-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 27/10/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


التعاطف الإسلامي ومحورية القضية الفلسطينية

د. بوفلجة غيات

أدى توسع الإعلام وانتشار مداه، إلى ارتفاع مستوى الثقافة والوعي في الدول العربية والإسلامية، وهو ما جعل مشاهدي القنوات الفضائية يشاهدون يوميا بالصورة والمشاهد الحيّة ما يعانيه المسلمون عبر أنحاء العالم. إذ لا تمرّ نشرة إخبارية في القنوات العالمية دون بث لصور الموت و الرعب والتدمير والخراب، سواء في فلسطين أو في العراق، أو في كشمير أو في الشيشان، و غيرها من بؤر التوتّر في العالم.

إن الملاحظ المتأمل للشعوب الإسلامية، في كلّ أنحاء العالم، يجدها مترابطة عاطفيا و فكريا. قال الرسول (ص) "من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم". وقال أيضا"مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"

 لهذا نجد أن المسلمين في كلّ أنحاء العالم يتابعون كلّ ما يجري في أنحاء العالم الإسلامي ويتألمون لآلام إخوتهم في الدين.

تعتبر القضية الفلسطينية قضية محورية بالنسبة لكلّ المسلمين. إذ أصبح المسلمون عبر العالم يشاهدون يوميا على شاشات التلفزيون ما يجري على أرض فلسطين، من عمليات القتل والتخريب والتنكيل والإهانة وهدم البيوت وبناء الجدار العنصري وقلع الأشجار المثمرة منع الفلسطينيين من جني ثمار الزيتون، وكلّ ذلك تحت مرأى ومسمع القوى المهيمنة في العالم وبمباركتها، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وصمت الدّول العربية والإسلامية.

هذه المشاهد تحدّد اتجاهات المسلمين وقيمهم، وتزيد من كرههم لإسرائيل ولكلّ من يقف خلفها، بل حتى من يتعاون معها من الفلسطينيين والعرب.

ذلك أن لفلسطين مكانة خاصة عند المسلمين كافة، فهي أرض الأنبياء والرسل. فالقدس هي أولى القبلتين، ومنها أسرى الرسول (ص) إلى سدرة المنتهى، مما منحها قدسيتها عند المسلمين. لهذا فهي في صلب اهتمامات كل مسلم، وليس لأحد الحقّ و لا القدرة على التخلّي عنها، بما في ذلك الفلسطينيون أنفسهم. فهي أرض مقدسة عند المسلمين جميعا، مروية بدماء الشهداء، ولن تستطيع أعتى قوّة الاستيلاء عليها و الاستقرار فيها. وهكذا فإن احتلال فلسطين من طرف إسرائيل ووقوف الغرب إلى جانبها ومدّها بأسباب القوّة، هي سبب جلّ  مشاكل الشرق الأوسط ككلّ.

فالأحداث التي تعيشها فلسطين هي بمثابة وخز للضمير ، يعاني منه كلّ مسلم ويتألم له وهو يتفرج على ما يفعله الإسرائيليون، من عقاب جماعي للأبرياء وخاصة في قطاع غزّة. وهم يرون ذلك على أنه استضعاف وإهانة لجميع الأمة الإسلامية، مما يزيد شعوبها إحباطا. وهكذا نجد كلّ أفراد الأمة الإسلامية عبر العالم، بما في ذلك المقيمون في أوروبا و أمريكا، يعيشون هذه الأحداث ويتفاعلون معها.

تتعامل أمريكا وحلفاؤها مع القضية الفلسطينية و القضايا الإسلامية ككل، بطريقة ازدواجية المعايير، مقارنة بمعاملاتهم لقضايا سياسية أخرى. ففي كلّ القضايا التي ترفعها الدول العربية و الإسلامية، أو دول عدم الانحياز إلى مجلس الأمن، فإن أمريكا ترفع ضدها حق النقض "الفيتو". وفي الحالات القليلة النادرة التي يتخذ فيها مجلس الأمن قرارات لصالح الفلسطينيين، فإن أمريكا لا تقبل بذلك إلا بشرط أن تكون مخففة بحيث تفرغ من محتواها، و أن تكون غير ملزمة. وحتى في الحالات النادرة التي يتم فيها اتخاذ بعض القرارات ضد إسرائيل فإنها تبقى حبرا على ورق دون تطبيق. في حين أن القرارات التي تتخذ ضد العرب والمسلمين، فإن أمريكا وحلفاءها يبدؤون في تطبيقها قبل أن يجف حبر توقيعها.  وهو ما يدركه كلّ ملاحظ، مما يجعل العرب والمسلمين يحملون حقدا وكرها لكلّ من يقف ضد قضاياهم العادلة.

إلى جانب القضية الفلسطينية، عاش العالم الإسلامي ولا زال يعيش مجموعة من الأحداث الأليمة.

وهكذا تتم ممارسات مجحفة في حق المسلمين، ضد تجمعاتهم في مختلف بقاع العالم. حيث يتم رفض منحهم حقوقهم، رغم ما قد تتخذه الأمم المتحدة من قرارات، وتصمّ آذان مجلس الأمن، فلا يتدخل لحل المشاكل، عندما يتعلق الأمر بمسلمين.

إن المحن التي تتعرض لها الأمّة الإسلامية في جميع أنحاء العالم، من اعتداءات عسكرية على الإسلام، وحروب سياسية من خلال المحافل الدولية، وحروب اقتصادية من خلال استغلال ثروات المسلمين وخيراتهم، وضغوط صندوق النقد الدولي والمنظمة الدولية للتجارة، والممارسات اليومية والتصريحات التي يصدرها كثير من الساسة والقادة الغربيون، والمضايقات ضد المسلمات المحجبات في مجتمعات تدعي الديمقراطية. وهي تصرفات يتابعها المسلمون باهتمام في مختلف أنحاء العالم، وتولد لديهم الشعور بالألم والحسرة و الإهانة والظلم والإحباط، ويشعرون أنهم مستهدفين، بسبب أو بدونه.

أما الحكام العرب والمسلمون، من ملوك وأمراء ورؤساء، فهم عادة ما يخشون التعبير عن مشاعرهم، وعند التصريح فعادة ما يقفون مواقف مخجلة لصالح قوى أجنبية، خوفا أو تملقا أو طمعا في دعم سياسي أو اقتصادي، مما يزيد في الهُوّة بين الحكام والمحكومين.

من هنا يكون سخط المواطن المسلم مزدوجا، على مقترفي الأحداث العدوانية من جهة، وعلى حكامهم الذين ليسوا في مستوى الأحداث، والذين يمتنعون عن الشجب العلني والصريح للأحداث. كما أنهم عادة ما يمنعون المواطنين من التعبير عن سخطهم وعدم رضاهم عن الأوضاع. إذ يتمّ منعهم من التضامن مع إخوانهم، من خلال تنظيم مسيرات سلمية ومظاهرات، بدعوى حالات الطوارئ، السائدة في غالبية الدول العربية والإسلامية.

وهكذا يتقاسم المسلمون نفس الشعور باليأس والإحباط، وأن الأفراد البعيدين عن الأحداث ليسوا أحسن حالا ممن هم في قلبها، ذلك أنهم يعيشون نفس القلق واللا استقرار.

إن الأحداث السياسية التي يعيشها المسلمون و فشلهم في جل المجالات السياسية والاقتصادية و الاجتماعية، وعدم قدرتهم على التدخل لحل مشاكلهم، وعدم رؤيتهم لأي ضوء من آخر النفق، وبالتالي يأسهم من تحسين أوضاعهم.

كلّ هذه الأحداث تزيد من معاناة الشعوب الإسلامية و إحباطاتهم و معاناتهم، وهو ما يؤدي إلى ظهور سلوكات غير صحّية، وتصرفات عنيفة. مما يدفع كثيرا من الأفراد إلى التطرف الديني و اعتماد العنف في كل أشكاله من أجل السعي إلى تعديل الواقع المرّ الذي يعيشونه. وهو ما يساعد الجمعيات المتطرفة على تسهيل إدماج عناصر جديدة، للقيام بمختلف الأعمال، بما في ذلك الانتحارية منها.

لقد تعاطف المسلمون بقلوبهم و أموالهم وعواطفهم مع الشعوب الإسلامية المستضعفة والمستهدفة، سواء في فلسطين أو في أفغانستان، أو العراق، أو الشيشان، حيث برز قادة عسكريون ميدانيون عرب.

وقد يصل الأمر نتيجة تراكم عدم الرضا، وعدم القدرة حتّى على التعبير عن السخط، إلى قيام بعض الجمعيات بأعمال عنف، لغرض إلحاق الأذى برموز الأعداء، عن طريق تنفيذ عمليات "استشهادية"، وهوّ ما نشاهده في فلسطين وأفغانستان و العراق، ضد المصالح الإسرائيلية والأمريكية خاصة، في مختلف أنحاء العالم.

لقد استغلت القاعدة وجود عدوّها اللدود – أمريكا – بالعراق، في بيئتها لمحاربته، و إنزال ضربات موجعة على قواته. وقد تعاطف كثير من المسلمين فرادى و جماعات من كامل أنحاء العالم الإسلامي، مع العراقيين في محنتهم و هبّوا لنصرتهم بطرقهم الخاصة.

إن التفحص المتعمق للأمور في الميدان، وأمام عدم إدراك الغرب لواقع الشعوب الإسلامية، و عدم احترام قيمهم ومشاعرهم، يؤدي إلى استمرار العنف واللا استقرار والاضطرابات السياسية و الأمنية، واستمرار القلق الذي سوف لن يستثني أي مجتمع و أي دولة.

كما ستزداد الكراهية لأمريكا وحلفائها ولكل ما هو غربي، وتزداد المقاومة الفكرية و العسكرية، وتتطور أساليب المواجهة و تتكيف مع الظروف والمستجدات، إلى درجة لا تنعم أي منطقة بالأمن والسلام.

أما الحلّ الوحيد فيكمن في حلّ القضية الفلسطينية، وفي عدالة المعاملات السياسية و الاقتصادية وإرجاع الحقوق إلى أهلها، واحترام كرامة الشعوب، وإعادة هيكلة هيئة الأمم المتحدة، ومنح تمثيل دائم للمسلمين في مجلس الأمن بشكل يناسب حجم وأهمية هذه الأمة. كما يجب إعادة النظر في طرق سير مختلف المنظمات التابعة للأمم المتحدة، لتصبح أكثر عدلا ومصداقية. وهو ما يؤدي دون شك إلى إعادة الأمن والاطمئنان والرخاء إلى كلّ أرجاء العالم.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ