-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
صراع
الثقافات بين الشرق والغرب تحسين
يحيى أبو عاصي* عندما اجتاحت أمريكا
وحلفاؤها أرض العراق ، لم تضع
شارة الصليب على دباباتها جزافا
، وعندما صرّح جورج بوش الابن أن
الحرب على العراق هي حرب صليبية
، ثم بعد أيام تراجع عن تصريحه ،
فلم يكن أيضا ذلك جزافا ، ومن
المعروف أن جورج بوش الابن
يعتبر أحد قادة الصهيونية
المسيحية ، التي تدعم بقوة دولة
الكيان ، والعالم العربي ينزلق
نحو هاوية العولمة على الطراز
الصهيو أمريكي ، الذي نجح في حرف
الصراع المركزي إلى صراعات أخرى
جانبية مثل : سني وشيعي ، وسني مع
سني آخر ، والخطر الفارسي بدل
خطر الكيان الذي يستبيح الأرض
والكرامة والإنسان ، كما أن
العالم الغربي لا يزال يثير
نزعات البربر والأقباط
والأكراد والأشوريين والأرمن
والسريان والكلدان والغجر ،
ونزعات الانتماء القومي
والعرقي والديني في الوطن
العربي ..... إنه صراع بين ثقافتين ،
ثقافة الدونية والانهزامية
التي أحلت بالأمة العربية ، ليس
فقط على المستوى السياسي
والفكري والثقافي ، بل حتى على
مستوى الأدب والفن ، وآخر صيحات
المُوضة والأزياء ، فكيف
بالبناء والتعبئة والإعداد ؟
وورث الكثير منا مفاهيماً
وثقافة جديدة تنسجم وتتناغم مع
الثقافة الغربية ، من بعد أن
حُجبت عن عقول ناشئتنا الثقافة
العربية الأصيلة ، التي تدعو
إلى الوحدة ، وإلى تجذير
الانتماء والمحافظة على الهوية
، حتى أنه لا زال بعض سكان الدول
العربية لا يجيدون اللغة
العربية ويجهلون الكثير عن
الثقافة العربية . وزراء الثقافة العرب
يتربعون على عروش وزاراتهم ،
وكثير من الكفاءات والإبداعات
يتم طمسها عن قصد ، ولم يجتمع
قادة الغرب والصهاينة بالكُتاب
والمثقفين العرب جزافا ، بل من
أجل أن يعيدوا صياغة العقل
العربي من جديد ، كما أعادوا
صياغة الفلسطيني الجديد وفق ما
يروق ويحلو لهم ، وكما أعادوا من
قبل صياغة الهندي الجديد ، على
نفس النمط والنهج والبرمجة
والتخطيط المتبع حالياً . فالثقافة الغربية تعطي
وسام الفارس للكاتب الهندي
البريطاني سلمان رشدي ، صاحب رواية
آيات شيطانية ، والثقافة
الغربية هي التي لاحقت المؤرخ
البريطاني ديفيد إيرفينج ،
الذي حكمت عليه محكمة نمساوية بالسجن لمدة ثلاث
سنوات ؛ بسبب موقفه من خرافة
المحرقة اليهودية( الهولوكست
) ، وجاء الحكم على قاعدة القانون الأوروبي { الموحّد } ، الذي
يأمر بتعقّب كل مفكر وكاتب يشكك
في أسطورة المحرقة ، والثقافة
الغربية هي التي كرمّت في
السويد الكاتبة البنغالية التي
ألفت كتاب العار، وهاجمت فيه الإسلام والمسلمين والمرأة ،
واستحقرت العقل العربي . والثقافة الغربية هي
التي سجنت مدير إذاعة الإسلام
المغربي أحمد رامي ؛ بسبب أنّه
معادٍ للسامية في السويد والغرب.. والثقافة الغربية في
سويسرا هي من وراء إصدار محكمة
سويسرية أحكاما بالسجن على
الكاتب السويسري اللاجئ في موسكو ( يورغان غراف ) بتهم
معاداة السامية ، والثقافة
الغربية هي من وراء ما حدث
للكاتب الفرنسي روجي غارودي ,
فحكمت عليه محكمة سويسرية
بالسجن لمدة سنتين ، بعد أن كتب
مجموعة من الكتب عن خرافة
الهولوكست ، والثقافة الغربية
هي التي ما زالت تلاحق قضائيا
روجي غارودي رغم مرضه العضال ، و روبرت فوريسون ؛ بسبب دعوتهما لوضع حدّ لتحكّم
اللوبي الصهيوني في مسار التاريخ الأوروبي
المعاصر، والثقافة الغربية هي
التي احتضنت في سويسرا طارق
رمضان ، الذي يطالب بإلغاء
الشريعة الإسلامية ، وفي الوقت
ذاته تكرّم الثقافة الغربية الكاتبة آسيا جبار التي تكتب وفق الثقافة
الفرنسية ، والثقافة
الغربية تكرم محمد أركون الذي
يحاول خلق إسلام أوروبي
جديد يرضي الغرب . والثقافة الغربية هي من
وراء ما صرح به زعيم هولندي
أثناء نقاش البرلماني الهولندي
لميزانية الحكومية الجديدة ،
فقد عرض كيرت فيلدرز
السياسي الهولندي وزعيم حزب
الحرية اليميني ، مقترحاً
لتحصيل المزيد من المال لخزينة
الدولة ، وذلك من خلال فرض ضريبة
على ارتداء الحجاب
، وقال فيلدرز: إن أي امرأة
مسلمة تريد أن ترتدي الحجاب ،
عليها الحصول أولا على موافقة رسمية ، وقال : يجب أن تدفع
المرأة المسلمة التي ترتدي
الحجاب ما يقارب ألف يورو
سنوياً مقابل الموافقة
على حجابها ، ثم قال : بهذه
الطريقة نستطيع أن نكسب مالاً
من الإسلام . وأضاف فيلدرز لقد مللنا حد القرف من الحجاب . في( 10 أغسطس
والثقافة الغربية هي من
وراء عمليات غسيل الأدمغة
الجارية ، ونشر ثقافة الاستسلام
، وتدمير التراث ، واللهث وراء
العولمة ، والفوضى الخلاقة ،
ومن وراء الثقافة الغربية كان
الاعتراف بإسرائيل ونبذ
المقاومة باعتبارها إرهابا ،
وهي من وراء خدعة طرح أن كل
الأمور المختلف عليها ستحل
بالمفاوضات ، وهي من وراء نداء
التطبيع مع إسرائيل وحصار غزة
وقتل الآمنين . اعتقال الجواسيس
الإسرائيليين وخطف الجندي
شاليط ، يهز الثقافة الغربية من
جذورها ، واعتقال وقتل عشرات
الألوف من الفلسطينيين والعرب
والمسلمين ، وتدمير مساكنهم فوق
رؤوسهم ، لا وجود لأثره في
الثقافة الغربية ، باستثناء
فقاعات من هنا وهناك لا تسمن ولا
تغني من جوع ، فلا قيمة للدماء
العربية في تلك الثقافة ، ولا
تثير ادني تفكير في عقول
أصحابها . والثقافة الغربية لا
تكترث
بآلام البشر
ولا بمجاعاتهم في العالم ، خاصة في افريقية ، في الوقت الذي يرفعون فيه
لافتات حقوق الكلاب والحمير
والقطط أجلكم الله . والثقافة الغربية هي من
وراء إنشاء مؤسسات تراثية
وفكرية وعلمية وإنسانية على طول
وعرض العالم العربي ؛ لتستتر من
خلفها بستار تقديم خدمات متنوعة
من أجل أن تنال من الوعي العربي
وتنهش في جسده ، وما مركز ابن
خلدون ومؤسسة ابن رشد عنا ببعيد
، والأمثلة على ذلك كثيرة . ليست كل عناصر ومكونات
الثقافة الغربية سيئة ومعادية
وعنصرية ، بل إن فيها جوانب
مشرقة لا يمكن إنكارها ولا
تجاهلها ، والمهم انه
بحكم العلاقة الجدلية
التكاملية بين ثقافات الشعوب
وحضاراتها ، وبحكم طبيعة
العلاقات والارتباطات الدولية
، يجب احترام العقل العربي
والثقافة العربية ، إذ أن
الاستخفاف بالعقل العربي
ومحاربة ثقافته يزيد من صراع
الثقافات ، الأمر الذي يؤدي إلى
مزيد من التطرف الذي يدعو إلى
العنف وشطب الآخر ، مما يؤثر على
الأمن والسلام الدوليين . إهدار الثقافة العربية
هو إهدار للكرامة العربية ،
وسخرية من العقل العربي ، يشارك
في ذلك قادة وزعماء عرب ؛ ليصبح
العربي بلا تاريخ يستلهم منه ،
وبلا أمل يسعى إليه ، وبلا حلم
يهدف إلى تحقيقه ، فهل من هبّة ؟
هل من ثورة ؟ هل من تغيير؟ هل من
تصحيح ؟ هل من انتفاضة تعيد لنا
كرامتنا ؟ . فلا نامت أعين الجبناء ــــــــــــ *كاتب
فلسطيني مستقل ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |