-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 31/10/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


نحو خطة إستراتيجية لإنقاذ القدس والمسجد الأقصى

أ.د. محمد اسحق الريفي

قد يهدم اليهود والصهاينة المسجد الأقصى، ولن يعدموا وسيلة لذلك، فقد حفروا الأنفاق تحت أساساته، ويمكنهم مثلاً وضع قنبلة في أحد الأنفاق وتفجيرها عن بعد، والادعاء بأن زلزالاً ضرب منقطة القدس.  ورغم ذلك، لن يقدم هؤلاء اليهود والصهاينة على هذه الجريمة الآن، خشية مما قد تؤدي إليه من ردود فعل خطيرة في منطقتنا، فهؤلاء اليهود والصهاينة يتعاملون مع قضية المسجد الأقصى بخبث ودهاء، فلا مشكلة لديهم في عدم هدم المسجد الأقصى الآن، لأنهم يعملون ليل نهار على إنهاء الوجود العربي والإسلامي في مدينة القدس المحتلة، ومحاصرتها لمنع وصول المسلمين إليها من الداخل الفلسطيني المحتل منذ 1948 ومن الضفة المحتلة وغزة، ولأنهم يطمعون في تقاسم المسجد الأقصى مع المسلمين، تمهيداً للسيطرة التامة عليه، ثم هدمه عندما تسنح لليهود الفرصة.

 

ولدى اليهود والصهاينة مخططات جاهزة لتحقيق هذه الغاية الشريرة، وقد قطعوا شوطاً كبيراً في تنفيذها، ونحتاج للحديث عن تفاصيل هذه المخططات مقالات عديدة.  وما يهمنا في هذا المقال، الإشارة بسرعة إلى أن عمليات التهويد وطمس الهوية العربية والإسلامية لمدينة القدس وطرد أهلها العرب والمسلمين منها تسير على قدم وساق.  فالعدو الصهيوني في سباق محموم مع الزمن، مستغلاً الأوضاع الفلسطينية والعربية البائسة، لخلق واقع ديموغرافي وجغرافي وسياسي جديد على الأرض في القدس، ليدعم هذا الواقع الجديد المزاعم اليهودية والصهيونية المنبثقة عن الأيديولوجية الصهيونية.

 

ولذلك، فإن الاهتمام الأكبر بالنسبة للعرب والمسلمين يجب أن يكون موجهاً نحو حماية الوجود العربي والإسلامي في القدس المحتلة، لأن تفريغ القدس من المسلمين يحقق لليهود والصهاينة ما يطمعون فيه، إذ سيتحول المسجد الأقصى إلى مكان مهجور غير عامر بالمصلين المسلمين، وسيتحول إلى أثر تاريخي يشهد على ضعف العرب والمسلمين وقعودهم، وبعدها سيسهل على اليهود والصهاينة السيطرة عليه، حيث لن يجد اليهود والصهاينة –لا سمح الله– من يدافع عن المسجد الأقصى ويمنعهم من اقتحامه وتدنيسه، أو حتى هدمه.  ولذلك فإن قضية القدس لا تنحصر فقط في الأخطار اليهودية والصهيونية التي تهدد المسجد الأقصى، بل هي أساساً قضية الوجود العربي والإسلامي في القدس المحتلة.

 

ومما لا شك فيه أننا لا يمكن مواجهة المخططات اليهودية والصهيونية الخاصة بالقدس عبر الهبات الشعبية، والمهرجانات، والمسيرات العفوية، دون أن تكون جزءاً من فعاليات شعبية ضمن خطة إستراتيجية لإنقاذ المسجد الأقصى، تشارك فيها جميع القوى والأحزاب السياسية العربية والإسلامية، وتشمل برامج وأنشطة وفعاليات قانونية وسياسية وإعلامية وجهادية ودبلوماسية، لإنقاذ المسجد الأقصى وحماية الوجود العربي والإسلامي في القدس، ولمواجهة عمليات التهويد والاستيطان فيها، ولوقف المخطط الصهيوني لإقامة "القدس الكبرى"، التي يريدها العدو الصهيوني أن تمتد إلى الحدود الفلسطينية–الأردنية شرقاً، ورام الله شمالاً، وبيت لحم جنوباً، والداخل الفلسطيني غرباً، لتبتلع القدس التاريخية وسكانها ومعالمها الإسلامية، ولتصبح "القدس الكبرى" مدينة يهودية الهوية والسكان والطابع المعماري، وعاصمة للكيان الصهيوني.

 

إن الحديث عن غرس ثقافة حب القدس والمسجد الأقصى في أذهان أطفالنا، والتبرع بالمال، والهبات الشعبية العفوية، والدعاء على اليهود، وتحميل الحكومات العربية المسؤولية ومطالبتها بفتح أبواب الجهاد، والاستغاثة بالجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي،... كلها أمور لا تواكب الحدث ولا تتناسب مع خطورته، ولن تنقذ المسجد الأقصى ومدينة القدس، ولن تردع العدو الصهيوني، وإنما يردعه مواجهته مواجهة شاملة في ميادين الجهاد والإعلام والسياسة والقانون، وشن حرب نفسية عليه.  فقضية فلسطين ليست وليدة الساعة حتى نتعامل معها بهذه السطحية، وعامل الزمن ليس في صالح القدس وأهلها حتى ننتظر إلى ما لا نهاية.

 

لا يمكن لأمتنا توظيف إمكاناتها العظيمة وطاقاتها الهائلة لإنقاذ القدس المحتلة والمسجد الأقصى دون وضع خطة إستراتيجية، تكون بمثابة العهد الذي يفي به الجميع، والبيعة التي تلتزم بها القوى السياسية العربية والإسلامية، والخطة الهادفة إلى ملء الفراغ القيادي الذي تعاني منه أمتنا، والوسيلة الناجعة لإحياء إرادات الشعوب العربية والإسلامية. 

 

دأب اليهود والصهاينة على تدنيس المسجد الأقصى المبارك، بهدف استفزاز المسلمين، وتهيئتهم نفسياً لتقبل تقسم المسجد الأقصى بينهم وبين اليهود.  ودأب المسلمون على التصدي لليهود والصهاينة بشجاعة عند كل محاولة يقومون بها لاقتحام المسجد الأقصى، بالحجارة والأحذية وما يتيسر بين أياديهم من أشياء، لصد المعتدين ومنعهم من تدنيس المسجد الأقصى.  أصبحت هذه العملية تتكرر أسبوعياً، وهي مرشحة للتكرار يومياً، وهي عملية مرهقة للمرابطين في المسجد الأقصى، الذين يأتي الكثيرون منهم من الداخل الفلسطيني لنصرة إخوانهم المقدسيين. يوفر جيش الاحتلال الصهيوني الحماية للمقتحمين المجرمين، ويعتدي على المرابطين، ويطلق الرصاص عليهم، ويخطف الكثيرين منهم ويشوه أجسادهم.

 

يقف أشقاؤنا العرب والمسلمون مع الشعب الفلسطيني في محنته، ويعربون عن تضامنهم معه، ويستجيبون أحياناً لصرخات الفلسطينيين، فيقومون بهبات شعبية وتجمعات محدودة في أماكن مغلقة.  وهذه الاستجابة جيدة رغم أنها محدودة ولا تتناسب مع جسامة العدوان.  ولكن الهبات الشعبية سرعان ما تنتهي دون نتيجة، ويواصل الصهاينة محاولات اقتحام المسجد الأقصى، ويسقط المصابون والجرحى والشهداء الفلسطينيون.  يعبر العرب والمسلمون بهباتهم عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، ولكننا لا نريد فقط التعبير عن التضامن، بل نريد التضامن الفعلي وفق خطة واضحة.  وربما يهب العرب والمسلمون لتحذير العدو الصهيوني وتهديده، ولكن هذا العدو لا يأبه كثيراً بالتحذير والتهديد العربي، لأنه يدرك تماماً أن الهبات الشعبية لا أهداف لها سوى التنفيس عن العواطف والانفعالات، وأنها تنتهي في كل مرة بسرعة، ولأنه يثق في قدرة الحكومات على قمعها.

 

ومهما تكن أهداف الهبات الشعبية، فإنه العقل والمنطق والدين يفرض على العرب والمسلمين وضع خطة إستراتيجية لمواجهة العدوان الصهيوني، بحيث تتضمن فعاليات شعبية تهدف إلى الضغط على الأنظمة العربية التي تلتزم الصمت والقعود إزاء ما يجري في القدس المحتلة، وتحمي الكيان الصهيوني.  ويجب أن تهدف الفعاليات إلى إلحاق أشد الأضرار بالمصالح الأمريكية والغربية وإلى ضعضعة النفوذ الأمريكي في منطقتنا، وإرسال مجموعات فدائية لشن عمليات جهادية مسلحة ضد العدو الصهيوني على طول الحدود العربية–الفلسطينية.  وهذا هو الحد الأدنى للمطلوب من العرب والمسلمين، ويتحمل قادة الحركات العربية والإسلامية والعلماء المسلمون وكافة القوى السياسية المسؤولية.  فهل يستطيع العرب والمسلمون وضع خطة إستراتيجية أم أنهم لا يملكون الإرادة والشجاعة والعقول والإمكانات لمواجهة المشروع الصهيوني في أخطر مرحلة تمر بها قضية فلسطين؟

 

ولتحقيق ذلك، لا بد من عقد مؤتمر شعبي خاص بهذا الموضوع، بحيث يخرج المؤتمر بجملة من التوصيات التي يجب على جميع القوى السياسية والحركات العربية والإسلامية الالتزام بها، كون هذه القوى والحركات تتحمل مسؤولية ما تتعرض له القدس والمسجد الأقصى من أخطار، وهي مسؤولية قومية ودينية وإنسانية.  ويمكن عقد المؤتمر في تركيا مثلاً والاستعانة بتكنولوجيا الاتصالات لإتاحة المشاركة لجميع العلماء المسلمين وقادة القوى السياسية والمفكرين...

 

هذا المؤتمر مهم لأنه من المتوقع أن يمكن المسلمين من تحديد حجم الأخطار التي تهدد الوجود العربي والإسلامي في القدس، ويوفر فرصة لالتقاء العلماء والمفكرين وقادة القوى السياسية الحية في بلادنا، بهدف وضع خطة إستراتيجية لمواجهة الأخطار الصهيونية، ويمكن أن تنبثق عن هذا المؤتمر هيئة شعبية خاصة بالقدس والمسجد الأقصى، تتحمل مسؤولية توجيه برامج الأنشطة والفعاليات الشعبية، وتطوير الهبات الشعبية وتصعيدها، وتقييمها ومتابعة تطوراتها وتداعياتها، حتى تتصاعد وتحقق الأهداف المنشود منها، وتشكل تهديداً حقيقياً للنفوذ الأمريكي في منطقتنا العربية والإسلامية.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ