-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تركيا
تعيش آلام مخاض عملية التغيير محمود
عثمان بينما تحرز الدبلوماسية
التركية النجاح تلو الآخر على
صعيد السياسة الخارجية , تعاني
حكومة العدالة والتنمية من تأزم
في الوضع الداخلي على أكثر من
صعيد . إذ لا تزال انعكاسات قرار
المحكمة الدستورية العليا
إغلاق حزب المجتمع الديمقراطي
الكردي قائمة بالرغم من انتقال
أعضائه بطريقة سهلة سلسة – لم
يكلفهم الأمر سوى تغيير اللوحات
الخارجية فقط - إلى حزبهم الجديد
حزب السلام والديمقراطية . وسط
تأييد وترحيب جميع الفرقاء
السياسيين .. المعضل في المسألة
الكردية كثرة أطرافها وتشابك
وتضارب مصالحهم , ففي الوقت الذي
كان ينتظر من القيادات الكردية
وضع يدها بيد الحكومة لتحقيق
وإنجاح مشروع الانفتاح
الديمقراطي الذي يهدف بشكل
أساسي إلى منح حقوق للأكراد
أكثر حتى سمي الانفتاح الكردي
تركت تلك القيادات الميدان
وعمدت إلى استغلال الفرصة
بالضغط على الحكومة لحملها على
الاعتراف بعبد الله أوجلان
مخاطبا سياسيا الأمر الذي لا
يزال خطا أحمر لا يستطيع أحد
كائنا من كان تجاوزه في المرحلة
الحالية , مما ينذر بإضاعة فرصة
تاريخية أخرى من الأكراد , ويثير
الشكوك بوجود أياد خارجية
وداخلية تدفع بأوجلان لوضع
المزيد من العصي في عجلات عربة
الحكومة التي اتخذت من مشروع
الانفتاح الديمقراطي مسألة
حياة أو ممات , و تركها وحيدة في
الميدان تواجه معارضة شرسة من
حزبي المعارضة الرئيسيين حزب
الشعب الجمهوري وحزب الحركة
القومي , وبقايا منظمة
الأرجنكون التي تلقت ضربات
مؤلمة على يد الحكومة ودخلت
مرحلة التصفية بعد اعتقال
العناصر النشطة فيها ومحاكمتهم
رغم حصول قياداتها الرئيسية
وعقولها المدبرة على نوع من
الحماية !. وقد اهتزت الساحة
السياسية التركية بعد اكتشاف
محاولة لاغتيال نائب رئيس
الوزراء بولند أرينج الرجل
الجريء رئيس البرلمان السابق
وثالث شخصية قي حزب العدالة
والتنمية بعد الطيب أردوغان
وعبد الله جول .. محاولة
الاغتيال هذه وضعت قيادة الجيش
في مأزق حرج لا تحسد عليه , فينما
تتعرض للاتهام من قبل العسكر
الشباب بالخضوع للإرادة
السياسية و ضعفها أمام الحكومة ,
تدرك هذه القيادة جيدا أن
معطيات اليوم ليست كالبارحة ,
وتركيا اليوم ليست تركيا الأمس
من جميع النواحي الاقتصادية
والسياسية وتنامي الوعي
السياسي لدى رجل الشارع العادي
.. فلأول مرة في تاريخ تركيا تدخل
الشرطة ليس ثكنة عسكرية عادية
فحسب بل مبنى رئاسة الأركان أي
مركز قيادة الجيش من أجل
التحقيق في جرم جنائي ! , بينما
قيادة الجيش عاجزة عن التدخل
ومنع ذلك !. وقد تم اعتقال ثمانية
ضباط من وحدة العمليات الخاصة
على خلفية محاولة الاغتيال
سالفة الذكر . الأمر الذي استدعى
عقد اجتماع هو الثاني من نوعه
خلال هذا الأسبوع بين رئيس
الأركان ورئيس الوزراء استمر
ثلاث ساعات.. لهذا سيكون للشورى
العسكرية التي تعقد كل عام شعر
آب أغسطس أهمية خاصة حيث يتم
فيها اختيار قيادة الجيش ومصير
من يتم ترفيعهم ومن يحالون
للتقاعد .. فإما
أن يتم تصفية بقايا منظمة
الأرجنكون واقتلاع جذورها وهذا
يعني خطوة كبيرة في طريق تحول
تركيا إلى دولة مدنية ديمقراطية
بمعنى الكلمة , وإما أن تستمر
المقاومة قبل تسليم كل قلعة
وموقع مما يكلف الحكومة مزيدا
من الجهد والوقت الذي تراهن
عليه كثير من القوى المتربصة . على صعيد آخر بدأت سوريا
وتركيا خطوات عملية في تحويل
الاتفاق الاستراتيجي الموقع
بين البلدين إلى حيز التنفيذ
فقد تم التوقيع على واحد وخمسين
اتفاقية بين البلدين شملت معظم
المجالات السياسية والاقتصادية
والثقافية والسياحية وغيرها .
تم ذلك خلال اجتماع مجلس
الوزراء المشترك بين البلدين ..
الحكومة التركية التي تحاول من
خلال علاقاتها مع سوريا بناء
حلف إقليمي فعلي يحقق أمن
ومصالح بلدان المنطقة من سوريا
إلى العراق إلى لبنان مرورا
بالأردن ترمي أيضا إلى تخفيف
الاحتقان الحاصل على صعيد
الساحة السياسة الداخلية ,
وتسعى في الوقت نفسه إلى تطويق
نشاطات حزب العمال الكردستاني ,
وقطع طرق إمداداته الخارجية , من
خلال تأمين منافذ آمنة بديلة
لأعضائه من الأجانب أو أكراد
تركيا الذين لا يمكنهم الرجوع
لتركيا حال تصفية الحزب التي
تجري على قدم وساق . أما سوريا التي أبدت
استعدادها للتعاون مع تركيا في
هذا المجال ووعدت بعدم محاسبة
الأكراد المنخرطين في صفوف حزب
العمال الكردستاني !. فلا زالت
تقاوم حاجة ماسة إلى صلح داخلي
يعيد الثقة للمواطنين
بانتمائهم للوطن , ويقوي اللحمة
بين أبنائه ويحقق الصلح والسلم
والوئام الداخلي .. والسؤال
الملح هنا ألا تشعر حكومة
الرئيس بشار الأسد بالحاجة إلى
مشروع انفتاح ديمقراطي على غرار
مشروع الانفتاح الديمقراطي
الذي أطلقته حكومة صديقه وحليفه
السيد رجب طيب أردوغان ؟ .
الرئيس بشار الأسد صرح ذات يوم
قائلا : إن علاقاتنا مع تركيا
أكثر من علاقات مصالح , وهذا
يعني أن هناك تبادل للخبرة
والنصح والمشورة بينهما , ومن
المحال ألا يكون مشروع الانفتاح
الديمقراطي أحد مواضيع هذه
المشورة !.. لا
أحد يدري ماذا يجري خلف
الكواليس . لكن مما لاشك فيه أن
الشعب السوري ينتظر من حكومة
السيد رجب طيب أردوغان أكثر من
ترميم التكية السليمانية !. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |