-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
يقظة
أوروبا عريب
الرنتاوي ثمة ما ينبئ بأن أوروبا
تعيش مناخات "اليقظة" وإن
المتأخرة على حقائق الصراع
الفلسطيني الإسرائيلي
ومجرياته. تقرير القناصل
الأوروبيين عن القدس الشرقية،
يُعد بما احتواه من رصد
ومعلومات وتوصيات، وثيقة
تاريخية بحق، ففيه سرد لمختلف
سياسات التمييز العنصري
والتهجير القسري والتدمير
المنظم والتهويد الزاحف التي
تمارسها سلطات الاحتلال في هذه
المدينة، وفيه من الوقائع ما
يكفي لجلب قادة إسرائيل للمحكمة
لو كانت العدالة الدولية يقظة
بدورها. ومن دون أن يكتفوا
بالوصف والسرد لما حصل ويحصل في
المدينة الفلسطينية المحتلة،
أرفق القناصل تقريرهم بسلسلة من
التوصيات الجريئة التي تتضمن
فرض عقوبات على إسرائيل
والمستوطنات بشكل خاص
والمستوطنين العنيفين بشكل
أخص، وهم دعوا إلى تعزيز الوجود
الفلسطيني في المدينة، وإعادة
مؤسسات السلطة والمنظمة إليها،
ووقف هذا العدوان المستمر
والمتصاعد عليها وعلى أبنائها
وبناتها، بل وعلى الشعب
الفلسطيني برمته. وإذ تزامن نشر (تسريب)
التقرير، مع مداولات أوروبية،
حول مسألة الاعتراف بالقدس
الشرقية عاصمة للدولة
الفلسطينية على حدود 67، ومن
جانب واحد، ومن دون انتظار
لنتائج المفاوضات العقيمة، فإن
أوروبا تكون قد خطت خطوة نوعية
للأمام، من شأنها التخفيف من
آثار وعد بلفور المشؤوم، وإن
كانت لا تماثله من حيث وزنه
وأهميته والأخطار التي نجمت عن
تداعياته، والمهم أن تمضي
أوروبا قدما في مسعاها هذا حتى
خواتيمه. بهذا الموقف والمعنى،
تكون أوروبا قد اقتربت من نبض
رأيها العام، الذي أصيب بغثيان
الرصاص المصبوب على رؤوس
الأطفال والنساء في غزة، والذي
صُدم بنتائج تقرير غولدستون،
وروعته الغطرسة والعنصرية
الإسرائيليتين، فخرج بمئات
الألوف والملايين في تظاهرات
التضامن مع الشعب الفلسطيني
ونصرة غزة ورفض الحرب البربرية
المجنونة على شعبها الأعزل. ونأمل أن ينضم العرب إلى
أوروبا في مسعاها هذا، فيصدرون
من التقارير ابتداءً، ما يشبه
تقرير القناصل، عن القدس
واللاجئين والمياه المسلوبة
والحقوق المستباحة وأطفال
الحواجز (الذين يولدون على
الحواجز)، إلى غير ما هنالك من
وثائق ترصد وتوثق جرائم
الاحتلال والعنصرية
والاستيطان، جرائم الحرب
والجرائم ضد الإنسانية، لكي
يصار إلى سوق المجرمين إلى قفص
الاتهام، استنادا لما فيها من
معطيات دامغة. وأن يعمدوا تاليا إلى
تشجيع الموقف الأوروبي وشد أزره
وتحفيزه لمواجهة "التهديدات
الإسرائيلية" و"الضغوط
الأمريكية"، فأوروبا في هذه
المواقف يجب أن لا تترك وحدها،
بل على العرب أن يسبقوها
بمسافة، وأن يظلو حاضرين بقوة
في مواجهة كافة محاولات
"تمييع" الموقف الأوروبي
وتقسيمه وتشتيته وإفراغه من كل
مضمون. ولأن أوروبا ليست
موحدة، ولأن هناك من بين
الأوروبيين من هو أشد
"إسرائيلية" من حكومة
اليمين واليمين المتطرف بزعامة
نتنياهو، فإن تدعيم الموقف
الطلائعي لبعض الدول
الأوروبية، خصوصا الرئاسة
السويدية، هو متطلب ضروري في
هذه المرحلة، يتعين على العواصم
العربية، خصوصا الكبرى منها،
تقديمه على ما عداه من أولويات،
حتى وإن كانت من مستوى
"التوريث" أو "الحرب على
الحوثيين"، فلا صوت ينبغي أن
يعلو على صوت مطاردة إسرائيل في
كل محفل وساحة، ولا أولوية
ينبغي أن تتقدم على أولوية
الحفاظ على فلسطينية القدس
وعروبتا وإسلاميتها ومسيحيتها. أوروبا تستيقظ أو هي في
طريقها إلى ذلك، والمطلوب تعزيز
يقظتها بحضورنا الدائم في ساحات
صنع القرار وصياغة الرأي العام
وتخليق السياسات، فالمعركة على
أوروبا مهمة جدا وذات طبيعة
استراتيجية، وفرص كسبها من قبل
العرب تبدو عالية، بل وعالية
جدا، ومن المحظور تركها أو
خسارتها، فهل نجرؤ على اقتحام
ميادينها بكل الكفاءة
والاقتدار وحتى النهاية؟! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |