-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
فساد
المنظمة الدولية (الأونروا)
وإضراب العاملين فيها عمل نقابي
بامتياز..؟! الكاتب
والباحث/ عبد الكريم عليان في أعقاب الصراع العربي
الإسرائيلي عام 1948، تأسست وكالة
الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل
اللاجئين الفلسطينيين في الشرق
الأدنى (الأونروا) بموجب قرار
الجمعية العامة للأمم المتحدة
رقم 302 (خامسا) في 8 ديسمبر/كانون
أول عام 1949 لغرض تقديم الإغاثة
المباشرة وبرامج التشغيل
للاجئين الفلسطينيين. وقد بدأت
الوكالة عملياتها الميدانية في
أول مايو/أيار عام 1950 وفي غياب
حل لمشكلة اللاجئين
الفلسطينيين، تقوم الجمعية
العامة بالتجديد المتكرر
لولاية الأونروا.. واستمرت في
تقديم خدماتها حتى يومنا هذا في
خمسة مناطق جغرافية، تسمى مناطق
عمليات وكالة الغوث الدولية حيث
يتواجد تجمعات اللاجئين
الفلسطينيين، وهي: الأردن ويبلغ
عدد اللاجئين فيها ما يقارب1.700
مليون لاجئ، وفي سوريا ما يقارب
350 ألف لاجئ، وفي لبنان أيضا 350
ألف لاجئ، وفي الضفة ما يقارب
نصف مليون، وفي غزة ما يقارب
المليون لاجئ، أي ما مجموعه
أربعة ملايين ومائتي ألف من
اللاجئين.. وبالطبع في بداية عمل
المنظمة كانت تقدم لهم كافة
الخدمات الضرورية لرعايتهم
واستمرار بقائهم، ومع طول المدة
تقلصت هذه الخدمات واقتصرت على
ما يسمى بالحالات الاجتماعية ما
عدا خدمات محدودة في مجال
التعليم والصحة.. وتبلغ ميزانية
الوكالة السنوية ما معدله نصف
مليار دولار أمريكي ثابتة، ونصف
مليار أخرى طوارئ.. ويقوم على
إدارة هذه الخدمات ما يقارب 30
ألف موظف يرأس الصف الأول منهم
عدد كبير من الكوادر غير
العربية والفلسطينية يلتهمون
جزءا كبيرا من ميزانيتها علما
بأن الدول العربية تساهم بشكل
لا بأس به من ميزانيتها... ما هو جدير بالذكر أن
السياسة التي كانت متبعة في
السابق كانت موحدة على مناطق
العمليات الخمس، أي ما يجري
تنفيذه في غزة يجري تنفيذه في
الضفة وكذلك في لبنان وسوريا
والأردن، إلا أنه من جديد بدأت
هذه السياسة تتغير كل حسب البلد
المضيف، وما يراه مناسبا مدير
العمليات في ذلك البلد وما
يتلاءم والسياسات الدولية
بخصوص توطين اللاجئين.. وهذا
يعني تقزيما لدور الأونروا
المنوط بها في الحفاظ على حقوق
اللاجئين الفلسطينيين حتى
يعودوا إلى أراضيهم وديارهم
التي طردوا منها بالقوة، ولا شك
أن هذه السياسة بدأت تحاك مؤخرا
في أروقة المخابرات الأمريكية
والإسرائيلية تمهيدا لإلغاء
عمل الأونروا وإلحاق اللاجئين
الفلسطينيين بالمفوضية العليا
لشئون اللاجئين الدولية والتي
من مهمتها توطين اللاجئين في
العالم. لأول مرة في تاريخ عمل
الأونروا نشر قبل أشهر رسالة
للمراقب العام المالي في
الوكالة كانت موجهة للسيد
المفوض العام كارين أبو زيد
أوضح فيها عدد من المخالفات
والتجاوزات أهمها: الخداع الذي
تم في تحضير موازنة الوكالة
للعامين 11 ـ 2010 بما يخدع الدول
المانحة، حيث تم تحضيرها بموجب
خطة التطوير التنظيمي، وكلفت
إدارة الوكالة مبلغ 25 مليون
دولار دون عائد ملموس على أرض
الواقع، وذهبت معظمها إلى
المستشارين، وعلاوات سفر
وضيافة بالإضافة إلى توظيف أكثر
من خمسة عشر موظفا دوليا على بند
هذه المبادرة وبراتب يتعدى 100
ألف دولار لكل موظف سنويا . يضيف
المراقب العام بأن الأسلوب
المتبع في الإدارة ركز على فئة
قليلة من المديرين المواليين (للمفوض
العام) وإبعاد معظم المديرين
الأكفاء من مركز القرار.. ووجه
انتقادا شديدا بخصوص كيفية
تعيين المدراء حيث كان معظمهم
في الفترة الأخيرة إما من
أصدقاء المفوض العام شخصيا أو
نائبها، أو زملاء سابقين عملوا
معها في منظمات دولية أخرى..
وانتقد ما يسمى بالتطوير
التنظيمي (فرصة لإيجاد وظائف
لموظفين دوليين) لا حاجة لهم
البتة. واستئجار شركات استشارية
يملكها أصدقاء نائب المفوض
العام ومديرة الموارد البشرية
للوكالة. وإلغاء لجنتي الموارد
البشرية والعقود المركزية،
لتمرير المخططات دون العودة إلى
النصح والمراجعة من قبل هاتين
اللجنتين اللتين تتمتعان
بصلاحيات رقابية عالية. ووجه
المراقب انتقادا شديدا إلى ما
تم هدره من أموال اللاجئين وذلك
فيما يسمى بألعاب الصيف التي
استنزفت أكثر من 16 مليون دولار
كان الأجدر أن تذهب لبناء عشرين
مدرسة جديدة بدلا من اكتظاظ
الصفوف ونظام الفترات. وبالطبع
لم يتطرق المراقب إلى ما يجري من
فساد في التوظيف والترقيات
والمشتريات والمحسوبيات والنهب
على المستويات الأصغر في كل
مؤسسة وقسم من أقسام الوكالة،
كما ظهرت في السابق كقضية
الطحين الفاسد، والحليب،
والملابس، والأدوية، واللصوص،
وغيرها.. جميع العاملين في
الوكالة بغزة قاموا بإضراب
تحذيري ليوم واحد توقفت فيه
كافة الأنشطة، وذلك بعد أن فشلت
المفاوضات مع لجنتهم النقابية
بالوصول إلى حلول مرضية
للطرفين، ونعتقد أن مطالب
العاملين في غزة شرعية وضرورية
كي يستمروا في أعمالهم وعطائهم
المتزايد.. والذي يعيش في غزة
منذ سيطرت عليه حركة حماس يعرف
جيدا كيف ارتفعت تكاليف المعيشة
فيها، إذ تآكلت أجور العاملين
بنسبة 37% حسب تقدير إحدى
المؤسسات المختصة، لكن
المواطنين يقدرونها أعلى بكثير
نتيجة ارتفاع الكثير من السلع
الضرورية إلى ثلاثة أضعاف وأكثر
إضافة إلى فقدان الكثير من
المنتجات الاستهلاكية اللازمة
للحياة.. وقد تستغل ظروف
الانقسام بين الضفة وغزة لصالح
أصحاب القرار في الوكالة كما
اتضح ذلك من خلال تصريحات جون
كينج مدير عمليات الوكالة في
غزة عندما قارن أجور العاملين
في المؤسسات الحكومية بأجور
العاملين في الوكالة، وكأن
الأمر يتعلق بالغيرة أو
المنافسة.. لا يا سيد جون! لا
وألف لا.. نحن لم نعهدك كذلك..
فالأمر متعلق بالظروف المعيشية
أولا، والعاملون في الوكالة هم
أرباب أسر، وملقى على كاهلهم
مسئوليات كبيرة، وأصبح لديهم
عجزا في تكاليف المعيشة يقدر
بخمسين بالمائة.. فكيف إذن
سيقومون بواجباتهم دون التفكير
بأمور حياتهم ومعيشتهم؟؟ وإذا
كان العاملون في المؤسسات
الحكومية لا يحتجون على تآكل في
أجورهم نتيجة الظروف السياسية
التي تعرفونها، فهذا ليس معناه
أن يقبل هؤلاء بالضيم والذل..
كنا نتوقع من سيادتكم أن تقف
بجانب هؤلاء وليس إهانتهم ؟!
وقبل ذلك كنا نتوقع أن تنتقد
الفساد الذي يلف مؤسستكم
ورئاستكم، وبدلا من هدر أموال
اللاجئين في أمور لا يستفيد
منها المساكين بشيء كان يمكن أن
تغطى عجز الأجور والتخفيف من
الأعباء.. وكان يمكن لتلك
الأموال التي تضيع هباء منثورا
أن تسد رمق الجوعى والمحتاجين..
لا يا سيد جون! كيف تقبل أن تهدر
أموال التبرعات لتذهب إلى جيوب
الأغنياء... صحيح أن شريحة العاملين
في الوكالة هي شريحة قد تكون
مقبولة اقتصاديا من شرائح
المجتمع الغزّي الأخرى لكنها
ليست الأقوى مقارنة مع شريحة
التجار وأصحاب المصانع والورش،
وذلك مرهونا بالظروف السياسية
والاقتصادية المتغيرة، ومع ذلك
فالمجتمع الغزي بكامله يقف
بجانبهم ويساندهم في مطالبهم
الشرعية العادلة.. وإن العالم
بأكمله اليوم مطالب بالوقوف
والتقصي والتحقيق في قضايا
الفساد داخل المنظمة الدولية
ومحاسبة الفاسدين، ورسم
البرامج والخطط الكفيلة بتحقيق
العيش الكريم للاجئين
الفلسطينيين حتى تحل قضيتهم
بعودتهم إلى ديارهم وأراضيهم
التي هجروا منها بالقوة .. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |