-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ثم
أسلمتُ الدكتور
عثمان قدري مكانسي قال
أحد أحبار اليهود - زيد بن سعنة -
الذين أسلموا حين روأو صفات
النبي ـ صلى الله علي وسلم ـ
المكتوبة في التوراة واضحةً
وضوحاً بيّناً في رسول الله ـ
صلى الله عليه وسلم ـ : لم يبقَ
من علامات النبوّة الداعية إلى
تصديق الرسول الكريم واتِّباعه
علامة إلا وعرفتها إلا صفتين
اثنتين لم يتسنَّ لي معرفتهما . الأولى
: يسبق حلمه جهله . . فهو واسع
الصدر حليم لا يغضب لنفسه . الثانية
: كلّما جهل عليه أحد زاد حلمه
وأضاءت أخلاقه ، فكنت أزوره
وأتطلف له لأستطيع مخالطته
والتعرُّف عليه عن كثب ، فلما
خرج رسول الله ـ صلى الله عليه
وسلم ـ يوماً من الأيام من
الحجرات ( وهي بيوت أزواجه رضي
الله عنهن ) ومعه علي بن أبي طالب
رضي الله عنه ، أتاه رجل بدوي
على راحلته ، فقال : يا
رسول الله إن قرية بني فلان قد
أسلموا ، وقد أصابهم قحط شديد ،
وجوع هدَّ جسومهم ، وأنا رسولهم
، فإن رأيت أن ترسل إليهم بشيء
تعينهم به يكونوا لك شاكرين ،
ولأفضالك ذاكرين ، ولم يكن مع
الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ
إذ ذاك شيء يعطيه إياه ، ولا في
بيت مال المسلمين ما يكفي ، فقال
له : انتظر يا أخا العرب لعلَّ
الله تعالى يؤذن بالفرج . فقلت
لنفسي : يا زيد هذه فرصة ذهبيّة
فاغتنمها ، لتختبر حلم رسول
الله
ـ صلى الله عليه وسلم ـ ،
فدنوت منه فقلت : يا
محمد إن رأيتُ أن تبيعني تمراً
معلوماً من بستان بني فلان إلى
أجل كذا وكذا ( وكان تمرهم
معروفاً بجودته ) فقال : (( لا ،
يا أخا يهود ، ولكنْ أبيعك تمراً
معلوماً إلى أجل محدود معروف
ولا أسمي بستان بني فلان )) . فقلت :
نعم . فبايعني وأعطيتُه ثمانين
ديناراً ، سرعان ما أعطاها لذلك
الرجل وقال له : انطلق إلى قومك
راشداً عسى الله تعالى أن يخفف
عنهم . . استدان
رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم
ـ ليخفف عن الناس ، ويقضي
حوائجهم ، ويعينهم على نوائب
الدهر ، وهكذا القائد يسعى إلى
خدمة مرؤوسيه ويسهر على مصالحهم
، ويجهد نفسه ليراهم في موقف
مريح ، وحياة طيبة ، أما من
يستغل منصبه ليملأ خزائنه ظلماً
وعَدْواً ، ويمتص قوت شعبه ،
ويفرض عليهم ما يثقل كاهلهم ،
ويرهقهم ، ليفوز بالمال ويغنى
على حسابهم دون أن يأبه لهم ،
لصٌّ لا خير فيه ، ومجرمٌ لا فرق
بينه وبين قطّاع الطرق . قال
زيد : فلما كان قبل محل الأجل
بيومين أو ثلاثة ، خرج رسول الله
ـ صلى الله عليه وسلم ـ في جنازة
رجل من الأنصار ، ومعه أبو بكر ،
وعمرُ ، وعثمانُ ، في نفر من
أصحابه ، فلما صلى على الجنازة
أتيتُه ، فأخذت بمجامع ثوبه
ونظرتُ إليه متصنِّعاً الغلظة
والجفاء ، ثم قلت : ألا تقضي يا
محمد حقِّي ، ها قد مرَّ الأجل
ولم تلتزم بوعدك فيه ؟ فوالله ما
علمتكم ـ يا بني عبدالمطلب ـ
لسيّئي القضاء ، مُطـْلاً ،
ورأيته وقد أثرت جبذة الرداء في
عنقه ، ولم ينبس حتى ذاك الوقت
ببنت شفة . فتحرَّك
عمرُ وعيناه تدوران من الغيظ
ووجهه محمرٌّ من الغضب واستَلَّ
سيفه قائلاً : أيْ
عدوَّ الله أتقول ذلك لرسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟
خلِّ عنه ، فوالذي بعثه بالحقِّ
لولا العهدُ الذي بيننا وبينكم -
معشر يهود - لضربتُ بسيفي رأسك . ورسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
ينظر إلى عمر بسكون وتبسُّم فقد
كان عمر بلسماً لجراحات
المسلمين مدافعاً عنهم خادماً
لهم ، أفلا يكون كذلك لسيده
وسيدهم جميعاً محمد رسول الله ـ
صلى الله عليه وسلم ـ ! قال
رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم
ـ معلماً عمرَ ومعلماً إياي
ومَنْ كان حاضراً : (( يا عمر أنا
وهو إلى غير هذا منك أحوج . أن
تأمره بحسن الاقتضاء ، وتأمرني
بحسن القضاء ، اذهب يا عمر إلى
بيت مال المسلمين ، بزيد بن سعنة
فاقضه حقه ، وزده عشرين صاعاً
مكان ما روّعْتَه وأفزعته . ما
هذا الخلق العظيم والحلم الواسع
والهدوء الرائع ؟! والله ما يكون
هذا إلا لنبي ، وإن محمداً لهو
رسول الله حقاً وصدقاً ، وانطلق
بي عمر ليعطيني حقي وهو واجد
عليَّ ، لكنّه لا يملك إلا
التزام أمر رسول الله ـ صلى الله
عليه وسلم ـ ، فلما وصلنا قال لي
: هذا حقك يا رجل ، فخذه ، لا بارك
الله لك فيه . قلت :
(( بل إنه سبحانه بارك لي فيه .
أتدري يا عمر ؟ )) . فنظر
إليَّ دهشاً وقال : وكيف ذلك يا
يهوديَّ ؟ قلت :
يا عمر ، كل علامات النبوّة قد
عرفتُها في وجه النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ ، إلا اثنتين لم
أخبرهما : يسبق حلمه جهله ، ولا
تزيده شدّة الجهل عليه عليه إلا
حلماً ، فقد اختبرته بهما ،
فاشهد يا عمر أني قد رضيتُ بالله
رباً وبالإسلام
ديناً ، وبمحمد ـ صلى الله عليه
وسلم ـ نبياً ، وإني أشهدك يا
عمر أن هذا التمرَ وشطرَ مالي (
نصفه ) إلى فقراء المسلمين . واعتنق
عمر زيد بن سعنة أخاه في الإسلام
واعتنق زيدٌ أخاه عمر في
الإسلام . وأسلم
أهل بيته إلا شيخاً كبيراً غلبت
عليه الشقوة . اللهم صلّ على حبيبك رسول الله واحشرنا في
زمرته المباركة ، وشفـّعْه فينا
... يا أكرم الأكرمين .. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |