-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عندما
تصبح الكتابة في مجال السياسة
مجرد ثرثرة! أ.د.
محمد اسحق الريفي أرجو أن يعذرني الزملاء
كتَّاب مقال الرأي السياسي
المنشغلون بهموم أمتنا على هذا
المقال، فلست ممن ينتقص حقهم أو
يقلل من قيمة مقالاتهم أو يشكك
في نيّاتهم وقدراتهم على
التوعية. ما
دفعني لتناول هذا الموضوع هو
حالة الجمود السياسي التي
نعيشها في فلسطين خاصة والعالم
العربي عامة وما يصاحب هذه
الحالة من قمع أدى إلى شلل سياسي
عام، فأصبح كثير من كتَّاب مقال
الرأي يكررون أنفسهم وينساقون
وراء رغبات القرّاء الذين
يبحثون عن الإثارة والتسلية، ما
حوَّل مقال الرأي لدى كثير من
الكتَّاب إلى مجرد ثرثرة.
فلم تعد السياسة في
بلادنا تعني رعاية شئون الدولة،
ولم تعد تمثل الجانب الأخلاقي
الذي يتعلق بـحكم دولة أو أمة
والحفاظ على أمنها وازدهارها،
والدفاع عن وجودها وحقوقها ضد
التحكم أو الغزو الأجنبي،
وزيادة قوتها ومواردها، وحماية
حقوق مواطنيها والحفاظ على
أخلاقهم والعمل على تحسينها،
وإنما أصبحت السياسة تعني فن
قمع الشعوب وحماية المصالح
الغربية وتعزيز النفوذ
الأمريكي والتشدق بالتنافس على
المبادئ من أجل تحقيق المصالح
الحزبية والفئوية وتسيير
الشئون العامة لحصول الحاكم
وعائلته والساهرين على حماية
كرسيّه على امتيازات خاصة، ما
حوّل السياسة في بلادنا إلى
أداة للاستبداد بالشعوب ونهب
ثرواتها وخيانة أمتنا. وقد تحوّلت السياسية
بسبب التدخل الخارجي في شئون
بلادنا إلى صراعات داخلية تحدد
طبيعتها وميادينها قوى
الاستكبار والشر بقيادة
الولايات المتحدة الأمريكية
وبمشاركة الصهيونية العالمية.
فالولايات المتحدة تحرك
طابورها الخامس في أي وقت تشاء
وتوجهه إلى إشعال الصراعات
الداخلية وتأجيج الفوضى التي
تسميها الولايات المتحدة
وعملاؤها "الفوضى
الخلاقة"، بهدف إنهاك الشعوب
وزيادة معاناتها، لتتمكن
الولايات المتحدة من حماية
مصالحها ونفوذها ومنع أي محاولة
لتغيير النظام الحاكم الخاضع
لها حتى تحولت الديمقراطية إلى
كذبة مفضوحة.
فما قيمة العمل الحزبي
والانتخابات والسياسية إذا
كانت نتائجها خاضعة لنظام حاكم
خاضع لأعداء أمتنا؟ ولذلك يكرر كثير من
الكتَّاب أنفسهم بسبب هذا الشلل
المستعصي على العلاج في مقالات
الرأي السياسية المتعلقة
بالقضية الفلسطينية وغيرها من
قضايا أمتنا، ليس بسبب مشكلة في
التفكير أو الوعي ولا بسبب عدم
إدراك أهمية الوعي السياسي في
بناء الإنسان وتوعيته وتأهيله
حتى يكون قادراً على مواجهة
أعداء الأمة وتحديات الواقع،
ولكن بسبب انسداد الأفق السياسي
وما أدى إليه من حالة جمود
طامّة. فما
فائدة الكتابة عندما يفقد الوعي
السياسي قدرته على تحريك
الأفراد والأحزاب والشارع
ويفقد الرأي العام قيمته وتصاب
الإرادة الشعبية بالتمزق
والشلل والضلال؟ لقد اتبع كثير من
الكتَّاب رغبات القراء العرب
فأخذوا يستغرقون في الكتابة في
مواضيع الإثارة والمناكفة
السياسية ويتفننون في إبراز
قدراتهم على إتحاف القارئ
بالطرف والعبارات المثيرة
للضحك والسخرية والاستهزاء،
كما حدث مع قصة الإعلامية
السعودية نادين البدير عندما
دعت إلى السماح للمرأة بتعدد
الأزواج أسوة بالرجل، فقد تحول
موضوعها رغم تفاهته إلى مادة
للتسلية وتأليف الطرف! ومن المدهش أن تطبيقات
تكنولوجيا المعلومات أتاحت
للكتَّاب متابعة مدى انتشار
مقالاتهم عبر المواقع
الإلكترونية وعديد القارئين
لها، ما أثر على نوع المواضيع
التي يتناولها الكتَّاب في
مقالاتهم وطريقة تناولها، فوصل
الانسياق وراء رغبات الجمهور
بكثير من كتَّاب مقال الرأي
السياسي لحد اختيار المواضيع
التي تسلي القارئ وتدغدغ عواطفه
وتشبع فضوله، دون الاهتمام
بالرسالة التي يحملها الكاتب...
فهل نكتب لتسلية القارئ
والاستجابة لرغباته أم لبنائه
وتوعيته والتأثير على آرائه
واتجاهاته ثم حشد رأيه إلى جانب
الآراء الداعمة لحقوق الشعب
الفلسطيني وقضايا أمتنا
المصيرية؟ المطلوب التركيز في
المقالات التي يتناولها
الكتَّاب على بناء الإنسان
وإعادة تشكيل عقله وتصحيح ولائه
وإعادة ترميم منظومة المعايير
التي تشكل أساساً لسلوكه
ومواقفه واتجاهاته... ولكن هل من
خطة يضعها التربيون والمثقفون
لإنقاذ أبناء أمتنا من التدهور
القيمي والأخلاقي الذي يعانون
منه؟ ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |