-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 20/12/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


حساسية الإعلام وخطورة تداعياته

بوفلجة غيات

إن المتتبع للأحداث المؤسفة التي رافقت وتلت مباريات كرة القدم بين الجزائر ومصر في إطار تصفيات نهائيات كأس العالم لسنة 2010 بجنوب إفريقيا، يدرك خطورة الممارسات الإعلامية وما يمكن أن تنتج عنها من خلافات وصراعات وقد تؤدي أحيانا إلى حروب بسبب تصريحات إعلامية غير مسؤولة.

إن الدراسة المتأنية لكل ما وقع، يجد أن وراءه ممارسات إعلامية غير سليمة، من طرف بعض القنوات الفضائية والصحف الإخبارية. وهو ما يتم عادة بسبب سوء تقدير بعض المثقفين والسياسيين والإعلاميين لعواقب ما يبثونه من شحن وتأجيج لعواطف مشجعين ومشاهدين بسطاء، قد تنجر عنها تصرفات لا تحمد عقباها.

وقد أدت تداعيات الحملات الإعلامية المتبادلة إلى إبراز ضعف مستوى الوعي الثقافي عند النخبة بالمجتمعات العربية.

وهكذا ساهمت الأحداث الأخيرة في تعرية الواقع الثقافي، وإبراز ما في الثقافة العربية من عجز وخلل فادح، عند المثقفين والإعلاميين والفنانين الذين انجروا وراء الأحداث، مما يبرز انحطاط المستوى الثقافي وعدم الصمود في مواجهة دعاة الغوغاء البلطجة والرداءة الفكرية والإعلامية. وهكذا، ظهرت حقيقة كثير من الفنانين والمفكرين الذين تمكنوا عبر السنين، من كسب احترام وتقدير شرائح واسعة من المشاهدين والقراء، عبر كل أقطار الوطن العربي، من المهتمين بالثقافة والفن. إلا أن الأحداث الأخيرة وتصريحاتهم غير المسؤولة وتزلفهم لبعض الحكام وذوي النفوذ، جعلتهم يفقدون صورتهم السابقة وسمعتهم ونظرة أنصارهم إليهم.

وقد تابعت شخصيا بعض القنوات الفضائية فلم أصدق ما سمعته من مواقف بعض من يطلقون على أنفسهم "إعلاميين"، من تصريحات سياسية وإعلامية تجاوزت ما يطلق عليها بالخطوط الحمراء. ذلك أنه ليس من صلاحيات منشطي برامج رياضية، الخوض في حملات الإعلامية ضد دول أخرى وشتم رموزها وقادتها، ذلك أنه من المفروض تركيزهم على الوقائع الرياضية.

أما من يطلقون على أنفسهم "العقلاء" و "الحكماء" من الجانبين، فعادة ما يقفون على الحياد السلبي، ذلك أنهم يقفون في موقع عن نفس المسافة بين الطرفين. وهو ما نستخلصه عند قراءة مقالات لبعض الكتاب والمحللين الذين يضعون الطرفين في سلة واحدة.

 وهكذا، فحتى في حالة وجود اعتداء أو كذب أو تزوير أو شتم لا أخلاقي من أي طرف، فإن المتدخلين "العقلاء" عادة ما يقفون على الحياد، رغبة في عدم إغضاب أي طرف. إن كان ذلك يرضي المعتدي فإنه لا يرضي المعتدى عليه. وهو ما يذكر بموقف الولايات المتحدة والغرب عموما، من اعتداء إسرائيل على غزة أو على جنوب لبنان. حيث كانت الدعوات للطرفين بالتعقل وضبط النفس، وذلك باعتبار فلسطينيي غزة المعتدى عليهم كالإسرائيليين المعتدين، وهي مواقف نستنكرها عادة.

 وهو ما يجعل "العقلاء" يفقدون مصداقيتهم عند تدخلهم، لعجزهم عن الإنصاف وإظهار الحقيقة. ذلك أن الشجاعة تنقص غالبية المثقفين العرب، للوقوف أمام الحق، والقول بأن هناك طرف مخطئ ومعتد، وطرف آخر معتدى عليه. وهو ما يشعرنا بنقص الجرأة والشجاعة في مواجهة الحقيقة، وممارسة قدر كبير من النفاق الإعلامي والفكري.

كما أن تصريحات "المثقفين العقلاء" لا تصدر عادة مباشرة بعد حدوث أي اعتداء وشجبه مباشرة، إذ عادة تصدر الأحكام والتحليلات بعد استفحال الأمور وتعفنها وتعقدها، مما يجعل من الصعوبة بمكان مواجهة الصراعات، والتعامل فكريا وإعلاميا معها، والمساهمة في اقتراح حلول لها.

وفي الحالات القليلة التي يتحلى فيها بعض الكتاب والمثقفين والإعلاميين بالجرأة الضرورية لتقديم حقائق كما هي، تقوم الصحف والقنوات الفضائية بممارسة الرقابة عليهم. حيث يساهم الإعلام في منع إظهار عورات المثقفين والسياسيين العرب، خجلا من هذا الواقع المزر. في حين أنهم يشجعون إلى إبراز واقع خاطئ ومشوه، لمخادعة القراء والمشاهدين، من خلال تهوين الأمور الخطيرة، وإيهام الرأي العام العربي بأن كلّ شيء بخير على ما يرام.

وهكذا يتعامل المثقفون العرب مع الخلافات العربية بسلبية، وتصدر منهم تصريحات وتحاليل متأخرة. كما أنهم لا يستطيعون النظر إلى الحقيقة، مما يؤكد فشلهم في عكس الواقع كما هو بصراحة وشجاعة. بل أن مواقفهم يشوبها نوع من النفاق الفكري، وهو ما يفقد المثقفين والإعلاميين العرب مصداقيتهم ودورهم في المساهمة في حلّ المشاكل الإجتماعية والثقافية والصراعات السياسية التي تنشب بين الشعوب العربية، بل أنهم قد يساهمون في تعقيدها وتأزيمها.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ