-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الدولة
وبعض صلاحياتها عريب
الرنتاوي تخلت "الدولة" عن
بعض صلاحياتها لصالح القطاع
الخاص، وهذا أمر محمود، ويندرج
في سياقات الإصلاح الاقتصادي
المطلوبة، شريطة: (1) أن تتم هذه
العملية بشكل منهجي، شفاف علمي
ومنظم...(2) وأن تترافق معه تنمية
شاملة لأدوات الرقابة والتنظيم
التي تتوفر على عليها مؤسسات
الدولة وحدها دون سواها، حتى لا
يترك "خلق الله" نهبا
لقوانين السوق وجشع المرابين
والطامعين للثراء السريع...(3)
وأن يجري التوسع في منح الأفراد
والجماعات العمالية والمهنية
حقوقهم في التنظيم الحر
والمستقل وفي الإضراب
والاعتصام والتظاهر ومختلف
أشكال الدفاع الجماعي عن الحقوق
والمكتسبات، دون خشية من التعرض
للاتهام بخدمة أجندات مشبوهة،
وأحيانا إسرائيلية (؟!) كما حصل
على هامش إضرابات عمال الميناء. والدولة تخلت عن بعض
صلاحياتها أيضا لصالح "العشائر
والقبائل والحمائل"، فلهذه
قانونها الخاص الذي يطغى في
كثير من الأحيان على القانون
العام السيد، وتبلغ "المهادنة"
بـ"الدولة" حد التخلي عن
الحق العام والحقوق الخاصة
خصوصا في حالات "الهيجان
الغرائزي الجماعي" التي
تصاحبها عمليات حرق للسيارات
والمحال وتكسير للزجاج و"اعتداءات
على الهوية"، ودائما بذريعة
مراعاة العرف السائد والتحجج
بأننا ما زلنا مجتمع عشائري ؟!. مثل هذا التخلي مرفوض
تماما، ويحيل الدولة إلى "اتحاد
عشائر"، يضعف هيبتها وسيادة
قانونها ومؤسساتها، ويعيدنا
عقودا للوراء، فبدل أن نتجه إلى
"الدولة المدنية" ترانا
نغذ السير نكوصا إلى "عصر ما
قبل أو ما دون الدولة". وتزداد هذه الظواهر
سوءا حين نلحظ أن "الدولة"
ترفض التخلي حتى الآن، عن كثير
من الصلاحيات التي يمكن التخلي
عنها لصالح "مؤسسات المجتمع
المدني"، بل وتفرض على هذه
المؤسسات قانونا يجعل منها
تابعا أو ملحقا بإحدى وزاراتها،
الأمر الذي يزيد الطين بلة،
ويعطي الانطباع بأن الدولة في
الأردن آخذة في الضعف، وأن
صدقية مؤسساتها إلى تآكل، وعند
هذه النقطة بالذات تستوجب
الوقفة والمراجعة والتأمل. لسنا في الواقع من أنصار
"هيمنة الدولة وطغيانها"،
فالعالم برمته يتجه نحو "الدولة
الرشيقة" المتخففة من كثير من
وظائفها التاريخية، لصالح
مجتمع مدني يدير نفسه بنفسه،
تحت سقف "سيادة القانون"
ومظلة المؤسسات الدستورية، ولا
تشذ عن هذه القاعدة سوى "الدول
الفاشلة" التي تعجز حكوماتها
عن القيام بوظائفها الدستورية،
فتبدأ بالتخلي عنها، تارة لصالح
جماعات دينية من طوائف ومذاهب
ومرجعيات، وأخرى لصالح جماعات
عشائرية وقبلية، ولعل نماذج من
نوع أفغانستان والصومال ولاحقا
العراق وإلى حد كبير اليمن،
تعطي فكرة واضحة ومروّعة عن
المآلات التي ستنتهي إليها دول
ومجتمعات تتضخم في مؤسستا
العشيرة و"الدين" على حساب
الدولة. نحمد الله أننا في
الأردن لسنا من ضمن قائمة "الدول
الفاشلة"، وأن "الدولة"
عندنا ما زالت هي السيدة، بيد أن
العين الفاحصة لا بد تلحظ وتحذر
من إرهاصات ظاهرة تضخم "العشيرة"
على حساب "الدولة"، وتضخم
دور "الدولة" على حساب "المجتمع
المدني"، وهي ظاهرة وجب أخذها
بنظر الاعتبار لقطع الطريق على
مشروع "الدولة/العشيرة"
وتسريع ولادة "الدولة
المدنية". ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |