-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 09/09/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


عباس يقترب من المفترق الحرج

عريب الرنتاوي

لا يكاد يمضي يوم واحد دون أن تصدر عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس تصريحات مؤكدة على رفضه الجلوس مع نتنياهو على مائدة واحدة، قبل أن يعلق الأخير النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وهذا موقف محمود ومقدر، شريطة أن يجري الاستمساك به حتى نهاية المطاف، وأن لا نفاجئ بعد أيام أو أسابيع باستدارة كاملة أو تغير مفاجئ بحجج وذرائع شتى.

نقول ذلك، ونحن ندرك حجم الضغوط التي تتعرض لها القيادة الفلسطينية من بعض العرب وكل الغرب وإسرائيل لاستئناف المفاوضات، وتدشينها بقمة ثلاثية في نيويورك تجمع عباس ونتنياهو إلى مائدة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وهي ضغوط تكاد تقترب في شكلها ومضمونها من "مذكرات الجلب"، التي سبق وأن نجح مصدروها قبل تسع سنوات في إرغام الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات على الذهاب إلى كامب ديفيد، ويسعون اليوم، وبالوسائل ذاتها، لـ"جلب" عباس إلى قمة نيويورك الثلاثية.

 

المعركة حول تجميد الاستيطان تكاد تضع أوزارها، وغبار التصريحات متعددة الجنسيات التي أثيرت حولها، يكاد ينجلي لتتضح صورة "النصر الإسرائيلي" في هذه المعركة، فالاستيطان لن يتوقف، قبل  صدور قرار التعليق وبعده، وقد تسارعت وتيرته قبل أن يصدر قرار التعليق المؤقت زمنيا والمحدود جغرافيا، وثمة أحياء سكنية ستبنى امتدادا لمستوطنة "معاليه إدوميم" في غور الأردن، وقد صدرت الأوامر تباعا ببناء مئات الوحدة السكنية في مستوطنات الضفة، فيما القدس ستظل خارج نطاق التجميد والتعليق فهي "العاصمة الأبدية الموحدة لإسرائيل"، وثمة 2500 وحدة سكنية قيد الإنشاء لن تكون مشمولة بالتجميد، أي باختصار لقد ضمن نتنياهو فرص عمل على مدار الساعة والأيام طيلة الأشهر التسعة القادمة التي سيلزم حكومته خلالها – رسميا ولفظيا – بتعليق أعمال الاستيطان.

 

في هذا المجال، ومن باب الحقيقة المجردة والمعلومة الموثوقة، لا يختلف بينيامين نتنياهو عن أسلافه ومن سبقوه في رئاسة حكومات إسرائيل، بمن في ذلك، بل بالأخص إيهود اولمرت، الذي بنى تحت جنح قممه المتعاقبة مع الرئيس عباس ألوف الوحدات السكنية، وزرع ما يزيد عن 50 ألف مستوطن في الضفة الغربية خلال فترة ولايته التي يتغنى بها بعض أركان السلطة الفلسطينية، بوصفها المرحلة الذهبية في مفاوضات الحل النهائي، والولاية التي شهدت أكبر عدد من القمم الفلسطينية الإسرائيلية ضمن ما عرف بسياق أنابوليس.

 

أيام قليلة ويكون الرئيس عباس أمام مفترق حرج: فهو إما أن يذهب إلى قمة نيويورك الثلاثية ويوافق على استئناف المفاوضات ضاربا عرض الحائط بشرط التجميد الكامل للأنشطة الاستيطانية، وعندها سيكون قامر بماء الوجه والصدقية، وبدد بعضا من "إنجازاته الشخصية" المتحققة في مؤتمر فتح السادس والاجتماع الطارئ للمجلس الوطني، وإما أن يمتنع عن المشاركة في القمة الثلاثية ويظل على موقفه من استئناف المفاوضات، وعندها يقامر بسلة "المفاوضات" التي ألقى بكل بيضه وأوراقه فيها.

 

ولأن "المفاوضات حياة"، ولأن أحدا لا يتخلى راغبا وطائعا عن حياته، فأننا على الأرجح، سنشهد قريبا تحوّلا في الخطاب السياسي الفلسطيني، يبدأ بالإشادة بمنجز "التجميد المؤقت والمحدد" والذي هو بكل المعايير "أفضل" من لا شيء من وجهة نظر بعض أركان السلطة، ومن على قاعدة "ليس في الإمكان أبدع مما كان"، وسيذكرنا هؤلاء بأننا المفاوضات هذه المرة مختلفة عن سابقاتها، وأنها "ذات مغزى" و"تطال الملفات النهائية"، وربما تستحضر بعض الصفحات من دليل فيّاض لبناء الدولة الفلسطينية، خصوصا تلك التي تتحدث عن بناء المؤسسات ودولة الأمر الواقع و"رغم أنف الاحتلال" إلى غير ما هنالك من حجج ومبررات وذرائع جاهزة دائما وبذات القوة والجرأة.

 

على الأرض، لن يتغير شيء، فالمقاولون الإسرائيليون لديهم ما يكفي من مشاريع لملء أجندة الأشهر التسعة أو حتى السنة المقبلة على امتدادها، والجرافات بأنيابها الحادة لن تهدأ وستواصل تقطيع أوصال الأرض والحقوق الفلسطينية، فيما المفاوضات العبثية ستتواصل، وبذات "الكثافة" و"الكفاءة" التي أديرت بها المفاوضات المباشرة وغير المباشرة لـ"تجميد الاستيطان"، وقد تستغرف 16 عشر سنة إضافية كما وعد أفيغدور ليبرلمان، سيرا على خطى إسحق شامير الذي وعد وهو في طريقه إلى مديد، بمارثون تفاوضي يمتد لعشر سنوات، فإذا به يمتد لستة عشر عاما.

في حالة عرفات وكامب ديفيد قبل عقد من الزمان، نجحت الضغوط الأمريكية – الإسرائيلية – العربية، في جر الحصان إلى بئر الماء ولكنها اخفقت في إرغامه على شرب الماء الملوث والمسموم، فهل ستنجح ضغوط الأطراف ذاتها هذه المرة، هل سيرشف الرئيس عباس من الكأس المرة ذاتها، أم أنه سيعيد إنتاج سيرة سلفه؟ ... سؤال برسم الأيام القادمة على أية حال.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ