-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رمضانيات
(25) والله
في عون العبد مادام .... من
كتاب عيون الأخبار الدكتور
عثمان قدري مكانسي ـ
يقول النبي صلى الله عليه وسلم
" إن أحببت أن
يحبك الله فازهد في الدنيا ، وإن
أحببت أن يحبك الناس فلا يقع في
يدك من حُطامها شيء إلا نبذتَه
إليهم " وبهذا
يجمع المرء بين حبـّين يسعد
فيهما في الدنيا والآخرة . ـ
وقيل لابن المنكدر : أي الأعمال
أفضل؟ قال : إدخال السرور على
المؤمن ، فقيل : أيّ الدنيا أحب
إليك ؟ قال : الإفضال على
الإخوان . قلت هذا
الكريم الزاهد . ـ
وفي معنى ابن المنكدر يقول حميد
بن الحسن : لَأن أقضي حاجة لأخ
أحب إليّ من أن أعتكف سنة . وكان
عمرو بن معاوية العقيلي يقول :
اللهم بلّغني عثرات الكرام . قلت
: وما يقيل
عثرات الكرام إلا الكريم .
ـ
وقال المأمون لمستشاره محمد بن
عبـّاد المهلّبي : أنت متلاف .
فقال : يا أمير المؤمنين ؛ منْعُ
الموجودِ سوءُ ظنّ بالله . يقول
الله تعال : " وما
أنفقتم من شيء فهو يخلفه ، وهو
خير الرازقين " قلت : سبحان
الله ؛ ما أروع هذا الردّ ؟!
ـ
فما أثرُ المعروف
؟ يقول رسول الله صلى الله
عليه وسلم : " المعروف
يقي مصارع السوء " وفي هذا
المعنى يقول ابن عباس رضي الله
عنهما : صاحب المعروف لا يقع ،
وإن وقع وجد متكأ . وهو الي يقول
أيضاً : ما رأيت رجلاً إوليتُه
معروفاً إلا أضاء ما بيني وبينه
، ولا رأيت رجلاً أوليتُ سوءاً
إلا أظلَمَ ما بيني وبينه . ـ
يقول جعفر بن محمد : إن الحاجة
تعرض للرجل قِبَلي فأبادر
بقضائها مخافة أن يستغني عنها ،
أو تأتيه وقد استبطأها فلا يكون
لها عنده موقع . قلت : هذا
بحق الكريمُ المفضال وقال
الشاعر : وبادر
بسلطان إذا كنت قادراً زوال
اقتدار أو غنىً عنك يُعقُب ويمدح
شاعرٌ رجلاً شهماً يعين إخوانه
ما استطاع إلى ذلك سبيلاً
مغتنماً وجود المال قبل ذهابه : بدا
حين أثرى بـإخوانه
ففكك عنهم شباة العدم وذكّره
الحزم غِبّ الأمور
فبادر قبل انتقال النعم والمقصود
بشباة العدم : حدّنه واذاه .وبدا
بمعنى بدأ . ـ
وقال ابن عباس : ثلاثة لا
أكافئهم : رجلٌ بدأني بالسلام ،
ورجل وسّع لي في المجلس ، ورجل
اغبرّت قدماه في المشيِ إليّ
إرادة التسليم عليّ ، وأما
الرابع فلا يكافئه عني إلا الله
عز وجلّ . قيل : ومن هو ؟ قال : رجل
نزل به أمرٌ ، فبات ليلته بمن
يُنزله ، ثم رآني أهلاً لحاجته
فأنزلها بي . ـ
وقال ابن قتيبة : رَبُّ المعروف (
تعهدُه وتنميتُه ) أشد من
ابتدائه . قلت : تمام
الأمر من صفات الكمال .
ويقال : الابتداء بالمعروف
نافلة ، وربُّه ( إكماله ) فريضة .
ـ
وقيل لبُزُرجَمِهره : هل يستطيع
أحد أن يفعل المعروف من غير أن
يُرزَأ ( يخسر ) شيئاً ؟ قال : نعم
؛ مَن أحبَبْتَ له الخير وبذلتَ
له الودّ فقد أصاب نصيباً من
معروفك . وقال
جعفر بن محمد : ما توسّل أحد إليّ
بوسيلة هي أقرب به غلى ما يُحب
من يد سلفتْ منّي إليه ،
أتْبعتُها أختَها لاِأحسنَ
ربَّها وحفظها ، لأن منع
الأوائل يقطع شكر الأواخر . ـ
وقام رجل من مجلس الأمير خالد بن
عبد الله القسريّ فقال خالد :
إني لأبغض هذا الرجل ومالـَه
إليّ ذنبٌ . فقال رجل من القوم :
أوْلِه أيها الأمير معروفاً .
ففعل ، فما لبث أن خفّ على قلبه ،
وصار أحد جُلسائه . قلت: من
صنع معروفاً فقد بذر بذرة الخير
فأفاءت عليه ظلالَها . ـ
وقال ابن عباس لا يتم المعروف
إلا بثلاث : ( تعجيله ، وتصغيره ،
وستره ) فإنه إذا عجّله هنّأه ،
وإذا صغّره عظّمه ، وإذا ستره
تمّمه . وقال
أحد الشعراء في هذا المعنى : زاد
معروفَك عندي عِظَماً
أنـّه عندك
محقورٌ صغيـرٌ تتناسـاه
، كأنْ لم
تأتِـه
وهو عند الناس مشهور
كبيرٌ وقال
الطائي يمدح من أحسن إليه في
السرّ وتواضعَ فلم يفخر بما فعل
: جودٌ
مشيتَ به الضراء متّضعاً
وعظُمْتَ عن ذكراه وهو
عظيمٌ أخفيتَـه
، فخَفَيتُـه ، وطويتَه
فنشرتُه ، والشخص منـه
عميمٌ ومعنى
خفيتُه : أظهرتُه ، لقد
أحسن إليه في السر فشكره في
العلن ، فهما كريمان معاً
. وقيل
في معنى البيتين : ستررجلٌ ما
أَولى ، ونشر رجلٌ ما أولِيَ . ـ
وقال رجل حكيم لبنيه : إذا
اتخذتُم عند رجل يداً فانسَوها .
وقالوا: المنّة تهدم الصنيعة .
وقال شاعر : أفسدْتَ
بالمنّ ما أسديتَ من حسَنٍ
ليس الكريمُ إذا أسدى
بمنـّان وقال
رجل لحكيم : أعطيت فلاناً كذا
وكذا . فقال له : لا خير في
المعروف إذا أُحصِيَ ـ
فما ثواب المعروف
؟ في
الحديث المرفوع " فضل
جاهك تعود به على أخيك صدقة منك
عليه ، ولسانك تعبّر به عن أخيك
صدقة منك عليه ، وإماطتك الأذى
عن الطريق صدقة منك على أهله "
وفي بعض الحديث " كل
معروف صدقة ، وما أنفق الرجل على
نفسه وأهله وولده صدقة ، وما وقى
المرء به عرضه صدقة ، وكل نفقة
أنفقها فعلى الله خَلَفُها
مثلها إلا في معصية أو بنيان "
قال العزيزي في شرحه لهذا
الحديث : إنه البنيان الذي لم
يُقصد به وجهُ الله . وكان
يٌال : بذلُ الجاه زكاة الشرف . ـ
وقال ابن عباس لا يُزهِدَنّك في
المعروف كفرُ مَن كَفَره ، فإنه
يشكرك عليه مَن لم تصنعه له .
وأقول
: وذوالنفس
الكريمة يُظهر نفسه مكتفياُ وهو
على أشد ما يكون حاجة ولله
در الشاعر حمّاد عجرد إذ يقول : إن
الكريم ليُخفي عنك عُسرتَه
حتى تراه غنياً وهو مجهودٌ ـ
العرب تقول : من حَقر شيئاً من
المعروف حَرمَ فتصدّق
ولو بالقليل يا صديقي ، ـ
يقول حماد عجرد : بُثّ
النوال ولا تمنَعْك قِلّتـُه
فكل ما سدّ فقراً فهو
محمودٌ ويقول
حكيم : أحدُهم يحقر الشيء ،
فيأتي ما هو شر منه ( يعني المنع)
. وفي
الحديث المرفوع : " أفضل
الصدقة جهد المُقِلّ "
وفي الحديث " سبق
درهم ألف درهم "
ويقول الشاعر في هذا المعنى
: وما
أبـالي إذا
ضيف تضيّفني
ما كان عندي إذا أعطيتُ
مجهودي جُهدُ
المُقِلّ إذا أعطاك مصطبراً
ومكثرٌ في غنىً
سِيّـانِ في الجود ـ
قال بُزرجَمِهرَه : إذا أقبلتْ
عليك الدنيا فأنفق ، فإنها لا
تفنى ، وإذا أدبرت عنك فأنفق ، فإنها
لا تـَبقى ، وقال شاعر ينظُم
قاله الحكيم بُزر : فأنفق
إذا أنفقتَ إن
كنت موسراً
وأنفِق إذا خيّلـْتَ حين
تـُعسـرُ فلا
الجود يُفني المال والجَدّ
مقبلٌ
ولا البخل يُبقي المال
والجَدّ مدبرٌ ـ
ومرّ الحسن برجل يقلب في يديه
درهماً ، فقال : أتحب درهمك هذا ؟
قال : نعم . قال: إمَا إنه ليس لك
حتى يخرج من يدك. ـ
ولا حاجة أن
يوصي أحدنا ورثَتَه أن يتصدّقوا
بماله حين يكون عاقلاً فيتصرف
فيه بما يشتهي في حياته،
ويكون هو المتصدّق .
يقول أبو ذر رضي الله عنه : لك في
مالك شريكان ، إذا جاءا أخذاه
ولم يؤامراك : الحَدَثانِ ،
والقدر . وكلاهما يمرّ على الغثّ
والثمين ، والورثة ينتظرون متى
تموت فيأخذون ما تحت يديك ، وأنت
لم تقدّم لنفسك ، فإن استطعت أن
لا تكون كذلك فافعل . قال
الشاعر : سأحبس
مالي على حاجتي
وأوثر نفسي على الوارث أعاذلُ:
عاجلُ ما أشـتهي
أحَبّ من
المبطِئ الرائث ـ
وقال سعيد بن العاص : من رزقه
الله رزقاً حسناً فليكن أسعد
الناس به ، فإنه إنما يُترك لأحد
رجلين : إمّا مصلح فلا يقلّ عليه
شيء ، وإمّا مفسد فلا يبقى له
شيء وقال
الشاعر في هذا المعنى : أنت
للمال إذا أمسَكتَه
فإن أنفقتَه فالمال لك وقال
في المعنى نفسه حائطُ بنُ يعفر
يخاطب نفسه : ذريني
أكنْ للمال ربـّاً ولا يكنْ
ليَ المالُ ربّاً تحمدي
غِبّه غداً أريني
جواداً مـات هزلاً لعلّني
أرى ماترَينَ أو بخيلاً
مُخَلـّداً ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |