليب التعذيب، والمجازر
الجماعية التي مورست على الشعب
الفلسطيني، وخنقه بوسائل تعتمد
سياسة التجويع والحصار وبناء
الجدار العازل، وشكّل حزبًا
جديدًا أطلق عليه حزب كاديما،
أي قُدمًا، لتبدو صورته تقدمية
ومسالمة ومتفائلة، إلا أن
الحقيقة التي كانت وما زالت
تجري تعزز –
قُدمًا سياسة التوسع
والاستيطان- مما يعني
الالتزام الكامل بأصول
الفكر الصهيوني، لمواصلة تحقيق
دولة تمتد من الفرات إلى النيل،
وإلى ما بعد بعد تلك الحدود. على
الرغم من ذلك، فإن سياسة إبرام
الاتفاقيات والمفاوضات والخروج
من غزّة، تحت ذريعة مطالب
السلام المزعوم، لم تلق قبول
الكثيرين منهم، واعتبر البعض أن
الانسحاب بمثابة طرد
المستوطنين من أرض "أبناء
إسرائيل الموعودة"، هو خط
أحمر يمسّ معتقداتهم
وخرافاتهم، وأن الشعب
الفلسطيني لا وجود له. هذا
الإجراء أثبت بالتقادم نجاعته
في فرض الحصار الخانق على غزة،
وعزل مليون ونصف فلسطيني عن
العالم، مع مواصلة بناء وتوسع
المستوطنات على الأرض
الفلسطينية المحتلة، بمعنى أن
لا شيء تغيّر في مسار السياسة
الصهيونية، بل على العكس تطوّرت
وتضافرت الجهود
لصالح بناء المشروع
الصهيوني. أما مطالبة الإدارة
الأمريكية (بتجميد) بناء
المستوطنات مؤقتًا حتى يتم
التطبيع العربي الرسمي، إنما هو
احتقار علني سافر لهؤلاء
المهرولين لتقبل "إسرائيل
دولة" في الوطن العربي. إن
تاريخ العصابات الصهيونية يشير
إلى انتهاج سياسات محددة على
قاعدة إستراتيجية ثابتة، وبطرق
متعددة تتماشى مع المخططات
لتحقيق الأهداف الأساسية
نفسها، وفي مؤتمر الصهيونية
مؤخراً، لم يقدموا بيانًا
ختاميًا مطولاً على غرار ما
يحدث في مؤتمرات القمم العربية،
ولكن أشاروا إلى تأخير الإعلان
عن "دولة إسرائيل" ستة
أشهر، وأن الجهود تعمل للسيطرة
على الاقتصاد العالمي في المئة
سنة القادمة!. فعمليات
اغتيال صوت المقاومة الثقافي
والسياسي لكمال عدوان وكمال
ناصر وغسان كنفاني وتلاهم
اغتيال ناجي العلي، ثم مرحلة
اغتيال عدد من الشخصيات
الاقتصادية، التي ساهمت بدعم
صمود أهلنا في فلسطين، واغتيال
قادة النضال الفلسطيني المسلح،
وإلى آخر قائمة لم تتوقف إلى
يومنا هذا، نضيف إلى كل ذلك
اغتيال قادة المقاومة في القطاع
إبان الاعتداء الوحشي الأخير،
وفي الضفة الغربية المحتلة
بأيدي أجهزة دايتون المدربة على
الطريقة "الإسرائيلية"..
وكلها حلقات في سلسلة لن تنتهي،
ولن تتوقف، إلا بزوال الكيان.
السياسة
الصهيونية هي ذاتها في إحراق
المسجد الأقصى في عهد مائير،
التي قالت: (خفت من جيوش
المسلمين أن تنقض على إسرائيل
بعد حرق المسجد الأقصى، ولكنهم
ظلوا في سباتٍ عميق؛ فلم
يتحركوا كما توقعت)، وإلى الآن
ما زال حالهم كما وصفتهم!. كذلك
مذبحة الحرم الإبراهيمي في عهد
شامير الذي لم يكن أقل بطشًا
ودموية من تلك الحكومة المسماة
اليمينية المتطرفة، وقبلهما
كان تنفيذ مشترك لعصابتي
الأرغون وشتيرن، بقيادة بيغن
وشامير في مذبحة دير ياسين، فما
الذي يمكن أن يغير وجه الاحتلال
الاستيطاني، وما معنى
الاستيطان، وهل هناك مستوطنون
متطرفون وآخرون "محبون
للسلام"؟!. إن التجمع اليهودي
على الأرض الفلسطينية ما هو إلا
مجموعة من مستوطنين غرباء عن
فلسطين وعن تاريخها وجغرافيتها
وثقافتها. خلاصة
القول، إن كل ما مر منذ عام
النكبة، وما يمر بنا، ما هو إلا
حلقات في سلسلة تطبّق
بروتوكولات آل صهيون
بحذافيرها، لإلغاء وجود الشعب
الفلسطيني على أرضه، وإحلال
غزاة جاؤوا من كل بقاع الأرض،
مدججين بالسلاح، ومتشبعين
بثقافة الإلغاء والاستعلاء
العنصري، بصبغة دينية بحتة. بينما
نجد في سلوك السلطة الفلسطينية
المحلية تفريطًا بالحقوق
الوطنية والقومية، واستسلامًا
وخضوعًا للمحتل منذ إبرام
اتفاقية أوسلو ومفرزاتها.
والمؤتمر السادس لفتح تحت حراب
وإشراف القوات
"الإسرائيلية" على حواجز
ومداخل بيت لحم، أثبت أن القضية
الأساسية لحزب السلطة، إعادة
تغيير التنظيم الداخلي، لينسجم
ويتطابق مع الاحتلال، وأقواهم،
أقربهم إلى صناع القرار
واللاعبين الأساسيين. لقد أخطأ
دايتون بتوصيفه للفلسطيني
الجديد، والحقيقة أنه رسم ملامح
فتح الجديدة، تجب كل ما سبق،
وشطب حتى النصر، مع إبقاء مصطلح
الثورة، وما يحدث يبرهن أنها
ثورة بالاتجاه المضاد على فتح
الأصل والأسس والشعب الفلسطيني
ومقاومته وحقوقه الثابتة. لا شك
أن الخلل لا يكمن فقط بممارسات
الاحتلال وتطبيق سياسة الأمر
الواقع، محققًا مكاسب
وامتيازات لكيان وُلد كي يكبر
وينمو على حساب السكان
الأصليين، ويفرض "الجيتو"
الفلسطيني المؤقت تحت سيطرته،
لكن الخلل بل الكارثة تكمن بمن
يعتقد أنه يحرج الاحتلال ويقنع
ما يسمى الشرعية الدولية للضغط
عليه بقبول دويلة في حدود
الأراضي المحتلة عام 1967م، وكأن
فلسطين، هي أراضٍ في القطاع
والضفة والقدس "الشرقية"
فقط!. طالما
ضرب العدو عرض الحائط الضغوط
الشكلية التي مُورست عليه، وكأن
ما أكده نتنياهو مؤخرًا، لا
يعدو أكثر من حملة إعلامية
لحكومته، بالإمكان تغيير سياسة
إستراتيجية، وتطويع الكيان
ليمنح صاحب الحق هِبة
"السلام" الموعود. لم نسمع
أو نقرأ في شرع الجهاد وسنن
الشعوب، أن الغاية من النضال هو
مجرد الحصول على "دولة"
مهما كان شكلها، وليس التحرير
لأرض مغتصبة ومحتلة، فقد باتت
نقطة الضعف الفلسطينية تكمن
في الإلحاح بالمطالبة بـ
"دولة" لها علم ونشيد وحراس
سلطة وسجادة حمراء!، وهذا الطلب
المختزل المشوّه، يعمل على
تقويض وقتل إرادة التحرير
الأساس في الصراع الطويل بين
المشروعين. إن
البحث في الإستراتيجيات
والتكتيكات الصهيونية بغض
النظر عمن يقود المرحلة، لم يعد
لها الأهمية والجدوى ما دامت
"إسرائيل" تحقق ما تصبو
إليه تدريجيًا، وكلما وجدوا من
يتنازل أكثر، يأتي الرد الجاهز،
أن لا شريك فلسطيني متفهّم
لمجريات ما يُسمى "عملية
السلام". لقد
استطاعت القوى الصهيونية تمرير
بعض مخططاتها، وحققت التطبيع
الكامل مع أنظمة عربية،
والمطلوب التعميم. وفرضت حكم
القوي على الضعيف، وتسعى
للهيمنة المطلقة على القرار
السياسي العربي الرسمي، ورسم
مصير الوطن العربي، بشكل وصور
جديدة تناسب أطماعهم في "شرق
أوسط جديد"، ولا نستطيع أن
نسمي بعد ذلك، التبعية المطلقة
للهيمنة الأمريكية، فحتى
التابع له كيان وهوية. والحالة
العربية الرسمية، هي الانصهار
والذوبان كظل وليس كتابع، وتعري
عجز التحرك الشعبي المنظم،
وتفرق وتشرذم وتفكيك الطاقات
الوطنية عبر منظمات دولية
منظمة، لأنسنة أو تدويل قضيتنا،
لا فرق، ناهيك عن استقطاب الغرب
الإمبريالي، للبدء بتحويل
حركات مقاومة إلى أحزاب سياسية
تعارض الحكم المحلي. على
الرغم من كل هذه المجريات
والواضحة كوضوح الشمس، ما زال
بين ظهرانينا من يؤمن
"بجيتو"، صانعه وعد إبليس،
إذا هم أخلصوا في طاعته!. حال
قضية فلسطين المركزية وما وصلت
له، يصفه الشاعر الراحل معروف
الرصافي: ما أعظم
الوطن الفخور بحتفهِ متشائمٌ
بحياته، وبموته متفائِلُ!! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |