-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
نتنياهو
– ساركوزي ولعبة "سباق
المسارات" عريب
الرنتاوي تعود إسرائيل لممارسة
هوايتها القديمة في اللعب على
"المسارات". في البدء، هدفت "اللعبة"
إلى الاستقواء بـ"مسار"
لانتزاع تنازلات على "مسار"
آخر، كأن يجري تحريك المسار
السوري على سبيل المثال، لتخويف
المفاوض الفلسطيني ودفعه
لتقديم تنازلات لا يرغب في
تقديمها، أو إرسال إشارات
للمفاوض السوري بأنه مهمل
بالكامل، وأن "جولانه المحتل"
مركون على الرف، وأن كل
الاهتمام والتركيز يمنحان
للمفاوض الفلسطيني، وأيضا بهدف
إرباك هذا المفاوض ودفعه
للتراجع أو تقديم التنازل. اليوم، يبدو هدف اللعبة
وكأنه لم يتغير أبدا، وتبدو
إسرائيل وكأنها لا تكل ولا تمل
من عرض المسرحية ذاتها المرة
تلو الأخرى...فما أن وصل المسار
التفاوضي الفلسطيني - السوري
إلى طريق مسدود، حتى بدأت
إسرائيل رحلة "الهرولة"
باتجاه سوريا، وأخذ رئيس
وزرائها بدعوة الرئيس السوري
بشار الأسد لمفاوضات مباشرة ومن
دون شروط مسبقة، في أي زمان
ومكان. ويبدو أن فرنسا
ساركوزي، المهجوسة بالرغبة
والحاجة للعب دور أي دور وعلى
أية ساحة ومساحة، التقطت "الطعم"
الإسرائيلي، فبدأ الإليزيه
بإعداد العدة للتحرك على خط
نتنياهو – الأسد، وتكثيف
الحديث عن مبادرة تشتمل على
مفاوضات غير مباشرة و"عرض
وساطة فرنسية" وأقاويل عن "وديعة
نتنياهو" التي يراد لها أن
تحل محل "وديعة رابين"، من
دون أن يغفل عن إطلاق مبادرة
دخانية في ظننا باتجاه الرئيس
عباس وفيها من ضمن أشياء أخرى
حديث عن "مؤتمر دولي"، لا
ندري ما صلته بمؤتمر موسكو
الدولي كذلك ؟!. نتنياهو العاجز عن -
وغير الراغب في - وقف الاستيطان
أو تفكيك بؤرة استيطانية نائية
واحدة، لا يمتلك الرغبة ولا
القدرة على تلبية متطلبات الحد
الأدنى لسلام سوري – إسرائيلي،
بيد أن الرجل وهو في خضم "حرب
العلاقات العامة، يبدو بأمس
الحاجة لخلق انطباع زائف، بأن
ثمة ما يتحرك على مسارات
التفاوض والسلام، وطالما أن
الجمود هو سيد الأحكام على
المسار الفلسطيني، ولم تنفع معه
كافة محاولات التحفيز
والتحريك، فلا بأس من خلق الوهم
بأن المسار السوري آخذ في
التقدم وإن ببطء أو بصورة غير
مباشرة. سوريا تدرك ذلك تماما
بلا شك، وهو تتابع عن كثب مجريات
التأزم على جبهة المفاوضات
الفلسطينية – الإسرائيلية، لكن
دمشق تعلمت على ما يبدو الدرس
جيدا، فهي لن تسمح لنتنياهو
بوضعها في خانة الرافض للسلام
والمستنكف عن المفاوضات
والإفلات من قبضة الضغوط
والإدانات الدولية، وهي قررت
الانتقال من موقع الدفاع وموقف
تبرير الاستنكاف، إلى موقع
الهجوم الدبلوماسي على إسرائيل
وبذات الأسلحة والشعارات التي
طالما استخدمت ضدها، وقد كان
لافتا أن الرئيس الأسد، كرر
مرات عدة قوله بعدم وجود شريك
إسرائيلي في عملية السلام،
وقوله بأن ليس هناك ظرف موات
وأخرى غير مناسب لعملية السلام،
باعتبار أن كل الظروف مواتية
ومناسبة لذلك، وقوله أيضا بأن
دمشق جاهزة للدخول في مفاوضات
غير مباشرة وبوساطة تركية أو
غيرها مع إسرائيل، إن جنحت هذه
للقبول بمرجعية عملية السلام
ومستلزماتها والنقطة التي
انتهت إليها، والتمييز بين هذه
المتطلبات من جهة وما تسميه تل
أبيب شروطا مسبقة من جهة ثانية،
من دون إسقاط لـ "المقاومة"
كمفهوم وخيار، بل ومن دون
انتقاص من "تاريخيته"
وضرورته حين تنسد الآفاق في وجه
البدائل والخيارات السلمية. والواضح أن هذا التكتيك
قد أخذ يعطي أكله، فأوروبا
تنفتح على سوريا، وباريس ترتقي
بعلاقاتها مع دمشق، والحوار
الأمريكي معها استؤنف وتواصل
وهو مرشح للارتقاء في مستواه
وموضوعاته. في المقابل، تبدو صورة
تل أبيب "التقليدية" كدولة
راغبة في سلام مع جيرانها العرب
الرافضين، وقد أصيبت باهتزاز
كبير، خصوصا بعد فيض التقارير
الدولية التي نجحت في إظهار
دولة الاحتلال والاستيطان
والعدوان على حقيقتها، وآخرها
وأهمها تقرير غولدستون، ومن
الواضح تماما أن بعض المفردات
والعبارات المستخدمة في وصف
إسرائيل وما تقوم به، قد أخذت
تتسلل إلى تصريحات الزعماء
وافتتاحيات كبريات الصحف
ومقدمات نشرات الأخبار في أهم
وسائل الإعلام الغربية، في تطور
غير مسبوق. لعبة "سباق المسارات"
التي أجادتها إسرائيل زمن مدريد
وأوسلو وواي ريفير، لم تعد تنطل
على أحد، ولم تعد كفيلة بإثارة
فزع هذا أو إسالة لعاب ذاك،
بدلالة أن لا الفلسطينيين ولا
السوريين "هرولوا" لتقديم
ما تريده تل أبيب، برغم
الإشارات المتكررة الصادرة
عنها في هذا الصدد، فالجميع بات
يدرك أن السلام ليس مدرجا على
جدول أعمال إسرائيل وحكوماتها
المتعاقبة. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |