-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
دمشق
– بغداد...أين الوسيط العربي ؟! عريب
الرنتاوي قبل أن تستفيق العواصم
العربية بتثاقل على أنباء
التأزم في العلاقة السورية –
العراقية، وقبل أن يتمطى الأمين
العام للجامعة العربية بصلبه،
كان وزيرا خارجية كل من إيران
وتركيا، يقطعان المسافة بين
بغداد ودمشق، في مسعى حميد
للمصالحة ورأب الصدع وإصلاح ذات
البين، في سباق ظاهر ومحموم بين
الدبلوماسيتين الأكثر نشاطا
وحيوية في الإقليم. كدأبه في معظم الأزمات
العاصفة التي مرت بالمنطقة، ظل
"النظام الرسمي العربي"
على غيبته وغيبوبته، حتى أن
الإعياء بلغ به هذه المرة، حد
الامتناع عن إصدار النداءات
والمناشدات اللفظية المعتادة
في مثل هذه الظروف، من نوع
الدعوة لضبط النفس والحث على
اعتماد الحوار الهادئ عبر
القنوات الدبلوماسية المعتادة
لحل المشاكل بعيدا عن الإعلام. لكل من إيران وتركيا
مصالح كبرى في العراق ومع
سوريا، وكل دولة من الدولتين
تسعى في تعظيم هذه المصالح
والحيلولة دون المساس بها أو
تعريضها للخطر جراء تفاقم
الأزمة بين الجارتين
اللدودتين، طهران لا تريد
لدمشق، حليفتها الاستراتيجية،
أن تنزلق في مواجهة مع حلفائها
"حكام العراق الجدد"، وإن
حصل فلا بد أن تكون مواجهة
محسوبة ومحسومة نتائجها لصالح
طهران ودورها الإقليمي...فيما
أنقرة التي أرست قواعد علاقة
استراتيجية مع جارتيها
الجنوبيتين، لا تريد لمصالحها
هنا وهناك أن تتعرض للضرر
والتهديد، وكلا العاصمتين
الإقليميتين تبدوان مهجوستين
بدوريهما الإقليميين، وتحرصان
على الظهور دائما في مظهر
اللاعب الذي لا غنى عنه في أي
ملعب ولا يمكن إنزاله عن أية
منصة. في المقابل، فإن معظم إن
لم نقل جميع، العواصم العربية
تلوذ بصمت القبور، وتقف عاجزة
عن الحراك لكأن حرب الاتهامات
المتبادلة بين بغداد ودمشق تقع
في كوكب آخر، أو لكأن هذه
العواصم تتحرق لرؤية ملف
العلاقات العراقية – السورية
قد انتقل إلى نيويورك وأممها
المتحدة أو لاهاي وعدالتها
الدولية، بدل القاهرة وجامعتها
العربية. مع أنه ما من عاصمة
عربية إلا وأكدت وتؤكد أن
العراق عمقها الاستراتيجي، وأن
استقراره من استقرارها وأمنه من
أمنها...وما من عاصمة إلا وأشادت
وتشيد بموقع سوريا في القلب من
النظام العربي ومنظومة أمنه
القومي ومصالحه الاستراتيجية
العليا. ثمة مكيدة تنصب بإحكام
للعراق وبالأخص لسوريا، هدفها
عراقيا، إدخال بغداد في مواجهة
مع جوارها العربي، وإبقائها
أسير نفوذ مشترك أمريكي –
إيراني، وإغراق نظامها السياسي
الجديد في أتون الانقسامات
الأهلية والصراعات مع الجوار،
للحيلولة دون قيامتها ونهوضها
واستعادتها لدورها ومكانتها
المميزين...أما على المستوى
السوري، فإن الهدف إعادة دمشق
إلى عنق الزجاجة من جديد، وهي
التي بالكاد نجحت في الخروج
منه، إعادتها إلى قفص اتهام
محكمة جنائية دولية ثانية بعد
أن أفلتت أو تكاد، من قفص اتهام
محكمة الحريري ذات الطابع
الدولي، أو ربما تطويق سوريا
بالمحاكم الجنائية من الشرق
والغرب، لإتمام رحلة انفصالها
عن إيران، وإدماجها في عملية
السلام وبالشروط الإسرائيلية،
ووضعها في مواجهة مع حزب الله
وحماس على وجه التحديد، تحت
مسمى الحرب على الإرهاب وفي
سياقاتها. صمت بعض العرب حيال ما
يجري مريب، ليس لأنه تعبير عن
بلوغ العجز مبلغا عظيما فحسب،
بل وبالنظر لما يشف عنه من تواطؤ
على سوريا والعراق على حد
سواء...فالذين يجيشيون العالم
على سوريا ويواصلون محاولاتهم
تطويقها وعزلها خدمة لمصالح
وحسابات ضيقة ورخيصة، متهمون
بممارسة طقوس الصمت
المريب...والذين يجيشون ضد
العراق من منظور مذهبي، ويجردون
جيوش السلفية بمدارسها
المختلفة، ضد "حكم
الروافض" في أرض الرافدين،
متهمون بمقارفة الصمت
المتواطئ، والذين أرعبتهم فكرة
بناء تكتل إقليمي جديد، سياسي
واقتصادي، يضم العراق وسوريا
إلى جانب تركيا وإيران، هم
أصحاب مصلحة في زرع الشقاق
والنفخ في قربه وأبواقه، بين
العاصمتين المختصمتين منذ
أربعين عاما أو يزيد. تركيا المدفوعة
بمصالحها المعرّفة والمحددة في
العراق، وبالأخص ما اتصل منها
بالمسألة الكردية، تتحرك بقوة
لوقف التدهور على طريق دمشق
بغداد، وطهران التي تحوم حولها
شبهات استخدام "الاتهامات
العراقية" كورقة ضغط لوقف
اندفاعة سوريا المنفتحة على
الغرب، تتحرك بقوة على خط
الوساطة وتوظيف "نزاع الأخوة
الأعداء" لصالحها، أما
العرب، فهم إما "زوج مخدوع"
وآخر من يعلم، وإما "ثور
أبيض" لم يتعظ بعد من مصير
شقيقه "الثور الأسود". ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |