-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رسائل
إسرائيل : من غزة إلى الضاحية
مرورا بنابلس عريب
الرنتاوي ألقت العملية
الإسرائيلية الإجرامية في
نابلس ، بظلال كئيبة وكثيفة فوق
رؤوس القيادتين السياسية
والأمنية للسلطة الفلسطينية ،
وشبح عملية الإعدام التي جرت
بدم بارد لثلاثة من كوادر فتح ،
وفي ظروف غير قتالية على
الإطلاق ، ما زال يطارد
المحللين السياسيين الذين
أجهدوا أنفسهم خلال اليومين
الفائتين للإجابة على أسئلة
العملية وتساؤلاتها. سياسيا ، ثمة من يخشى أن
تكون هذه العملية ، "بروفة"
لنمط من العمليات التي ستقدم
إسرائيل على تنفيذها في قادمات
الأيام ، والهدف المباشر وفقا
لهؤلاء: "خلط الأوراق"
وتدمير مؤسسات السلطة والعودة
لمعزوفة "غياب الشريك
الفلسطيني" ، أما الهدف غير
المباشر ، أو بعيد المدى ، فهو
الانسحاب من "عملية السلام"
وإعادة توجيه الضغوط الدولية
الرامية لصياغة مرجعية لهذه
العملية ، وتحويلها صوب الجانب
الفلسطيني الذي لا يكف عن "المفاخرة"
بمنجزاته الأمنية وإنجازه
استحقاقات المرحلة الأولى من
خريطة الطريق. أمنيا ، تثير هذه
العملية المخاوف من انهيار
الأجهزة الأمنية ، ووفقا لقدورة
فارس فإن "الذين يفتخرون
بأنهم أنشأوا أجهزة أمنية قوية
خلال عامين ، يمكن أن يروا كل
شيء ينهار في أسبوع أو لحظات ،
بسبب تصرف لا أخلاقي كإعدام
الناس أمام عائلاتهم كما حدث في
نابلس". وأمنيا أيضا ، يمكن أن
تفتح أحداث من طراز "جريمة
نابلس" الباب لانتفاضة ثالثة
، صحيح أن شروطها لم تنضج بعد
كما قال فارس محقا ، لكن هنالك
مؤشرات وإرهاصات تدل على أن
الناس قد لا يحتاجون إلى وقت
طويل قبل أن يقرروا الخروج إلى
الشوارع وامتشاق الحجارة
والهروات وربما الأسلحة ، ولعل
ما جرى في أثناء "تشييع
الشهداء الثلاثة" من هتافات
ضد السلطة والمطالبة بحلها
والتنسيق الأمني والثأر
للشهداء ، ما يمكن اعتباره أول
غيث التحولات في الضفة الخاضعة
لعملية "غسيل دماغ" منذ
أزيد من ثلاث سنوات. إذن ، ثمة رسالة سياسية
أولى كامنة وراء العملية
الإرهابية في نابلس ، تبني على
ما سبق لعاموس يادلين رئيس شعبة
الاستخبارات في الجيش
الإسرائيلي أن نطق به في محاضرة
أمام معهد بحوث الأمن القومي في
جامعة تل أبيب قبل أيام ، عندما
اعتبر أن إسرائيل تواجه التحدي
من "كيانين فلسطينيين" ،
الأول سياسي ويتركز في الضفة ،
ويسعى لإقناع المجتمع الدولي
بحلوله (ومرجعياته) وفرضها من
جانب واحد على إسرائيل ،
والثاني أمني ويتجمع في غزة ،
ويتجلى في تنامي مقدرات حماس
والمقاومة العسكرية والقتالية. وإذا كانت "جريمة
نابلس" رسالة دامية بربرية في
مواجهة التحدي السياسي ، وإذا
كان "الأمن والاستقرار" في
الضفة هو هدف هذه الرسالة ، فإن
جريمة قتل العمال الثلاثة على
مقربة من حاجز إيريتز ، هي
الرسالة الدامية البربرية
الثانية ، والموجهة إلى "التهدئة"
في غزة ، وإلى حكومة حماس التي
تقف وراءها وترعاها ، أما
الرسالة الدامية الثلاثة ، فقد
بلغت حماس وحزب الله على حد سواء
، في قلب الضاحية الجنوبية ،
بالعملية الإرهابية التي حملت
بصمات الموساد ، والتي قيل أنها
كانت تستهدف قياديين من الحركة
، أسامة حمدان وعلي بركة ،
أحدهما أو كلاهما ، لكنها أودت
بحياة ثلاثة مناضلين آخرين. في تفسير موجة الرسائل
الإسرائيلية الدامية الممتدة
من غزة جنوب فلسطين إلى حارة
حريك جنوبي بيروت مرورا بنابلس
، يمكن العودة إلى ما قاله يوسي
بيلين في اجتماع لقيادة ميريتس
أمس الأول ، عندما كشف عن
معلومات حول قرب التوصل إلى
مسودة "اتفاق مرجعية" بين
نتنياهو وجورج ميتشيل يمكن بعد
قبول عباس (المرجح) بها وفقا
لبيلين ، أن تكون مظلة لاستئناف
المفاوضات وتخطي عقبة تجميد
الاستيطان ، يقول بيلين: إن
نتنياهو يخطو خطوة باتجاه
اليمين في كل مرة يضطر فيها
لاتخاذ خطوة باتجاه الأمريكيين
(اليسار) ، فهو جمّد الاستيطان
لعشرة أشهر ، بيد أنه استثنى
القدس وثلاثة آلاف وحدة قيد
الانشاء وأعطى المستوطنات
النائية مكانة الأولوية (الأفضلية)
في الانفاق الحكومي إلى غير ما
هنالك من خطوات استرضائية
لليمين والمستوطنين ، ونضيف إلى
ما قاله بيلين ، بأن نتنياهو
الذي يتجه للقبول بورقة "مرجعية"
ضبابية وملتبسة بخصوص الدولة
والحدود وخط الرابع من حزيران
والقدس واللاجئين ، استجابة
لطلب الإدارة الأمريكية
وأوروبا والمعتدلين العرب
والفلسطينيين ، سيأخذ خطوات
باتجاه إحكام القبضة على القدس
وتسريع أعمال البناء فيها ،
وافتعال مشاكل مع السلطة في رام
الله وحماس في غزة ، ودائما بهدف
وضع هذه الأطراف في زاوية ضيقة ،
لإحراجها توطئة لإخراجها عن
طورها أو إخراج الأوضاع لديها
من دائرة التحكم والسيطرة ،
وسعيا للإفلات من قبضة الضغوط
والتنصل من الالتزامات
والاستحقاقات ، وحفاظا على وحدة
الحكومة والائتلاف ، واسترضاء
للقواعد اليمينية. نحن لا ندري كم عملية
أخرى مثل عملية نابلس ، يمكن
للسلطة وبنيانها الأمني
والمؤسساتي الهش أن يحتملا ،
والأهم كم من هذه الاستفزازات
يمكن للرأي العام الفلسطيني في
الضفة ، ولحركة فتح بالأخص ، أن
يحتملا ، وكم غارة يمكن
لإسرائيل أن تشن على غزة قبل أن
تبدأ صواريخ "الأذرع
والكتائب والألوية والسرايا"
بالتساقط على المستوطنات
الجنوبية ، وماذا لو قدر لعملية
الضاحية الجنوبية أن تطال رأسا
من رؤوس حماس القيادية ، ما الذي
كان سيحصل على صعيد التهدئة أو
على صعيد صفقة تبادل الأسرى؟. أسئلة وتساؤلات ،
تدفعنا للتساؤل عمّا يخفيه "جراب
الحاوي نتنياهو" من مناورات
وألاعيب وأفخاخ وشراك ، تارة
لتفادي الضغوط الأمريكية
والدولية ، وتارة ثانية لـ"إدارة
العملية السياسية" حتى إشعار
آخر ووفقا لقانون خطوة للأمام
خطوتان إلى الوراء ، وتارة
ثالثة ، لتصفية الحساب المفتوح
مع غزة - وربما لبنان - وصولا
لطهران وبرنامجيها النووي
والصاروخي ، أليست هذه هي
التحديات المهددة لأمن إسرائيل
كما عرضها قبل أيام ، عاموس
يادلين؟ ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |