-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الانتخابات
وحصاد الإرهاب أ.د.
محمد اسحق الريفي يشترط في الانتخابات
الديمقراطية الحرية والنزاهة،
لحسم التنافس، وتحقيق الشراكة
السياسية والتعددية الحزبية.
أما في الحالة الفلسطينية،
فيشترط الحرية، والنزاهة،
وتوافق وطني في ظل مصالحة
وطنية، وضمان الالتزام بنتائج
الانتخابات، ورفع الظلم عن
الشعب وإعادة تأهيله. وبغض النظر عن
السيناريوهات التي سيؤدي إليها
إجراء الانتخابات في وقتها، أو
تأجيلها، أو إجراؤها في منطقة
وإلغاؤها في أخرى، فإنه من
المتوقع أن تؤدي هذه الانتخابات
إلى تأجيج الصراع الداخلي،
وتعميق الانقسام، بسبب عدم توفر
شروط إجرائها ومعايير نجاحها.
ففي ظل الانقسام والممارسات
القمعية للاحتلال الصهيوني في
الضفة المحتلة، لا يمكن تحقيق
شرط الحرية، فلا يوجد احترام
لحريات المواطنين ولا لحقوقهم
الرئيسة، حيث تتعاون سلطة رام
الله مع الاحتلال على محاربة
حماس وكل من يتمسك بحق شعبنا في
المقاومة. أما بالنسبة للنزاهة،
فهي غير مضمونة، بسبب سيطرة فتح
على الضفة المحتلة، وبسبب
الضغوط التي يمارسها الاحتلال
وسلطة رام الله على غزة.
وقد غابت النزاهة في
انتخابات فتح التي أجريت في
مؤتمرها السادس، بسبب سير
زعيمها محمود عباس على خطة
مدعومة أمريكياً وصهيونياً،
تهدف إلى تمكينه من إحكام
سيطرته على الضفة المحتلة، عبر
شراء الذمم والعقول والقلوب،
وقد دفعت الولايات المتحدة
لعباس خمسين مليون دولار للتحكم
في نتائج المؤتمر.
ومن جانب آخر، فتح غير
مستعدة لخسارة أية انتخابات
قادمة، ولذا ستلجأ إلى تزوير
النتائج لتجنب الخسارة، خاصة مع
تنامي شعبية حماس في الضفة
المحتلة وغزة. ولا معنى للانتخابات في
ظل غياب توافق وطني على آلياتها
ومعاييرها وشروطها ونتائجها
واستحقاقاتها، ولهذا لا بد من
تهيئة الأجواء والمناخ السياسي
للانتخابات، ولا بد من توفير
شروطها، عبر تحقيق مصالحة وطنية.
ومخطئ من يظن أنه يمكن حسم
الصراع الداخلي وتحقيق مصالحة
وطنية بإجراء الانتخابات في ظل
الانقسام والتوتر، فإجراء
الانتخابات في الوضع الراهن قبل
التوصل إلى مصالحة وطنية سيؤدي
إلى تعقيد الوضع الفلسطيني،
وتكريس الانفصال بين الضفة
وغزة، وإلى نتائج أكثر مأساوية
من الانقسام والانفصال. الانتخابات استحقاق
وطني ودستوري، واحترام نتائج
الانتخابات والالتزام بها هو
أيضاً استحقاق وطني ودستوري
وأخلاقي، فما قيمة انتخابات
تُرفض نتائجها وتؤدي إلى تأجيج
الصراع الداخلي بين القوى
السياسية المشاركة فيها؟! فالانتخابات ليست وسيلة
لتحقيق غايات حزبية وأجنبية
ضارة بالمصالح الوطنية العليا،
وإنما هي وسيلة للتداول السلمي
للسلطة، ولتعزيز المشاركة
السياسية والتعددية الحزبية،
وحسم التنافس بين القوى
السياسية، وتحقيق التوازنات
بينها، وفض نزاعاتها.
وبغض النظر عن أهداف السماح
لحركة حماس بالمشاركة في
الانتخابات السابقة، فإن
الديمقراطية الفلسطينية غير
موجودة في ظل الاحتلال
الصهيوني، وفي ظل الوصاية
الأمريكية والأوروبية على
الشأن الفلسطيني، وفي ظل غياب
مرجعية فاعلة. وقد أثبتت التجربة
الديمقراطية الفلسطينية أن
الانتخابات لا قيمة لها، بل هي
وبال على الشعب الفلسطيني، لأن
فتح لم تقبل نتائجها، ما أدى إلى
الصراع والانقسام.
ومن المؤكد أن عباس لا يمكن
أن يقبل بنتائج الانتخابات إلا
إذا جاءت متوافقة مع برنامجه
السياسي ونهجه التفاوضي ورؤيته
المستمدة من الرؤية الأمريكية
والأوروبية للقضية الفلسطينية.
ولذلك لا قيمة أصلاً
للعملية السياسية في فلسطين
المحتلة، لأن العملية السياسية
محكومة بقواعد التسوية
السياسية وفق الرؤية الأمريكية
والأوروبية والصهيونية، ولأن
الإرادة السياسية لحركة فتح
وزعيمها عباس أسيرة لولي نعمتها
"المجتمع الدولي"، الذي
جعل أمن الكيان الصهيوني فوق
الحقوق الفلسطينية وأمن
منطقتنا. لقد مارس العدو
الصهيوني وسلطة رام الله في
السنوات الأربع الماضية ضغوطاً
هائلة على الشعب الفلسطيني،
خاصة في غزة، لمعاقبته على
انتخابه حماس، ولتحريضه عليها
وعلى الحكومة التي تتولاها
بقيادة القائد المجاهد إسماعيل
هنيَّة، ولإجبار شعبنا على
تغيير مواقفه السياسية.
وهذا هو عين الإرهاب، حيث
يعاقب الشعب الفلسطيني عقاباً
جماعياً لتحقيق أهداف سياسية
صهيونية وغربية، ولا سيما تعزيز
نهج التسوية الاستسلامية في
مقابل إجبار الشعب الفلسطيني
على التخلي عن حقه في مقاومة
الاحتلال والدفاع عن نفسه. وفي ظل الحصار،
ومحاولات إثارة الفوضى
والفلتان والاقتتال، وتحريض
العائلات ومراكز القوى
والمجموعات المتطرفة،
والاعتقال السياسي واختطاف
نواب الشعب الفلسطيني، وفصل
الموظفين وقطع رواتبهم ودعوتهم
إلى الإضراب، هل تعني
الانتخابات قبل التوصل إلى
مصالحة وطنية حقيقية، ورفع
الظلم عن الشعب الفلسطيني
وإعادة تأهيله، إلا حصاد
الإرهاب الذي مورس ضده في الضفة
المحتلة وغزة؟!! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |