-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
"التجارة
الحـُرَّة بالأعـضاء
البَشَريـَّة" الدكتور
عبـدالقـادر حسين ياسين "كنت
شـاهـد التلفزيون, وكانت
المشاهد تتوالى أمامي : أشخاص ،
بكامل أعضائهم , يموتون جوعا في
بنغلاديش , كانوا يموتون بسبب
الفراغ في أمعائهم . كانت قلوبهم
سليمة , كلياتهم بحالة ممتازة ,
الكبد , الرئتان , العيون. كلها
كانت تعمل . وفكرت بألم شديد : يا
للخسارة , كل هذه الأعضاء تذهب
سدى , من دون أن يستفيد منها أحد
" [كــذا!!] حـلم
أمريكي المتحدث
هو الدكتور
باري جاكوبس Barry Jacobs ،
رئيس قسم الجراحة في المستشفى
المركزي في بوسطن ، وكان يروي
لصحيفة "واشنطن بوست"
الأمريكية كيف أشرقت في ذهنه
الفكرة العبقرية وهي "التجارة
الحرة بالأعضاء البشرية" .
ويضيف الدكتور جاكوبس : "ان
الطلب على الأعضاء يتجاوز العرض
بآلاف المرات . هذاهو شرط
التجارة الناجحة . وهو متوفـر ,
وسوف تكون مهمتي محاولة
التوفيق بين العرض والطلب ,
قدر الامكان". ومن أجل
تحقيق هذه "المهمة النبيلة"
فقد انشـأ الدكتور جاكوبس شركة
اطلق عليها اسم "مصرف الكلى
الدولي" The International Kidney
Bank . وهو يتوقع ان تكون
الحكومة الأميركية أفضل
زبائنه , لانها ، عبر التعامل
معه ، سوف " توفر بلايين
الدولارات" في كل عام تنفقها ,
عبر الضمان الصحي , على العناية
الدائمة بأنواع من المرضى لا
يحتاجـون سوى الى كلية او قطعة
كـبد أو رئه أو قرنية عين ... لا
تعـود الحكومة بعدها مضطرة لأن
تنفق سـنتا واحدا عليهم . ويؤكـد
الدكتور جاكوبس أن التجارة
الحرة هي "أساس الحياة" ,
وأنـه يسعى الى "توفير النقود
على دافع الضرائب الأميركي ". هذا هو
الأساس النظري لعـبقرية
الدكتور جاكوبس , أما التطبيق
العملي فترسم تفاصيله
مجلة “Covert Action” الفصلية المتخصصة
بالكشف عن نشاطات التجسس
الاميركية وعمليات "النهب
المنظم" التي تخضع لها شعوب
العالم الثالث . يحدد
الدكتور جاكوبس استراتيجيته
للمرحلة المقبلة , فيقول انه سوف
"يبدا نشاطه ، أولا ، في
العالم الثالث"... هناك
الأعضاء البشرية "رخيصة
ومتوفرة" ... وبعد "الحصاد"
[أي بعد قطف الكلية أو الرئة أو
العين] فان طائرة خاصة سوف تحمل
الثمرة الى الزبون . وثمة
قـاعـدة بيانات
Data Base
تتولى
تنظيم كل
شيء , و"الدفع لا بد ان يكون
نقـداًً ". ولكن
أليس ثمـة خوف من أن تتلف "الثمرة"
على الطريق , خاصة وأن القلب ,
كما يؤكـد رئيس قسم
الجراحـة في أكبر مستشفيات
نيويورك , "لا يمكن أن يبقى
حياً , بعد استئصاله ، سوى 4
ساعات فقط على أكثر تقدير ؟" . الدكتور
جاكوبس لا يرد مباشرة على هـذا
السؤال , ولكنه يشير الى أنه ، مع
توفر "أسطول من الطائرات
الخاصة" لدى الشركة ,فان
كثيرا من الخيارات سوف تكون
متاحة : "لو
ترك الأمر لي, فانني أفضل أن تتم
عملية الزرع في دول العالم
الثالث كذلك ,لأن نفقات العملية
أقل بكثير, وأجرة السرير في
المستشفى أقل كذلك , بينما يمكن
استيراد المعدات والأدويه
بأسعار أرخص,نظرا لضآلة الضريبة". ما لم
يقـله الدكتور جاكوبس أن دول
أمريكا الوسطى والحوض الكاريبي
لا تبعـد، في أغلب الأحيان، أكثر
من أربع ساعات عن الولايات
المتحدة الأميركية, ثم أنه لو
اختار "هاواي" ، مثلا ،
قاعـدة لعملياته فان المسافة
الزمنية سوف تصبح أقرب عبر هذه
المحطة, كما يمكـنه أن يحمل
"البائع" الى أقرب نقطة
من الولايات المتحدة الاميركية
, أو الى داخل الولايات المتحدة
نفسها , وهناك "يقطف"
البضاعة حيث تكون في خلال دقائق
بمتناول "الزبون" الاميركي. هل كان
الدكتور بـاري جاكوبس يفكر فقط
في بنغلاديش؟ وماذا تشكو "هايتي"
، وهي تنافس بنغلاديش فقراً
وجوعاً وموتاً ؟ ثم
ان خمسين ألفا قتلوا في
غـواتيمـالا , على أيدي "فرق
الموت" Death Squads الفاشية
، وذهبت
أعضاؤهم "سدى" ... أليس
بالامكان الوصول الى "صفقة"
يمكن الاستفادة خلالها من أعضاء
القتلى , وهم يخطفون غالبا قبل
تصفيتهم , وهو ما يحقق موردا
رئيسيا لهذه الفرق, وربما
يغـنيها عن المساعدات
الاميركية؟ في
ملحقـها الأسبوعي الصادر في 21
تموز (يوليو) 2004 نشرت صحيفة "فرانكفورتر
ألـغمـاينـة تسـايتونغ"
Frankfurter Allgemeine Zeitung الألمانيـة تقريرا
يشـرح بالتفصيل ، دقيقة بدقيقة
، عملية
نقل القلب من "المتبرع" الى"المتلقي"
... ومن خلال عشرات المقابلات مع
المرضى , ومع الاطباء, ترسم
الصحيفة الألمانيـة الصورة
التالية : ان
المريض غالبا ما يبقى على "لائحة
الانتظار" مدة سنة وربما تمتد
الى ثلاث سنوات, ومعظم هؤلاء
المرضى يقيمون طوال هذه المدة
في غرفة العناية الفائقة ، ويخضعون
لعلاج دقيق ومكلف . أما حالتهم
النفسية ,فيعـبر عنها أحد
المرضى (40 سنة) بالقول : "انني
أحلم , صباح كل يوم , بسيارة
مسرعة تصدم الشخص السائر على
الرصيف , وقبل موته بدقائق يقبل
بالتبرع بقلبه, وأحلم أن تكون
فصيلة دمه مشابهة لفصيلة دمي ...
أعرف أنه حلم مريع ، ولكن هل
هناك طريقة تجعلني أعيش , دون أن
يموت الآخر؟!". 300 ألف
دولار أما
عملية نقل القلب فتتم ميدانيا
كالتالي : المستشفى يتلقى
مكالمة من مدينة بوسطن أن هناك
قـلبا جاهزاً . يتصـل المستشفى
بشركة طيران في بوسطن كي تضع
طائرة خاصة بتصرفه . ينتقـل فريق
من الجراحين بطائرة خاصة من
نيويورك الى بوسطن, يكشف على
القلب , اذا وجده صالحا , يتصل
مباشرة بنيويورك : "جهزوا
المريض". المستشفى
في نيو يورك يدفع بالمريض الى
غرفة العمليات , ممرضة في الطابق
الرابع عشر من المستشفى تقف قرب
النافذة بانتظار رؤية سيارة
الاسعاف . عندما تصل السيارة قرب
المستشفى تقوم الممرضة بابلاغ
الأطباء , فيفتحون الصدر
وينتزعون القلب المريض.
ويستبدلونه بمضخة اصطناعية لضخ
الدم . يصـل القلب الجديد, يحل
مكان القلب القديم , ويخرج
المريض ليعـيش من 3 سنوات الى 15
أو 20 سنة اضافية . وتتراوح كلفة
العملية في المستشفى بين 175
و300 ألف دولار, وتأتي القلوب
مجانا من متبرعين لا يكشف
الاطباء عن هويتهم تجنبا
لانعكاسا ت مثل هذا الكشف على
المريض... وعندما اكتشف أحدهم
بالصدفة أنه يحمل قلب "فتاة"
بدات تظهر في سلوكه علامات "الأنوثة"
(!!). من يدفع
هذه النفقـات ؟ تكلف الاقـامة
في غرفة العناية الفائقة مبلغـا
يتراوح بين 600 و 1000دولار يوميا .
وتشير مجلة "سـاينس دايجسـت"
Science Digest الأمريكية
الى أن نفقات الحكومة الاميركية
على الضمان الصحي بلغت عام 2004
حوالي 375
بليون دولار, ولا شك في أن جزءا
لا يستهان به من هذا المبلغ أنفق
على هؤلاء المرضى المزمنين
الذين يحتاجون الى زرع الكلى
وليس القلوب . ويمكن ان نتخيل
حجم النفقات عندما تشمل نفقات
الحكومة االاتحـادية تغطية
نفقات زرع القلوب أيضـاً!. هذا على
صعـيد الحكومة, أما على صعـيد
شركات التأمين الصحي , وأبرزها
شركة " الدرع الازرق"
، فقد بدأ التحرك باتجاه
تغطية حوالي تسعة ملايين مشترك ,
في ولاية نيويورك وحدها , في
نفقات زرع القلب والرئة. ويقول
المسؤول في شركة" الدرع
الازرق" أن الشركة تقوم
، منذ تشرين ثاني الماضي ، "بتغطية
نفقات نقل الكبد , وزرع اعضاء
مختلفة "... وفي حال اقرار هذه
التغطية فان مثل هذه العمليات
لن تعـود عمليات "تجريبية"
، كما تصفها الحكومة الاتحـادية
, بل سوف تتحول الى حقيقة يومية
تتم ممارستها على نطاق الدولة
كلها . ويقول الأطباء أن مثل هذا
التحول نابع من تقدم الجراحة
ومن اكتشاف أدوية تعالج عناصر
"الرفض" في الجسد للعضو
الجديد المزروع. وكان
الكونغرس الاميركي قد أباح
لبرنامج الضمان الصحي الاتحادي
أن يدفع نفقات نقل الكلى , بصرف
النظر عن سن المريض , كما أن
عملية زرع "قرنية"العين
خرجت من تعريف "العمليات
التجريبية" لدى البرنامج
الاتحـادي . وتقول
شركات التأمين الصحي أن تكلفة
عملية زرع الكلية حتى الآن هي
الأقل ارتفاعا, اذ أن معدل
التكلفة الوسطي لها هو أربعين
ألف دولار , بينما المعـدل
الوسطي لزرع القلب , في الحالات
العادية, هو 114الف
دولار , وتصل عملية زرع الرئة مع
القلب الى 137 الف دولار .ويشير
هؤلاء الى ان كلفة علاج المريض
الذي يحتاج الى
كلية جديدة تصل الى40 الف
دولار في العام الواحد ، أي أن
ثمن زرع الكلية تساوي نفقات عام
واحد , بينما هناك الآلاف من
المرضى ما زالوا في لائحة
الانتظار يبحثون عن متبرع, وفي
هذه الاثناء فان شركات التأمين ,
وكذلك برنامج الضمان الصحي
للحكومة الاتحـادية يتوليان
دفع نفقات العلاج. ويؤكـد
الدكتور جاكوبس أن عمليات نقـل
وزرع الاعضاء البشرية "تحولت
الى صناعـة, قد تنافس ، في
المستقبل، صناعة السيارات
الاميركية , وصناعات الفولاذ
والصلب" , وبينما لا تتوفر
احصاءات دقيقة حول عمليات زرع
الكلى( وهي في كل حال , كما يقول
الاطباء, تعد بالآلاف) فقـد
اجريت في الولايات المتحده 1638عملية
لزرع القلوب منذ عام 1986, ومن أصل
288 عملية أجريت في مستشفى "ستانفورد"
فان 121مريضا ما زالوا أحياء حتى
اليوم . "سـوبرماركت"
للأعـضـاء البشـرية ويقول
المسؤولون الاميركيون في وزا رة
الصحة أن المشكلة في زراعة
القلب , الكلى, البانكرياس,الرئة
، والأعضـاء الأخرى ليست
النفقات بل "الكميات
المحدودة المتوفرة من هذه
الاعضاء". وهنا
تبـدأ مهمة "مصرف الكلى
الدولي", وهي توفير
الأعضاءالبشرية بكميات تجارية
، وطرحها
في الأسواق للراغبين...
وانطلاقا من هذه الفكرة ، نشرت
احدى الصحف الاميركية اعلانا
ملونا للجسد البشري يحدد الثمن
التقريبي لكل جزء منه
, في الداخل كما في الخارج ،
ومن قمة الرأس وحتى أخمص
القدمين ... وليس صدفة أن "
السوبر ماركت" في الولايات
المتحدة أيضا , يضع في القسم
المخصص للحوم تخطيطا للبقرة او
الخنزير , ويحدد في هذا الرسم
ثمن الكيلوغرام الواحـد من كل
جزء, بما في ذلك القلب والكلية
وباقي الاعضاء الداخلية. تجـارة
"اللحوم البشـرية" شيء
مماثل يمكن مشاهدته في "الشارع
42" في نيويورك ، وفي مدينة "اتلانتيك
سيتي", مدينة القمار الوحيدة
على الساحل الشرقي في الولايات
المتحدة . في الشارع المذكور
تقوم آلاف علب الليل و"علب
النهار" أيضا, باعتبار أن
العروض تستمر على مدار الساعة ,
و"اللحوم" مكشوفة في
الواجهات , والأسعار محددة على
لوائح عـند المداخل . "اللحوم
البشرية" هي صناعة أمريكية
يصل التعامل سنويا فيها الى ستة
بلايين دولار, ويرعى هذه
النشاطات مجموعات من "العرابين"
من أبطال الجريمة المنظمة ,
ولهؤلاء اتصالات بالسلطة وعلى
مستويات رفيعة , وصلت قبل سنوات
الى حد اتهام الرئيسالأمريكي
الراحل رونالد ريغان
بأنه كان على "علاقة
وثيقـة" باحدى حلقاتها ,
ونشرت الصحف صورة له في احدى
الحفلات يتبادل الحيث مع أحد
رموز "الجريمة المنظمة". وعلى
الرغم من أن التجارة باللحوم
البشرية هي "سرية" ويطلق
عليها اسم الجريمة, الا ان
الشارع 42 في قلب نيويورك تحول
الى "سوق حرة" يتحكم
فيها قانون العرض والطلب ,
والبضاعة تتراوح ما بين أطفال,
فتيانا وفتيات , لا تزيد أعمارهم
عن سبع سنوات الى مراهقات
ومراهقين , كثيرون منهم ومنهن ,
من دول الحوض الكاريبي وأمريكا
اللاتينية , وصولا الى كهول
يتولون بيع المخدرات , من
الكوكايين وحتى "الماريجوانا",
وهي الاكثر شعبية, علنا, في وسط
الشارع وفي الليل كما في النهار. "
اننا نـدفـع نـقــدا ً...!!" وما
يميز شارع الرذيلة في نيويورك
ليس فقط كميات "اللحم البشـري"
المعروضة في السوق , بل كميات
الدم ايضا ,
اذ ان "بنوك الدم" تتجاور
في هذا الشارع مع معروضات اللحم
البشري .وتقول اللافتة " بنك
الدم :اننا ندفع نقداً " ,
بينما تعلن لافتة أخرى : "
وجبة مجانية مع كل صفقة",
بينما تقول الثالثة : " لن
نشتري الدم دون موافقة الطبيب
والاستشارة مجانية! ". ومن
الطبيعي أن زبائن هؤلاء البنوك
هم ، في معظمهـم ، من فقراء دول
العالم الثالث :أمريكا
اللاتينية , افريقيا والشرق
الأقصى , ثم المدمنون والمدمنات
على المخدرات . وبالطبع
فان طبيعة الزبائن في مدينة
القمار " اتلانتك سيتي"
تختلف, وكذلك طبيعة الاعلانات...
ويقول واحد من هذه الاعلانات :
" اننا نشتري البلاتين، الذهب
,الفضة , و... الدم بأسعار مرتفعة". وخدعة
الأسعار المرتفعة لا يكتشفها
الا مقامر مفلس لم يعـد لديه ما
يبيعه سوى دمه . ويمكن بعد انشاء
"المصرف الكلى الدولي" أن
يضاف الى هذه الاعلانات : "
اننا نشتري الكلية , قرنية العين
, البنكرياس, الكبد , وجميع
الأعضاء الصالحة الأخرى.." .
وعـلى الرغم من أن مثل هذه
الاعلانات يبدو للوهلة الاولى
أقرب الى أن يكون "طرفة سوداء"
, الا ان وقائع "التجاره الحرة"
بـ "بلازما الدم" بين السوق
الاميركية وبين دول العالم
الثالث ، وخاصة مع كل من هايتي ,
هندوراس والبرازيل , أكثر من أن
تحصى ... وتروي
التقارير الصحافية الاميركية
عشرات الحكايات عن حكومات في
العالم الثالث تتولى هذه
التجارة, اذ أنها تشتري الدماء
من مواطنيها أو " تصادر" من
سجنائها الدماء لتبيعها الى
بنوك الدم في نيويورك وسواها ... ويقال
أن الضجة التي اثيرت حول "
الايدز" وجهت ضربة اقتصادية
قاصمة لجزيرة هايتي , اثر ما قيل
من أن هذه الامراض قد خرجت منها ,
وأنها تنتقل عبر بنوك الدم ،
وليس عبر الاتصال الجنسي فقط,
وبالتالي توقفت بنوك الدم عن
شراء دماء هايتي الموبوءة. الفقراء
... "أصحاب المناجم" وهذه
الهموم لم تكن بعيدة عما يدور في
رأس الدكتور جاكوبس , اذ يصر على
أنه لن يشتري سوى "الأعضاء
الصحيحة مئة بالمئة" ،
ويضيف قـائلاً : " قد يحتاج
الأمر الى أن نضع البائع قيد
العلاج لفترة من الوقت ، نطعمه
خلالها بطريقة جيدة ومنظمة
لنرفع من مستوى أداء أعضائه... ان
هذه تبدو نفقات ، ولكن بالتأكيد
فان البضاعة الجيدة تحصل على
سعـر أفضـل" (!!) وقبل أن
يواجه الدكتور جاكوبس , صاحب أول
شركة أميركيه تجارية للتجارة
الحرة باللأاعضاء البشرية ,
التهمة بأن مثل هذه التجارة قد
تتحول الى نوع من الجريمة
المنظمة, يقول : "
أريد أن تكون جميع أعمالي
قانونية , تراعي القوانين
السائدة في دول العالم الثالث...
فعلى سبيل المثال ، انني لن أقبل
بقطف أي ثمرة من جسد البائع قبل
أن احصل على توقيعه على اتفاقية
توضح ، وبالتفصيل ، ما سوف ينتزع
منه ... واذ كان البائع أميا لا
يقرأ ولا يكتب , وهي حسب معرفتي ,
حالة سائدة
في معظم دول العالم الثالث ,
فان الشركة سوف تستعين
بالمترجمين وبأشرطة الكاسيت
لتسجيل الاتفاقية, ثـم بعد
توقيع العـقد يوضع المبلغ
المتفق عليه في حسـاب البائع في
البنك , ولا يتم تسليمه الا
للبائع شخصيا ... وبعد
تسليم البضاعة . لقد اتخذت خطوات
احتياطية في كل المجالات , لانني
, في نهاية المطاف ,رجل شريف
واقدر شرف التجارة " [كـذا!!] تصـدير
الأعضـاء البشـرية هل
يستطيع الأب أو الأم بيع اعضاء
ولدهما القاصر ؟ وهل يستطيع
القاصر أن يبيع أحد اعضائه, دون
موافقة والديه ؟ ثم
هل يقبل الدكتور جاكوبس أن
يتعامل مع شركة في العالم
الثالث تتولى تصـدير الأعضـاء
البشـرية بصرف النظرعن الوسيلة
التي حصلت بها على هذه الاعضاء ؟
أسئلة ربما خطرت ببال الدكتور ،
ولكنه لا يتحدث عنها, بل يقول
بثقـة : "أعرف أن هناك حكومات
كثيرة في العالم الثالث في
حاجـة مـاسـة الى العـملات
الصـعبـة, ولا أعـتقـد انها سوف
ترفض التعـامل بالدولار
الأمريكي...". الفقراء
، منذ فجر البشرية وحتى اليوم ، لا
يملكون شيئا, والجياع في
افريقيا وآسيا وأمريكا
اللاتينية ليس لديهم ما يبيعونه
, ولكن " مصرف الكلى الدولي
" يكشف لهم أن في أجسادهم "مناجم"
لا بد من استثمارها , وأن
أعضاءهم البشرية هي أثمن من كل
الحجارة الكريمة المعروضة في
السوق الاميركية ... وبعـد أن نجح
الغـرب الصناعي , وعلى رأسه
الولايات المتحدة الاميركية ,
في استهلاك الأرض في العالم
الثالث , واستنفاذ المناجم, فانه
يلتـفـت الى الانسان في العام
الثالث, ليفترس اعضاءه عضوا
عضوا. ان
المليونير الاميركي باستطاعته
أن يفتخر بأن في جسده قـلبا من
بوركينـا فـاسو , وكلية من
أفغانسـتان , وقرنية من
البرازيل , وبانكرياس من مصر ,
بينما باستطاعة أي حاكم من حكام
العالم الثالث, في ظل سياسة "
الانفتاح" الاقتصادي, أن يقيم
في بلده "منطقة حرة" أو
مصارف" أوف شور "Off Shore
للتجارة بالأعضاء البشرية , وأن
يدعـو مواطنيه الى تحسين كفاية
اعضائهم ورفع مستوى عملها
وأدائها ، كي تكون قادرة على
المنافسة في سوق "التجارة
الحرة" ... وحوش
الغابة الرأسمالية جائعـون ...
ولكن الفريسة ما زالت تقاوم . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |