-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الكتابة
خارج أسوار الانقسام أ
. محمد سعيد الفطيسي - من المؤسف - ان يزداد كل
يوم رصيد اليأس والإحباط
والقنوط لدى النخبة الثقافية
والأدبية في أمتنا الإسلامية
وقلبها العربي النابض , و- من
المؤسف - أكثر أن تقوم تلك
الشريحة التي تعول عليها أمتها
استعادة مكانتها ومجدها ,
وتحفيز شعوبها الى النهوض
والتحرر وكسر أغلال الذل
والتبعية , بتسويق ذلك الإحباط
واليأس في كل صحيفة ومجلة
ومنتدى ومحفل وملتقى أدبي
وثقافي بين أجيالنا وأبناءنا
وشبابنا , بل وتتحول كتاباتهم
وكلماتهم الى سموم تنفث في
شرايينها , وكان هذه الأمة
العظيمة الخالدة قد كتب عليها
ان لا تلتقي بذلك الرجل الذي
يوجه خلافاتنا ونزاعاتنا
وانقساماتنا الى أعداء الأمة
الإسلامية وقلبها العربي 0 حقيقة
نحن لا ندعو الى تحريف الكلم عن
مواضعه , أو تزيين المصطلحات
وتلميعها في أعين الآخرين , -
وبمعنى آخر – قلب الحق الى باطل
, وقلب الباطل الى حق , أو إضفاء
صور جميلة على حقائق الأمر
الواقع الأليم والمخزي الذي تمر
به هذه الأمة العظيمة وقلبها
العربي النابض , ولكن كل ما ندعو
إليه كتابنا ومثقفينا وأدبائنا
, ومن قيض الله لهم قيادة نهضتها
من الشرفاء المخلصين في كل مجال
, هو العمل على بذر روح الأمل في
نفوس الأجيال القادمة لا
إحباطهم , والسعي الى تحريك
الهمم ( حيث تبدأ الثورات في
أعظم الأدمغة ثم تهبط للجماهير )
, لتتحول تلك الثورات الى عصيان
وتمرد على الظلم والقهر
والاستعمار والخنوع , لا أن توجه
تلك الطاقات وتلك الجهود الى
نشر اليأس والإحباط , وصور
الانحطاط والتردي الحضاري
والاممي 0 فبالرغم
من الجراح النازفة من كل مسامة
من جسد هذه الأمة العظيمة
الخالدة , وبالرغم من الفرقة
والتشتت والانقسام والتباعد
الذي ينهش خارطة العالم العربي ,
وبالرغم من تكالب الأمم وكثرة
الخونة وعملاء الاستعمار ,
والمرتزقة من وراء لحوم الضعفاء
والفقراء والبؤساء في أمة
الإسلام وقلبها العربي الحبيب ,
وبالرغم من كل شي , وأي شي , ستظل
هذه الأمة عظيمة كريمة مجيدة
خالدة عبر الزمن , " رغم
أنوفهم " 0 نعم
000 أيها الهازئين بجراحنا
وانقساماتنا وتفرقنا , نحن ندرك
بأننا نعيش أسوأ مراحل التاريخ
وأشدها قسوة ومرارة وانحطاط ,
ولكن الم تعلموا وتتعلموا بان
أجمل أوقات الشروق هي تلك
اللحظات القاسية التي يسبقها
الظلام الحالك ؟!! , وان هذه
الأمة العظيمة قد مرت من قبل
بمثل هذه الأوضاع العصيبة ,
ولكنها استطاعت " بفضل الله
" ومن ثم بمن تبقى من الشرفاء
المخلصين لها من تدارك الوضع ,
واستعادة مجدها التليد
ومكانتها العالمية العظيمة بين
أمم الأرض , وان كنتم لا تصدقون
ذلك , فعودوا الى سفر التاريخ ,
يقول الحق سبحانه وتعالى { إِن
يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ
مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ
مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ
نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ
وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ
الَّذِينَ آمَنُواْ
وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ
وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ
الظَّالِمِينَ } صدق الله
العظيم 0 نحن
نعترف بأننا خسرنا معارك كثيرة ,
وتخلينا عن فرص كثيرة كانت
سانحة لاستعادة عزة هذه الأمة
وشرفها وكيانها , ولكن ذلك لا
يعني أننا خسرنا الحرب
التاريخية والحضارية بأكملها ,
أو ان تلك هي النهاية التي
أحكمتها قبضة الاستعمار
وكتبنها علينا الى ابد الآبدين ,
وانه قد آن لنا ان نستسلم للأمر
الواقع , فنرفع رايات الخنوع
والذلة والمسكنة , والدليل على
ذلك هو كل تلك الدماء الطاهرة
الزكية التي لا زالت تضخ في
شرايينها كل لحظة وفي كل مكان
وبكل " وفاء وإخلاص " , بقصد
إعادة الحياة والأمل الى جسدها
الطاهر 0 نعم
000 يا أيها العابرون على جثث
الشهداء في فلسطين العربية
الغالية , والعراق العظيم , وكل
شبر نازف في خير أمة أخرجت للناس
, سيدميكم شوك الثوار وستغرقون
يوما في دماء اليتامى والأرامل
والثكلى والأحرار , ويا أيها
الشامتين الحاقدين على حالها
وحال أبناءها وما آلت إليه , يا
تجار الكلمة الفاسدة المنحلة ,
يا باعة قضايانا العربية
وأحزاننا وجراح امتنا
الإسلامية على أبواب الساسة
والحكام ومن يدفع لكم أكثر
للتنازل , , سيرتد رصاص تجارتكم
الخاسرة عليكم يوما , وستحترقون
بأوراق الخيانة والارتزاق
والعمالة , ويا من أدخلتهم التخم
وموائد الطعام غرف الإنعاش ,
سيثور عليكم الجياع يوما , حينها
ستدركون ما كان يشتعل تحت رماد
الجوع والفقر والبؤس وصرخات
الأطفال ودموع اليتامى والثكلى
0 فان
( مواكب الحرية تسير , وفي الطريق
تنضم إليها الألوف والملايين –
كل ثانية من الزمن - وعبثا يحاول
الجلادون أن يعطلوا هذه المواكب
أو يشتتوها بإطلاق العبيد عليها
, عبثا تفلح سياط العبيد ولو
مزقت جلود الأحرار , عبثا ترتد
مواكب الحرية بعدما حطمت السدود
, ورفعت الصخور , ولم يبقى في
طريقها إلا الأشواك )0 فان
أمة يساق الى معبد مجدها وشرفها
العظماء والمخلصين وهم يضحكون
لا تموت , وان أمة يزف الى خدرها
كل يوم عشرات الشهداء لا تفنى ,
وان أمة يوقظها كل صباح صوت
المؤذن " حي على الصلاة " لا
تنام سوى لتنهض من جديد , ولهذا
كان المستعمرون وأعوانهم عبر
تاريخ هذه الأمة , يستغلون أوقات
انحطاطها وتراجع مكانتها ويأس
شبابها وضعف قياداتها ,
فيحاولون جاهدين إخماد "
الهمم " , وتكميم أفواه
الأحرار والشرفاء لأممهم
وأوطانهم وقضاياها , لأنهم
يدركون تمام الإدراك أن في تلك
الأفواه المقهورة مفاتيح
الحرية , وفي هذا السياق يقول
هانوتو وزير خارجية فرنسا سابقا
بأنه ( رغم انتصاراتنا على امة
الإسلام وقهرها , فان الخطر لا
يزال موجودا من انتفاض
المقهورين الذين أتعبتهم
النكبات التي أنزلناها بهم , لان
همتهم لم تخمد بعد ) 0 لذا
فان إيقاظ الهمم في هذا اللحظات
العصيبة التي تمر بها هذه الأمة
العظيمة وقلبها العربي النابض ,
وإعادة الوعي المفقود في الشعوب
الإسلامية والبلاد العربية
بأهمية التمسك بالعقيدة
الإسلامية والثقافة الإسلامية ,
وتشجيع التقارب ولم الشمل
والوحدة وبذر الأمل في الغد
برغم الجراح النازفة , وتشجيع
الكتاب والدعاة المخلصين
الشرفاء وأصحاب الأقلام
والكلمة الصادقة على بث روح
التراحم ونبذ الخلافات والفرقة
والانقسام بين المسلمين , سيكون
الحل العظيم ومفتاح الفرج لهذا
الوباء الذي بدأ ينهش جسد الأمة
وقلبها العربي النابض , وهو ما
نوجه للدفع إليه والسعي لتحقيقه
من قبل كل من يملك ذرة من حب
وإخلاص ووفاء وتضحية لهذه الأمة
الكريمة ولقلبها العربي العزيز
0 فان
( أخوف ما يخاف على امة ويعرضها
لكل خطر , ويجعلها فريسة
للمنافقين , ولعبة للعابثين , هو
فقدان الوعي في هذه الأمة ,
وافتتانها بكل دعوة , واندفاعها
الى كل موجة , وخضوعها لكل متسلط
, وسكوتها على كل فضيعة , وتحملها
لكل ضيم , وان لا تعقل الأمور ,
ولا تضعها في مواضعها , ولا تميز
بين الصديق والعدو , وبين الناصح
والغاش , وان تلدغ بجحر مرة بعد
مرة ) 0 ــــــــــ *باحث في
الشؤون السياسية والعلاقات
الدولية ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |