-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 27/12/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تحية إلى المسيحيين ودعوة 

أعياد الميلاد مناسبة.. والأهم هو دوام التلاقي على الخير والإنصاف

نبيل شبيب

مع حلول عيد ميلاد المسيح عليه السلام ورأس السنة الميلادية نتوجه بالتحية إلى كل من يعتنق المسيحية، التي يؤمن المسلم بأنها من الأديان السماوية، ويعلم أن إيمانه بعيسى عليه السلام جزء لا ينفصل عن إيمانه بالرسل عليهم صلوات الله وسلامه، وهو الذي قال الله تعالى فيه:

{إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ. وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ. قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ. وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ. وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ. إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} -آل عمران: 45 إلى 51-

     

إننا في غمرة الأحداث التي نواجهها في بلادنا وعالمنا وعصرنا وما أضافته في السنوات القليلة الماضية على مخزون سابق بشأن العلاقات بين المسلمين والمسيحيين، فجددت الحديث عن حروب صليبية، وأشعلت المخاوف بحريق جرائم العنف غير المشروع، وعمّقت الخلاف بسبب إساءات وتصرفات متكررة في ديار تقطنها غالبية مسيحية، وأثارت التشاؤم تجاه جولات تنعقد تحت عناوين الحوار.. في غمرة هذه الأحداث وتداعياتها، نحتاج حاجة ماسة إلى الرؤية الواعية، والنظرة الثاقبة، والتمييز الدقيق بين سلبيات وإيجابيات، وافتراءات وإنصاف، واختلافات مشروعة وخصومات، كيلا ننساق جميعا، مسلمين ومسيحيين، على مستوى البلدان الإسلامية وعلى مستوى عالمي، في اتجاه لا يحقق مصلحة لأحد من الطرفين، ولا يعود بالخير على البشرية، ولا يعيدها إلى طريق الحق والصواب، وهو ما نزل به الوحي على الأنبياء.. يقول الله تعالى:

{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} -البقرة: 213-

• • •

إننا في قضية فلسطين المحورية نقدّر تقديرا كبيرا الموقف الذي يجمع بين المسلمين والمسيحيين في الأرض المباركة، في مواجهة الاغتصاب والعدوان والإجرام والتهويد، وهو ما عبرت عنه سلسلة من المواقف التي ثبتها مؤخرا الموقف الرسمي المشترك الصادر عن ممثلي الكنائس المسيحية بفلسطين، والذي يبين أن ما يجمع بين الطرفين هو الحق، فلا يمنع منه الاختلاف في العقيدة.

ونقدر تقدير كبيرا ما ينتشر في العالم الغربي من دعوات يتلاقى عليها محبو السلام والحق والعدل، من المسيحيين مع سواهم من المسلمين وحتى من بعض يهود الغرب، لإرسال قوافل الإغاثة الإنسانية إلى أهل غزة وراء جدران الحصار الإسرائيلية وغير الإسرائيلية، وما يُبذل من جهود من أجل الملاحقة القضائية لمرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من المسؤولين الإسرائيليين، رغم المواقف المنحازة والمتعنتة من جانب الحكومات الغربية.

وإننا في قضايا الحروب الأمريكية والأطلسية ضد عدد من البلدان الإسلامية نقدر تقديرا كبيرا ما صدر في الماضي ويصدر في الوقت الحاضر عن كثير من المسيحيين من أهل البلدان الغربية من مواقف التنديد بتلك الحروب ومعارضتها، والتعبير عن ذلك في مظاهرات جماهيرية حاشدة، وفي حملات توعية راشدة، وفي العديد من الكتب المنصفة، وعبر كثير من وسائل التعبير المتاحة، فضلا عما يقوم به عدد من منظمات المجتمع المدني الخيرية والإنسانية من جهود متواصلة في صالح أصحاب الحق وفي مواجهة أهل الباطل وإن كانوا من المسؤولين في البلاد التي يعيش فيها أولئك المنصفون من المسيحيين.

كما أننا ننطلق من إسلامنا في التلاقي مع كثير من المسيحيين في بلادنا الإسلامية في البلدان المسيحية، على قضايا الإنسان في كثير من ميادين الحق والعدل والأمن، كما في مواجهة هيمنة طغيان المال وتجبّر القوة على صناعة القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري على المستوى العالمي وفي كثير من البلدان، مما وصل إلى ما يشهده عالمنا وعصرنا من كوارث في مختلف الميادين، المناخية والبيئية والاجتماعية والصحية والتعليمية، وما يسببه ذلك من حرمان الإنسان في البلدان الفقيرة، وعلى مستوى فئات عديدة من سكان البلدان الثرية، من حقوقهم المشروعة بموجب الأديان السماوية والشرائع الأرضية والمواثيق الدولية على السواء.

• • •

لا ينبغي لقلة الباطل المهيمنة أن تواري عن أنظارنا ولا عن تفكيرنا وسلوكنا ما يقدمه أهل الحق والإنصاف من مختلف الملل والأجناس بمختلف اللغات وفي مختلف البلدان، وما يتطلعون إليه من أوضاع أخرى لعالمنا وعصرنا، نرتقي بها إلى مستوى الإنسان، ومستوى ما أراده خالق الإنسان ورب الأكوان وتنزل بالوحي عبر الأديان السماوية، فما نلتقي عليه أثبت عروةً وأعمق تأثيراً في حاضرنا ومستقبلنا، مما يريده فريق مهيمن على أسباب القوة، متجبر على الإنسان، وناكث بعهد الله مع كافة خلقه، سواء تلبّس زورا بلباس الدين أو كان من الأصل منكرا للأديان، معاديا لأهلها، ساعيا لتحقيق مطامعه الدنيوية على حسابها وحساب جميع معتنقيها.

لا نحتاج إلى المناسبات، وإن كانت عاملا مساعدا، كمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية، من أجل أن نجدد الحديث عن ضرورة استعادة المبادرة، لبناء جسور الثقة ما بين أصحاب الديانات السماوية من المنصفين، وما بين جميع من يدرك أن مستقبل البشرية معرض لأخطار كبرى تصنعها الحروب العدوانية، وتصنعها الهيمنة الاستغلالية، وأن باستطاعتنا مواجهة الحروب والهيمنة، ومواجهة العداوات والإساءات، بقدر ما تتلاقى الجهود على ما تفرضه روح التسامح مع العدالة، والحوار مع الثقة المتبادلة، والمصالح الإنسانية المشتركة من وراء الاختلافات المباحة.

لا بد من أن يقترن هذا الحديث المتجدد عن التلاقي على الحق والعدل بجهود متجددة، وعمل متواصل، وتصميم راسخ، لنؤكد من خلال المواقف الجريئة المعلنة.. أن هذا الذي تصنعه القلة المهيمنة بالإنسان ومستقبله، والعالم واستقراره، والأديان وسماحتها، مرفوض من جانب الكثرة الكاثرة من أصحاب الأديان السماوية، وأصحاب الحق في أن تكون العلاقة بينهم علاقة قائمة على قواعد منصفة مقبولة، سواء فيما يحقق مصلحة الإنسان وحقوقه وحرياته المشروعة، أو فيما يضمن ألا يتحول الاختلاف المشروع إلى صراع غير مشروع، ويتحول جنس الإنسان الذي كرمه الله تعالى، إلى ضحية مطامع أعداء الإنسان، وإن تمسّحوا بنصوص هجروا معانيها وانتهكوا مقتضياتها وزوّروا مقاصدها لتحقيق مطامعهم الباطلة.

ولا بد من أن تقترن الدعوة إلى الحوار والتسامح بالحرص الشديد على أن تكون غايتها الخروج من الحلقة الشيطانية المفرغة التي تسوق مطامع الهيمنة الاستغلالية البشرية إليها سوقا، وتدمّر حاضرها ومستقبلها وثرواتها وطاقاتها وآمالها تدميرا، وأن يكون التلاقي قائما على التعارف والتعاون فيما يحقق مصلحة الإنسان، وهي الغاية التي تتلاقى عليها الأديان السماوية كما أنزلها خالق الإنسان:

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} -الحجرات: 13-

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ