-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الحراك
الإيراني على خط "الاعتدل
العربي" عريب
الرنتاوي ما كاد رئيس مجلس الشورى
الإيراني ينهي مؤتمره الصحفي في
القاهرة، في أعقاب ساعتين من
المحادثات مع الرئيس المصري
حسني مبارك، حتى كان وزير
الخارجية الإيراني منوشهر متكي
يشرع في الحديث إلى "مؤتمر
صحفي" آخر في بيروت، التي
يزورها لوضع حجر الأساس لسفارة
بلاده في لبنان، وليجري محادثات
مع الرؤساء الثلاثة وأمين عام
حزب الله، وليقدم دعوة رسمية من
نائب رئيس الجمهورية الإيرانية
إلى رئيس الحكومة اللبنانية سعد
الحريري لزيارة طهران. في القاهرة، التي وصلها
رجل طهران القوي للمشاركة في
اجتماعات لجنة التعديلات
الخاصة بالنظام الأساسي لمجلس
الاتحاد لدول منظمة المؤتمر
الإسلامي، أشاد لاريجاني بدور
مصر ووساطتها بين الفلسطينين
ودعمها لهم، مشددا على أن دعم
إيران للوساطة المصرية لا
يتنافى مع دعمها لحماس وحزب
الله، في تصريح أرضى مصر
وأزعجها في الوقت عينه: أرضاها
بالنظر لما تضمنه من اعتراف
بدور مصر وتأييد لوساطتها
الفلسطينية، وأزعجها لأنه جدد
تمسك طهران بتحالفها مع حماس
وحزب الله ودعمها لهما، وهو
الأمر الذي لا يريح القاهرة ولا
يسعدها سماعه كثيرا، بل وتعتبره
تدخلا إيرانيا في الشؤون
العربية الداخلية. في بيروت، المنهمكة في
قراءة دلالات وتداعيات زيارة
الحريري "التاريخية"
الأولى لدمشق، كان متكي يجول
على الرؤساء والحلفاء، مشيدا
بعلاقات بلاده الوطيدة
والتاريخية مع لبنان (أول
اتفاقية بين الجانبين وقعت قبل
70 عاما)، بل وكان يحمل في جعبته
دعوة لزيارة ثانية، ستكون "تاريخية"
عند تلبيتها من قبل رئيس
الحكومة اللبنانية سعد
الحريري، صوت متكي كان قد سبقه
إلى بيروت، عندما هاتف بالحريري
مهنئا بتشكيل الحكومة الجديدة. طهران التي تراقب عن كثب
على ما يبدو، حراك المحاور
والخنادق والمعسكرات في
الإقليم، تريد أن تخرج من شرنقة
"محور المقاومة والممانعة"،
لا بمعنى مغادرته أو الارتداد
عليه، بل بالانفتاح على
المعتدلين العرب، وهي بهذا
المعنى لا تتردد في "مغازلة"
مصر، خصمها العربي الأشد وضوحا
وجرأة في نقد سياساتها، كما
أنها لا تمانع في "الدوران"
حول أصدقاء السعودية وحلفائها
والمحسبوين عليها، لا بهدف
كسبهم إلى جانبها، فهي تدرك أن
هذه مهمة صعبة إن لم نقل
مستحيلة، بل لتحييدهم على أقل
تقدير، وهذا أضعف الإيمان. والمتتبع لتصريحات
المسؤولين الإيرانيين، بمن
فيهم (أو بالأحرى بالأخص)
لاريجاني، لا شك يدرك أن
السعودية قبل غيرها، وأكثر من
غيرها، هي المصدر الرئيس
للإزعاج والانزعاج الإيرانيين،
فهي وفق هؤلاء سبب المشكلة بين
إيران واليمن، وهي التي أوقعت
بين طهران والرئيس (الأخ) علي
عبد الله صالح، وهي التي تتدخل
في شؤون اليمن (وليس إيران)،
الأمر الذي يعكس مدى الانزعاج
الإيراني من دخول السعودية على
خط "حروب صعدة" المتعاقبة. لا ندري كيف سينتهي
الحراك الإيراني ولا إلى أين،
لكن المفارقة التي تقفز من
ثنايا "عملية خلط الأوراق
والمواقع والتحالفات" في
المنطقة، يمكن تلخيصها على
النحو التالي: محور المقاومة
والممانعة كما أسمي، والذي أريد
تطويقه وعزله وإخضاعه لنظام
عقوبات صارم، توطئة لإنهاء دوره
أو تحجيمه، ينجح في تكسير اطواق
العزلة، ويحقق اختراقات في
علاقاته مع أركان محور الاعتدال
(المصالحة السورية اللبنانية،
والسورية السعودية، وانفتاح
طهران على حلفاء السعودية في
لبنان، واللقاءات رفيعة
المستوى مع القاهرة) إلى غير ما
هنالك، فيما كافة المؤشرات تقول
أن العلاقات داخل أركان محور
الاعتدال العربي، لا تبدو في
حالة جيدة، خصوصا على خلفية "الإحجام
الخليجي" عن تقديم العون
لمحتاجيه من فقراء الاعتدال،
ففي الوقت الذي تبلغ في
الموازنة العامة السعودية
أرقاما فلكية تصل إلى 144 مليار
دولار، نرى موازنة الأردن التي
لا تزيد عن ثمانية مليارات
دولار تعاني عجزا قد يصل إلى 20
بالمائة منها، في الوقت الذي
تؤكد فيه كافة التقارير بأن
السعودية وجاراتها الخليجيات
تمتنع عن بيع الأردن نفطا
بأسعار تفضيلية، لكأنه يراد
للأردن أن يكون شريكا في "مغارم
الاعتدال العربي" لا في
مغانمه، وما ينطبق على الأردن،
ينطبق أيضا على غيره من "فقراء
الاعتدال العربي". ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |