-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الحرب
على أفغانستان : حرب
حضارية في شكل عسكري محمود
طرشوبي لم يشهد التاريخ حرباً
حضارية كتلك التي تدور رحاها في
أفغانستان , إن الحرب في
أفغانستان هي حربٌ علي الفكرة
الإسلامية المتمثلة في قيام
دولة للإسلام , أي كان شكل هذه
الدولة و ممارساتها السياسية و
العقائدية , فالحرب ليست علي
النقاب و عدم تعليم المرأة و
غيرها , فقد صرح وزير الخارجية
الإيطالي ,في لقائه علي شاشة
الجزيرة و
الذي قتلت طالبان 6 من جنود
دولته في الأيام الأخيرة ," إن
الحرب التي
نخوضها في أفغانستان هي حرباً
حضارية , فأفكار طالبان هي أفكار
من الماضي " هذا هو التبرير
الذي تقدمة أمريكا و معها حلف
الناتو في شن هذه الحرب الشرسة
علي أفغانستان . لقد كان التكتل الغربي
في هذه الحرب عجيباً و يكاد
حدوثه أمر نادر تاريخياً, أن
تجتمع كل هذه الدول علي حرباً
واحدة, إنها بحق حرب حضارية من
الدرجة الأولي, ها هي كل المؤشرات تدل
علي إن طالبان هي سيدة موقف و هي
شبه المنتصرة , و الأمريكان و
حلف الناتو مع صباح كل يوم
يدفنون قتلاهم و في كل مرة يختلف
العدد بين الزيادة و النقصان .و
رغم ذلك لم نسمع كلمة الانسحاب
مثلما سمعناه في العراق
والصومال من قبل. حتى إن لندن
بالأمس أعلنت أنها علي استعداد
لزيادة عدد جنودها لو طلب منها
ذلك , و مكريستال يعلن أن
الهزيمة قادمة لو طلبه رفض من
قبل الإدارة الأمريكية بزيادة
عدد القوات , من 10 ألاف إلي 40 ألف
جندي حسب اختلاف المصادر , حتى
إيطاليا الذي فقدت عدد من
جنودها و كندا و غيرها من بلاد
الغرب لا تفكر في الانسحاب . إن التفكير في مجرد
انتصار طالبان في هذه الحرب
مرفوض من قبل الساسة الغربيون ,
إنهم يعتبرون الهزيمة هي ليست
هزيمة عسكرية فقط
, بل هزيمة للرجل الغربي و
مشروعه الفكري المتمثل في تطبيق
و نشر المذهب الرأسمالي من حيث
الاقتصاد ( اقتصاد السوق ) و من
حيث نظام الحكم ( الديمقراطية ) ,
و بناء علي هزيمة قوات الناتو
سوف ينذر بسقوط الحلف أولاً و
بانتصار الإسلام السياسي
ثانياً . و سوف تصبح أفغانستان
بحق (مقبرة الإمبراطوريات) و كما
حدث من قبل مع الإتحاد السوفيتي
و من قبلها بريطانيا سوف
يحدث مع أمريكا و حلفاؤها . هذه بعض تداعيات
الهزيمة , و التي أصابت الغرب و
قادته بهزة عنيفة تجدها في
التصريحات الأخيرة لكل القادة
الغربيين و علي مستوي كل
العواصم من بون إلي لندن إلي
روما و واشنطن . هزيمة كل هذه
الجيوش الكبرى معناه انهيار
النظام الدولي برمته , و صعود
حركات أخري علي نهج طالبان في
عديد من دول العالم الإسلامي , و
قد تصل أو تقترب من الوصول إلي
الحكم , و إن لم تصل إلي الحكم
فقد تهمين بأفكارها علي الأنظمة
الحاكمة في العالم الإسلامي
مما يمهد لقيام حكومات
إسلامية في المستقبل , تستطيع
بعد ذلك من إيجاد نوع من التوحيد
بينهما يتمثل في دولة الخلافة
الإسلامية , و التي ينتظرها
العالم الإسلامي و يتخوف منها
الغرب , و هي الباعث الحقيقي
وراء الهجمة الاستعمارية علي
العالم الإسلامي في مطلع القرن
العشرين , و امتداد للسيطرة
الغربية في القرن الحادي و
العشرون علي حكومات العالم
الإسلامي خوفاً من عودة الخلافة
مرة أخري .هذه هي احتمالات نهاية
الحرب العسكرية الدائرة في
أفغانستان . و رغم ذلك فداخل
الولايات المتحدة تياران
رئيسان حول الإستراتيجية
المثلى لتعامل الإدارة
الأميركية مع الحرب الأميركية
في أفغانستان. يدعو التيار
الأول، والذي أضحى أكثر رواجًا
في واشنطن، لسحب القوات
الأميركية من هذا البلد وترك
إدارة شئونه لأهله مستندين إلى
الخبرة التاريخية في أنه عبر
التاريخ لم تتمكن قوة من
السيطرة على هذا البلد. ويرون
أنَّ على واشنطن المساعدة في
التوصل إلى تسوية سياسية تضم
المعتدلين من حركة طالبان تضمن
عدم استخدام الأراضي الأفغانية
لشن هجمات إرهابية ضد حلفاء
الولايات المتحدة. ولكن
الانسحاب الأميركي من
أفغانستان، حسب هذا التيار، لا
يعني عدم السعي الأميركي
لملاحقة تنظيم القاعدة. هذا، في حين يدعو التيار
الثاني لضرورة وجود القوات
الأميركية في أفغانستان؛
لترابط الحرب الأميركية في
أفغانستان وتشابكها بعديدٍ من
القضايا المحورية والمهمة
بالنسبة لواشنطن كالحرب على
الإرهاب والصراع على الطاقة في
آسيا الوسطى والملف النووي
الإيراني ومواجهة المحور
الصيني - الروسي، ولذا يدعون إلى
زيادة القوات الأميركية
والدولية في أفغانستان للسيطرة
عليها وتخليصها من تنظيم
القاعدة وحركة طالبان. إن احتلال أفغانستان
واستباحة أرضها واستعمار
موانيها ومطاراتها وتحويلها
لقواعد أطلسية ليس له أساس
شرعي أو قانوني، غير حق القوة
وشريعة القوي يستعبد الضعيف،
ومن الغريب أن الرئيس اوباما المسكون
بعقدة العرق والاستعباد لا
ينتبه إلى أن ما يجري في
أفغانستان طرف من أطراف هذه
القضية بل ربما أبشع لأن
الضحايا يموتون هنا تحت القصف
الجوي والأرضي . إذن لا يكاد
يوجد أساس قانوني أو حتى سياسي
لما يجري في أفغانستان . أما العالم الإسلامي،
فهو موجود ويراقب والشعوب سيكون
له حساب صعب مع المشروع
الاستعماري ، صحيح أن النظام
الرسمي الموجود متواطئ مع
المشروع الاستعماري ولكن كذلك
هناك صحوة ويقظة على امتداد
العالم الإسلامي تطلب الخلاص
والإنعتاق من السيطرة
الاستعمارية ، كما أن المشهد
الكائن يجعل الأعمى مبصراً ويستطيع
قراءة تداعيات الأحداث ومسلسل
العدوان وما فيه من استكبار
وطغيان، سيُهزم الجمع الأطلسي /
الأوروبي في أفغانستان كما
هزم في العراق حتى ولو كان الثمن
باهظاً وكبيراً وستؤدي هذه
الولادة الصعبة إلى حركة وعي
وصحوة سيكون لها
أثر فيما بعد .. والله أعلم. ـــــــــ *كاتب
مصري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |