-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 20/12/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الحرب السادسة والقمة الثلاثين

عريب الرنتاوي

هيمنت الاوضاع في اليمن والحرب مثلثة الأطراف في صعدة على أشغال القمة الثلاثين لقادة مجلس التعاون الخليجي، ونظر زعماءء هذا المجلس للتهديد الذي تتعرض له السعودية جراء تسلل المتمردين الحوثيين إلى أراضيها، بمثابة تهديد لدول الخليج كافة، في وقفة تضامنية، موحدة ومفهومة مع الشقيقة الكبرى، السعودية، امتدت لتشمل برعايتها اليمن، الجارة الجنوبية لدول المجلس.

 

والحقيقة أن خلف هذا الموقف الموحد لقادة دول التعاون الست من "التمرد الحوثي" وارتباطاته الخارجية وتداعياته الإقليمية، ثمة مروحة واسعة من المواقف المتباينة حيال هذه المسألة، ومن يقرأ المعلن والمضمر في مواقف وتصريحات الناطقين باسم هذه الدول ونشطائها ومفكريها، يرى أنها لا تنبع من مصدر واحد، ولا تنتهي إلى الخلاصة ذاتها.

 

فثمة ميل عند بعض هذه الدول (السعودية مثلا) والناطقين باسمها، إلى تبني الرواية اليمنية الرسمية، التي تدرج التمرد الحوثي في سياق الصراع الإقليمي بين إيران وجوارها العربي، وتنظر لما يفعله الحوثييون في مناطقهم المرتفعة والوعرة، بوصفه محاولة تحرش إيرانية بالمملكة أو استطلاع بالنار كما يقول العسكريون لنواياها وقدرتها على الدخول في "حرب استنزاف" جديدة، أما الحوثيين فليسوا وفق هذه الرواية سوى "رأس جسر" لإيران أو "دورية متقدمة" لحرسها الثوري.

 

في المقابل، ثمة روايات أخرى لا تسقط البعد الإقليمي للصراع في صعدة وأكنافها، بيد أنها تعطي وزنا أكبر للبعد الداخلي/المحلي لهذا النزاع، وتحمّل النظام اليمني وزر ما يجري على هذه الجبهة، ودائما من دون إسقاط أثر "التوظيف الإيراني" لنزاع قائم وضاربة جذوره في التربة اليمنية الحالية...أصحاب هذه المدرسة في التفكير والتحليل يقولون في معرض دفاعهم عن وجهة نظرهم أن اليمن ينخرط الآن في ثلاث حروب مركبة، متوازية ومتزامنة، هي إلى جانب حرب صعدة والحوثيين، حرب الحراك الجنوبي ضد "الاحتلال الشمالي" وبهدف غير مضمر ولا ملتبس: الانفصال...حرب القاعدة ضد النظام والجبهة اليهودية الصليبية والشيعة "الروافض"، وهي حرب استعادت زخمها بعد أن أعادت القاعدة تجميع مقاتليها وكوادرها في اليمن والإعلان عن توحيد القاعدة في اليمن وجزيرة العرب. فإذا كانت إيران تقف خلف واحدة من هذه الحروب: حرب صعدة والحوثيين، فمن ذا الذي يقف وراء الحربين الأخريين، ومن الذي يتحمل وزر إضرام نيرانهما، ويصب الزيت الساخن باستمرار فوق لهيبها الوقّاد وجمرها الملتهب ؟

 

والغريب في الأمر، أن الولايات المتحدة صديقة اليمن وحليفة دول مجلس التعاون، والتي تكاد تحمّل إيران مسؤولية ارتفاع نسبة حوادث الطرق في الشرق الأوسط، نأت بنفسها عن الاتهامات اليمنية الرسمية للحوثيين بالعمالة لمرجعيات وحوزات إيرانية، حتى أن مساعد وزير الدفاع الأمريكي أبلغ "محطة سي إن إن" بأن بلاده لم تتلق ما يكفي من المعلومات لتأكيد صلة الحوثيين بإيران، أو للبرهنة على وجود تدخل إيراني في أحداث صعدة"، وهو موقف اعتمدته الدبلوماسية الأمريكية بثبات، ولم تتراجع عنه حتى بعد أن اصطلى الثوب السعودي بشرارات المواجهة الدائرة على حدود المملكة الجنوبية.

 

نحن إذن، أمام نموذج لفشل الدولة والنظام (اليمن) في حل مشاكله الداخلية، بفعل غياب الحاكمية الرشيدة وتفشي الفساد وتفاقم الأنماط القبلية والعائلية في الحكم، نحن أمام محاولة للهرب والتهرب من البحث عن عناصر الحل في جذور الأزمة ومصادرها، حيث يجري العمل بدلا عن ذلك، على تصديرها للخارج، تارة باتهام قوى إقليمية بالعبث بأمن البلاد واستقرارها ووحدتها الوطنية، وأخرى بتصعيد الصراع الميداني إلى حد نقله إلى ساحات وميادين مجاورة، وعملا بقاعدة "إن ما كبرت ما بتصغر"، على ما يبدو.

 

لكن صعدة وفقا لمراقبين عدة، تبدو الاستثناء الذي ينتهك هذه القاعدة وقد يطيح بها، فالمواجهة مرشحة للتصاعد والاستمرار و"للكبر" أيضا، بل وقد نكون أمام "حرب استنزاف" تستهلك طاقات المنطقة وتطيح بالكثير من مقدراتها، فطبيعة المنطقة وبنيتها الجغرافية والقبلية والمذهبية وعلاقاتها المعقدة بجوارها، لا تدعونا للتفاؤل بقرب حسم الموقف، سيما ونحن ما زلنا في معمعان الحرب السادسة التي تندلع في غضون خمس سنوات فقط، وكم من دولة صغيرة استهلكت دولا كبيرة، واليمن نفسه كان "مستنقع استنزاف" للشقيقة العربية الكبرى، مصر عبد الناصر في ستينيات القرن الفائت، وأفغانستان الفقيرة والجرداء استنزفت دولا عظمى من بريطانيا إلى الولايات المتحدة مرورا بالاتحاد السوفياتي، لذلك فإن الدعوة لحل مسألة صعدة بالحوار والاحتواء والطرق الدبلوماسية والاقتصادية، بالتنمية المتوازنة والحكم الرشيد، هي التي ستخرجنا جميعا من "حرب بسوس جديدة"، لا حاجة لنا بها، والمنتصر فيها مهزوم.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ