-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رمضانيات
(1) لمن
كان له قلب د:
عثمان قدري مكانسي ديننا
الإسلامي دين عقل وفكر ، يخاطب
الإنسان بمنطقية ، فيضع النقاط
على الحروف ، ويطرح الفكرة عليه
( الإنسان )بما لا يدع مجالاً
للإنكار – هذا عند أولي الفهم
وأصحاب العقول – فالأفكار
المعروضة متصل بعضها ببعض ،
ويؤدي أولها إلى ثانيها بإحكام
، وثانيها إلى ثالثها بطواعية
وسلاسة ، وهكذا ، فيعرضها
الباحث عن الحقيقة على قلبه
وعقله ، فيراها منطقية محكمة
العرض ، متناسقة
بينما نجد الأديان الأخرى
تعيش في مسرح الغيبيات وزوارب
التناقضات . مثال
هذه المنطقية هذه الآية الكريمة
في سورة البقرة : "
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ
وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا
فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ
يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ
ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
" (28) فذكر القرآن الكريم
أحوالاً خمسة مر الإنسان ببعضها
أو مر غيره بإحداها إذ سبقه
إليها ، وستمر البشرية
بالأحوال كلها : 1-
وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا 2-
فَأَحْيَاكُمْ 3- ثُمَّ
يُمِيتُكُمْ 4- ثُمَّ
يُحْيِيكُمْ 5- ثُمَّ
إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ 1-
فقبل مجيئنا إلى هذه الدنيا
أين كان اليشر ؟ أكانوا في مكان
غير هذا المكان وحياة غير هذه
الحياة ؟ أم كانوا في طور العدم
؟ ولن يدّعي أحد أنه كان
حياً قبل أن يولد إلا إذا كان
مختل العقل أو معانداً للحق ،
وهذا العدمُ فناءٌ وموتٌ ، ولن
ينكر هذا العدمَ والفناءَ احدٌ
أكان مشركاً أم ملحداً . 2-
ونحن في هذه الدنيا نتحرك
ونأكل ونشرب ونلبس ونسافر
ويحارب بعضُنا بعضاً ، ويفرض
القوي على الضعيف ما يريد ، أكان
حقاً أم باطلاً . ونصح ونمرض
وترى البناء والهدم ، وتسمع
الخبر وتراه عياناً .. أفنحن في
هذه الدنيا أحياءٌ أم أمواتٌ ؟
ولن يشك أحد ، مشركاً كان أم
ملحداً طوباوياً أم عاقلاً أننا
في طور الحياة ، وأنه في كلتا
الحالتين لا يملك لنفسه شيئاً
. وفي
الحالتين الأولى والثانية
خوطبنا بالفعل الماضي " كنتم
، فأحياكم " فالحالتان حصلتا
، مرّت الأولى ، ونحن في الثانية
. 3-
وفي الحالة الثالثة نجد
الموت الثاني ، أليس العدمُ
الأول موتاً ، فالفناء الثاني
الذي سبقنا إليه الأولون من
آباء وأجداد وإخوان نراهم
يسارعون إليه وندفنهم بأيدينا
فناءٌ ثانٍ لا بد منه ، وهذه
أيضاً لا ينكرها أحد اكان
مشركاً أم ملحداً فهو يرى الناس
تموت أفراداً وجماعات في الأرض
والبحر والسماء ، وسنلحق بهم
عاجلاً أم آجلاً . وذكر القرآن
هذه الحالة بالفعل المضارع "
يميتكم " لأن هذه الحالة
الثالثة ستكون في المستقبل
المنظور للمخاطب الذي يرى الناس
ينتقلون إلى دار الفناء –
البرزخ – وهو ما يزال حياً ، فهي
لمن ذاق طعم الموت صارت ماضياً ،
وله – من ظل حياً – أن ينتظر ،
فاستعمل الفعل المضارع . 4-
أما الحالة الرابعة "
يحييكم " فهي بيت القصيد
الأول التي لا يصدقها إلا ذو
القلب الحي والفهم الصحيح الذي
عاين الحالات الثلاث الأولى
وآمن بأن الله تعالى الذي صدق في
الحالات الثلاث السابقات هو
الذي يخبرنا عن الحالتين
الرابعة والخامسة ، والله
سبحانه وتعالى – ابتداءً –
صادق الوعد ، ومن رأى بعيني قلبه
ووجهه صدق الله تعالى ليؤمنَنّ
بحتمية الأخيرتين ، وهو سبحانه
قادر على إعادة الخلق والحياة ،
وهي أهون عليه سبحانه – وكل شيء
هيّن عليه – فسيحيينا ، ولكن
لماذا يحيينا ؟ 5-
الجواب على هذا السؤال واضح
في الحالة الخامسة – بيت القصيد
الثاني والأهم - الصادقة
كأخواتها ، " إليه ترجعون "
نسأل الله تعالى أن يجعل خير
أيامنا يوم العرض عليه ، فتعرض
الأعمال على المسلمين عرضاً ،
ثم يغفر الله تعالى لعباده
تقصيرهم – إن شاء - ، فقد كانوا
يستغفرونه ، ويسألونه في كل
حالاتهم العفو والغفران ، إنه
غفار الذنوب ، ستّار العيوب ،
الرحيم بعباده . أما من نوقش
الحساب فقد هلك – نعوذ بالله من
سوء العاقبة . ومن
الملاحظ أن كلمة " أحياكم "
سُبقت بفاء الترتيب والتعقيب
لأن الله تعالى خلقنا ،
ويخاطبنا ، فناسبت الفاء هذه
الحالة ، وأن الكلمات "
يميتكم ، يحييكم ، إليه تُرجعون
" بينها زمان قد يطول ،
فاستـُعمل حرف العطف " ثمّ
" للترتيب والتراخي . فالعاقل
من يتفكر ويتدبّر ... اللهم
اجعلنا ممن يستمعون القول
فيفهمونه بقلوبهم
كأنهم يرونه رأي العين ،
ويتّبعونه . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |