-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
هل
تفعلها المؤسسات الأهلية
الإسلامية؟ بلال
حسن التل - العدو الغربي نجح
في تمزيق الجغرافيا السياسية
للمسلمين لكنه لم ينجح في تمزيق
روح الوحدة عندهم - المطلوب
أن يظل المسلمون أسرى التخلف
والعوز حتى لا يسترد المارد
عافيته - المسلمون
يعانون من التخلف الاجتماعي
الذي يتناقض مع تعاليم الإسلام
- في بلاد المسلمين
حكومات استقالت من كل مهامها
إلا مهمة الجباية والحبس -
المسلمون يمارسون الثرثرة
والكسل وأعداؤهم يمارسون الفعل
والتأثير بلال حسن التل أحب أن أنظر إلى التقارب
والتعاون التركي - الإيراني
من جهة ، والتقارب والتعاون
التركي - السوري من جهة
أخرى ، من زاوية مختلفة عن
الزاوية التي تناولهما منها
جلُّ إن لم يكن كل الذين عالجوا
هذا الموضوع. وهي الزاوية
السياسية ، ودلالات هذا
التقارب ومغازيه وأثاره
السياسية. فهذه الزاوية على
أهميتها فإنها ليست الأهم من
وجهة نظري. فما هو أهم من البعد
السياسي المباشر لهذا التقارب
والتعاون ، هو دلالاته
الحضارية والتاريخية. وخلاصتها
ان المسلمين قادرون على تجاوز
خلافاتهم واختلافاتهم. بل
وحروبهم الداخلية. ومن ثم السعي
لاستعادة وحدتهم ودورهم
الحضاري والسياسي والاقتصادي
في هذا العالم. فهاهم الاتراك
والايرانيون ينسون حروب
الصفويين والعثمانيين التي
يحاول البعض إسترجاعها
وإستحضارها بصورة دائمة لترسيخ
خلافات الأمة وصراعاتها ، خاصة
على الصعيد المذهبي. الذي صارت
فتنته من أهم ما يسعى أعداء
الأمة لإثارتها ، لتمزيق
المسلمين فوق تمزقهم. وهاهم
السوريون يتجاوزون حاجز
الاسكندرون ، ويمدون أيديهم
لملاقاة اليد التركية الممدودة
للتعاون والتقارب ، ليؤسس
الجميع لإطار وشكل ومضمون جديد
للمنطقة وللمسلمين كافة من
خلفهم. خاصة وان الدول الثلاث
تركيا وايران وسورية ، كلها
دول محورية ومؤثرة في المنطقة.
كذلك فإن العرب والاتراك
والايرانيين هم الشركاء
الأساسيون في بناء الحضارة
الاسلامية التي سادت العالم
لقرون طويلة. لقد آن الأوان
للحضارة الاسلامية لأن تعود
للقيام بدورها في حياة البشر.
وهو ما سعى وما يزال أعداء
المسلمين يسعون الى منعه ، من
خلال إبقاء المسلمين تحت ضغط
سلسلة من المشكلات المفتعلة
والمصطنعة ، وأولها ان العدو
المستعمر نجح في تقسيم
الجغرافيا السياسية للمسلمين.
وهو التمزيق الذي نجمت عنه
سلسلة طويلة من أمراض الضعف
والوهن والخور التي أصيب بها
الجسم الاسلامي. فجراء هذا
التمزيق للجغرافيا السياسية
الاسلامية تمزقت الموارد
البشرية والطبيعية للمسلمين ،
وعجزت دولهم عن تنمية
قدراتهم الاقتصادية والبشرية.
فشهدنا هجرة العقول والأدمغة
والكفايات الاسلامية خارج إطار
العالم الاسلامي. وأصيب
الاقتصاد الوطني لكل دولة من
دول المسخ في بلاد المسلمين
بتخلف شديد ، وعجز عن سد
احتياجات مواطنيها. فصار الفقر
والتشرد واللجوء سمة من سمات
البلاد الاسلامية. رغم الثروات
الطبيعية الهائلة في أرضهم
والتي صاروا بفعل التمزق وهجرة
الكفايات عاجزين عن استثمارها ،
فصارت تسلب منهم إما بالقوة
المسلحة عبر الاحتلال وإما
ببيعها بأثمان بخسة لتعود لهم
مواد مصنعة يشترونها بأسعار
باهظة. ومثل التخلف الاقتصادي
، بل ونتيجة له صار المسلمون
أيضاً يعانون من التخلف التقني.
فغابت الصناعات الثقيلة عن
بلادهم ، وصارت احتياجاتهم
من الإبرة الى الصاروخ بيد
أعدائهم من الغربيين ، الذين
سعوا وما زالوا لإبقاء المسلمين
أسرى للتخلف التقني. ولعل هذا من
الأسباب الرئيسة لعداء
الغربيين للمف النووي الايراني
، ذلك ان الغربيين لا يريدون
للمسلمين التحرر من التخلف
التكنولوجي ، من هنا كان
إصرارهم الدائم على سرقة العقول
والكفايات من بلادنا ، ومن
استعصى من هذه العقول والكفايات
على الإغراء أو الترهيب تمت
تصفيته. لأن المطلوب أن يظل
المسلمون في حالة تخلف وعوز حتى
لايسترد المارد الاسلامي
عافيته ويستعيد دوره على ساحة
الفعل الحضاري والسياسي
العالمي. وارتباطاً بالتخلف
الاقتصادي تكرس التخلف
الاجتماعي في بلاد المسلمين ،
فصار السلوك الاجتماعي لدى
المسلمين متخلفاً ابتداء من
احترام الوقت وقيمته. والوقت
يعني الحياة وحسن استثمارها
تحقيقاً لخلافة الله في الأرض.
مروراً بكل مظاهر السلوك وآداب
التعامل الاجتماعي سواء بين
الأفراد أو بين الجماعات ، وصولاً
إلى كامل منظومة القيم
والتعاملات الاجتماعية ، فجميعها
تشهد حالة تخلف عند المسلمين
يتناقض مع تعاليم الاسلام في
المجال الاجتماعي. وتأسيساً على
ذلك كله ، أعني التخلف
الاقتصادي والتقني والاجتماعي
، ترعرع في بلاد المسلمين
التخلف السياسي ، وتعملق
الاستبداد ، وسحقت حقوق
الانسان ، وتم تغييب رابطة
المواطنة بين الناس. وهي
الرابطة التي أقام رسول الله
عليه السلام عليها الدولة
الاسلامية في المدينة المنورة ،
عبر وثيقة المدينة التي نظم
عليه السلام على أساسها حقوق
المواطنة في الدولة القائمة على
التعددية الدينية والعرقية. وهي
الحقوق التي صار جل المسلمين
يشكون من غيابهم عن واقعهم
المعاش ، فغالبيتهم ترزح تحت
الحكم المطلق الذي تمارسه
حكومات استقالت من كل مهامها
التنموية ، ومهامها في
الدفاع عن كرامة الوطن والأمة ،
ولم تعد تمارس إلا مهمة
الجباية والحبس وصولاً الى
الإعدام ، مروراً بتغيب كل
الأطر خاصة الأهلية والمدنية ،
التي من شأنها ان تحد من
غلواء الاستبداد. بل إن بعض هذه
الحكومات لم تعد تخجل من تزييف
الحقائق وهي تقيم أطراً سياسية
فارغة كالبرلمانات والاحزاب
والجمعيات والجماعات والمؤسسات
الإعلامية. لكن دون ان تسمح لها
بأن تمارس أدوارها الحقيقية.
مما زاد من تخلف المسلمين
السياسي. لقد ابتلي المسلمون
بذلك كله وما زالوا جراء تمزيق
جغرافيتهم السياسية. بل لقد نجح
العدو الغربي في ان يجعل هذا
التمزق قنبلة موقوتة ، قابلة
للانفجار في أي لحظة ، بين
مكونات الجغرافيا السياسية
الممزقة لبلاد المسلمين ، بسبب
المشكلات الحدودية بين أشلاء
هذه الجغرافيا. وبذلك تحول
الامتداد الجغرافي للمسلمين من
نعمة الى نقمة ، بسبب التمزق
والخلافات الحدودية ، التي
صارت مقدسة عند بعض المسلمين ،
في ظل واقع التخلف الذي
يعيشونه. والذي أفرز الكثير من
الأمراض التي يعاني منها
المسلمون اليوم ، وأولها:
هذا البون الشاسع يبن القول
والعمل ، عند المسلمين رغم
أن قرآنهم الكريم يقول «كبر
مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا
تفعلون» وفي ظل انحياز المسلمين
الى الثرثرة وانصرافهم عن العمل
صار الكسل سمة من سماتهم. وصار
الكذب خاصة عند النخب صفة من
صفاتهم. وصارت أزدواجية الخطاب
علامة فارقة في حياتهم العامة.
وهذه كلها تتناقض مع تعاليم
الاسلام التي تشكل الخلاص
الوحيد للمسلمين مما هم فيه من
تمزق وتخلف وضعف. وهو الخلاص
الذي بدأت مظاهره تلوح في أكثر
من أفق من آفاق المسلمين. لكنها
تحتاج الى الكثير من العمل خاصة
على صعيد تغذية روح الوحدة
والتضامن والتعارف بين
المسلمين ، وهي الروح التي
ما زالت كامنة فيهم. صحيح إن
العدو الغربي نجح في تمزيق
الجغرافيا السياسية للمسلمين ،
لكنه عجز عن تمزيق جغرافيتهم
الطبيعية ، كما فشل في تمزيق
وحدتهم الشعورية. بدليل هذه
الانتفاضات الشعبية التي
ينتفضها المسلمون في كل بقاع
الأرض ، عندما تلم بجزء منهم
مصيبة. رأينا هذا في مواجهة
عدوان تموز 2006 على لبنان ، ورأيناه
في مواجهة العدوان على غزة مطلع
هذا العام. ورأيناه في أكثر من
مناسبة شبيهة ، كان يخرج
فيها المسلمون فيهتفون بنفس
الشعارات ونفس الهتافات
ويتجهون لنفس الهدف. بل إن
الواحد منا يلمس في غير
المناسبات الملتهبة بان
المسلمين على اختلاف أجناسهم
وأعراقهم ومذاهبهم ، يعانون
نفس المعاناة ، ويتحدثون
بنفس الأحاديث ، ويعانون من
نفس المشكلات. ويتطلعون الى نفس
الاحلام والطموحات والآمال ،
وان اختلفت التجليات
والمساقات. مما يدلل على وحدتهم
الشعورية والإيمانية ووحدة
تطلعاتهم وآمالهم. وهذه حقيقة
يعرفها الغربيون تمام المعرفة.
ويخشونها. ويسعون الى القضاء
عليها. لذلك فإنهم يتعاملون مع
المسلمين على أنهم كتلة واحدة.
من هنا جاء إصرار الرئيس
الأمريكي أوباما على مخاطبة
المسلمين من تركيا ومصر. ومن هنا
كان إصرار بوش على إعلان الحروب
الصليبية ضد المسلمين. ومن هنا
كان إصرار الغربيون على إتهام
كل المسلمين بالإرهاب وعلى
ممارسة التمييز العنصري ضدهم
على اختلاف أعراق المسلمين
وأجناسهم وألوانهم. ومن هنا
أيضاً يسعى الغربيين ومن يدور
في دوائرهم على إبقاء المسلمين
تحت نفس المؤثرات. وإلا ما سر
هذا الإصرار الغربي على إغراق
المسلمين بمواد إعلامية
بعينها؟ فمن أجل ذلك أقامت
وتقييم الولايات المتحدة
الأمريكية قنواتها الفضائية
وصحفها ومجلاتها وإذاعاتها
الموجهة للمسلمين. ومثلها
وقبلها فعلت ذلك بريطانيا. وعلى
دربهما حذوك النعل بالنعل تفعل
ذلك الآن روسيا والصين وغيرهما.
إن أعداء أمتنا يدركون مكامن
وحدتها في أعماقها. فيسعون الى
القضاء عليها في حرب شاملة
تستدعي من الأمة رداً شاملاً
أيضاً. أول خطواته إعادة بناء
وعي الوحدة والتقارب والتعاون
من أجل تبادل المصالح والدفاع
عن الحقوق. وهذه مهمة العلماء
أولاً. فهم بناة الوعي. ثم تليهم
مؤسسات العمل الأهلي فهل تفعلها
هذه المؤسسات وتحقق ما بدأت
تسير عليه بعض مكونات النظام
السياسي في بلاد المسلمين. كما
رأينا بين تركيا وإيران وتركيا
وسورية؟ خاصة وأن مؤسسات
المجتمع المدني صارت في كثير من
بقاع العالم من أهم عوامل صناعة
القرار والتأثير على توجهات
الرأي العام. وهذه مهمة مطلوبة
من مؤسسات المجتمع المدني في
بلادنا. فهل تفعلها وتتصدى
لمهمتها وتؤدي واجبها؟. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |