-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أفغانستان..
نقطة ضعف أميركية مقلقة لروسيا
والصين أي إستراتيجية متاحة كطوق نجاة للتحالف الأطلسي
في حربه الأفغانية؟ ماجد الشّيخ منذ أن تجدد
الحوار بين حلف شمال الأطلسي (الناتو)
وروسيا في تموز (يوليو) الماضي،
بات من الواضح أن الحلف يسعى إلى
دفع هذا الحوار إلى الأمام،
بهدف خلق الظروف الملائمة
للانطلاق نحو علاقة جديدة مع
موسكو، والبدء بتنفيذ اقتراحات
محددة لتحسين مستوى التعاون في
مجالات عدة، أبرزها محاولة
استعادة الثقة، واستشارة موسكو
في شأن ما يجري في أفغانستان،
حيث أعلن الناطق الرسمي باسم
الحلف جيمس أباتوراي، أن قوات
الحلف لا تنوي البقاء في
أفغانستان إلى الأبد، رغم أن
الحلف لا يناقش في الفترة
الحالية سحب قواته العسكرية قبل
العام 2015، وأشار في مؤتمر صحفي
عقده في بروكسيل (16/9) إلى عدم
وجود خطط أو جدول زمني لسحب
القوات. وفي ضوء مأزق
الحرب المتواصلة منذ الغزو
السوفييتي في أواخر سبعينات
القرن الماضي، تشكل المسألة
الأفغانية الآن، واحدة من مسائل
تفرض أولويات على أجندة بنود
التعاون بين روسيا والناتو، حيث
تنظر روسيا بجدية إلى احتمال
تحوّل الوضع الأفغاني باتجاهات
دراماتيكية، من قبيل أن يحزم
الناتو أمتعته وينسحب من
أفغانستان، تاركا وراءه حركة
تمرد قوية، نما عديدها وتطورت
قدراتها. ولهذا تخشى موسكو
تغلغل "التطرف الطالباني"
على يد "طالبان القاعدية"
ذاتها، أو على يد أطراف أخرى
مشابهة لها في الدول المجاورة،
والتي يوجد فيها مصالح هامة
لروسيا. وهذا ما يفسر جديتها في
الاهتمام بما يجري أو سيجري
مستقبلا في أفغانستان،
وبالتالي هذا ما دفع ديميتري
روغوزين المندوب الدائم لروسيا
لدى الحلف للإعراب عن اعتقاده
"أن الناتو لم يكرر أخطاء
الاتحاد السوفييتي وحسب، بل
أضاف إليها أخطاءه الخاصة". من هنا أهمية
دعوة الأميرال مايك مولن رئيس
هيئة الأركان المشتركة للجيوش
الأميركية، أن على منظمة حلف
شمال الأطلسي إقامة تعاون فعلي
مع روسيا، وذلك على خلفية إدراك
الإدارة الأميركية أن وضع
القوات الغربية عموما في
أفغانستان، ليس على ما يرام،
وإدراكا لمأزق إستراتيجية خروج
ما تني متعذرة حتى اللحظة، بل
ذهب مولن في جلسة استماع أمام
لجنة الدفاع في الكونغرس يوم 15/9
للمطالبة "بإرسال المزيد من
القوات إلى أفغانستان لتحقيق
النصر على طالبان هناك"!. في
الوقت الذي شدد وزير الدفاع
روبرت غيتس على عدم التسرع
بإرسال تعزيزات عسكرية جديدة،
وأكد أن الخلافات التي تحيط
نتائج الانتخابات الرئاسية،
عقّدت الأمور بالنسبة إلى إدارة
الرئيس أوباما، أثناء مراجعتها
لإستراتيجية الحرب الأميركية
في تلك البلاد. مثل هذه
التخوفات وغيرها, ليست استنتاج
طرف واحد، بل يبدو أن العديد من
الأطراف باتت تتفق على أن
التحالف الغربي قد يحذو حذو
الاتحاد السوفييتي، ما لم يتمكن
من وقف حركة التمرد، وتحسين
صورة التحالف في عيون الأفغان.
وعلى هذا تصبح المسألة
الأفغانية – أي الحرب هناك – هي
حرب الرئيس أوباما، كما كانت
حرب العراق هي حرب جورج بوش
الابن بامتياز. ولهذا قد يحتاج
الموقف من المسألة الأفغانية
إلى إعادة نظر جذرية وشاملة.
ووفق زبغنيو بريجنسكي المستشار
السابق للرئيس كارتر لشؤون
الأمن القومي، فإن الولايات
المتحدة قد تحذو حذو الاتحاد
السوفييتي، لأن وجود مائة ألف
جندي ضمن قوات الناتو يدفع
الأفغان إلى الشعور بأن
الأميركيين وحلفاءهم قوة
معادية لهم. ومصداقا لذلك فإن
التحالف العريض الذي يقود
التمرد المسلح، لم يعد مقتصرا
على حركة "طالبان القاعدية"،
وإن كان صوتها هو الأوضح، بين
صفوف القوى المعارضة المسلحة
التي تقود التمرد على النظام،
وعلى القوى الغربية المساندة له.
بل واتسعت جبهة القوى المعادية
للأميركيين والتحالف الأطلسي،
لتشمل تنظيمات وأحزاب وطنية من
خارج الأحزاب والتيارات
الدينية، المتصارعة فيما بينها
على السلطة ماضيا وفي الحاضر
وفي المستقبل، وحسب الغارديان
البريطانية هناك 14 مجموعة
مختلفة يطلق عليها اسم طالبان. على هذه الخلفية
تجئ دعوة الخارجية الألمانية
لتمهيد الظروف للانسحاب من
أفغانستان خلال السنوات الأربع
القادمة، على ألاّ تقتنع القمة
الدولية التي دعت إليها كل من
ألمانيا وبريطانيا وفرنسا
نهاية العام الجاري، بأهداف
غامضة، بل عليها أن تحدد جدولا
زمنيا، تتمكن فيه السلطات
الأفغانية من استعادة السيطرة
الكاملة على البلاد، التي
دمرتها الحرب والغزوات
الخارجية والصراعات الداخلية
العنيفة على السلطة. ويبدو أن
الأنظار باتت تشخص نحو قمة
كهذه، لبلورة إستراتيجية خروج
ناجعة، تتزاوج فيها الجهود
العسكرية مع الجهود السياسية
لدعم مجموعة من عمليات التنمية
وتطوير وضع البلاد، ومحاولة
إخراجه من ترديات التخلف
والبدائية والإرهاب وتجارة
الأفيون التي تتربع على قمة
اقتصاد هذه البلاد. ولا شك إن
لحلفاء أميركا الأوروبيين، كما
لروسيا وخبرتها في الشأن
الأفغاني، الدور الأكبر في
تحقيق هذا الأمر. وإذا لم تستطع
الجهود السياسية المقترنة
بجهود تنمية حقيقية وشاملة أن
تقارب حلول المسألة الأفغانية،
فإن الجهود العسكرية ستبقى تسلك
طرقا ليست كفيلة بتحقيق أي
إنجاز ممكن للتحالف الغربي، وهي
لن تشكل أي طوق نجاة للرئيس
الأميركي، بقدر ما ستعمق من
مأزق حربه هناك، وتحويلها إلى
ما يشبه مستنقع الحرب
الفيتنامية.
وفي محاولة لتفادي ذلك، كشف مسؤول أميركي
أن فريق الأمن القومي في
الإدارة، يعمل الآن على بلورة
إستراتيجيات بديلة لاستمرار
الحرب. حيث يأمل هذا الفريق
إرسال اقتراحاته إلى الرئيس
أوباما خلال شهر تشرين أول (أكتوبر)
الجاري، بينما لن تتضمن البدائل
إرسال قوات إضافية، في حين كان
التقويم الذي أرسله قائد القوات
في أفغانستان الجنرال ستانلي
ماكريستال إلى الإدارة قبل
أسابيع، والذي يقدم خطة واحدة
لمواجهة الحرب، لا تعطي الرئيس
إلاّ خيار قبولها أو رفضها
بالكامل. بعد أن كان ماكريستال
قد أفاد في تقييمه أن المهمة في
أفغانستان قد تفشل؛ ما لم يتم
إرسال المزيد من القوات، وتخصيص
موارد أكثر والتزاما أميركيا
أكبر، بعد 8 سنوات من الحرب.
وفيما لقي هذا التقييم تأييدا
من كبار قادة الجيش، فإن وزير
الدفاع روبرت غيتس لم يقرر
الخطوات المقبلة بعد. ولهذا أضحت سبل
التحرك للتقدم أو التراجع تثير
جدالات ساخنة، كما أنها تسلط
الضوء على الانقسام داخل
الكونغرس بين بعض كبار القادة
العسكريين والقادة المدنيين
للبلاد. وفي حال استجابة الرئيس
أوباما لنداء إرسال مزيد من
القوات الأميركية، فإن ذلك
سيدفع بالحلفاء الأوروبيين إلى
حسم مواقفهم المترددة من مسألة
إرسال المزيد من القوات، أو
الدفع نحو إيجاد إستراتيجية
خروج ناجحة، حيث تفيد استطلاعات
الرأي في دول أوروبية كثيرة من
بينها بريطانيا وفرنسا
وألمانيا، ميل أغلبيات واضحة
لتأييد سحب القوات، بينما حددت
كل من هولندا وكندا جدولا زمنيا
للانسحاب في عامي 2010 و 2011 على
التوالي. هذا فضلا عن بدائل أخرى
يمكن أن تبحث جديا، من قبيل
مواصلة العمليات العسكرية
بوتيرتها الحالية حتى العام
المقبل، مع العمل على التسريع
بعمليات المصالحة مع قادة
طالبان، أو بعضهم وبعض أمراء
الحرب هناك، بما في ذلك أيضا
التوصل إلى اتفاق بتركيز عمليات
جمع المعلومات الاستخباراتية
الكبيرة داخل أفغانستان،
لمواصلة مراقبة أي إعادة
لانطلاق عناصر القاعدة من
المناطق التي تسيطر عليها
طالبان داخل أفغانستان، وفي
منطقة القبائل بباكستان. علاوة على كل
ذلك، ولأول مرة ربما منذ انتهاء
الحرب الباردة، يبدأ القلق
الروسي – الصيني على مصالحهما
في الفضاء الآسيوي، ليس بفعل
القدرة أو القوة الأميركية
المتواجدة في المنطقة، بل جراء
ضعفها، وعدم قدرة الأميركيين
وحلفائهم من الأطلسيين حسم
الحرب المفتوحة، حيث بات يخشى
أن تكون الزيادة المقبلة لعدد
القوات الأميركية، هي آخر
المحاولات اليائسة لتغيير
الوضع باتجاه حسم الحرب، قبل
اتخاذ قرار الانسحاب، وترك
البلاد والمنطقة عموما تغرق في
مواجهة تنظيمات التطرف
والإرهاب، وانتشار تأثيراتها
في كامل بلدان آسيا الوسطى. لهذا
تراهن الولايات المتحدة ودول
الناتو المشاركة في الحرب، على
تعاون صيني – روسي لوقف انتشار
العدوى الأفغانية إلى المناطق
ذات الغالبية الإسلامية داخل كل
من الصين وروسيا. فهل يشكل كل
هذا طوق نجاة، أم قيدا لا يكسر
لاستمرار الحرب، ورؤية المزيد
من ضحاياها يغرقون الولايات
المتحدة وحلفائها الأطلسيين،
وشعبي أفغانستان وباكستان، وما
يجاورهما من شعوب، في مستنقع
آخر ذات مواصفات فيتنامية؟. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |