-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 15/10/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أوهـــام

سعيد حارب

أستعير هذا العنوان من قول لوزير الخارجية الصهيوني أفيغدور ليبرمان في وصفه لفكرة السلام بين العرب و«إسرائيل» فخلال مقابلة له مع إذاعة الجيش «الإسرائيلي» قال: «إن كل من يقول إن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاقية سلام شاملة يتم في إطارها إنهاء الصراع لا يدرك الواقع وينشر الأوهام، وفي النهاية يجرنا إلى خيبة أمل والمواجهة الشاملة».

فقد جاء هذا التصريح معبرا عن الطرف الآخر لرؤيته في فكرة السلام التي ما زالت «تعشعش» في عقول بعض الساسة العرب والفلسطينيين الذين لا يدركون كيف يفكر الصهاينة، فإذا كان الفلسطينيون لم يستطيعوا أن يحققوا شيئا خلال الحكومات «الإسرائيلية» التي توصف بالاعتدال مثل حكومة حزب العمل، أو حزب «كاديما» فهل يتصورون أن يحققوا شيئا في حكومة جمعت كل أطراف اليمين الصهيوني المتطرف!، إن من يعتقد ذلك فإنه يعيش في «أوهام»!

بل إن الغريب أن هناك من الساسة العرب والفلسطينيين من يبني آماله وتطلعاته على «أوهام» السلام، ولا أدل على ذلك من أن الذين أمروا وصوتوا وقرروا سحب مناقشة تقرير «غولدستون» حول جرائم «إسرائيل» في عدوانها على غزة، فقد برروا ذلك بأن «السحب» جاء للمحافظة على وتيرة مسيرة السلام، وأن مناقشته ستعرض عملية السلام إلى هزة وتعطل المشروعات المتوقعة من حكومة الرئيس الأميركي باراك أوباما التي وعد بها، لكن وزير خارجية «إسرائيل» كان أكثر وضوحا وهو يستقبل المبعوث الأميركي جورج ميتشل بتصريحه حول «الأوهام» فقد صرح بأنه «سيبلغ المبعوث الأميركي بأن هناك صراعات لم تجد حلولا شاملة، لكن الناس تأقلمت وتعايشت معها وأن علينا أن نكون واقعيين، نحن لن نتمكن من التوصل إلى اتفاق حول القضايا الرئيسية مثل القدس وحق العودة، وما علينا أن نحققه هو الوصول إلى اتفاق بعيد الأمد، وتأجيل المسائل الشائكة إلى وقت لاحق».

فالمطلوب إذن أن يتخلى الفلسطينيون عن «أوهام» السلام ويكونوا واقعيين! ويتعايشوا مع أوضاعهم، فهل هذا هو الأمل الذي يرتجيه الفلسطينيون من «أوهام» السلام بعد عقد من المفاوضات التي لم تحقق لهم شيئا، ودفعوا مقابلها أثمانا باهظة من دمائهم وأرواحهم وأموالهم التي يبدو أنها لا تساوي عند بعض ساستهم أكثر من ترخيص شركة تمتلك «إسرائيل» أسباب نجاحها.

وهل هناك من ما زال معتقدا بـ«أوهام» السلام بعد؟، وهؤلاء قد وضعوا كامل «بيضهم في سلة واحدة»، ولم يتعظوا من التاريخ أو الأحداث، ولذا فهم يعيشون على «أوهام» أن تأتي الجولة الجديدة للمبعوث الأميركي، بشيء يحرك المياه الراكدة، رغم أن الجولات السابقة لم تحقق شيئا، لكن يبدو أن المنحدر الذي انزلق فيه الواهمون بالسلام لا نهاية له فرغم كل التنازلات التي قدموها لم يقبضوا سوى الـ«أوهام»، فبدل أن يفاوضوا الطرف الآخر جملة واحدة، ها هم يفاوضونه بـ«القطعة» فمقابل أن يبطئ من عملية التوسع في المستعمرات الصهيونية لا بد أن يقدموا «قطعة» من التنازلات!، فكان اللقاء الثلاثي الذي ضم الرئيس الأميركي، ورئيس السلطة الفلسطينية ورئيس الوزراء «الإسرائيلي»، رغم أن رئيس السلطة وعد بأنه لن يلتقي برئيس الوزراء «الإسرائيلي» ما لم يجمد الاستيطان، ومع ذلك اجتمع معه على أمل التجميد «المؤقت»، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، وها هي القطعة الثانية يقدمها الفلسطينيون بسحب تقرير «غولدستون» مقابل استئناف عملية السلام، ولم يجفّ حبر التقرير إلا وليبرمان يقدم الثمن مقابل هذه «القطعة» من التنازلات، وكان الثمن هو الـ«أوهام».

لقد جاء المبعوث الأميركي في هذه الفترة لصرف الأنظار عما حدث في قضية تقرير «غولدستون»، فبين مقابلات هنا ومقابلات هناك، وتصريحات وبيانات ووعود سينشغل العالم بـ«أوهام» السلام، وستغطي أخبار هذه الـ«أوهام» على قضية التقرير حتى تمر بضعة أيام وينسى الناس ذلك التقرير وينشغلوا بمن أتى ومن ذهب ومن قال ومن صرح، وتذهب دماء وأرواح 1300 فلسطيني طي النسيان لأن هناك من قدم الـ«أوهام» ثمناً لدمائهم، ولعل من الغريب أن تأتي هذه الأحداث والفلسطينيون مقبلون على عملية مصالحة وطنية تلم شعثهم وتجمع تفرقهم، ولكن كيف يمكن تصور مثل هذه المصالحة وهناك بون شاسع بين الأطراف التي يراد لها أن تتصالح، ففي طرف يقف المؤمنون بالـ«أوهام» التي يأملون أن تتحقق!، وعلى الطرف الآخر يقف معظم الفلسطينيين بمنظماتهم وشخصياتهم ضد فكرة السير في طريق الـ«أوهام»، وبين من ينسق مع «إسرائيل» على كافة الأصعدة الاقتصادية والأمنية والسياسية التي بدت واضحة في قضية «التقرير» الذي لم يُخفِ الساسةُ «الإسرائيليون» تنسيقهم فيه مع الطرف المقابل، إذ لولا هذا التنسيق لما كان للتقرير أن يتوقف، فكيف يتم التصالح بين هؤلاء وبين من يرفض حتى اللقاء مع «الإسرائيليين»، أو التفاوض معهم إلا من خلال وسطاء، كما حدث في شريط الأسير «شاليط» الذي أُطلق على إثره سراح 20 أسيرة فلسطينية؟ وكيف يمكن أن يلتقي من دافع وقاوم وقدم التضحيات في العدوان على غزة مع من كان يطلق البيانات كما لو أن ذلك العدوان يقع على «القطب الجنوبي المتجمد»؟!!

إن أحداً لا يريد للفلسطينيين أن يعيشوا متفرقين أو ممزقين، لكن مجريات الأحداث تشير إلى نهجين مختلفين في رؤيتهم للأحداث، وما قضية التقرير إلا نموذج على ذلك، إذ توحدت معظم القوى الفلسطينية بكافة اتجاهاتها ضد تصرف السلطة الفلسطينية بشأن التقرير، بل كانت هناك أصوات من حركة فتح -المهيمنة على السلطة- ترفض ما تم في ذلك، فكيف ستقبل هذه القوى أن تعود مرة أخرى تحت نفس النهج الذي أدى إلى الانقسام الذي لم تكن سيطرة حماس على غزة إلا وجها واحدا من وجوهه.

إن المصالحة ضرورة فلسطينية وعربية وإسلامية، لكن أول مقومات المصالحة أن يعيش الناس بواقعية ويتخلوا عن الـ«أوهام».

drhareb@gmail.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ