-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رمضانيات(28) الحرص
والإلحاح الدكتور
عثمان قدري مكانسي - لما قتل كسرى وزيرَه (
بُزُرْ جَمِهرَه ) وجد في ثوبه
كتاباً " إذا كان القدر حقاً
فالحرص باطل ، وإذا كان الغدر في
الناس طباعاً فالثقة بكل أحد
عجز ، وإذا كان اللموت لكل أحد
راصداً فالطمأنينة إلى الدنيا
حُمق. " وصدق الحكيم في وصفه
الدقيق للحياة والناس . - وقيل : لا يُكثر الرجل
على أخيه الحوائجَ ، فإن العِجل
إذا أفرط في مصّ أمه نطحتْه . هذا
في القريب ، فما تقول في التعامل
مع الغريب؟! وصدق الشاعر بقوله : من عفّ خفّ على الصديق لقاؤه
وأخو الحوائج وجهه مملول ويقول ابن المقفع :
الحرص مَحرمة ، والجبن مقتلة ،
وانظر : من يطلب إليك باللطف
والأدب أحق أن تجيبه أم من يطلب
ذلك بالشرَ والحِرص؟ وقال عدي بن يزيد في هذا
: قد يدرك المبطئ من حظه
والرزق قد يسبق جهد الحريص وقد يكون الحرص سبب
المنية أو القتل أو المنع ..
واقرأ قول الشاعر المبدع : كم من حريص على شيء ليدركه
وعلّ إدراكه يدني من العطب وقال آخر في المعنى نفسه
: ورُبّ مُلِحّ على بُغية
وفيها منيّتهُ ، لو شعر - وتقول العرب في الرجل
الذي يلح في الطلب ولا ينتهي من
أمر حتى يُلِحّ في غيره : " لا يرسلُ الساقَ إلا
ممسكاً ساقاً " وأصل المثل في الحرباء ،
إذا اشتد عليها حر الشمس لجأت
إلى شجرة ، ثم لاتترك غصناً إلا
لتمسك غصناً آخر . وقالوا : ( إن الطمع ضرّ
ما نفع ) ، ولكنهم يقلبونه
فيقولون ( ما ضرّ ، نفع 1) وفي كتاب كليلة ودمنه :
لا فقر ولا بلاء كالحرص والشرَه
، ولا غنى كالرضا والقناعة ، ولا
عقل كالتدبير ، ولا ورَع كالكفّ
، ولا حَسَبَ كحُسن الخُلُق . ويقول أيضاً صاحب كليلة
ودمنة : خمسة حُرصاء ، المال أحب
إليهم من أنفسهم . 1- المقاتل بالأجرة ، 2-
حفّار القـُنِيّ والأسراب (
القنيّ جمع قناة ) 3- والتاجر
يركب البحر ،4- والحاوي يُلسع
يدَه الحيّة ، 5- والمخاطر على
شرب السمّ .
أقول : إن في حرصهم هذا
مظنّة مقتلهم . - وقال ابن المقفع :
الحرص والحسد بِكرا الذنوب ،
وأصل المهالك ، أما الحسد
فأهلكَ إبليس ، وأما الحرص
فأخرج آدم من الجنـّة .
- دخل مالك بن دينار رحمه
الله على رجل محبوس قد أُخذ بمال
، وعليه قيد ، فقال له : يا أبا
يحيى أما ترى ما نحن فيه من
القيود ؟ فرفع مالك رأسه فرأى
سلة ، فقال : لمن هذه ؟ قال : لي .
قال فأمر بها مالك فأُنزلت ،
فوضعت بين يديه ، فإذا دجاج
وحلوى ، فقال مالك ٌ: هذه وضعت
القيود في رجليك . - والعاقل من ييئس مما
بيد الناس ويترك الدنيا الفانية
لأهلها ، يقول النابغة : واليأس مما فات يعقب راحة
ولربّ مطمعة تعود ذُباحاً ولماذا يسعى الإنسان
إلى ما ليس له ، والله تعالى
قدّر له رزقه الذي سيأتيه لا
محالة يقول
الشاعر في مثل هذا : أيها الدائب الحريص المُعنّى
لك رزق وسـوف تستوفيـه قَبّح الله نائلاً ترتجـيـه ...
من يدي من تريد أن تقتضيه إنما الجود والسماح لمن
يعـــطيك عفواً وماءُ وجهك فيه لا ينال الحريص شيئاً فيكفيــه
، وإن كان فوق ما يكفيـه فسـل الله وحده ودع النـا سَ،
واسخِطْهم بما يرضيـه لا ترى معطياً لما منع اللــهُ
ولا مانعـاً لمـا
يُعـْطيـه - وقد أحسن أبو العتاهية
حين وصف النفس الإنسانية بشحها
وكرهها للخير في أكثر الأحيان ،
فهذا طبع متأصل فيها إلا من راضَ
نفسه خلاف ذلك ، وقليل ما هم : إن للمعــروف أهـلاً
وقليـلٌ
فاعـلـوه أهنـَاُ المعـروف ما
لم
تُبتَذَلْ فيه
الوجـوه أنت ما استغنيتً عن صا
حبك الدهرَ أخـوهُ فإذا احـْتجـْتَ إليــه
سـاعة مَجّك فـوه إنـمـا يعـرف الـفـضــلَ من
الناس ذووه لو رأى النـاسُ
نبيـاً
سـائلاً ما وصلوه ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |