-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الانتظار
الآن ليس خياراً صحيحاً أ.د.
محمد اسق الريفي لا يزال العرب غير
قادرين على استيعاب حقيقة أن
الصراع العربي – الصهيوني قد
وصل إلى مرحلة خطيرة غير
مسبوقة، وأن التهاون مع العدو
في هذه المرحلة له تداعيات
خطيرة على وجود أمتنا العربية،
وهم غير قادرين على التكيف مع
التحولات المعاصرة وتوظيف
آفاقها الواسعة في التخلص من
التقوقع والفراغ السياسي. ربما لا تدرك القوى
الحية في العالم العربي مدى
خطورة مس الصهاينة واليهود
المجرمين بالمسجد الأقصى
المبارك، أو تقسيمه والاستيلاء
على أجزاء منه؛ كما فعلوا
بالحرم الإبراهيمي الشريف في
الخليل المحتلة.
وربما لا يدرك العرب مدى
خطورة تفريغ القدس المحتلة من
أهلها الفلسطينيين، المسلمين
والنصارى، ليتحول من يتبقى منهم
هناك إلى أقلية مضطهدة تعيش تحت
وطأة الممارسات العنصرية
والقمعية والعدوانية لسلطات
الاحتلال الصهيوني.
وإذا كان العرب على دراية
تامة بالمخططات الصهيونية
الخاصة بتهويد القدس وهدم
المسجد الأقصى المبارك، وهذا
ظني بهم، فما الذي ينتظرونه حتى
يقوموا بخطوات عملية مدروسة
لكسر قيود الحكومات العربية
المستكينة والانطلاق نحو
المواجهة الحقيقية مع العدو
الصهيوني؟ لا أظن أن الانتظار
يفيدنا كثيراً عندما يفرض العدو
علينا المواجهة بهذا الحجم وهذا
المستوى، ثم نكتفي بالتفرج على
الشعب الفلسطيني وهو يُحاصر
ويُذبح ويُهجر من أرضه، في ظل
تواطؤ عربي وتآمر غربي وصمت
دولي! فلو
تمكن العدو الصهيوني من تنفيذ
مخططاته الشيطانية الخاصة
بالقدس، ولو تمكن من إخماد
الجبهة الوحيدة التي تتصدى له
في الضفة المحتلة وغزة، فإننا
نكون نحن العرب قد منحنا الفرصة
لليهود والصهاينة؛ ليهدموا
المسجد الأقصى المبارك،
وليبنوا هيكلهم المزعوم على
أنقاضه، وليقيموا دولة يهودية
على أنقاض فلسطين. وعند ذلك، لا أستطيع
تصور مدى المصيبة التي ستحل
بأبناء أمتنا وخصوصاً أجيالها
الصاعدة، التي يحاول العدو
الصهيوني إجبارهم على
الاستسلام له، وإقامة علاقات
طبيعية بينه وبين هذه الأجيال،
التي تتعرض لعملية ترويض وتدجين
واسعة، تشارك فيها وسائل
الإعلام العربية الخاضعة
للأنظمة الرسمية والمتساوقة مع
المخططات الصهيوأمريكية،
والفضائيات الموجهة ضد العرب
والمسلمين لخدمة مصالح الغرب
والأمريكيين والصهاينة. ولذلك فإن الانتظار ليس
خياراً صحيحاً ولا موفقاً في
مواجهة العدو الصهيوني،
والدليل على ذلك أننا جميعاً
نلعن الصمت والتخاذل والتقاعس،
ونقبِّح الصامتين والمتخاذلين
والمتقاعسين، ولكننا مع الأسف
الشديد عاجزون عن مواجهة العدو
الصهيوني ووضع حد لغطرسته
واعتدائه على مقدساتنا وأرضنا
وأبناء أمتنا، لأننا أدمنا
الانتظار، الذي لا يعني سوى
افتقار شعوبنا وقواها السياسية
الحية إلى قيادات على قدر
المسؤولية وعلى مستوى المرحلة
والأحداث والتحديات الخطيرة
التي تعيشها فلسطين ومنطقتنا
العربية كلها. وإذا كان الانتظار
مستقبحاً لهذا الحد، فلماذا
نتمسك به خياراً استراتيجياً؟
هل لأننا غير قادرين على
المواجهة؟ لا أظن ذلك، فنحن
قادرون على المواجهة، ولكننا
غير مستعدين لها، ولن تأتي تلك
اللحظة التي نعلن فيها
استعدادنا للمواجهة، بل إننا
نتجنب الوصول إلى تلك اللحظة،
لأن من طبيعة البشر الخوف، ولكن
الخوف ليس خياراً نواجه به
عدواً لدوداً فرض علينا
المواجهة، مستهدفاً وجود
أمتنا، وممعناً في الاعتداء
علينا واغتصاب أرضنا والتنكيل
بنا والنيل من مقدساتنا
وعقيدتنا! لقد وصلت المواجهة مع
العدو الصهيوني إلى مرحلة
مفصلية، وشملت كل الشعوب
العربية والإسلامية، حتى تلك
الشعوب التي تتقوقع على نفسها
وترفض الدخول في المواجهة
وتتجاهل التحديات الخطيرة، فشر
العدو الصهيوني يلاحق الجميع
ولا يستثني أحد في مكان تقوقعه
واختبائه، عبر الإشعاعات
النووية المهلكة، والأوبئة
الفيروسية الفتاكة، والدعاية
الصهيونية الخبيثة، والأفكار
المنحرفة والثقافات الهدامة.
ورغم كل ذلك، يرفض العرب
مواجهة العدو الصهيوني وحلفائه
الغربيين المشاركين له في الحرب
على الإسلام والمسلمين!
فمع الأسف الشديد، يرفض
العرب التعامل بجدية وإيجابية
مع الوقائع الجديدة التي يعيشها
العالم، ويرفضون الاستفادة من
آفاق التحولات الدولية
والإقليمية، السياسية
والاقتصادية والثقافية
والاجتماعية، وأهمها انهيار
الولايات المتحدة الأمريكية
أخلاقياً واقتصادياً، وخسارتها
لحروبها مع قوى المقاومة
والممانعة العربية والإسلامية
ضد مشروع الهيمنة الصهيوأمريكي
على منطقتنا، وخسارة العدو
الصهيوني لحربين متتاليتين مع
المقاومتين اللبنانية
والفلسطينية، ووصول المشروع
الصهيوني الشرير إلى طريق
مسدود؛ بسبب فشل قادة الكيان
الصهيوني في إقامة علاقات سلام
مع الشعوب العربية والإسلامية. ولذلك على القوى
السياسية الحرة والشريفة أن
تدرك أن العالم قد تغير، وأن
الأساليب التقليدية في التعامل
مع قضايا الأمة المصيرية لا
تتناسب مع المرحلة التي وصل
إليها الصراع العربي –
الصهيوني، وأنه لا فائدة الآن
من الانتظار، ولا تعويل على
القمم العربية العبثية، ولا حتى
على إصلاح الأنظمة الفاسدة التي
تحكمنا بالحديد والنار، أو
إجبارها على التخلي عن دورها
الذي حدده لها أعداء أمتنا
الغربيون، فمعظمها أنظمة
متواطئة مع الأعداء، خادمة لهم،
وراعية لمصالحهم، وقامعة
لشعوبنا. ولا يجب أن تنتظر
الحركات الإسلامية الحكومات
العربية كي تفتح لهم أبواب
الجهاد، فلا تفتح تلك الحكومات
لكل من يفكر في الجهاد ويحاول
نصرة قضايا أمتنا إلا أبواب
السجون والموت والملاحقة.
ولن يفتح وكلاء أعداء أمتنا
أبوب الجهاد أبداً، فهم يحرسون
حدود الكيان الصهيوني، بل حتى
يرفضون السماح للشعوب العربية
التعبير عن التضامن المعنوي مع
الشعب الفلسطيني في محنته
العظيمة. فهل
تتوقعون يا من جعلتم أداء فريضة
الجهاد مرتهنة بالحصول على إذن
من الحكام أن يفتح لكم هؤلاء
الحكام أبواب الجهاد؟ ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |