-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
طرق
عمان ودمشق، سالكة ونافذة عريب
الرنتاوي تمر العلاقات بين عمان
ودمشق بواحدة من أكثر لحظاتها
انفراجا منذ عدة سنوات، بعد أن
تجاوزت أزمة "المحاور التي
توزعت دول المنطقة" و"الملف
الأمني في بعده الثنائي" و"الضغوط
الإقليمية والدولية" التي
حالت دون اسعادة التقارب
وإدامته، والبناء على العلاقة
الشخصية التي نشأت بين الملك
عبد الله الثاني الدكتور بشار
الأسد (لم يكن رئيسا في حينها)
منذ الزيارة الملكية الأولى
لسوريا في العام 1999. في البعد الإقليمي لم
يعد ثمة من مبرر للاختلاف،
فالمحاور لم تعد محاورا بعد أن
شهدت عملية "فك وإعادة تركيب"،
ولم تعد سياسات واشنطن في
المنطقة تثير الكثير من
الرهانات والأوهام، لا حيال
السلام، عملية ومفاوضات، ولا
حيال إيران حسما عسكريا
وعقوبات، ولا حتى حيال حماس
وحزب الله، اللذان لم يختفيا عن
الساحة برغم حرب تموز 2006 ورصاص
2008 المصهور، فكان أن التقت
المصالح والمواقف عند نقطة وسط
بين المعسكرين، وأمكن للقاءات
بين عمان ودمشق، أو بين دمشق
والرياض ان تنتهي ببيان مشترك
يغطي مساحة واسعة من التوافقات
حيال ملفات الإقليم وأزماته،
وما بقي منها غير قابل للتجسير،
ليس من النوع الذي يعطل حوار أو
يبطل مصالحة أو يحول دون إحداث
تقارب. في البعد الثنائي، وبعد
إغلاق "الملف الأمني"
الأكثر حساسية، لم تعد ثمة نقاط
غير قابلة للتسوية والتطوير بين
الجانبين، بما فيها قضايا ترسيم
الحدود وتقاسم مياه حوض اليرموك
وغير ما هنالك، والقضايا
الثنائية في الأصل، لم تكن يوما
حجر عثرة على طريق تطوير
العلاقات الثنائية والارتقاء
بها، وغلبا ما كانت أسباب
التأزم في العلاقات بين عمان
ودمشق، تعود لقضايا وملفات
إقليمية بالأساس. قمة الملك – الرئيس
الدمشقية في رمضان أحدثت
اختراقا سياسيا في تذليل
الخلافات وتبديد بعض سحب سوء
الفهم بين البلدين، فيما
اجتماعات اللجنة العليا
الأردنية السورية التي انتهت
أمس الأول في دمشق، أحدثت تقدما
كبيرا في معالجة الكثير من
الملفات الثنائية، ومن بينها
مضاعفة التبادل التجاري وتسهيل
حركة الأفراد والبضائع وفتح
معبر حدودي جديد يخصص للشاحنات
ونقل البضائع، فضلا عن دراسة
إلغاء رسوم المغادرة لضمان
سهولة تنقل الإفراد بين
البلدين، إلى غير ما هنالك من
توافقات من شأنها توسيع أوجه
التعاون الثنائي في شتى
الميادين. لم تغلق بعد، كافة
الملفات العالقة بين الجانبين،
فعلى المستوى الثنائي بقي الملف
الحدودي (ترسيم الحدود) الذي
يجري العمل على إغلاقه في موعد
أقصاه نهاية العام الحالي أو
بداية العام المقبل، كما تم
التوافق على تشكيل لجان فنية
للإشراف على استخدامات مياه حوض
اليرموك لضمان ووقف الضخ الجائر
من مياه الحوض، ولا ندري ما
الحيز الذي تحتله قضية
المعتقلين الأردنيين في
المحادثات الثنائية الأردنية
السورية، وما إذا كانت تمتلك
تأثيرا على سير العلاقات
الثنائية. أما على المستوى
السياسي، فإن مساحة التوافق
أوسع بكثير من "جيوب الاختلاف"
المتبقية، والتي تتعلق أساسا
بتبابن الأولويات و"التفضيلات"،
فالأردن وسوريا يساورهما نفس
الإحساس بالخيبة حيال عملية
السلام والموقف الإسرائيلي
منها، وغن كان الأول أكثر حماسا
لها، وهما معنيان باستعادة
الوحدة الوطنية الفلسطينية،
وإن مال كل منهما لفريق فلسطيني
أكثر من الأخر، ويريدان
الاستقرار للبنان برغم اختلاف
الهوى والأفضليات بين 14 و 8
آذار، وهما حريصان على وحدة
اليمن وسيادته، وإن تفاوتت
قراءتهما لما يجري هناك وأدوار
اللاعبين المختلفين
ومسؤولياتهم حياله، وهكذا
الحال بالنسبة لبقية الملفات. واللافت في أمر
العلاقات الثنائية بين عمان
ودمشق، أنها وضعت للمرة الأولى
في سياق إقليمي أبعد وأشمل، حيث
تم الاتفاق في اجتماعات اللجنة
المشتركة العليا، على وضع
الاتفاقيات الثنائية في إطار
إقليمي يمتد من الخليج إلى
تركيا، وفي كافة المجالات
الاقتصادية والتجارية والمائية
والطاقة، على أن تكون معالجة
هذه المواضيع من منظور
استراتيجي بعيد المدى، وليس من
منظور تكتكي، مؤقت أو طارئ. ومن المتوقع أن تواصل
العلاقات الثنائية تحسنها
وتطورها، ما لم يطرأ ما ليس في
الحسبان، إقليميا بالأساس،
فتعود "ريما" إلى ممارسة
عاداتها القديمة، والمؤسف حقا،
أن ثمة أكثر من "ريما"
واحدة حين يتصل الأمر بالتقارب
الأردني - السوري. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |