-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
سوريا
تتجه غربًا حسان
قطب* منذ مدة ليست بالقصيرة
والنظام السوري يتوجه غرباً..
ويسعى للخروج من ارتباطه
وتحالفه الإستراتيجي مع النظام
الإيراني.. ويحاول عدم السير في
فلك التوجهات والأهداف
السياسية الإيرانية.. لذا فقد
حاول النظام السوري تمييز
مواقفه عن نظام طهران.. وبدا ذلك
واضحاً في إطار الشأن العربي
حيث وقف إلى جانب اليمن في صراعه
ضد المتمردين الحوثيين، وأيد
دولة البحرين في استنكارها
ورفضها للتصريحات الإيرانية
التي تحدثت عن أن مملكة البحرين
جزءٌ من ممتلكات وأراضي
الإمبراطورية الفارسية.. وإلى
اليوم لم يصدر النظام السوري
تقريره الجنائي ونتائج تحقيقات
أجهزته المخابراتية حول الجهة
المسئولة عن اغتيال عماد مغنية
المسؤول العسكري لحزب الله، رغم
أن وزير الخارجية السورية وليد
المعلم كان قد أعلن حينذاك أن
نتائج التحقيقات في الجريمة
التي وقعت في الثاني عشر من شهر
شباط/ فبراير من عام 2008، سوف
تنشر علناً وعلى الملأ مع تحديد
الجهة الفاعلة في مهلة أقصاها
شهر نيسان/ ابريل من ذاك العام...
وفي الملف العراقي أعلن النظام
السوري استعداده للتعاون
الكامل مع نظام بغداد ودول
التحالف لمواجهة ما أسماه
العمليات الإرهابية ضد الشعب
العراقي.. كما أنها أي سوريا
امتنعت عن الرد على الكيان
الصهيوني لقصفه منشأة سورية (الكبر)
التي قيل
أنها منشأة ذات طابع نووي.. كما
تعاونت سوريا بكل إيجابية مع
مفتشي الوكالة الدولية للطاقة
في سعيهم لتحديد طبيعة المنشأة
والهدف منها.. وسعت دمشق إلى
تحسين علاقاتها مع الدول
العربية فكانت زيارات متبادلة
بين الرئيس السوري والملك
الأردني الذي كان أول من أشار
إلى خطورة الهلال الشيعي الذي
تسعى إيران إلى تكوينه في
العالم العربي.. ثم كانت زيارة
الكويت والعربية السعودية
للمشاركة في افتتاح جامعة عبد
العزيز للعلوم في جدة.. ثم تبعها
زيارة من الملك السعودي إلى
دمشق لتطوير العلاقات الثنائية
وتحسينها.. كذلك قام الرئيس
السوري بزيارة أنقرة وتوقيع
مذكرة تعاون استراتيجي مع تركيا
الدولة العضو
في حلف الناتو... وهي الدولة
العلمانية النقيض للنظام
الإيراني الديني.. كما أنه لا
يمكن أن تكون دولة ما في تحالف
استراتيجي مع دولتين متناقضتين
تماماً وينتميان إلى معسكرين
مختلفين في آن واحد.. إلا أن هذا
يعتبر على أنه مؤشر لاستعداد
سوريا للتحول نحو المعسكر
الغربي أو على الأقل تجنب
المواجهة معه.. في الملف اللبناني.. برز
تحول لافت في التعاطي السوري مع
الشأن اللبناني، كان أبرزها
إحجام النظام السوري عن التدخل
المباشر في الانتخابات
النيابية التي جرت في السابع من
شهر حزيران/ يونيو من هذا العام
2009، حتى أنها تركت بعض حلفائها
يواجهون مصيرهم بمفردهم دون دعم
أو رعاية.. وافتتحت السفارة
السورية في لبنان في العاصمة
بيروت لأول مرة منذ أن أعلن
استقلال لبنان عام 1943، وكذلك
سفارة لبنانية في دمشق.. وفتحت
الباب واسعاً أمام حلفائها
لمباشرة حوار جدي مع قوى
الأكثرية النيابية، فباشرها
النائب سليمان فرنجية بمصالحة
الرئيس سعد الدين الحريري، وبعض
القوى الأخرى وخففت الأبواق
المؤيدة للنظام السوري في لبنان
من حدة هجماتها الإعلامية على
قوى الأكثرية، مع اعترافها بأن
قوى الرابع عشر من آذار قد حققت
الأكثرية البرلمانية والشعبية..
وتوسعت دائرة التهدئة حين فتح
باب التفاهم مع وليد جنبلاط من
بوابة نبيه بري وحركة أمل وتم
استحضار أرواح التفاهمات
والتحالفات التي تمت في السادس
من شباط/ فبراير عام 1984، بين
الحزب التقدمي الاشتراكي وحركة
أمل، لمواجهة العرفاتيين
الفلسطينيين واللبنانيين
حينذاك.. إضافةً إلى أن النظام
السوري كان له يد وباع طويل في
الضغط على حلفائه المباشرين
للتخفيف من شروطهم لتشكيل حكومة
الوحدة الوطنية منعاً لإحراج
رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة
المكلف... الإشارات التي أطلقها
النظام السوري حول رغبته في
تحديد مسار سياسي خاصٍ به كثيرة
ومتعددة ومتنوعة وقد لاقت
أوروبا والولايات المتحدة، هذه
الإشارات بإيجابية وموضوعية
وسعت لطلب المزيد من هذه
الممارسات والتصرفات المواقف..
منها وقف تدفق الأسلحة لحزب
الله عبر بوابة دمشق والحدود
السورية.. منع تسلل المقاتلين
عبر الحدود السورية إلى الأراضي
العراقية، والضغط على حماس وبعض
الفصائل الفلسطينية المتواجدة
في دمشق لتخفيف حدة مواقفها..
وهذا يبدو جلياً في الأفق.. من
ضمن الأسباب التي تدفع دمشق
لهذا التحول السياسي هو الأزمة
الاقتصادية التي تعاني منها
سوريا، من بطالة وارتفاع
للأسعار، والجفاف الذي يضرب
شمالها منذ 3 سنوات، والنفط
السوري الذي يوشك على النفاذ،
كل هذا يضع النظام السوري أمام
ضغوطات اقتصادية هائلة من
ارتفاع البطالة التي ستنعكس
سلباً على الواقع الاجتماعي
داخل سوريا، إلى ارتفاع كلفة
استيراد المحروقات التي ستشكل
عبئاً ثقيلاً على الموازنة
السورية. والمساعدات الإيرانية
التي تتدفق نحو سوريا اليوم لا
تبدو واعدة أو قابلة للاستمرار
في المدى القريب، مع ما يمر به
النظام الإيراني من أزمات
سياسية داخلية ومع ما له من
ارتباطات مالية مع قوى خارجية
منتشرة في دول الجوار وحول
العالم، تعتمد بشكل كلي على
معوناته المالية ودعمه
المتواصل، إضافةً إلى فاتورة
التسلح الباهظة التي يتحملها
المواطن الإيراني لحماية
النظام من أي اعتداء خارجي،
وكلفة تمويل ملايين المتطوعين
في الميليشيات الشعبية التي
تجوب البلاد لحماية المواقع
النووية والمنشآت العسكرية.. كل
هذه المؤشرات كانت كافية ليدرك
النظام السوري أن النظام
الإيراني غير قادر على
الاستمرار في رفده بالأموال
والدعم اللازم حتى لو لم يسقط
هذا النظام من الداخل أو نتيجة
تدخل خارجي... لأن مشاكله
الداخلية التي تتفاقم يوماً بعد
يوم سوف تدفعه للاهتمام بشؤون
شعبه ومعالجة مشاكله الحياتية
والمعيشية والاقتصادية.. رغم هذا الواقع وهذه
المؤشرات نرى أن بعض الإعلام
يتحدث عن قوة وصلابة النظام
السوري وعن دوره الممانع
والمقاوم وعن قدرته على الصمود..
وعن تحول العالم نحو استرضاء
النظام السوري وتنفيذ مشيئته..
بينما واقع الأمر إن النظام
السوري يسعى للخروج من عزلته
والانفتاح على الدول العربية
والغربية والمجتمع الدولي
لتأمين الدعم المالي والسياسي
اللازم لاستمرار النظام
ومؤسساته من بوابة الالتزام
بشروط التهدئة في لبنان وعدم
التدخل في شؤون لبنان الداخلية..
وأول الغيث هو زيارة الرئيس سعد
الحريري إلى دمشق رئيساً
للحكومة باختيار اللبنانيين،
من باب السراي الحكومي وليس من
بوابة المخابرات السورية......
ـــــــــــ *مدير
المركز اللبناني للأبحاث
والاستشارات ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |