-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
اخطف
جنديا تصبح مليونيراً عبد
الرحمن أبو العطا* كم صعبة هي حياة الأسرى
في القيود خلف القضبان التي
يحرسها عدوهم المتربص بهم ، وفي
كل وقت يراقب حركاتهم وسكناتهم
؛ حتى يخيل إليك أن الجنود
الإسرائيليين الصهاينة يعدُّون
عليهم أنفاسهم ، ويريدون أن
يمنعوا عنهم ضحكاتهم بل وحتى
صرخات آلامهم وتوجعاتهم. ومع كل يوم تشرق فيه
الشمس أو تغيب تنام عيون الناس
وتبقى عيون الأسرى في السجون
وأبنائهم وزوجاتهم تسيل منها
العبرات وتلتهب نفوسهم
بالأشواق والتطلع إلى وقت تنفرج
فيه الكربة وتتبدد فيه الظلمة
وتتحطم فيه القيود لتعود الإلفة
إلى البيوت التي مزقها الحزن
وأوجعتها آلام الفراق القسري. وإن الإسلام أولى
الأسرى لدى العدو أهمية بالغة
لم يضاهيه في ذلك تشريع ولا
قانون ، وذهب إلى أبعد حدٍّ في
السعي إلى استنقاذ الأسرى وفك
قيودهم وإخراجهم من سجون العدو
وجعل ذلك من أسباب إعلان الحروب
وإنفاق المال حتى لا يبقى
واحداً من رعايا الدولة
الإسلامية في خطر أو يقع عليه
الضرر أو يخضع لغير ربِّ البشر. فقد جرت سنة النبي صلى
الله عليه وسلم على إنقاذ
الأسرى وتخليصهم من العدو ، ففي
الصحيح عن عمران بن حصين رضي
الله عنه : أن النبي صلى الله
عليه وسلم ( فدى رجلا برجلين ) ،
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم :( فكوا العاني
وأطعموا الجائع ، وعودوا المريض
) رواه البخاري ومسلم ، العاني :
الأسير. وقال القرطبي رحمه الله
في تفسيره للقرآن الكريم (5/279):
" قوله تعالى (وما لكم لا
تقاتلون في سبيل الله) : حض على
الجهاد ، وهو يتضمن تخليص
المستضعفين من أيدي الكفرة
المشركين الذين يسومونهم سوء
العذاب ويفتنونهم عن الدين ،
فأوجب تعالى الجهاد لإعلاء
كلمته وإظهار دينه واستنقاذ
المؤمنين الضعفاء من عباده وإن
كان في ذلك تلف النفوس ، وتخليص
الأسارى واجب على جماعة
المسلمين إما بالقتال وإما
بالأموال وذلك أوجب لكونهما دون
النفوس إذ هي أهون منها ، قال
مالك : واجب على الناس أن يفدوا
الأسارى بجميع أموالهم ، وهذا
لا خلاف فيه" . وحتى الثورات التي تقوم
على النعرات القومية والوطنية
لا ترضى بأن يبقى أسراها في أيدي
العدو يعذبهم ويذلهم وينتهك
كرامتهم ويساوم بهم. ومما أثار إعجابي حقيقة
في هذا الصدد المبادرة الكريمة
التي تقدمت بها جمعية واعد
للأسرى والمحررين بجمع مبلغ
مليون دينار أردني لمن يخطف
جندياً إسرائيلياً يمكن
مبادلته بأسرى في سجون الاحتلال
الإسرائيلي الصهيونية. وحقَّ لنا أن نقدّر مثل
هذه المشاريع البناءة الشجاعة
في ظلَّ المناكفات السياسية
التي أشغلت بها الفصائل
والأحزاب الفلسطينية نفسها ؛
وبعد فشل محاولات المقاومة
الفلسطينية منذ قرابة سنوات
أربع في تكرار تجربة خطف الجنود
الناجحة والتي أسفرت عن أسر
جلعاد شاليط من على ظهر دبابته
التي لم تنفعه شيئاً أمام عزيمة
رجالنا الأبطال. ولعل الجائزة المعروضة
تداعب أحلام الطامحين إلى الغنى
والثراء ، وتثير الأمل في نفوس
الراغبين في تحسين أوضاعهم
المعيشية ، والحصول على فرصة
أكبر في الحياة؛ لكنني أعلم
أنَّ أناساً يطمعون في أن
يأسروا جنودا إسرائيليين
ابتغاء مرضاة الله تعالى ،
واستجابة لأمر رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، ونصرة للحقّ ،
ويبحثون عن الشهادة في سبيل
الله التي هي أكبر من الدنيا وما
فيها ومثلها معها إلى أضعاف
مضاعفة. ـــــ * كاتب وصحفي ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |