-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
لا
قانون، لا سلام، ولا اتفاق ، حال
الشعب الفلسطيني بقلم:
فراس ياغي/ رام الله ليست معركتنا، ولم تكن،
لم نفكر فيها أصلا، فصراعنا كان
ولا يزال مع إحتلال اقتلعنا من
أرضنا وفرض أجندته على المنطقة
منذ أكثر من ستين عاما، فرضها
بالقوة وبالدعم الدولي
البريطاني-الفرنسي أولا، ثم
الأمريكي الذي يهيمن على العالم
الآن بعد انتهاء الحرب الباردة،
على الرغم من وجود قوى وطنية
قومية فرضت عليه التعامل معها
وفق مصالحها وفي محيطها، كروسيا
والصين وتركيا وحتى إيران
أحيانا، قدر عاشه الشعب
الفلسطيني ولا يزال، لم يجلبه،
ولا يريده، ولكنه وجد نفسه
متورطا به ويدفع ثمنا لم يدفعه
شعب من قبل، فهو الشعب الوحيد
الباقي في هذا العالم "الحر"
الذي لم يتمكن من أن يعيش على
أرضه وفي ظل دولته المستقلة
كاملة السيادة. منذ مطلع القرن العشرين
والشعب الفلسطيني يخوض معركة
غير متكافئة مع قوى دولية
استعمارية، فرضت قوة إقليمية
على المنطقة ككل قبل أن تخرج
منها، فالاستعمار هزم ولكنه ترك
وراءه قوة احتلال مدعومة منه
وبقوة، مهمتها الحفاظ على
مصالحه في المنطقة، وعلى رأسها
الطاقة وغيرها من المصالح
الحيوية المهمة، خاصة في ظل
الحرب الباردة، وقد تحددت مهمات
ووظائف قوة الاحتلال نتيجة
الصراعات الدولية بين القوى
العظمى، ووضع الجانب الفلسطيني
وقوى المقاومة العربية من دول
وحركات وأحزاب قومية ووطنية
بشكل طبيعي في الجهة المواجهة
لهذا الاحتلال، لا خيار، فقد
كنا جزء من الحرب الباردة شئنا
ذلك أم أبينا، فالاستعمار
القديم والجديد يدعم من
هَجَّرنا عنوةً عن أرضنا، ولم
يكتفي بذلك بل إعتدى على محيطه
بحجج أمنية، في حين كان يهدف
لفرض استراتيجية جديدة على
المنطقة، نجح فيها بجدارة، فمصر
السادات أبرمت معاهدة منفردة،
فتغيرت معالم المنطقة
التحالفيه، وأصبحت إمكانية
المواجهة الفعلية والحقيقية
غير ممكنة، فلا حرب تحريرية
بدون مصر، ولا سلام حقيقي بدون
إقرار إسرائيلي بحقوق الجار
والمحيط. في خضم ذلك، انهارت
القوة العظمى الداعمة لقوى
التحرر، وانفردت الولايات
المتحدة بالعالم، وتجلى ذلك
بتحرير الكويت عام 1990، وهنا
بدأت حقبة جديدة، فلم تعد قوة
الاحتلال في المنطقة قادرة على
حماية مصالح الاستعمار لوحدها،
فالقوة العظمى جاءت بنفسها
وبجيشها لحماية مصالحها
الحيوية والأساسية التي تبقيها
قوة عظمى واحدة ووحيدة، وكان
غزو نظام "صدام" للكويت
واحتلاله لها السبب المباشر
لذلك، هنا، اختلفت طبيعة
التحالفات، وتغيرت المنطقة
ككل، وبدأت القوى الغربية بفرض
أجندة جديدة على المنطقة،
عنوانها السلام، فعقد مؤتمر "مدريد"،
وظهر شعار "الأرض مقابل
السلام"، وبدأت عملية طويلة
ومعقدة، كانت نتيجتها معاهدات
سلام بين الأردن وإسرائيل،
واتفاقيات سلام هشة غير واضحة
ومبهمة مع ممثلي الشعب
الفلسطيني تمثلت بعقد اتفاقية
"أوسلو"، وكان هناك حوار
مباشر وغير مباشر مع سوريا،
الاحتلال فكر أن الشعب
الفلسطيني والعرب انهزموا وليس
أمامهم سوى التسليم بذلك، وحاول
وبكل الطرق فرض أجندة سلام
بطريقته، فهو لم يعترف أبدا
بالحقوق الوطنية للشعب
الفلسطيني، وكان مستعد لتقديم
تسويات لمحيطه وجاره لا ترتقي
أبدا للحدود الدنيا للطموحات
المحدودة، أراد أن يستغل طبيعة
موازين القوى لكي يحقق أقصى ما
يستطيع، ولم يفكر أبدا بأن
الواقع الإقليمي العربي -
الإسلامي لن ولا يستطيع أن يقبل
بما لا يقبله ممثلي الشعب
الفلسطيني، وبدأت معركة جديدة،
كان عنوانها استشهاد الرئيس
القائد "أبو عمار"، وظهور
قوى إقليمية وحركات إسلامية
عبأت الفراغ الذي حصل وبشكل
موضوعي، وزادت الأمور تعقيدا
بعد الهجمات الإرهابية على "نيويورك"
و"واشنطن"، واحتلال العراق
وأفغانستان، وكانت الحرب
الكونية على الإرهاب التي
تزعمها رئيس أمريكي لم يعرف ألف
باء السياسة مطلقا، ووضع العالم
كله في صراع لا داعي له، باسم
الخير والشر، رئيس أمريكي
اعتقدت انه "رسول" رباني،
يريد أن يحقق الخير للعالم بقوة
السلاح وبالقتل وبالجرائم،
والخير هنا يقصد به مصالح الدول
الاستعمارية، في محاولة مكشوفة
وواضحة لإعادة الاستعمار
القديم للمنطقة. هُزمت الحرب الكونية
على الإرهاب بالطريقة "البوشية
– التشينية"، هزمت في
العراق، ولبنان، وغزة، وتعاني
بشكل واضح في أفغانستان، ومن
الطبيعي أن تظهر نتيجة لهذه
الحرب قوى جديدة في المنطقة،
ولكن المشكلة الأساسية أن أكبر
المتضررين من هذه الحرب كان
الشعب الفلسطيني، فقد تم تجزئته
بين قوى الخير وقوى الشر، خاصة
بعد الانتخابات التشريعية في
العام 2006 وفوز حركة "حماس"
بأغلبية مقاعد المجلس
التشريعي، وهي التي تصنف عالميا
بأنها جزء من قوى الشر
والإرهاب، فبدأ صراع وانقسام
كنتيجة طبيعية لنظرة استعمارية
للمنطقة، وبدأ حصار ظالم على كل
الشعب الفلسطيني، وبدأت ضغوط
هائلة على قيادة الشعب
الفلسطيني، تزعمتها إدارة "بوش"
الأمريكية، وتجلت في ما عرف
باسم "شروط الكوارتت"،
الغائبة الحاضرة، واعتقدت
القيادة الفلسطينية أن هناك
إمكانية لتحقيق شيء ما ينقذ
عملية السلام، خاصة بعد "الانقلاب"
في غزة، وظهور مؤتمر "أنابوليس"،
فالحرب على الإرهاب يبدأ بحل
القضية الفلسطينية، وإطفاء
الحريق الأساسي الذي يشعل
العالم العربي والإسلامي، فمن
يريد أن ينتصر في أفغانستان،
عليه أن يعيد القدس لأصحابها
الشرعيين، ومن يريد أن ينتصر
على الإرهاب، عليه أن يضع حد
للقضية التي تغذي كل الحركات
التي تتبنى المواجهة مع الغرب
الاستعماري، والقضية
الفلسطينية، وحقوق الشعب
الفلسطيني، هي الأساس، وهي
العنوان، وبغير ذلك، ستسمر
الحرب ولن تنتهي أبدا، فلا يوجد
قائد فلسطيني أو عربي، يستطيع
أن يوافق على ما رفضه الرئيس
الراحل "ياسر عرفات"، وهذه
مسألة استراتيجية، وعلى
الولايات المتحدة الأمريكية أن
تعيها جيدا، هذه حقيقة مطلقة،
لا إلتباس فيها، واستمرار
الانقسام حقيقة أخرى تؤكد أن
الجانب الغربي غير قادر، أو لا
يوجد لديه خطة للحل، وإسرائيل
لن توافق أبدا على الحد الأدنى
المقبول فلسطينيا، والشرعية
الدولية المزعومة لا ترتبط
بمفاهيم الحقوق وقوة المنطق، بل
لا تزال تتعامل وفق موازين
القوى ومنطق القوة، وإلى حين
تغيير دراماتيكي في هذا
المفهوم، فسيبقى العنوان
الأساسي يتعلق بكيفية إدارة
عملية السلام أكثر من العملية
نفسها. إن الواقع الفلسطيني
الحالي مرتبط بشكل واضح
بالأجندات الدولية والإقليمية،
وما يجري هو تعبير حقيقي عن هذه
الأجندات، فالانقسام الحاصل
والصراع على الشرعية، ليس له
علاقة مطلقا بالقانون
الفلسطيني وبكل أشكاله، إنما هو
صراع سياسي بين برامج مختلفة
نتيجة ارتباطها بالإقليم
المحيط، ولا يمكن جسر الهوة بين
طرفي الصراع بدون الاتفاق على
برنامج سياسي واحد وأساليب
نضالية متفق عليها، وسيبقى
الانقسام مستمرا، والاتهامات
متواصلة، حتى تصل القوى الغربية
وعلى رأسها أمريكيا لمنطق الحل
وفرضه، منطق الصفقة الشاملة
للمنطقة ككل، ووفق أجندة تستند
للشرعية الدولية الحقيقية
والمرتبطة بقرارات الأمم
المتحدة ككل، وليس بشكل
إنتقائي، تأخذ ما يصلح لحيلفها
دون غيره، وهنا يكمن العنوان
الأساسي للانقسام، وليس "للقانون
الأساسي" أو غيره علاقة لا من
قريب ولا من بعيد بما يجري،
فالصراع ليس قانونيا، إنه سياسي
بامتياز، ولو نظرنا بتمعن لحوار
"القاهرة"، وللورقة "المصرية"،
لوجدنا أن الاتفاق لو تم سيتطلب
تغيير القانون، وهنا الاتفاق
والوفاق في ظل الانقسام يسبق
القانون، الذي يأتي لتنظيم هذا
الاتفاق ويشكل مرجعية له في
حالة ظهور خلاف ما. لا قانون، لا مرجعيات،
لا سلام، ولا اتفاق، هذه حال
الشعب الفلسطيني الآن،
فالمرجعية المتفق عليها هي
منظمة التحرير، ولكن عن أي
منظمة، بالنسبة لنا، المنظمة
بشكلها الحالي هي المرجعية لحين
إصلاحها والاتفاق على ذلك،
والقانون مختلف على تفسيره ولن
يكون مرجعية بدون توافق،
والاتفاق مؤجل لحين الحصول على
رضا دولي وإقليمي عليه، والسلام
غير ممكن في ظل حكومة يمين "ربانية"
إسرائيلية، فكل شيء مؤجل،
وقرارات المجلس المركزي جاءت
وفق هذا السياق، بقاء الوضع
القائم، لحين التغيير باتجاه
الاتفاق، وهذا أفضل ما يمكن
القيام به في ظل هذا الوضع، مع
ضرورة أن تقوم الحكومة
الفلسطينية والدكتور "سلام
فياض" بالأساس بالتركيز على
تفعيل خطته لبناء الدولة،
والتركيز على الضغط على المجتمع
الدولي وإسرائيل للسماح بترميم
البيوت في غزة، فالإنسان
الفلسطيني هناك يعيش في ظروف
بدائية في القرن الواحد
والعشرين، والانقسام يجب أن لا
يعكس نفسه على قوت وحياة وحق
العيش بحدوده الدنيا على
الإنسان الفلسطيني، وعلينا
التركيز على مواجهة الاستيطان
وتهويد القدس، أجندتنا يجب أن
تركز على الممكن تحقيقه وعلى
مقاومة سياسات الاحتلال
الظالمة، فالسلام مؤجل،
والاتفاق مؤجل، والانقسام يجب
أن لا يستمر عبئاً على الإنسان
العادي المظلوم والمقهور. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |