-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 16/11/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الإستراتجية الأمريكية وإسرائيل

بقلم: د. فوزي الأسمر

لا أحد يدري، حتى الآن، حقيقة ما جرى في اللقاء الثنائي بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض عشية يوم التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2009.

 

فالمعلومات التي تسربت كانت متناقضة. قيل بأنها كانت ناجحة، وقيل بأنها كانت تصادمية. ويبدو أن الجزء الثاني كان صحيحا بسبب المؤشرات التي ظهرت وبسبب ما جاء في الصحافة الإسرائيلية.

 

فقد تأخر رد البيت الأبيض على طلب نتنياهو بشأن هذا اللقاء حتى فترة قصيرة قبل الإعلان عنه. وتقول صحيفة "معاريف" (10/11/2009) أن نتنياهو وحاشيته "تصببوا عرقا حتى إستطاعوا الحصول على موعد من أوباما".

 

وعندما أعلن نتنياهو أن زوجته ساره سترافقه إلى البيت الأبيض، رُفض طلبه "لأن مستشاري الرئيس أوباما لم يشاؤا أن يظهر هذا اللقاء وكأنه لقاء مودة وعائلي" (هآرتس 10/11/2009).

 

وبعد الإجتماع ألغي اللقاء مع الصحفيين، والذي كان مقررا من قبل وأعلن عنه رسميا. ولم يذكر أي شيء عن الأسباب التي حدت بالرئيس أوباما ونتنياهو إلغاء هذا اللقاء.

 

وعندما إجتمع الرئيس أوباما مع خمسين شخصية من قادة اليهود في أمريكا يوم التاسع من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2009 لم يتطرق بكلمته المكتوبة مسبقا  إلى مشكلة الشرق الأوسط، أو إسرائيل، بل تحدث عن أهمية الإصلاح الصحي  الذي وافق عليه مجلس النواب الأمريكي قبل عدة أيام "لأنه كان يعرف مدى إهتمامهم بهذا المشروع". (موقع صحيفة فورورد اليهودية الأمريكية 9/11/2009).

 

ويبدو أنه كان هناك خلاف كبير بين أوباما ونتنياهو لدرجة أن صحيفة "هآرتس" (10/11/2009) قالت: "إن نتنياهو سيندم على اللقاء الذي جرى أمس بينه وبين باراك أوباما".

 

أما صحيفة "يديعوت أحرونوت" فقد قالت في مقال مطول لها نشر يوم 10/11/2009 جاء فيه: "أنه لا يوجد أي شك بأن شيئا ما حدث في هذا اللقاء وراء الأبواب المغلقة في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض".

 

وإذا أضفنا إلى كل ذلك أنه في اللقاء الفردي بين الرئيس أوباما ونتنياهو لم يسمح حتى للمصور الرسمي لشبكة الإعلام الحكومية من التواجد، فإن ذلك يدل على أن وراء الأكمة ما وراءها.

 

وفي أعقاب اللقاء كل ما سُرب عنه هو أن الولايات المتحدة كررت قولها بأنها متعهدة بأمن إسرائيل، وهناك إتفاق حول المشروع النووي الإيراني، وأن الجانبين ناقشا العملية السلمية في المنطقة. وهذا كلام مكرر لا جديد فيه.

 

هذا الكلام كله لا يعني أن أوباما يدافع عن "الحق الفلسطيني" أو يتبنى موقفا عربيا، ولكن بلا شك أنه بدأ  يعي أن حكومة نتنياهو تضع العراقيل في وجه إستراتيجية أمريكية، ترى إدارة أوباما أن تنفيذها يشكل جزءا هاما من أمنها الوطني ومصالحها القومية.

 

فقد تحدث أوباما في أكثر من خطاب ومناسبة أن حل القضية الفلسطينية سيؤدي إلى سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي يساعد الولايات المتحدة في حل قضايا أخرى على غرار المشروع النووي الإيراني وقضايا العراق وباكستان وأفغانستان وسوريا ولبنان وحزب الله  و"حماس" وغيرها. وهذا العمل يتماشى مع إستراتيجية أوسع تعمل وزارة الدفاع الأمريكية عليها منذ سنوات.

 

وهذا الإقتناع لدى هذه الإدارة، حيث يعرف أوباما أن التمني شيء والعمل شيء آخر، يجب أن يؤدي إلى إتخاذ خطوات مقررة. السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لم يضع ضغطا على إسرائيل؟ ولماذا تقوم وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون  بإطلاق البالوناط على شكل تصريحات متناقضة؟

 

فلقد إتًهم أوباما منذ دخوله البيت الأبيض أنه يكّنُ تعاطفا كبيرا مع العرب والمسلمين. وحورت الكثير من مواقفه من خلال الحرب التي يشنها عليه الحزب الجمهوري من جهة وإسرائيل والصهاينة من جهة أخرى. ولكن في الواقع أن اوباما كان يخطط لإستراتيجية أمريكية للشرق الأوسط تتضمن عودة الولايات المتحدة من خلالها إلى مقعد القيادة ليس في تلك المنطقة فحسب بل في العالم أيضا.

 

ولكن نتنياهو لم يشاء أن يساعده في ذلك، ولم يقبل حتى طلبا أمريكيا ليس أساسيا ولا يحل أية مشكلة وهو تجميد البناء في المستعمرات اليهودية على أرض فلسطين، ليتمكن من دفع عجلة المفاوضات مع الفلسطينيين قدما. فنتنياهو غير معني بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وبحدود معترف بها. فهذا يتناقض مع صهيونيته. إنه يريد دولة هشه مستسلمة لكل ما تطلبه إسرائيل.

 

فعندما يقول نتنياهو لإوباما أنه مستعد لبدء التفاوض الآن وبدون شروط مسبقة، يفهمها أوباما بأنه يقول له: لقد إنتصرت عليك وعلى الشرط المسبق الذي طرحته  للعودة للمفاوضات. والتقارير التي أمام  أوباما تتحدث عن عمليات مستمرة  بالمستعمرات اليهودية وعمليات تحضير لمستعمرات جديدة. وأمامه دراسة تقول أن إحتلال عام 1967 وما جاء في أعقابه من ضم الجزء الشرقي من مدينة القدس إلى إسرائيل، وإقامة المستعمرات اليهودية على الأرض الفلسطينية المحتلة إلى إقامة الحائط العنصري وغيرها كلها شروط إسرائيلية مسبقة.

 

ويعرف أوباما أيضا أن الفلسطينيين قبلوا بالشرط الأمريكي للعودة إلى طاولة المفاوضات، وهو أضعف الإيمان. ويعرف أيضا أن قول نتنياهو بأنه مستعد للعودة فورا وبدون شروط مسبقة لطاولة المفاوضات، معناه أنه يطلب من الرئيس الأمريكي أن يضغط على الفلسطينيين كي يقبلوا شروط إسرائيل  المسبقة.

 

فهذا الواقع يجب أن يجبر أوباما، إذا أراد أن يحقق تقدما في مسيرته الشرق أوسطية، والتماشي مع الإستراتيجية الأمريكية (وهي محل تساؤل كبير لدى شعوب المنطقة) فان عليه أن ينزل عن الجدار الذي يقف عليه، ويتخذ موقفا علنيا وصريحا بالنزول  إلى أحد جوانب هذا الجدار، ونأمل أن يكون إختياره إلى الجانب الصحيح. فقد إستهلك  أوباما كل الكلام وكل الإصطلاحات وكل التمنيات  وحان وقت العمل وتنفيذ الوعود، والضغط على الجانب الذي يضع العثرات أمام مسيرته. ويخطئ أوباما وكذلك نتنياهو إذا إعتقدا أنه لا يوجد بأيدي الفلسطينيين  أي سلاح  يدافعون فيه عن مطالبهم حقوقهم.

 

إن السلام الحقيقي لن يتم إلا بموافقة الفلسطينيين، وبعودة حقوقهم لهم، فلو كان الأمر غير ذلك، لتنازلت إسرائيل مذ مدة طويلة عن الجري وراء الفلسطينيين للحصول على سلام (طبعا كما تريده هي). وبأيدي الفلسطينيين الكثير وفي مقدمة ذلك  الصمود، والمقاومة ورفض التعامل مع الإحتلال، ومعروف أنه بدون موافقة فلسطينية، لن يستقر الوضع في المنطقة كلها، ولن تحصل إسرائيل على إعتراف تاريخي بوجودها.

ـــــــــــ

* كاتب وصحافي فلسطيني يقيم في واشنطن.

FAsmar1@aol.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ