-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 26/12/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ثمن شاليط

عريب الرنتاوي

لا أقصد بعنوان هذه المقالة، الثمن الذي يتعين على إسرائيل أن تدفعه نظير الإفراج عن جنديها الأسير جلعاد شاليط، فقد نعرف الكثير مما تطالب به حماس...ما أقصده وألمح إليه، هو الثمن الذي دفعه الشعب الفلسطيني وحركة حماس وقوى المقاومة طوال ثلاث سنوات ونصف السنة على أسره في واحدة من أجرأ العمليات الميدانية، والتي أحسب أنها تحتاج إلى مراجعة وإعادة تقييم "سياسيا"، ومن باب أخذ العبرة واشتقاق الدروس.

 

لم يكن قد مضى على فوز حماس الكاسح في الانتخابات التشريعية سوى ستة أشهر، وعلى تشكيلها الحكومة الفلسطينية العاشرة سوى ثلاثة أشهر، حين نفذت عناصر من كتاب القسام وفصيلين صغيرين العملية الشهيرة قرب معبر كرم أبو سالم، فقتلت من قتلت من جنود الوحدة الإسرائيلية، وجرحت من جرحت، ومن بينهم الجندي الأسير جلعاد شاليط.

 

ألفان وخمسمائة شهيد، وأضعاف أضعافهم من الجرحى والأسرى، توالى سقوطهم منذ "أمطار الصيف" التي ردت بها إسرائيل على "الوهم المتبدد" وحتى "الرصاص المصهور"  على القطاع المحاصر والمجوّع، ثمانية وزراء وأربعون نائبا من حماس دخلوا السجون وقضوا فيها ما يقرب أو يزيد عن ثلاثة أعوام، بمن فيهم رئيس المجلس التشريعي نفسه، وبعض هؤلاء النواب والقادة ما زال يقبع خلف القضبان، ما عطل "نصاب المجلس التشريعي" وحال ما بين الحكومة وقدرتها على الحكم، وما بين الحركة وقدرتها على ترجمة فوزها الكاسح في الانتخابات.

 

حصار غزة لم يحكم وتشتد أطواقه إلا بعد أسر شاليط، وبات الإفراج عن الجندي الأسير، مطلبا تبدأ به أية مفاوضات وتنتهي إليه أية وساطات أو مساع حميدة، سواء ما خص منها المعابر والحصار، أو اتصل بالمصالحة وإعادة البناء، والأرجح أن الحال سيستمر على هذا المنوال، إلى أن تطوى صفحة شاليط.

 

ثلاثة أسباب تدفع حماس لإبداء مزيد من الصلابة والثبات على مطالبها وشروطها للإفراج عن الجندي الأسير:

 

الأول: رغبتها في تحقيق إنجاز غير مسبوق، أو لا يقل في حده الأدنى عن تلك المنجزات التي اشتهر بتحقيقها حزب الله، أو تلك التي توصلت إليها فصائل فلسطينية كفتح والقيادة العامة من قبل، فالصفقة المنتظرة يجب أن تكون متميزة كذلك.

 

الثاني: تعويض الخسائر الهائلة التي مني بها القطاع والحركة وحكومتها الأولى ومجلسها التشريعي، جراء عملية الأسر، فلا يعقل بعد كل هذه الخسائر أن يكون "التعويض" متواضعا، والحركة في أمس الحاجة لإنجاز سياسي ومعنوي ومادي ملموس، يعزز مكانتها في على الساحتين الفلسطينية والإقليمية.

 

الثالث: إدراك الحركة – ربما – لمصاعب اختطاف المزيد من الجنود الإسرائيليين، خصوصا بعد المحاولات المستميتة التي بذلتها في أثناء عملية الرصاص المصهور، بهدف أسر مزيد من الجنود وتعزيز موقعها التفاوضي مع الجانب الإسرائيلي في إطار عملية تبادل الأسرى، وهي المحاولات التي باءت بالفشل في ضوء التعليمات المشددة الجديدة التي زوّد بها الجنود الإسرائيليون والتي تبيح لهم قتل زملائهم إن لزم الأمر، شريطة أن لا يقع أي منهم في الأسر، وهذا ما حصل على أية حال في أثناء الحرب على غزة.

 

لقد أدارت حماس مفاوضات (غير مباشرة) شاقة مع الإسرائيليين، عبر الوسيط المصري ابتداء والألماني في نهاية المطاف، ورفعت سقف شروطها ومطالبها على أمل الخروج بأفضل صفقة ممكنة، وأدخلت قضية الحصار والمعابر في صلب معابرها، ويمكن القول أن الحركة نجحت في تحقيق تقدم ملموس (حتى الآن على الأقل) في ميدان الأسماء والأعداد والقوائم وفئات المفرج عنهم ومصائرهم بعد السجن، برغم قساوة الظروف المحيطة بها، وصعوبة الاحتفاظ بالجندي الأسير، لكن "الشق السياسي" من الصفقة، والمتصل بالمعابر والحصار وإعادة البناء، لا يبدو أنه يسير على ما يرام، وثمة تواطؤ على ما يبدو، دولي وإقليمي، من أجل إبقاء القطاع في دائرة الحصار وقبضة العقوبات والجوع والخراب، وقد بات مرجحا وفقا للتسريبات والشروحات، ترحيل هذه الملفات وربطها بما هو أوسع وأبعد من "صفقة شاليط".

 

لسنا هنا نقترح إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ولا ندعي الحكمة بأثر رجعي، وندرك أن ما نقوله قد لا يرضي الكثيرين، لكننا نصر على البوح بما نعتقده صوابا، وإن غضب من غضب، ونرغب لقوى الشعب الفلسطيني الحية، أن تحتكم لميزان الربح والخسارة، في كل خطوة تخطوها، بما فيها تلك المندرجة في سياق "المقاومة الحقة والمشروعة"، فالمقاومة ليست أقنوما مقدسا، ولا هي مسألة خارج البحث والتفكير والتأمل و"التوزين" بميزان الذهب، أقله من حيث وسائلها وأشكالها وتوقيتاتها، وأسر الجندي شاليط أمر شجاح ومبرر، وهو نمط من المقاومة التي لا تشوبها شائبة "إرهاب" أو "عنف أعمى"، وتجيزها كافة القوانين والشرائع الوضعية والسماوية، لكن "السياسي" قبل غيره وأكثر من غيره، عليه أن يتقن "فنون احتساب التكاليف"، ألم يقل السيد حسن نصر الله بأنه ما كان ليقدم على أسر الجنديين الإسرائيليين لو أنه علم مسبقا بأن تداعيات تلك العملية ستكون حربا تدميرية على لبنان ؟... هل ثمة في حماس أو الفصائل الآسرة، من يقول شيئا مماثلا عن تداعيات ونتائج اختطاف الجندي شاليط، في سره على الأقل طالما أن الوقت "المناسب" لم يحن بعد للبوح على الملأ؟!

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ