-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
بعد
"الفضيحة"...ما العمل ؟ عريب
الرنتاوي يقال في الشخص الذي يعمد
إلى تصحيح خطأ بارتكاب خطأ أشد:
"زاد الطين بلة"، هذا
بالفصحى، أما بالعامية فيقال:
"إجا تيكحلها عماها"...ويقال
في التبرير الذي يؤتى به لتسويق
وتسويغ فعل شائن: "عذر أقبح من
ذنب"...ويقال في الشخص المعني
بخطيئة أو إساءة حين ينكر
معرفته بتفاصيلها: إن كنت لا
تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري
فالمصيبية أعظم، وجميع هذه
الأقوال انطبقت على حال القيادة
الفلسطينية الراهن، وقيلت في
وصف ارتباكاتها وارتكاباتها
المسيئة لصدقيتها وصورتها
وسمعتها، على خلفية ما جرى في
جنيف وتأجيل التصويت على تقرير
غولدستون وما لحق بكل ذلك من
تداعيات وتفاعلات. تشكيل لجنة تحقيق من "المتهمين"
بالفعلة النكراء، مستهجن ومدان
لسببين: الأول، أن المتهم (اللجنة
التنفيذية، رئيسا وأعضاء) هو
الذي سيحقق في ملابسات التهمة
وأدوار المتهمين ويحدد نوع
الجريمة وطبيعة العقاب، أي أنه
هو ذاته، الخصم والحكم...والسبب
الثاني: أن لجان التحقيق تشكل في
العادة حين يكون الجاني مجهولا،
أما حين يكون معلوما ومعرّفا،
كما في حالتنا، فإن تشكيل لجنة
للتحقيق هو شراء للوقت واحتواء
للغضب وترحيل للمسؤولية و"ضحك
على الذقون". إن كان الرئيس عباس لا
يدري ما الذي حصل في جنيف، فتلك
مصيبة، وإن كان درى ووافق ودبر
وأمر بحصول ما حصل، فالمصيبة
أعظم...وبدل إضاعة الوقت وتبديد
ماء الوجه في الظهور المتلعثم
والمرتبك والفاقد للمصداقية
على الفضائيات، يتعين على كل من
يعنيهم الأمر ويُؤَشّر إليهم
بأصابع الاتهام، التحلي بجرأة
المسؤولية وإعلان تحمل
التبعات، وإعادة الأمانة إلى
أصحابها من جديد، بدل المضي في
الضحك عليهم واستغفالهم
والسخرية من ذكائهم وعقولهم. لقد خرج الناطقون باسم
الرئاسة للدفاع عن قرار السلطة
في جنيف: عريقات أنكر التأجيل
نافيا تقرير هآرتس، صدقت هآرتس
وكذب عريقات...نمر حماد استطرد
وتوسع في شرح الأبعاد الخفية
والعميق لقرار التأجيل
وملابسات، ومثله فعل عبد الله
عبد الله وغيرهما..لكن وعندما
ثبت أن جميع هذه الأكاذيب
والأحاييل لم تنطل على أحد،
تبرأ الجميع من وزر القرار،
وسارع كل واحد منهم للذود عن
رأسه، فالفشل يتيم كما يقول
المثل، أما النجاح فله مائة أب
أو يزيد، فشلت السلطة وسارع
الجميع، بمن فيهم رئيسها إلى
رمي الكرة في أي ملعب آخر، حتى
وإن كان ملعب العرب والأفارقة
والمؤتمر الإسلامي وعدم
الانحياز وجزر الباسيفيك. لم يبق إلا الكذب
والافتراء ولي عنق الحقائق من
وسيلة لإنقاذ ماء الوجه: خرج
علينا الناطقون إياهم بشرح
ملابسات لجنة التحقيق
وأهدافها، وكاد المريب أن يقول
خذوني، فقد جعلوا منها لجنة
تسويق للقرار بدل أن تكون لجنة
للتحقيق في تبعاته والمسؤولين
عنه. الحقائق الدامغة هنا
تقول: أن غالبية واضحة في المجلس
كانت ستصوت إلى جانب القرار، 33-
35 دولة من أصل 47 كانت تدعمه
وستصوت إلى جانبه، فلماذا الكذب
والتجني...الحقائق تقول أن
الرئيس اتصل بالحلقة الأضيق من
مستشاريه وطلب إليهم متابعة
التأجيل، ومن بين هؤلاء صائب
عريقات وسلام فياض وياسر عبد
ربه...الحقائق تقول أن الرئيس
اتصل بسفيره وطلب إليه فعل ما
فعل، مباشرة وشخصيا (ويقال خطيا). أما لماذا فعلوا ذلك،
فلأسباب عدة، منها ما هو سياسي
ويتعلق بتهديد واشنطن الانسحاب
من جهودها لاستئناف المفاوضات،
ومنها ما هو اقتصادي من نوع:
التلويح برفص ترخيص المزود
الثاني للاتصالات ومعروف تورط
"الأبناء" فيها إداريا
وماليا، ومنها ما هو أمني
ويتعلق بتهديدات ليبرمان بكشف
"المستور من طابق" الحرب
على غزة، وتواطوء بعض أركان
السلطة فيها تحريضا وتنسيقا
ومعلومات وتغطية، إلى غير ما
هنالك. وماذا بعد؟...دماء أطفال
غزة ونسائها وشيوخها أغلى من أن
تباع في المصارف وصالات القمار،
وأغلى من أن يقامر بها
المقامرون والمصرفيون...والمسؤولون
عن الجريمة الأخلاقية
والسياسية المقترفة في جنيف يجب
أن يحالوا إلى التحقيق
والمحاكمة والإقالة
والاستقالة، وليتخذوا من
نظرائهم الإسرائيليين عبرة
لهم، وهم الذين يستقيلون
ويقالون ويساقون إلى المحاكم
لأسباب أقل أهمية...وعلى الذين
تبرأوا من الفعلة أن يتبعوا
القول بالفعل، فالتبروء من
الفعلة لا يكتمل من دون التبروء
من الفاعل، وتلك هي مسؤولية فتح
التي نأت بنفسها مؤخرا عن خطايا
السلطة، من دون أن تحرك ساكنا
بخصوص محاسبة "الفتحاويين
الخطّائين" في قيادة السلطة
ومساءلتهم عن أفعالهم...وتلكم هي
أيضا مسؤولية الفصائل التي هبت
هبة رجل واحد ضد الجريمة
السياسية الأخلاقية، بيد أنها
ميزت لأسباب انتهازية بين
الفعلة والفاعل، وارتضت
بإجراءات شكلية من باب امتصاص
الغضب واحتواء النقمة وانقاذ
ماء الوجه وبقايا السمعة
والكرامة. وماذا بعد أيضا؟...هي
ليست لحظة عاطفية مشحونة تنتهي
بانتهاء مفاعليها وزوال أثر
الأدرينالين في العروق...هي لحظة
الاستحقاق والحقيقة لنهج سياسي
كامل...هي محاكمة لنهج "المفاوضات
حياة"...وهي لحظة إعلان هزيمة
خطة فياض وخريطته لبناء الدولة
تحت الاحتلال، فإذا كان ثمن
رخصة خلوي لا يقل عن دماء أبناء
غزة وأنّاتهم، فكم سيكون ثمن
الموافقة الإسرائيلية على بناء
مطار وفتحه وتشغيله وإبقائه
شغّالا"، كم سيكون ثمن بطاقات
الـ"VIP" التي تمكن أصحابها من السهر في تل
أبيب ورامات غان، هذا هو السؤال
الذي يتعين أن يرفع بقوة بوجه
"مقاومة المصرفيين ودولتهم"،
بوجه سلطة ومنظمة لم يبق لهما من
اسميهما نصب، وبرسم رئاسة فقدت
في لحظة واحدة (في جرة قرار،
وليس في جرة قلم)، كل ما عملت على
بنائه خلال أشهر وربما سنوات. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |