رأفت حمدونة*

معاداة السامية... أحد الثوابت الرئيسية لارهاب كل ذى عقل عربى أو غربى ، هذه البطاقة الحمراء التى ترفع عند كل انتقاد لسياسة الاحتلال وعند فضح انتهاكاته أوالتحدث عن همجيته وعربدته وسطوته ، فمن أراد أن يكون صديقاً لاسرائيل " من سياسيين وكتاب ومحللين وفنانين وأكاديميين "فعليه أن يلهج بذكر مآثر اسرائيل ، ومحاسن جيش الاحتلال الأكثر حياءاً وأخلاقاً على وجه الأرض ، ويبين شمائل الحكومة اليهودية التى تسعى للسلام والمساواة والحرية والعدالة وحقوق الانسان فى الشرق الأوسط ، هذا الشرق الدكتاتوري المعادى للحرية والديموقراطية والسامية . 

نعم اذا أردت أن تكون صديقاً بلا اسباقيات وجنح فى ملف إسرائيل وحلفاءها فعليك أن تشرع قلمك فى وجه الحاقد ساركوزى الذى ينادى بمساواة الأسير الفلسطيني العمورى من شرقي القدس بشاليط ، وعليك أن تطالب بمحاكمة الصحفي السويدى دونالد بوستروم ومحاكمته بعد تقديم اعتذاره لإسرائيل على الجرم الذى ارتكبه بانتقاد ممارسات الاحتلال والحديث عن سرقة جنود الاحتلال لأعضاء أطفال فلسطينيين ، بل اذا كنت محباً للسلام ومن أنصاره أن تطالب بإغلاق صحيفة " أفتون بلاديت" السويدية " لسماحها بنشر خبر معادى للسامية

وحتى تكون فى معسكر الخير فيجب أن تعادى كل من طالب بدولة للفلسطينيين وأن تلعن كل من اعتبر المقاومة حق مشروع فى وجه الجيش والمستوطنين ، فمن كان من أنصار التعايش الخيِّر فى المنطقة فعليه أن يستهجن ويستنكر ويرفض حق العودة لأراضى ال 48 حتى نحافظ على  يهودية الدولة كونها الوطن الوحيد والتاريخى للشعب اليهودى ، وعليك أن تلتزم الصمت عند كل تأكيد صهيونى على وحدة القدس العاصمة الأبدية لدولة اسرائيل ، وعليك أن تصحو مسبحاً بفضائل الدولة العبرية راضياً بما تقسمه هى لك من بقية الأرض الفلسطينية بلا ماء بعد تفهمك لسرقتها .... آسف لحاجة المستوطنين منها للصناعة والتطوير الزراعى فى الموشفات والكيبوتسات الإسرائيلية ... حتى لا يبذرها العرب اللذين لا يعرفون قيمتها على غسيل السيارات وأدراج البيوت كونهم لا حاجة لهم بها .

لكى تكون ديموقراطياً غير معادى للسامية فعليك أن تتفهم آراء الحاخام الفاضل المبارك عوفاديا يوسف زعيم حركة شاس الشرقية الذى يعتبر العرب كفرة وغرباء وأفاعى وحيات ولا يستحقون العيش ، وعيك أن تتفهم آراء القومى القائد الفذ وزير الخارجية " أفيقدور ليبرمان " زعيم حزب اسرائيل بيتنا المطالب بابادة قطاع غزة بالسلاح النووى وقتل كل من يعادى الدولة العبرية بل سحق الشعب المصرى ومقومات حياته بعد ضرب السد العالى ، لأن الشعب المصرى يجنح للشر لتضامنه مع الفلسطينيين الارهابيين المطالبين بالحرية والاستقلال ، وعليك أن تتفهم آراء " بوغى يعلون "  الجديدة بعد وجود شريك فلسطينى ، وأن السلام وحركاته والداعين له يعيشون فى وهم ، بل على اسرئيل أن تحقق طموحات اليهود والصهاينة دون أن تأبه بالأعراف الدولية أو المواثيق العالمية وحتى الشرائع السماوية بحق الفلسطينى العيش بكرامة كباقى الشعوب

لكى تكون نقياً أبيض الملف عند اسرائيل .. وأبيض القلب عند حلفائها فعليك أن تبصق كل يوم ألف بصقة على كل من يعادى بل يدعوا لمعادة اسرائيل ، وعلى كل من يتعاطف مع الفلسطينيين والعرب ويطالب بحقهم فى السيادة ، وعلى كل من يكتب بكلمة يفضح فيها انتهاكات الجيش بحق الأطفال الفلسطينيين .

إذا أردت أن تكون مقبولا مرضياً اسرائيلياً - بعض الشىء-  فعليك أن تشكر الله أن من الله على الأمتين العربية والاسلامية بل على العالم أجمع بشعب يهودى متنور ومتقدم وديموقراطى وأخلاقى يعلم الناس ما لايعلمون من القيم والأفكار والعلوم والحضارة والمفاهيم والأخلاق والمبادىء الانسانية .

ـــــــــ

* خبير في الشأن الإسرائيلي

rafathamdona@yahoo.com

-------------------------