بقلم : رافت حمدونة

أعتقد أن لصفقة تبادل الأسرى مقابل شاليط والافراج عن الأسرى الفلسطينيين القدامى حلاوة فى مذاق محبى الأسرى وأعزائهم ومن قام عليها لما ستحققه هذه الصفقة من انجازات ، وأهمها القدرة الأمنية التى أجبرت اسرائيل على تفضيل المفاوضات على العمل العسكرى للحفاظ على حياة الجندى بسبب الافتقار للمعلومة الاستخبارية القوية التى تكون مبرر استخدام القوة مهما كانت النتائج ، ويكفى نشوة فى هذا الاتجاه قول الكاتب الاسرائيلى امير اورن فى صحيفة هآرتس العبرية الاثنين" إن خضعت اسرائيل لاملاءات صفقة تبادل جلعاد شليت واستبداله بمئات السجناء. الصفقة التي ستصادق عليها حكومة نتنياهو في هذه الحالة ستكون احدى اكبر الهزائم التي تمنى بها اسرائيل في تاريخها " ، ويضيف الكاتب : " مجرد انجاز الصفقة ستشكل انتصارا قاطعا لحماس ولفكرة المقاومة العنيفة غير المحدودة زمنيا والتي ستنتهي حتى وان تأخرت بفرض ارادتها على العدو الصهيوني " .

وأعتقد أنه فى المقابل لن تترك اسرائيل هذا الانتصار يمر دون تخريبه ، ودون ردع من قام به ، ودون دفع ثمنه ، هذا الأمر اتضح من خلال تصريحات وزير الحرب الاسرائيلى ايهود براك " يجب الآن منح المسؤولين عن شاليط إتمام مهمتهم لأن قرارات حاسمة وصعبة سنضطر اتخاذها وسوف نقررها علي الطاولة " وأعتقد أن هذه القرارات الحاسمة - وأعتقد انها الضربة المتوقعة على قطاع غزة و قيادات حماس .

لذا أرى أن لا مجال بمساواة سلوك دولة الاحتلال المقيدة نسبياً ما قبل تحرير شاليط ، بسلوكها مطلوقة العنان من أى حسبان بعقلية الانتقام والحسابات الأمنية فى أعقاب نجاح المفاوضات والشعور بالهزيمة .

لذا مشهدان معكوسان لربما يكونا قريبان ، انجاز وفرحة ونشوة نصر فلسطينياً قد يتبعه قلق وتخوفات ولربما عدوان من دولة الاحتلال ، وفى المقابل اخفاق أمنى وشعور بالهزيمة اسرائيلياً لحظات متابعة الافراج عن أسرى قدامى بالقوة ممن قتلوا إسرائيليين ومن ذوى الأحكام العالية وهم يعودون لبيوتهم ، هذا المشهد الذى سيتبعه حاجة صهيونية لاعادة قوة الردع الاسرائيلية فى وجه القوى الفلسطينية ، وفرض درس اللاعودة للتفكير بهذه الوسيلة مستقبلاً لأنها ستكلفكم الكثير ، وسيصحب هذا الشعور العقلية الحاقدة الانتقامية الهمجية لقتل فرحة أى نصر .

وأعتقد أن الكرامة والعزة وتكليف الافراج عن الأسرى وخاصة القدامى منهم " النجمة فوق جبيننا وتاج رؤوسنا " ضريبة ، وأن الخشية من دفعها لا تعطى مبرر للهروب منها ... وعلينا أن لا نأمن مكر عدونا ... ولكن " يمكرون ويمكر الله ، والله خير الماكرين " .

-------------------------