-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
القدس
أمس واليوم ، وإلى الأبد بقلم
الشيخ إبراهيم صرصور* مرة أخرى تأبى القدس إلا
أن تبقى في قلب الحدث، وترفض إلا
أن تكون النجم الساطع في سماء
الكون كما كانت دائما... منذ أن
أقامها اليبوسيون العرب قبل أن
تطأها أقدام اليهود من نسل بني
إسرائيل ، وهي تحافظ على نضرتها
التي لا تفارقها رغم عبوس
الأيام والسنين ، ورغم تطاول
الأقزام ، ووثوب حثالات
الأرض عليها في كل زمن ... مدينة السلام تحولت
بفعل من يدعون حبها كذبا وزورا
في حقب مختلفة من التاريخ ، إلى
أرض ارتوت بدماء الأبرياء ،
واكتوت بنار الظالمين ، حتى ذوى
عودها وذبل قوامها وشحب وجهها
وهزل بنيانها ، وذلك بعد قرون
طويلة عاشت فيها عروسا تهفو
إليها القلوب وتحن إليها
الأرواح ، وتأوي إليها النفوس
العطشى إلى ماء الحياة وإكسير
الخلاص ، منذ تسلم مفاتيحها
الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله
عنه من بطرياركها المسيحي
المشرقي صفرونيوس
، وذلك
في مشهد بهيج
حقق نبوءات جاءت صريحة
واضحة في كتابهم المقدس ،
وأغلقت دائرة ما كان ينبغي لها
أن تُغْلَقَ إلا بما يليق بها ،
جسدت التقاء أهل الديانات
الصادقين على التسليم للمسلمين
بالسيادة على القدس ، كما سلم
أنبياؤهم عليهم الصلاة والسلام
بها لرسول الله محمد صلى الله
عليه وسلم يوم التقوا صفا واحدا
من وراء الرسول الأعظم في رحاب
المسجد الأقصى ليلة الإسراء
والمعراج ، ليؤمهم في صلاة
خلدها التاريخ رسمت صورة
المستقبل إلى الأبد ، ووضعت
قواعد الحراك البشري حول القدس
إلى آخر الزمان
... قدر الله سبحانه أن تقع
القدس فريسة للمحتلين في أكثر
من مفصل تاريخي ، وحاول محتلوها
القادمون من بعيد عبثا في لحظة
سقوط عربي وإسلامي عارض ، أن
ينزعوا عنها هويتها التي امتزجت
بلحمها وعظمها وعصبها ، فطاشت
سهامهم وبطل كيدهم
، فعادوا إلى بلادهم خائبين
رغم ما أبقوه على وجهها من
نتوءات ستبقى شاهدة على وحشيتهم
وشراستهم أبد الدهر .. القانون هو القانون ،
والنواميس هي النواميس ، لا
تتغير ولا تتبدل ، ولا محاباة
فيها ... مرة أخرى يسقط العرب
والمسلون ، فتسقط القدس لأنها
دائما الامتحان الصعب ... لأنها
المقياس الذي قضى الله أن يظل
الْحَكَمَ على الأمة أو لها...
لكن السقوط هذه المرة ليس
كالمرات السابقة... لا الاحتلال
الصليبي في بداية القرن الحادي
عشر الميلادي، ولا الاحتلال
البريطاني في بداية القرن
العشرين، كالاحتلال الإسرائيلي
في العام 1967... أولئك لم يدعوا
لأنفسهم جذورا في الأرض أو حقا
موروثا يعضده
وعد رباني مزعوم ،رغم ما رفعوه
من رايات حملت رمز ديانتهم ،
ولبسوا من مسوح
كانت وعلى مدى الأيام شارة
رهبانهم ، حاولوا بها أن يخفوا
أغراضهم الدنيئة وجشعهم الذي لا
يشبع ، ودمويتهم التي لا تروى ...
أما هؤلاء، أعني الاحتلال
الإسرائيلي، فشيء آخر... لكني لا
أشك لحظة في أن مصير الاحتلال
الغاشم واحد مهما اختلفت ألوانه
وطبائعه ، ومآله في النهاية
حطب تُسْجَرُ به نار تلظى ،
تماما كما كان مصير أسلافهم ... كثر الجدل في ألأيام
الأخيرة وفي ظل موجة عاتية
جديدة من أمواج العدوان الذي
يشنه الاحتلال الإسرائيلي على
القدس والأقصى، حول الحاضر
والمستقبل، وما يجب أن يكون وما
لا يجب... الموقف العربي
والإسلامي حكاما وشعوبا...
الموقف العالمي حيال ما يجري من
انتهاكات إسرائيلية للشرعية
الدولية في كل ما تنفذه من تهويد
وطرد وتهجير ومصادرة واستيطان ،
وحرمان للمسلمين من تأدية
شعائرهم في الأقصى المبارك
، والذي
يعتبر مخالفا لأحكام اتفاقية
جنيف الرابعة للعام 1949 التي
تُحَرِّمُ وَتُجَرِّمُ هذه
الانتهاكات ... القرارات الدولية
بخصوص القدس
وممارسات الاحتلال فيها
تتوالد كالنمل ، وكلها تؤكد
على بطلان كل أعمال التهويد
التي تقوم بها إسرائيل ،
وتعتبرها جريمة جسيمة ضد
القانون الدولي ، فما أثرها على
ألأرض ؟؟!! الجواب: لا شيء... وهذه
حقيقة لا ينكرها إلا مكابر ... نحن كمسلمين ومعنا
الشرفاء من المسيحيين ،
والعقلاء من كل ملة أو نحلة
، لا نطالب من أجل أن تظل
القدس هادئة مستقرة ، وحتى يزول
عنها الاحتلال وتأخذ مكانها
عاصمة لدولة فلسطين القادمة ،
لا نطالب بأكثر من أن ترفع
إسرائيل يدها عن القدس والأقصى
، وتوقف انتهاكاتها الصارخة لحق
العرب والمسلمين في المدينة ،
وعدم عرقلة حق المسلمين الأساس
في تأدية عبادتهم دون عوائق ،
والعمل على إبعاد الجهات
اليهودية المتطرفة عن الأقصى ،
ونسيان أي احتمال مهما كان شكله
أو حجمه لصلاة يهودية في الحرم ،
ناهيك عن شراكة يهودية فيه ، لأن
هذا يعتبر وبكل المعايير خطا
احمرا سيكون
شكل المنطقة والعالم بعده
مختلفا تماما عما هو عليه قبله
.... ـــــــ *رئيس
الحركة الإسلامية ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |