-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
نظرة
على أسوار القدس وأبوابها د.
إبراهيم فؤاد عباس
لما كانت القدس
واحدة من تلك المدن العريقة،
ونظرًا لما كانت تتعرض له من
هجمات الأعداء بين الحين
والآخر، لذا فقد فكر أهلها في
تحصينها. ويعتبر
اليبوسيون أول من قام بتحصين
القدس عندما بنوا قلعة حصينة
على الرابية الجنوبية الشرقية
من يبوس سميت (حصن يبوس) الذي عرف
فيما بعد بحصن صهيون . ويعرف
الجبل الذي أقيم عليه الحصن
بالأكمة أو هضبة أوفل ،
وأحيانًا جبل صهيون (سبق وأن
أوضحنا الأصل العربي الكنعاني
لهذه الكلمة) . وقد أنشأ
السلوقيون في موضع حصن يبوس
قلعة منيعة عرفت باسم "قلعة
عكرا" أو "أكرا". 1-أسوار القدس
عبر التاريخ بعد أن أتم
اليبوسيين بناء القلعة بنوا
سورًا حول الجبل .ويذكر الباحث
الفلسطيني الأستاذ فؤاد
إبراهيم عباس أن اليبوسيين هم
أول من بنوا أسوار مدينتهم مما
عرف بالسور الأول في القرن
الثامن عشر قبل الميلاد، وكان
مزودا بستين برجا يشرف منها
الجند على حماية المدينة، وموقع
السور كان قريبا مما يعرف اليوم
بباب الخليل وحى الأرمن وحى
النبي داود حتى التلال الواقعة
شرقي الحرم. وقد
ظل هذا السور يتهدم ويعاد
ترميمه على مر العصور، وبلغ ما
أحصاه المؤرخون من عدد المرات
التي تهدم فيها السور وأعيد
بناؤه ست مرات. وليس صحيحًا أن
السور الأول من عمل الملك داود ،
والغالب أنه قام بترميمه فقط.
وكان مزودًا بستين برجًا يشرف
منها الجند على حماية المدينة. والراجح أن هذا
السور كان ممتدًا من الأحياء
الغربية في البلدة القديمة. وقد
كشفت عالمة الآثار البريطانية
د. كاثلين كينيون سنة 1961 في أكمة
أوفل بالقدس عن بقايا هذا السور
(الأول) الذي بناه اليبوسيين. وحينما هاجمت
مملكة إسرائيل ، أيام ملكها
(بوعاز) مملكة يهودا التي كان
يحكمها في ذلك الوقت (797-779 ق م)
تهدم جانب من السور. وفي فترة
الاحتلال الأشوري قام الملك
منسي (691-639 ق م) ببناء السور
الثاني . وكان عليه 14 برجًا .
وعندما هاجم نبوخذنصر المدينة
هدمه. ثم بنى نحميا في عهد الحكم
الفارسي (حوالي سنة 440 ق م) ما
تهدم من السور الذي هدم جزءًا
منه بطليموس (عام 320 ق م) . وتعرض
السور بعد ذلك للهدم مرتين ، مرة
عند هجوم أنطونيوس أبيقانوس على
القدس عام 168 ق م ، ومرة أخرى عند
هجوم بومبي (عام 63ق م) . ويحتمل –
وفق ما يذكر د. عبد الحميد زايد
– أن جانبًا من سور نحميا ظل
قائمًا حتى أيام الملك هيرود
(زمن السيد المسيح عليه السلام)
فأضاف إليه بعض الأبراج. وقام هيرود
أجريبا (37- 44 م) ببناء السور
الثالث - وكان به 90 برجًا-
ولما دمرت المدينة زمن
طيطوس (عام 135 م) تعرض جزء كبير من
السور للهدم. وأقامت الملكة
إيدوكسيا زوجة الملك تيؤدوسيوس
(438 – 443 م) سورًا جديدًا حول
المدينة لكنه هدم أيام الفرس (614
م) ، وأعيد بناؤه قبل غزو
الصليبيين. وبعد معركة
حطين وفتح القدس ، أعاد الناصر
صلاح الدين الأيوبي بناء ما
تهدم من الأسوار وجدد بعض
الأبراج من باب العمود إلى باب
الخليل وحفر حولها خندقًا. والسور الحالي
أقامه السلطان سليمان القانوني
(1536-1540 م) في خمس سنوات. وقد هدمت
إسرائيل جزءًا كبيرًا منه بعد
حرب 1967. ويوجد بهذا السور 34
برجًا، وله عدة أبواب بنيا في
أوقات متقاربة، وهي سبعة مفتوحة
وأربعة مغلقة. ويبلغ طول سور
القدس حوالي 4200 مترًا تقريبًا،
يشكل 600 متر منها الجدار الشرقي
والجنوبي للحرم القدسي. وتختلف
سماكة السور وارتفاعه من مكان
لآخر حسب التضاريس الطبيعية
للأرض . ويبلغ ارتفاعه في بعض
الأماكن 30 مترًا ، وتزيد سماكته
في معظم الحالات على مترين حتى
يتمكن الحراس من السير والتنقل
في أعلاه بسهولة ويسر. وقد
استخدمت في بنائه الأحجار
الكلسية بأحجام مختلفة ، وفي
مداميك منظمة استعملت المونة
الجيرية في لحامها " مما أضفى
على البناء قوة ومتانة" . ورغم
أن المدة التي انقضت ، منذ
الترميم العثماني الأخير للسور
تزيد على 450 سنة إلا أن السور –
كما يقول مؤلفو كتاب كنوز القدس
– "ما زال شامخًا يتحدى عوامل
التلف والانهيار ، اللهم إلا في
مناطق محددة تحتاج إلى الترميم
والإصلاح للمحافظة على هذا
الأثر التاريخي العظيم". 2- أبواب القدس أبواب السور
المفتوحة هي: باب العمود – باب
الساهرة – باب الجديد (من
الناحية الشمالية) - باب النبي
داود وباب المغاربة (من الناحية
الجنوبية) ، وباب الأسباط (من
الناحية الشرقية).وفيما يلي
نبذة مختصرة عن كل باب:
باب
العمود - باب العمود :
ويسمى أيضًا باب النصر، وباب
دمشق ، وباب شكيم. ويسميه
الإفرنج باب إستيفان . وهو من
أشهر أبواب القدس والمنفذ
الرئيس لها. وحول تسميته بباب
العمود يذكر د. عبد الحميد زايد
(كتابه : القدس الخالدة) إن القدس
كانت في العهد المسيحي تصل حتى
دمشق ، على حين كان (المعبد)
ممتدًا حتى بوابة دمشق (أي حوالي
ميلان إلى الشمال الغربي من
المكان الذي أقيمت فيه معابد
سليمان وزروبابل وهيرود). وأقيم في العهد
الروماني عمود في الميدان خلف
بوابة دمشق . وكان الرومان
يستخدمونه كنقطة يقومون منها
بقياس المسافات من القدس إلى
المدن الأخرى في المنطقة (على
اعتبار أن القدس مركز العالم).
وقد أقيم هذا العمود في القرن
السادس الميلادي . وهذا الباب
بصورته الحالية نموذج كلاسيكي
للعمارة إسلامية. وقد تم بناءه
أيام السلطان سليمان القانوني
(1537م). وقد نقش عليه بالخط الكوفي
"لا إله إلا الله محمد رسول
الله"، وله مدخلان ويحيط به
برجان. - باب الساهرة:
ويسمى أيضًا باب الزاهرة. وقد
ذكره المقدسي باسم باب (جب
أرميا) ، ويسميه الإفرنج باب
هيرودس ، وأيضًا باب مادلين.
ويسمى أيضًا باب الغنم حيث كانت
تقام بالقرب منه منذ القدم
سوقًا أسبوعية للغنم . كذلك يسمى
باسم باب الأسود لوجود نقش في
الجزء العلوي يمثل أربعة أسود.
ويعتقد البعض أن البعث سيكون
إلى الشرق من القدس على جبل
الساهرة، وسمي الباب باسم (باب
الساهرة) لقربه من هذا الجبل. - باب الجديد:
ويسمى أيضًا باب السلطان عبد
الحميد وباب القديس عازار . وقد
فتح في عهد السلطان عبد الحميد
في الجانب الشمالي للسور على
بعد كيلومتر تقريبًا غربي باب
العمود . ويعود تاريخ افتتاح هذا
الباب إلى سنة 1898م عندما زار
الإمبراطور الألماني غليوم
الثاني المدينة. وقد أغلق هذا
الباب عام 1948 بيبب تقسيم القدس
بين العرب واليهود ، ثم أعيد
فتحه عام 1967 بعد احتلال إسرائيل
للقدس الشرقية. - باب النبي
داود: ويسمى أيضًا باب صهيون ،
وتظهر فيه العمارة العسكرية من
حيث الفخامة والارتفاع ، والبرج
الحجري الذي كان يستعمل
للمراقبة ورمي السهام وصب الزيت
المغلي على الأعداء المهاجمين.
وسمي كذلك لاعتقاد المسلمين أن
سيدنا داود عليه السلام مدفون
في مكان قريب منه. وهو باب كبير
بالنسبة للباب الجديد وباب
الساهرة. - باب المغاربة:
يسمى أيضًا باب سلوان وباب
الدباغة ، ويسميه الإفرنج باب
المغارة أو باب القمامة. وهو
أصغر أبواب القدس وموجود منذ
العصور الوسطى. ويرجح البعض أن
اسمه يرجع إلى العهد الفاطمي
عندما حدثت خلاله هجرة إفريقية
من بلاد المغرب إلى القدس.وكان
هذا الباب مغلقًا بصفة دائمة
خلال العصر العثماني.ويذكر أن
اليهود استولوا في 31 أغسطس 1967
على مفتاح هذا الباب لتيسير
الدخول إلى حائط(المبكى) ، كلما
أرادوا ، وتم ذلك بإيعاز من
شلومو غورين الحاخام الأكبر
لجيش الدفاع الإسرائيلي. - باب الأسباط :
ويعرف أيضًا باسم باب ستي مريم
وباب القديس إستافينوس . وهذا
الباب هو المدخل الشرقي الرئيس
للمدينة. ويستطيع الناس أن
يدخلوه بسياراتهم حتى نهاية
طريق المجاهدين. ويعتبر هذا
الباب من أقرب الأبواب إلى
الحرم القدسي، وسمي باسمه هذا
نسبة إلى أسباط بني إسرائيل. وقد
قصفت إسرائيل هذا الباب في حرب
1967 بالمدفعية الثقيلة وحطمت
قسمًا كبيرًا منه. - باب الخليل:
ذكره المقدسي باسم "باب محراب
داود" ، ويسمى أيضًا باب يافا
. وهو من المداخل الرئيسة
للمدينة ، ويعتبر من أكبر
الأبواب مع باب العمود . وتقع
بجانبه قلعة داود والبرج . وهو
مبني من الحجر الوردي ، وقد فتح
به ثقب في الجزء المتصل بالقلعة
حتى يدخل منه إمبراطور ألمانيا
(غليوم الثاني) بجواده!. وفي
منتصف القرن التاسع عشر ، وبعد
أن أقيمت ضواحي غرب السور
الغربي للمدينة القديمة ، كان
باب يافا هو الوحيد الذي لا يغلق
من الصباح إلى غروب الشمس ، وكان
يسمح لسكان الضواحي بالدخول
منه. وكانت هذه الأبواب
باب
الخليل (السبع) تغلق
عند الغروب حتى أواسط القرن
التاسع عشر الميلادي، وتفتح عند
الفجر (ما عدا باب الخليل). ولما
اتسعت مدينة القدس وامتد البناء
خارج الأسوار – حوالي عام 1858م-
فتحت الأبواب كلها. أما أبواب
السور المغلقة فهي أربعة: الباب
المفرد Single Gate - الباب
المزدوج Double Gate - الباب
الثلاثي Triple Gate - والباب
الذهبي Golden Gate. والباب الأخير
يقع على بعد 200 متر جنوبي باب
الأسباط في الحائط الشرقي
للسور، ويعود إلى العصر الأموي،
وله طريق مزدوج. وقد وزد بمبان
فاخرة تعد من أفخم ما أخرجته
العمارة في القدس. وكان في نستوى
ينخفض عن المباني التي تجاوره
ومعبد جبل موريا الذي يمتد إلى
الخارج داخل السور. والطريق
الجنوبي للباب الذهبي يسمى باب
الرحمة ، والشمالي يسمى باب
التوبة. ويقال إن الإمبراطور
هرقل عندما دخل القدس عام 629 م
جاء عند الباب الذهبي ومعه
الصليب الأصلي الذي أخذه
الإمبراطور البيزمطي من الفرس
كغنيمة حرب حينما غزا
البيزنطيون القدس عام 624 م.وثمة
اعتقاد عند بعض المسيحيين أن
المسيح عليه السلام سوف يدخل
(المعبد) في يوم جمعة من الباب
الذهبي ، وهو ما دفع بعض الولاة
العثمانيون إلى إغلاقه. ويسمى
الباب الذهبي عند المسلمين (باب
الأبدية) Eternal
Gate
. ويوجد عمودان
كبيران داخل عمارة الباب يعتقد
البعض أن ملكة سبأ أحضرتهما
للملك سليمان. والأبواب الثلاثة
المغلقة الأخرى تقع في الحائط
الجنوبي من السور قرب الزاوية
الجنوبية الشرقية وتؤدي جميعها
إلى داخل الحرم مباشرة . وتشير
الأدلة إلى أنها أنشئت في العهد
الأموي في عهد عبد الملك بن
مروان. وسميت البوابة
الثلاثية كذلك لأنها لها ثلاثة
أقواس ، والثنائية تسمى أيضًا
(خلدة) ، ويعتقد اليهود أنها
كانت تؤدي إلى مدخل تحت الأرض
متجهة إلى جبل موريا. أما
البوابة الوحيدة فتقع خارج
الحائط الجنوبي للحرم الشريف ،
ويقال إنها كانت تؤدي إلى ممرات
وسراديب تحت الأرض تصل إلى أسفل
المسجد الأقصى. ويقول الأستاذ
يحي فرحان إن ما عثر عليه من
آثار أبواب قديمة تحت باب
العمود يدل على أن تحت الأبواب
الحالية أبوابًا أخرى قديمة
ترقى إلى عهود سابقة. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |