-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
المسألة
الكردية -1 : حيثيات
إغلاق حزب المجتمع الديمقراطي (
الكردي ) .. وتداعياته محمود
عثمان أصدرت المحكمة
الدستورية العليا اليوم –الجمعة-
قرارها بالإجماع إغلاق حزب
المجتمع الديمقراطي (الكردي)
بعد ثبوت ارتباطه بمنظمة
إرهابية هي حزب العمال
الكردستاني ودعمه لها وثناؤه
على أفعالها .. حزب العمال
الكردستاني هذا يخوض حربا ضروسا
منذ ثلاثين عاما ضد الدولة
التركية , راح ضحيتها ما يزيد
على ثلاثين ألفا من المواطنين
معظمهم من الأكراد وكلفت خزينة
الدولة ما يفوق ثلاثمائة مليار
دولار ... وقد استغرقت فترة
المحاكمة سنتين كاملتين وهي
المدة القانونية القصوى لمثل
هذه القضايا .. فيما يبدو أنها
كانت من أجل إعطاء فرصة كافية
لإيجاد بديل عن قرار الإغلاق.
حيث يوجد شبه إجماع لدى الأوساط
السياسية في تركيا بضرورة وجود
ممثلين عن الأكراد القوميين في
الساحة السياسية , إذ نسبة تمثيل
الأكراد ضمن حزب العدالة
والتنمية تفوق نسبة تمثيلهم
خارجه وهذا معناه أن غالبية
الأكراد ليسوا مع سياسات حزب
المجتمع الديمقراطي الذي يدعي
لنفسه صفة تمثيل الشعب الكردي . قرار المحكمة هذا جاء في
وقت كانت الساحة السياسية
التركية تشهد فيه جدلا واسعا
وانقساما حول مشروع الإنفتاح
الديمقراطي الذي أطلقته
الحكومة أو ما اصطلح على تسميته
بالإنفتاح الكردي .. حيث برزت
ثلاثة تيارات رئيسية : الأول
يمثله حزبا المعارضة الرئيسيين
الشعب الجمهوري والحركة القومي
.. خلاصة قولهم : لا توجد مسألة
كردية ولا مشكلة كبيرة يعاني
منها الأكراد فكل المواطنين في
تركيا متساوون في الحقوق
والواجبات وكلهم مواطنون من
الدرجة الأولى , وما يحدث في
مناطق الأكراد ما هو إلا حركة
إرهابية انفصالية مدعومة من
الخارج بهدف إضعاف تركيا
والحيلولة دون تقدمها وتطورها !.
الثاني : مقابل ذلك يدعي حزب
المجتمع الديقراطي (الكردي )
وجود ظلم كبير وحيف بين وعدم
مساواة وهضم لحقوق الأكراد ,
وبزعمهم لا يوجد إرهاب مسلح بل
إن ما يقوم به حزب العمال
الكردستاني لا يعدو دفاعا عن
النفس وردة فعل على عمليات
الجيش !. وهم بذلك يساوون بينه
وبين الجيش وقوات الأمن التركية
فلا يشجبون ولا يستنكرون ما
يقوم به من عمليات تخريب وحرق
وقتل !. وإنما يكتفون بالقول نحن
ضد العنف من أي طرف جاء , وحسب
رأيهم يتوجب على الجيش وقف
عملياته أولا , ثم بعد ذلك يتخلى
الحزب عن سلاحه !.. الثالث : أما
رؤية حكومة حزب العدالة
والتنمية فترى وجود أزمة كردية
حقيقية , وتقر بغياب بعض حقوق
الأكراد وتخلف وفقر مناطقهم كما
هو حاصل عند بعض الفئات
والأقليات الأخرى , وبوجود
منظمة إرهابية مسلحة كردية
انفصالية اسمها حزب العمال
الكردستاني تستنزف طاقات البلد
وتتركه عرضة للتدخلات الخارجية
. وتدرك أن الحل العسكري وحده لم
يجد نفعا حتى هذا اليوم . بل إن
الحل على الصعيد الداخلي ليس
كافيا وإنما يجب عمل الإصلاحات
اللازمة في الداخل وتطويق عناصر
الإرهاب في الخارج . لذا كان هذا
الموضوع ضمن أولويات مباحثات
رئيس الوزراء طيب أردوغان مع
الرئيس الأمريكي أوباما في
لقائهما الأخير هذا الأسبوع ,
وهو السبب نفسه الذي دفع
الحكومة التركية لبناء علاقات
دبلوماسية مع حكومة أكراد شمال
العراق .. هذا من حيث التشخيص أما
من جهة الحل فتختلف الآراء
باختلاف تشخيص المشكلة
والمبنية أساسا على مصالح الكتل
السياسية كل على حدة .. الحكومة
من جهتها أطلقت ما أسمته مشروع
الإنفتاح الديمقراطي , وقامت
برسم خطوطه العامة لكنها لم تقم
بملء محتوياته بحجة استشارة
بقية القوى السياسية من أجل
إشراكها في إنضاجه وتحمل
مسؤوليته من غير أن تفرضه عليها
أمرا واقعا !.
وهي تهدف من خلال هذا
المشروع حل المشكلة الكردية لكن
بتدرج ونفس طويل من خلال
إصلاحات تمتد على أكثر من صعيد .
ابتداءا من توسيع نطاق الحريات
العامة من حيث اللغة والتعليم
وأسماء الأماكن .. إلى النواحي
الإقتصادية والسياسية
والاجتماعية وغيرها من
المجالات .. يبقى العامل الأهم
هنا والأساس الذي يشكل مفتاح
القضية هو كيف تلقت بقية
الأحزاب والقوى السياسية مشروع
الحكومة هذا , وكيف تخندقت
الأطراف حياله ؟. الطرف الكردي اعتبره
مشروعا قائما لتصفيته وسحب
البساط من تحته, خصوصا عبد الله
أوجلان الذي يرى نفسه أتاتورك
الأكراد . عارض هذا المشروع بشدة
, وهو الذي كان قديما يكتفي
بمطالبة الحكومة بقبوله شخصيا
مخاطبا سياسيا , إن لم يكن فبحزب
المجتمع الديقراطي (الكردي ) ,
فإن لم يكن فبالعقلاء والشخصيات
البارزة في منظمات المجتمع
المدني الكردية ,أي أنه كان يرضى
بأقل بكثير مما يوفره مشروع
الإنفتاح الديمقراطي !. لكنه
مؤخرا حيال هذا المشروع تراجع
عن أقواله هذه كلها , وبدأ
بتحريك الشارع الكردي , بتحريض
الفتيان الذين هم دون سن الرشد
قانونيا لافتعال أحداث شغب من
اضرابات وإغلاق للمحلات
التجارية وحرق وتكسير وإضرار
بالمتلكات العامة والخاصة بحجة
سوء أوضاعه في السجن .. حزب
المجتمع الديقراطي (الكردي ) أيد
مشروع الإنفتاح الديمقراطي
مكرها في الظاهر , فيما عجز عن
اتخاذ مواقف واضحة تجاهه , فهو
تارة يقول إنه الممثل الشرعي
والوحيد للأكراد , وتارة أخرى
يصرح بأن مفتاح الحل ليس عنده
إنما هو بيد القائد أوجلان !. أما
نواب حزب العدالة والتنمية
الأكراد فلا مقدرة لهم على ضبط
الشارع . لأن أجواء التوتر يسيطر
عليها الغوغاء ولا تجدي معها
آراء الحكماء .. إصرار عبد الله
أوجلان على قبوله شريكا ومخاطبا
سياسيا كان السبب الرئيسي في
إغلاق حزب المجتمع الديمقراطي ,
ومعناه أن الجمهورية التركية قد
خسرت الحرب أمام حزب العمال
الكردستاني , وهذا أمر مستحيل ,
وهو نذير ليس فقط بنهاية حكومة
العدالة والتنمية بل بشرارة حرب
أهلية لاتبقي ولا تذر لا قدر
الله .. حزبا المعارضة
الرئيسيان حزب الشعب الجمهوري
وحزب الحركة القومي أيضا اعتبرا
مشروع الانفتاح الديمقراطي
مهددا لمستقبلهما السياسي ,
لأنهما في الظروف العادية
عاجزان عن مجاراة حزب العدالة
والتنمية فكيف بهما بعد أن يكون
قد حل أكبر معضلة في تاريخ تركيا
الحديث ؟!. وللموضوع بقية غدا إن
شاء الله . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |