-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 23/11/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


زاهر . . . وابن مسعود

الدكتور عثمان قدري مكانسي

     ـ رجل من أهل البادية اسمه زاهر . . ولكل من اسمه نصيب ، فهو ذو روح طيبة وأخلاق رائعة تفوح منه كرائحة الزهر الأخَّادة .

     ـ كان إذا جاء المدينة حمل إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من باديته خيرها ، لبنها ، سمنها ، زبدتها ، ويقول : يا رسول الله هذه هدية زاهر إليك ، فاقبلها منه تجبرْ خاطره ، وتسعدْ قلبه .

     ـ كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يبتسم له ويأخذها منه قائلاً : قد قبلناها منك يا زاهر ، جزاك الله عن نبيّه خيراً ، وأجزل لك المثوبة ، فإذا ما عاد إلى أهله جهزه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الطـُّرَف والمستحسنات المدنيَّة ما يقر بها عينه ، جزاءً وفاقاً ، وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : إن زاهراً باديتنا ، ونحن حاضره ، وكأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول للناس : تهادَوا تحابُّوا . . ومهما كانت الهديّة صغيرة فإن أثرها في النفس كبير . .

     ـ رآه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في السوق مرّة فجاءه من خلفه ، واحتضنه ـ وكان زاهر دميماً ـ إلا أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحبه لحسن أخلاقه ورفعة شمائله . . وحاول زاهر أن يعرف محتضنه فالتفت قائلاً : دعني يا من احتضنني ، فلما عرفه جعل ظهره إلى صدر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تيمّناً وتباركاً ، واجتهد أن يظل ظهره ملتصقاً بصدر المصطفى عليه الصلاة والسلام ، فجعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : (( من يشتري العبد ، من يشتريه ؟ )) .

     قيقول زاهر : إذن ـ والله ـ تجدني كاسداً ، من يشتري دميماً يا رسول الله ؟ !!

     فيقول الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ :

     (( ولكنّك عند الله لست بكاسد ، أنت عند الله غال . إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسادكم ، إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم )) . . إلى محل التقوى ، والخلق الرفيع ، والعمل الصالح . . .

وقيمةُ الإنسان بمخبره لا بمظهره .

*********************

     وقد كان عبدالله بن مسعود حين أسلم أبى إلا أن يعلن بالقرآن عند الكعبة فحذره رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من المشركين أن يؤذوه فقال : ومالي أن ألقى في سبيل الله ما ألقى !!

     وصدح بالقرآن الكريم والمشركون يسمعون ويكرهون . فما كان من أبي جهل إلا أن شدّه من أذنه شدَّة قطعتها ، فرماها إليه وهو يضحك شامتاً .

     أخذ الألم من ابن مسعود مأخذه ، وحمل أذنه إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يشكو ظلم الظالمين ، وفجور المستكبرين . فما كان من الطبيب الرحيم إلا أن أعادها إلى مكانها ، ودعا الله له بالشفاء ، فعادت كما هي كأنها لم تقطع .....  يد مباركة رحيمة ، خصَّ الله صاحبها ـ صلى الله عليه  وسلم ـ باليمن ، بالخير والبركات .

     قال ابن مسعود رضي الله عنه : لهي أقوى من أختها وأسمع ، ولأختـُها أشدُّ حاجة إلى ما حصل للأولى ، وهمَّ أن يعود إلى المشركين ليسمعهم القرآن الكريم ويغيظهم ، فيقول له المعلم الأول : حسبك الآن يا ابن مسعود فلقد كان ما فعلته اليوم شديداً عليهم . .

     هذا الصحابي الجليل كان قصيراً نحيفاً . . صعد مرة إلى شجرة ، فرأى الصحابة دقة ساقيه فضحكوا لذلك ، فما كان من الهادي العظيم وأستاذ الأساتيذ إلا أن نبههم إلى أن كرامة الإنسان ومكانته بعمله لا بقوله فقط ، وبفعله لا بمظهره فقال : إن ساقه لأثقل عند الله  من جبل أحد . . نعم من جبل أحد .

ليـس الإنـسان بـمظهـره     وبــمــسـكـنـه وبـمـا يـمـلـك

فـإذا مـا ظـنّ بـهـا يعـلـو     في الدركِ هوى ، وبه يهلِكْ

ـــــــ      ـــــــ      ـــــــــ

إن الإنـســـان بــتــقــواهُ     يـعــلـو ويــبــارك مــسـعـاه

والـعـمل الصالح يرفعه      فـي الـنـاس ، ويـكـرمـه الله

ــــــ        ـــــ       ــــــ

فاعمل خيراً تلقً الأجرا     تـُرفـعْ عـنـد الـمـولـى ذكـرا

وتـعـاهد إخـوانـك دوماً     فـإذا عسـرْك يصـبحُ يُسرا(1)


(1)   الأبيات للمؤلف .

 

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ