-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
دعوة
لتقييم المرحلة الفلسطينية
المقبلة عز
الدين احمد* تم التوافق في العادة
على تقييم المراحل التي تحدد
مصائر الشعوب والأمم بعد
اجتيازها، لأخذ العبرة
واستدراك الأخطاء وتصويب
المسارات السياسية والاقتصادية
والاجتماعية وغيرها من الجوانب.
غير أن الأمم الواعية والحريصة
على مستقبلها تعمد إلى تقييم
القادم من أيامها من باب أن "درهم
وقاية خير من قنطار علاج"،
فتسعى لاستشراف المستقبل بعين
بصيرة بما يتوافق مع المصلحة
العليا لأفراد المجتمع بعيدا عن
المصالح الفئوية والشخصية. فلسطينيا، تبدو الحاجة
ملحة في هذا الوقت بالأخص،
لتحديد معالم المرحلة القادمة،
ووضع النقاط على الحروف دون
مراوغة أو تمويه، وبصراحة
متناهية، بعيدا عن دهاليز
السياسية ومصطلحات الدبلوماسية
التي تجعل في كثير من الأحيان من
الخيانة وجهة نظر، ومن التفريط
بالحقوق حنكة سياسية. نقول هذا الكلام ونحن
مقبلون على مرحلة جديدة، يتحدث
عنها العاملون في الشأن
الفلسطيني، بعد سلسلة المواقف
والتطورات التي طرأت على المشهد
الفلسطيني خلال الفترة
الماضية، بدءا من التغييرات
التي شهدتها حركة فتح في
مؤتمرها السادس وانتخابها
لقيادة جديدة ألغت مفردات
ومفاهيم المقاومة من قاموسها،
مرورا بممارسات رئيس السلطة
عباس بما تبقى من هيكل منظمة
التحرير، وصولا إلى الموقف
المخزي لسلطة رام الله من تقرير
ريتشارد غولدستون بشأن العدوان
الإسرائيلي على غزة، والذي لا
يمكن اعتباره بحال من الأحوال
موقفا عابرا، بل هو سابقة خطيرة
في تاريخ الحركة الوطنية
الفلسطينية، سيترتب عليها عار
يطال كل فصائل العمل الوطني
الفلسطيني إن مرت مرور الكرام. وما بعد الموقف من تقرير
غولدستون، يجب أن يختلف عما
قبله، وما يجري التحضير له في
القاهرة بما يتعلق بالمصالحة
الوطنية لا يمكن عزله عن هذا
الموقف، بل يجب إعادة النظر
جديا بتشكيلة الحركة الوطنية
الفلسطينية ومحدداتها في سياق
هذا التفريط. والمطلوب بعد
اليوم التوافق فصائليا على خطوط
حمراء واضحة تحرم من يجتازها -بعدما
اجتازها الكثيرون للأسف- من
مظلة العمل الوطني الفلسطيني. بقدر حرصنا على تحقيق
مصالحة وطنية تنهي الانقسام
وتعيد لحمة الشعب كما كانت
سابقا، فإننا حريصون ايضا على
عدم تكرار سيناريوهات خطف
المصلحة الوطنية بعيدا عن سكة
الثوابت والحقوق الفلسطينية
تحت مسميات بالية مثل: "الشرعية"،
و"الممثل الوحيد للشعب
الفلسطيني"، و"أصحاب
الرصاصة الأولى".. وكما أن
الإيمان لا يُورّث، فإن الوطنية
لا تورّث كذلك، وكم شهدنا نماذج
لوطنيين خلفوا وراءهم عملاء
ومفرّطين.. والعكس صحيح. ومن يحرص اليوم على
تحقيق المصالحة الوطنية، هو
مطالب بأن يكون صريحا مع الشعب،
وألا يُوقع على أي وثيقة قبل
تفصيلها وتوضيحها للعموم، وقبل
تحديد مكونات القيادة المقبلة
للشعب الفلسطيني، ومن أخرجته
الجماهير من باب الوطنية بعد أن
تعاون مع المحتل والأجنبي ضد
شركائه في الوطن، لا ينبغي
إطلاقا أن يعود من نافذة مصالحة
غير وطنية، مع ما يبدو من وجود
أطراف إقليمية معروفة تسعى
لتبييض صفحته وفرضه على أجندة
الحوار الوطني القادمة. ما تواجهه القضية
الفلسطينية اليوم، يفرض على
الشرفاء في هذا الشعب الوقوف
مليا قبل الإقدام على أي خطوة
باتجاه المصالحة. فبوجود حكومة
يمينية متطرفة تسعى لفرض أمر
واقع في الضفة المحتلة والتهويد
المبرمج للقدس المحتلة، وبوجود
إدارة أمريكية أعجز من أن تتخذ
موقفا ضاغطا، بل سقطت في أول
اختبار وتراجعت عن موقفها بشأن
الاستيطان، بوجود هذا كله،
ينبغي قراءة المرحلة القادمة
انطلاقا من مصلحة المواطن
الفلسطيني الذي ينافح وحده
بصدره العارية عن ما تبقى من
كرامة عربية. المرحلة الفلسطينية
القادمة، يجب أن تشهد عملية
غربلة، تفرز الغث من السمين،
وتسمي الأشياء بمسمياتها
الحقيقية، وتعري من تواطأ،
وتحاكمه أمام الشعب. ومن
خلال المقدمات الحالية، سواء
على صعيد ما تعرض له المسجد
الأقصى خلال الأسبوع الماضي وما
سيتعرض له خلال الفترة القادمة،
أم ما يُحضر إسرائيليا لقطاع
غزة في حال تمت صفقة شاليط، يبدو
أن القادم سيكون مفصليا، وحينها
سيكون "الطابور الخامس"
أشد خطرا من نتنياهو وليبرمان
وحاخامات المتطرفين الذين
يحتشدون هذه الأيام في محيط
الأقصى لهدمه. ــــــــ *كاتب وصحفي ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |