-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 19/08/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


كيف نستقبل رمضان ؟

بقلم: الشيخ أحمد عبد الجواد

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فإن استقبال هذا الشهر الكريم يحتاج منا إلى أمور مهمة وأعمال لابد منها تشارك فيها الجوارح والقلوب وتؤمل فيها النفوس إرضاء علاّم الغيوب ومن تلك الأعمال التي يستقبل بها المسلم هذا الشهر:

أولاً: تجديد التوبة:

فالتوبة قطع النفس عن الذنوب ووصلها بكل عمل صالح يرضى مفرّج الكروب وساتر العيوب وهي فرض لازم وسلوك دائم لكل عبد أنار الله بصيرته وأصلح له سريرته فاستقامت بذلك علانيته، بها أمر الله المؤمنين ووعدهم على الاستجابة المتاع الحسن في الدنيا والامان من الوعيد في الآخرة، قال تعالى:" وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير " هود 3

ووعد الله التائبين الفلاح فقال: "وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " النور 31

أخي الحبيب:

ألا تحب أن يكفر الله عنك سيئاتك ويدخلك الجنة التي تجري من تحتها الأنهار ؟! إني على يقين أنك تحب ذلك إذا لا يزهد في ذلك عاقل فهيّا معنا لنجدد التوبة ولنستمع لقول ربنا:" يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنّات تجري من تحتها الأنهار " التحريم 8

أخي المسلم أخي المؤمن: إن حب الله للعبد مكسب لا يستهان به ومطلب يبحث المحبون عنه وإن طريقه لسهلة على من سهلها الله عليه، فهيا معاً لنتوب ونتطهر قال تعالى: " إنّ الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " البقرة 222 " .

أخي الحبيب إنني حين أدعوك لتجديد التوبة فليس هذا من باب سوء الظن بك بل من باب الحرص عليك والحب لك ولو كان تجديد التوبة يعني أن العبد فاسد مذموم ما كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر العباد تجديدا للتوبة كل يوم فقد روي أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: " إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة " أخرجه البخاري ... وفي رواية الإمام مسلم عن أبي الأغر بن يسار المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة "

أيها المسلم الحبيب هل علمت أية توبة نريد لنا ولك ؟ إننا نريد التوبة النصوح !

إنها التوبة الصافية الخالصة من شوائب التعلق بالذنوب والمعاصي والحنين إليها .

ولهذه التوبة الغالية شروط أظنك في شوق لمعرفتها وسوف أخبرك بها :

 إن شروط التوبة النصوح خمسة هي:

1- أن تكون خالصة لوجه الله تعالى فما كان لله بقي ودام وما كان لغيره انقطع، فاجعل توبتك رغبة في ثوابه وطمعاً في النجاة من عقابه سبحانه وتعالى .

2- الندم على ما فرط منك وما فعلت من ذنوب وآثام ندماً يلد المذلة والانكسار بين يدي العزيز الجبار، ندماً تحرق ناره شهوة المعصية وتطهر النفس من الخبث كما تذهب النار خبث وصدأ الحديد والذهب والفضة فيصبح المعدن لامعاً.

3- الإقلاع عن الذنب فوراً بلا تسويف فالمقيم على الذنب مع ادعاء التوبة هو في الحقيقة مستهتر بربه لا يقدره حق قدره نسأل الله العافية.

4- ردّ المظالم لأهلها إذا تعلقت الذنوب بحقوق العباد مع طلب المسامحة منهم ومحاولة الإحسان إليهم لقوله تعالى: "إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ".

5- أن تكون في وقت القبول مع العزم الأكيد على عدم العودة للذنب مرة أخرى ... ووقت القبول قبل بلوغ الغرغرة وهي وصول الروح إلى الحلقوم حال الموت ، وكذلك عند طلوع الشمس من مغربها لقوله تعالى: " وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن " النساء 18 ... ولقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عمر بن الخطاب عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله يقبل توبة العبد مالم يغرغر" يعني بروحه – رواه أحمد والترمذي وقال حديث حسن ... ولقوله تعالى: "يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت أو كسبت في إيمانها خيرا" ... وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الآيات بأنه طلوع الشمس من مغربها لحديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لاتزال التوبة تقبل حتى مطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت طبع على كل قلب بما فيه وكفى الناس العمل " قال الحافظ ابن كثير حسن الإسناد، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه " رواه مسلم .

أخي المسلم أختي المسلمة:

هيّا هيّا فالباب مفتوح والرحمن الرحيم ينادي عباده ويبشرهم على لسان الصادق المصدوق قال تعالى: " قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم " الزمر 35

 

ثانياً: الإخلاص:-

ومما ينبغي الحرص عليه ونحن نستعد لهذا الشهر الإخلاص في أعمالنا لله رب العالمين والإخلاص أن يقصد الأخ المسلم والأخت المسلمة بالعمل والجهاد والدعوة وجه الله دون النظر إلى مغنم أو مغرم أو تقدم أو تأخر أو جاه أو لقب .

إن الإخلاص روح العبادات وتاج الطاعات وسيّد القلب بلا منازع به يصبح العمل الصغير كبيراً عظيماً وبدونه يصبح العمل الكبير حقيراً قال تعالى:" وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً " الفرقان 23، ومتى أخلص العبد النية كفاه العمل القليل، قال أبو سليمان " طوبى لمن صحت له خطوة واحدة لا يريد بها إلا الله تعالى " .

والإخلاص أحد ركني القبول والركن الاخر موافقة الشرع لقوله تعالى:" فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا " الكهف 110

وللإخلاص ثمرات في حياة العبد وآخرته نجملها على النحو التالي:

1- النجاة من المحن والشدائد كما في نجاة إبراهيم عليه السلام إمام الموحدين وأبو الأنبياء والمرسلين قال تعالى: " قلنا ينار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم " الأنبياء 69.

وكما في قصة الثلاثة الذين حبستهم الصخرة داخل الغار ففرج الله عنهم بإخلاصهم .

2- الثبات وطمأنينة النفس عند نزول المحن والشدائد قال تعالى: " وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا" الكهف 14.

3- جمع القلوب على المخلص في الدنيا وتعلقها به كما في الحديث:" إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء قال ثم يوضع له القبول في الأرض " أخرجه البخاري.

4- حصول الفائدة للعمل وإن كان ظاهراً أنه لا يفيد كما في حديث البخاري عن أبي هريرة رضى الله عنه والذي قال فيه أن رجلا قال لأصدقن الليلة بصدقة فوقعت في اليوم الأول في يد زانية ووقعت في اليوم الثاني في يد غني ووقعت في اليوم الثالث في يد سارق فقيل:" أما الزانية فلعلها تستعف بها عن زناها، وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله ولعل السارق يستعف عن سرقته" .

5- من ثمرات الإخلاص قبول النصيحة لأنه يريد الصلاح ولا يعرف الكبر .

6- حب التضحية.

7- الإخلاص يكون سبباً في جمع القلوب ووحدة الصف حيث تطهر القلوب من حب الجاه وطلب الرياسة.

8- ضمان الإستمرارية في فعل الطاعات كما في قصة أبي بكر الصديق مع الصحابي مسطح بن أثاثة في حادثة الإفك.

9- مفارقة الدنيا على رضوان من الله تعالى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده لا شريك له وأقام الصلاة وآتى الزكاة فارقها والله عنه راض "أخرجه ابن ماجة .

10- النجاة من الفضيحة بين يدي الله يوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمّع سمّع الله به ومن يراء يراء الله به " متفق عليه.

 

وحتى نكون عمليين إليك أخي المسلم أختي المسلمة بعض الوصايا العملية التي تعيين على تحقيق الإخلاص:-

1 – الصدقة مرة كل أسبوع في السر بحيث لا يدري بك أحد.

2 – أن يستحضر النية في كل عمل.

3 – أن يسأل نفسه عند الإقدام على أي عمل لمن أعمل هذه الأعمال ؟!.

4 – أن يستمر في عمله الصالح وإن وجد من يذمه عليه.

 

ثالثاً: المحافظة على الورد القرآني: -

ونعني بالورد القرآني المقدار الذي يخصصه المسلم لنفسه من القرآن قراءة وتدبراً كل يوم فكم من جماهير لا تفتح المصحف إلا في رمضان وكم من جماهير لا تعرف له سبيلاً وكل ذلك إجرام في حق ذلك الكتاب الذي جعله الله مصدر الهداية والروح التي تحيا بها القلوب، قال تعالى:" وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء " الآية 52 الشورى

وهذا الكتاب هو النعمة الكبرى والمنة العظمى التي امتن الله بها على هذه الأمة فقال تعالى: " أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون " ..العنكبوت 51، ولقد هجر المسلمون مصدر شفائهم وأصل دوائهم، قال تعالى: " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" الإسراء 82

لقد هجر الكثيرون منهم تلاوة القرآن وتدبر القرآن وسماع القرآن والعمل بالقرآن وتحكيم القرآن فماذا يقول هؤلاء حين يرفع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم شكواه إلى مولاه " وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً " الفرقان 30

 

يامن يريد أن يحسن استقبال هذا الشهر الكريم عليك بقراءة القرآن حافظ عليه مع التدبر والتفكر حتى إذا جاء رمضان وجدك من أهل القرآن واحرص على مواصلة ذلك بعده ولاتكن من هؤلاء الذين يقطعون الصلة بينهم وبين المصحف بعد مضي رمضان .

هيّا هيّا إلى روضة القرآن ولك البشرى لكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها فإذا قرأت "ألم" لك بها ثلاثون حسنة فكم يكون العدد إذا قرأت سورة بل إذا قرأت جزءاً ؟ إن الأجر لعظيم وما عند الله خير للأبرار.

 

أخي المسلم أختي المسلمة:

لا شك أننا نريد أن نكون خير هذه الأمة ولكن الإرادة وحدها لا تجعلنا كذلك حتى نأخذ بالسبب وهذا هو الطريق تعلّم القرآن وتعليمه الناس قال صلى الله عليه وسلم: " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " أخرجه البخاري من حديث عثمان بن عفان

يا قارئ القرآن بشراك بشراك سوف يكون لك شافعاً يوم يقل الشافع ويندر الدافع ويعظم الخطب ويشتد الكرب أخرج الإمام مسلم من حديث أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" اقرأوا القرآن فإنه يجيء يوم القيامة شفيعاً لصاحبه ".

 

رابعاً: المحافظة على الأذكار:-

ومما ينبغي أن نستقبل به رمضان المحافظة على الأذكار في الصباح والمساء وفي الأحوال المختلفة عند النوم والاستيقاظ ودخول الخلاء والخروج منه وعند معاشرة الزوجات وعند المأكل والمشرب وفي الصلوات وبعد الإنتهاء منها بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، فإذا كنت أيها المسلم ذاكراً لربك على الدوام فإن ربك يذكرك قال تعالى: "فاذكروني أذكركم " البقرة 102، وقال تعالى: " فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم " النساء 103، قال ابن عباس رضي الله عنهما :"أي بالليل وبالنهار في البر والبحر والسفر والحضر والغنى والفقر والمرض والصحة والسر والعلانية "، وقد حذر الله الأمة من الغفلة فقال: " واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخفية ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين " الأعراف 205.

وقد وصف الله المنافقين بقلة الذكر فأكثر منه حتى تخرج من دائرة النفاق وأهله قال تعالى: " إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً " النساء 142

أخي المسلم أختي المسلمة:

إن من الفوائد العظيمة التي يحصل عليها الذاكر أن يكون في معية الله عز وجل لحديث: " أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه " أخرجه البيهقي وابن حبان من حديث أبي هريرة وأخرجه الحاكم من حديث أبي الدرداء وقال صحيح الإسناد .

وذكر الله أنجى للعبد من عذاب الله، قال صلى الله عليه وسلم: " ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله عز وجل، قالوا: يارسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا أن تضرب بسيفك حتى ينقطع ثم تضرب به حتى ينقطع ثم تضرب به حتى ينقطع " أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف والطبراني من حديث معاذ بإسناد حسن .

وحسبك أيها الذاكر الخاشع الباكي من عظمة ربه أن تكون من السبعة الذين يظلهم الله من حر يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... " ، وعد منهم " ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه من خشية الله" متفق عليه من حديث أبي هريرة .

وذكر الله على الدوام خير الأعمال وأزكاها وخير من بذل الصدقة من الذهب والفضة بل وخير من قتال الأعداء وضرب الأعناق، قال أبو الدرداء رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الورق والذهب وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا: وما ذاك يا رسول الله ؟ قال: ذكر الله عز وجل دائماً " أخرجه الترمذي والحاكم وابن ماجه وصحح إسناده من حديث أبي الدرداء .

وحسب الذاكرين فضلاً وشرفاً أن مجلسهم خير المجالس وأن جارهم أسعد الجيران، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم، فلنستعد لاستقبال هذا الضيف الكريم بالمحافظة على الذكر، وفقني الله وإياكم .

 

خامساً: المحافظة على صلاة الجماعة:-

 لاريب أن صلاة الجماعة تدريب يومي على الروح الجماعية وتعزيز للترابط بين المؤمنين كما أن فيها فرصة للصفاء والنقاء حيث تتراص الأقدام وتتوحد الشعائر والكل خلف إمام واحد وهذا أدعى للوحدة والترابط والصفاء وتتصافح الأيدي بعد الانتهاء من أذكار الصلاة فتتساقط الذنوب وتتحات كما تتحات أوراق الشجر، وبالمحافظة عليها يعرف المريض فيزار والمبتلى فيواسى ... إلخ

وهل الدين في جوهره إلا الحب والود والتعاون على البر والتقوى؟ !، كل هذا يحصل من خلال صلاة الجماعة وتتأكد أهمية صلاة الجماعة في كل الصلوات وهي آكد وأشد أهمية في صلاتي العشاء والفجر، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ولقد هممت أن آمر للصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار " رواه مسلم

قال الإمام النووي في شرحه على مسلم: "إنما هم بإتيانهم بعد إقامة الصلاة لأنه بذلك الوقت يتحقق مخالفتهم وتخلفهم فيتوجه اللوم عليهم" .

لقد ربى النبي أصحابه على الحرص على الصف الأول والأذان، فقد روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثمّ لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا " والاستهام ضرب القرعة لمعرفة من الأولى بالنداء والبقاء في الصف الأول ولعل ذلك إذا كان دخولهم في وقت واحد وليس في الصف إلا ما يسع واحداً والله أعلم، وفي الحديث بيان أهمية حرص الجيل العظيم على التقرب إلى الله والتنافس في الخيرات وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .

وصلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة كما في الحديث الصحيح ويكفي أن من خرج يقصد صلاة الجماعة بالمسجد يكون ضامناً على الله عز وجل إن عاش رزق وكفي وإن مات أدخله الله الجنة، ودليل ذلك مارواه أبو أمامة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاث كلهم ضامن على الله إن عاش رزق وكفي وإن مات أدخله الله الجنة: من دخل بيته فسلم فهو ضامن على الله ومن خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله ومن خرج في سبيل الله فهو ضامن على الله " حديث صحيح رواه أبو داود وابن ماجة وصححه الألباني .

وسنختم الحديث عن أهمية صلاة الجماعة بالتأكيد على أنه لا يحول بين المؤمن وبينها إلا عذر قاهر كالمرض المقعد أو العدو المتربص أما العمى والمرض اليسير الذي يمكن معه الوصول ولو بأن يتحامل على غيره فليس بمانع من صلاة الجماعة ولا يعد عذراً يقبل من المتخلف عنها ولم يأذن النبي للرجل الأعمى الذي لا يجد من يقوده إلى المسجد في التخلف والصلاة في البيت مادام يسمع الأذان، واستمع لابن مسعود رضى الله عنه يقول بشأن صلاة الجماعة: " من سرّه أن يلقى الله غدا مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى وإن صليتم كما يصلى هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ومامن رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتي به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف " ولقد جاء في إحدى روايات الإمام مسلم عن عبد الله بن مسعود أنه قال: " لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة – يعني صلاة الجماعة - إلا منافق قد علم نفاقه أو مريض إن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة" وقال: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه " فالمريض الذي يستطيع التحامل والوصول للمسجد لا ينبغي له ترك صلاة الجماعة بخلاف المريض الذي أعجزه المرض .

 

سادساً: المحافظة على النوافل وقيام الليل:-

مما ينبغي الاستعداد لاستقبال رمضان به أن يجتهد المسلم في المحافظة على صلاة النوافل وهي ما يقابل الفرائض كسنة الفجر والوتر والظهر والمغرب والعشاء، والنوافل منها المؤكد وغير المؤكد والفضيلة، فمن النوافل المؤكدة صلاة السنن الراتبة وهي المعنية في حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من صلى في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة: أربعاً قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر " رواه الترمذي ورواه مسلم مختصراً

ومن السنن المؤكدة سنة الوتر ودليل توكيدها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى قضائها إذا نام العبد عنها ولو كانت غير مؤكدة لما حث الرسول صلى الله عليه وسلم على قضائها وإن فات وقتها قال صلى الله عليه وسلم:" من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره " رواه أبوداود وهو صحيح، ومنها أيضا تحية المسجد لحديث: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس " .

ومن النوافل غير المؤكدة الصلاة بين الأذان والإقامة من كل صلاة لحديث عبدالله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة ثم قال في الثالثة لمن شاء " رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.

 ومن غير المؤكد صلاة أربع ركعات قبل صلاة العصر، عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله امرءاً صلى قبل العصر أربعاً " رواه الترمذي وأبو داود .

ومنه صلاة الضحى وأقلها ركعتان وأكثرها ثمان ركعات ويدخل في التطوع سجود التلاوة وسجود الشكر وصلاة الاستسقاء والاستخارة ...إلخ .

 وللمحافظة على السنن المؤكدة والغير مؤكدة والتطوع المطلق فوائد منها:

1 – رفع همة العبد في عبادة ربه

2 – التأكيد على الحرص على الفرائض لأن من واظب على السنن كان على الفريضة أشد مواظبة وبالتالي فهي سياج يصون الفرائض

3 – الفوز بحب الله عزوجل لحديث: "وما تقرب عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ..... الحديث

4 – التوفيق للجوارح كالسمع والبصر واليد والرجل بحيث تعمل برضاء الله وتبتعد عن غضبه .

5 – جبر النقص في الفريضة ومن منا اكتملت له صلاة مكتوبة ؟ كم نسهو في صلاتنا وكم نزيد وننقص

إن صلاتنا تحتاج إلى ما يجبر قصورها ونقصها وهذا يكون بفضل الله أولا ثم بصلاة النوافل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة يقول ربنا لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت له تامة وإن كان انتقص منها شيئاً قال: انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذلك " رواه أبو داود .

ومما ينبغي أن نعمل به معاً استعداداً لاستقبال رمضان : قيام الليل – وهو وإن كان من التطوع إلا أن له أهمية خاصة فالليل خلوة مع الله وفي الخلوة مع الله أنس ومناجاة وبعد عن الرياء وفيه نقاء وصفاء كما أن فيه تقوية للإرادة ومغالبة للشيطان وترويض للنفس على الخضوع لله . وحسب قائم الليل شرفاً أن الرسول دعا له بالرحمة قال صلى الله عليه وسلم: " رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء "رواه أبو داود والنسائي . ولقد شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من نام حتى يصبح دون أن يقوم الليل بمن جعل أذنه مبولة للشيطان فقد ذكر عنده صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح قال:"ذلك رجل بال الشيطان في أذنيه " أو قال:"في أذنه" رواه البخاري ومسلم والنسائي .

فاستعن يا أخي على ذلك بنوم القيلولة وعدم السهر وعدم الإكثار من الطعام ليلاً والبعد عن المنبهات كالقهوة ليلاً واحرص على ثواب صلاة الليل وعلى أدائها وفقني الله وإياك.

ومن الأمور التي ينبغي أن تستعد لاستقبال رمضان بها الحرص على صيام النوافل كالإثنين والخميس وثلاثة أيام من الشهر القمري (13،14،15) وعاشوراء والتسع من ذي الحجة وقد وردت السنة بذلك كله .

سابعاً: الصدقة:-

ومن الأمور المهمة التي نستعد بها لاستقبال رمضان صدقة التطوع وصدقة السر تطفئ غضب الرب سبحانه وتعالى .

أيها الأخ الحبيب أنفق في سبيل الله ما استطعت فإنه لايقع في ذلك إسراف وأنفق وأنت على يقين من قول حبيبك صلى الله عليه وسلم:" ممن أنفق نفقة في سبيل الله كتبها الله له بسبعمائة ضعف "أخرجه الترمذي

نسأل الله أن يبلغنا رمضان وأن يتقبله منا ..... اجعل هذا الدعاء على قلبك ولسانك والله يتولانا وإياكم

والحمد لله رب العالمين.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ