-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أوباما
يعزز التفوق الإسرائيلي (الرئيس
الأميركي يجري "تعديلات"
على صفقات الأسلحة الضخمة التي
أبرمها سلفه بوش مع دول الخليج
العربية استجابة لشكاوى
إسرائيلية) بقلم
نقولا ناصر* بنهاية
الشهر الحالي يكون قد مضى عام
على بدء آخر هجوم عدواني تشنه
دولة الاحتلال الإسرائيلي على
قطاع غزة في سلسلة هجماتها التي
لم تتوقف في حربها على القطاع
منذ النكبة عام 1948، وتتزامن هذه
الذكرى السنوية المشؤومة مع
حدثين، أولهما بناء جدار فولاذي
تحت الأرض على الحدود
الفلسطينية - المصرية يغلق
الثغرات الأخيرة التي تصل بين
عرب فلسطين المحاصرين هناك وبين
بعض أمتهم على الجانب الآخر من
الحدود، مما يعني إحكام الحصار
على القطاع من الجهات الأربع،
بحرا وجوا وتحت الأرض وفوقها
ويعني كذلك أن الحرب على القطاع
مستمرة، وثاني الحدثين أن
الرئيس الأميركي باراك أوباما
أعلن التزامه بمبدأ للحرب يمثل
تنظيرا يجيز مبدأ الحرب "الوقائية"
التي تسوغ بها دولة الاحتلال
الإسرائيلي حروبها العدوانية
التوسعية على جوارها العربي
ومحيطها الإقليمي مما يسوغ لها
أيضا مواصلة حربها على الشعب
الفلسطيني في غزة وفي غير غزة. ففي الخطاب
الذي ألقاه بمناسبة تسلمه جائزة
نوبل للسلام في العاصمة
النرويجية أوسلو في العاشر من
الشهر الجاري، قال أوباما إن
استخدام القوة يكون أحيانا "ليس
ضروريا فقط بل ومسوغا من
الناحية الأخلاقية"، وإنه
"لا يستطيع أن يقتدي"
بالمهاتما غاندي ومارتن لوثر
كينغ فقط، لأن "حركة اللاعنف
ما كانت لتوقف جيوش هتلر"
ولأن التفاوض لا يجدي مع
القاعدة، ولأن الولايات
المتحدة ساعدت في إحلال الأمن
في العالم طوال أكثر من ستين سنة
"بقوة أسلحتنا"، ولذلك فإن
"أدوات الحرب لها فعلا دور
تلعبه في الحفاظ على السلام"،
ولذلك فإن الحرب ضرورية أحيانا"،
ولذلك فإنه يحتفظ بالحق "في
العمل من جانب واحد من أجل
الدفاع عن أمتي"، ولذلك فإنه
يعتقد بأنه "يمكن تسويغ
استخدام القوة بأسباب إنسانية
... عندما يتجاوز الهدف من العمل
العسكري الدفاع عن النفس أو
الدفاع عن دولة ضد معتد"
عليها، واستشهد على ذلك بمثالي
الحرب على يوغوسلافيا في
البلقان والحرب على العراق. لكنه استنكف
عن الاستشهاد صراحة بالحرب
الإسرائيلية على قطاع غزة التي
أيدتها إدارة سلفه جورج بوش
وورثت إدارته سياسة سلفه
حيالها، غير أن تنظيره لم يترك
مجالا للشك في أنها تندرج ضمن
فهمه "للأسباب الإنسانية"
التي تسوغ استخدام القوة ضد "الإرهاب".
ألم تكن هذه هي المسوغات نفسها
التي ساقتها دولة الاحتلال
الإسرائيلي قبل كل حروبها
العدوانية التوسعية وخلالها
وبعدها؟ إن إدراج
الحليفين الأميركي والإسرائيلي
لكل حركات المقاومة الوطنية
العربية من فلسطين غربا إلى
العراق شرقا مرورا
بلبنان في خانة الإرهاب،
وتسويغ الحرب عليها باسم مكافحة
الإرهاب، ثم التنظير لأسباب "أخلاقية"
و "إنسانية" من أجل تسويقها
لدى رأي عام عالمي معارض للحرب
من حيث المبدأ، لكنه معارض
للحرب على حركات التحرر الوطني
هذه على وجه التحديد، ومحاولة
التخفيف منها بحديث أوباما في
خطابه ذاك عن الحاجة إلى
الالتزام ب"قواعد سلوك معينة"
في شن هذه الحروب وعن ضرورة
الالتزام بالمعايير التي "تحكم
استخدام القوة" كما سنها
المجتمع الدولي، كما فعلت
بلاده، مثلا، عندما أيدت
العدوان الإسرائيلي على لبنان
عام 2006 ثم على قطاع غزة بعد
ثلاثة أعوام لكنها استخدمت تلك
"القواعد والمعايير"
للتخفيف من وقع العدوان على
الرأي العام العالمي وامتصاص
بعض الغضب العربي والإسلامي
عليه، .. إن خلاصة
كل ذلك وغيره هي أن أوباما يضع
دولة الاحتلال الإسرائيلي في
خانة "الخير" ويضع هذه
الحركات والأغلبية الساحقة من
الملايين العربية والإسلامية
التي تتعاطف معها في خانة "الشر"،
ولهذا فإن أوباما يواصل السياسة
الخارجية التقليدية لأسلافه في
الوطن العربي ومحيطه الشرق
أوسطي لضمان التفوق العسكري
النوعي والكمي الإسرائيلي على
مجموع القوى الإقليمية العربية
وغير العربية، وضمان أمن دولة
الاحتلال، وتوفير درع دبلوماسي
وسياسي وإعلامي لحماية حروبها
العدوانية التوسعية، وها هو
أحدث حاملي جائزة نوبل للسلام
يميز نفسه عن أسلافه بتوفير
مسوغات "أخلاقية" و"إنسانية"
لحروبها ولمواصلة دعم بلاده لها. في تقرير لها
في السادس عشر من الشهر الجاري،
قالت الأسبوعية اليهودية "فوروورد"
على موقعها الإلكتروني إن
القادة الأميركيين
والإسرائيليين اشتبكوا في
العلن حول قضية مستوطنات الضفة
الغربية فاعتبر الرأي العام
الإسرائيلي إلى حد كبير أن
إدارة أوباما الجديدة "غير
صديقة، لكن وراء الكواليس، فإن
العلاقات الاستراتيجية الأمنية
تزدهر،" والمسؤولين
الإسرائيليين "يكيلون المديح
للرئيس أوباما ... للأعمال التي
قامت بها إدارته لتعزيز التفوق
العسكري النوعي لإسرائيل الذي
تآكل في السنة الأخيرة لرئاسة
جورج دبليو. بوش". ومن "المبادرات
الجديدة" التي اتخذتها
إدارته، كما "علمت فوروورد،
إجراء تعديلات على صفقات
الأسلحة الضخمة التي أبرمها بوش
مع دول الخليج العربية"، منها
صفقة مع العربية السعودية بمبلغ
عشرين مليار دولار أميركي كانت
مبعث شكوى العديد من المسؤولين
العسكريين الذين زاروا واشنطن
خلال الشهور الأخيرة، و"رفع
مستوى التعاون العسكري
الأميركي – الإسرائيلي في مجال
الدفاع الصاروخي"، و"صفقة
من المتوقع أن تشهد في العام
المقبل واحدة من أكثر المقاتلات
الحربية الأميركية تطورا (إف - 35
التي لا يكشفها الرادار) تذهب
إلى إسرائيل مع بعض التكنولوجيا
الجديدة الأكثر سرية في أميركا"،
لتخلص المجلة إلى القول إن هذا
"الدفء يبدو متعارضا مع الرأي
العام في إسرائيل"، ولتستشهد
في معلوماتها ب"المستشار
الخاص" لإدارة أوباما ستيف
روزين، ولتذكر بأن الالتزام
الأميركي بضمان التفوق العسكري
النوعي الإسرائيلي قد ضمنه
قانون أميركي أصدره الكونغرس
عام 2008. إن هذا
الإطار الاستراتيجي التاريخي
للعلاقات الأميركية
الإسرائيلية قد تعزز بوصول
باراك أوباما إلى البيت الأبيض،
بالرغم من كل رطانته عن "التغيير"
خلال حملته الانتخابية، لأنه
كما قال في أوسلو، بصفته قائدا
عاما لدولة تخوض حربين" و"رئيس
دولة أقسمت على حماية أمتي
والدفاع عنها" فإن عليه في
النهاية أن يتصرف كرجل دولة،
ولو كان عليه أن يهتم بالرأي
العام لما اتخذ القرارات التي
اتخذها، على حد قوله. وبالرغم من
كل المسوغات التي قدمها في
أوسلو للسير على نهج أسلافه،
فإن خلاصة سياسته في الشرق
الأوسط هي تعزيز "تفوق"
دولة الاحتلال الإسرائيلي على
محيطها الإقليمي العربي وغير
العربي، وباحتلال بلاده للعراق
وأفغانستان فإنه عمليا ينقل
الحدود الاستراتيجية لهذه
الدولة إلى حدود إيران وإلى
حدود باكستان، شرقا، وبانحياز
إدارته إليها بشهادة أوثق
حلفائه العرب، وفي مقدمتهم
قيادة منظمة التحرير
الفلسطينية التي وضعت كل بيضها
في سلة بلاده، فإنه ينقل اليوم
حدود دولة الاحتلال الإسرائيلي
إلى الحدود المصرية مع قطاع غزة
الفلسطيني، غربا. لقد فاجأت
صحيفة هآرتس الإسرائيلية هذا
الشهر الرأي العام الفلسطيني
العربي والإسلامي بالخبر الذي
نشرته عن بناء جدار من الفولاذ
تحت الأرض على الحدود المشتركة
مع قطاع غزة المحاصر، وسارعت
مصر الرسمية إلى نفي النبأ حتى
أكدته صحيفة الجمهورية شبه
الرسمية في افتتاحيتها يوم
الخميس الماضي، بقولها إنه مجرد
إضافة إلى الجدار القائم فوق
الأرض، وعندما أكدت الخبر وسائل
إعلام عربية وأجنبية رئيسية،
وأكدته الأميركية كارين أبو زيد
المفوضة العامة لوكالة غوث
وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)
بقولها في قلب القاهرة إن
الجدار الفولاذي "صنع في
الولايات المتحدة" وإنه أقوى
من جدار "خط بارليف" الذي
بنته دولة الاحتلال الإسرائيلي
على امتداد الضفة الشرقية لقناة
السويس بعد احتلالها لشبه جزيرة
سيناء المصرية عام 1967، وقام
رئيس الاستخبارات
العسكرية الفرنسية الجنرال "بنواه
بوغي" بزيارة تفقدية للضباط الفرنسيين
الذين يشاركون الضباط
الأمريكيين والمصريين، للإشراف
على إقامة الجدار على طول محور
صلاح الدين (موقع ديبكا
الإسرائيلي الالكتروني المحسوب
على الاستخبارات الإسرائيلية)،
وأجمعت كل المصادر على أن سلاح
المهندسين الأميركي هو الذي
يقوم ببنائه، عندئذ خرج
مساعد وزيرة الخارجية
الأميركية لشؤون الشرق الأدنى
جيفري فيلتمان على شاشة قناة
الجزيرة الفضائية يوم الأربعاء
الماضي ليقول إن قرار بناء جدار
كهذا هو قرار سيادي مصري وليس
قرارا أميركيا، بعد أن قال
دبلوماسي أميركي لصحيفة الديلي
تلغراف البريطانية في العاشر من
الشهر الجاري إن بلاده "ليس
لها أي دور في أي مشروع على حدود
غزة – مصر يشمل أي حاجز أو جدار." غير أن النفي
الأميركي بالكاد يصمد أمام
الحقائق. ففي السابع عشر من
كانون الثاني / يناير هذا العام
نشرت هآرتس نص "مذكرة التفاهم"
الأميركية – الإسرائيلية "لإنهاء
تهريب السلاح إلى غزة"، التي
اعتبرت هذه المهمة "أولوية"
مكوناتها دولية وتركيزها
إقليمي، وتشمل "التعاون"
مع الجيران"، تعهدت بموجبه
"الولايات المتحدة بالعمل مع
الشركاء الإقليميين وفي الناتو"
من أجل تحقيق الهدف من
الاتفاقية في ساحة عمليات تشمل
البحر الأبيض المتوسط وخليج عدن
والبحر الأحمر وشرقي إفريقيا
"من خلال تحسين الترتيبات
القائمة أو إطلاق مبادرات جديدة"،
كما تعهدت "بتحسين التعاون
الأمني والاستخباري مع
الحكومات الإقليمية" للغرض
ذاته، وبإشراك القيادات
العسكرية الأميركية الوسطى
والأوروبية والإفريقية وقيادة
العمليات الخاصة في هذه العملية. وبعد أن وصل
أوباما إلى البيت الأبيض التزم
بمذكرة التفاهم، ووعد مباشرة
بعد العدوان على غزة بمساعدة
مصر على وقف التهريب إلى
القطاع، وكانت إدارة سلفه بوش
التي وقعت المذكرة قد منحت مصر
"معونة عسكرية" قدرها (32)
مليون دولار وأرسلت مسؤولين
رفيعي المستوى هما روبرت دانين
من وزارة الخارجية ومارك كيميت
من وزارة الدفاع إلى سيناء
للاطلاع على كيفية معالجة مصر
للمشكلة على أرض الواقع ثم لحق
بهما فريق من سلاح المهندسين
الأميركي لتدريب المصريين على
الحدود مع القطاع على كيفية
التعامل مع الفلسطينيين
الباحثين عن أسباب الحياة تحت
الأرض بعد أن تقطعت بهم السبل
فوقها بالطريقة التي يتعامل بها
الأمن الأميركي مع مهربي
المخدرات والمجرمين على الحدود
مع المكسيك. ويتضح الآن
أن الجدار الفولاذي على الحدود
المصرية – الفلسطينية هو أحدث
"المبادرات" التي أطلقتها
الولايات المتحدة، وبناؤه
يعتبر سابقة لا يعرف مثيل لها في
العالم، وهو جدار إسرائيلي في
أهدافه السياسية وأغراضه
العسكرية لكنه صناعة أميركية. أما "المبادرة"
الأخرى فكانت حشد الأساطيل
الأميركية والغربية في ساحات
العمليات الواردة في المذكرة،
بذريعة "القرصنة الصومالية"
المنطلقة من "جمهورية أرض
الصومال" المنفصلة عن الوطن
الأم والتي ما كان لها أن تقوم
أصلا أو تستمر لولا الدعم من
البلدان صاحبة هذه الأساطيل. ومع ذلك ربما
تتوقع واشنطن أن يعرب "أصدقاؤها"
العرب عن شكرهم لها لأنها
استخدمت مساعيها الحميدة مع
صديقها الإسرائيلي لكي يسمح
بإدخال اليانسون والقرفة
والبابونج إلى غزة مؤخرا! ـــــــ * كاتب عربي
من فلسطين ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |