-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
النفط
وترسيم الحدود العراقية
الإيرانية المهندس
عصام الجلبي* لم أعمل سابقا في السلك
الدبلوماسي ولا في أجهزة وزارة
الخارجية لكي أكون على أطلاع
مباشر على أزمات متوالية عاشها
العراق الحديث لحوالي قرن من
الزمان نتيجة تجاوزات الجارة (المسلمة)
ايران على الحدود ومطالباتها
بأرض ومياه عراقية وعن طريق
التوغل وافتعال الأزمات
والحروب.. لقد تم وعلى مرَ العهود
أبرام العديد من المعاهدات
والأتفاقيات كانت لا تستمر سوى
لسنوات معدودات ثم تنتهكها
ايران.. وأخرها – ورغم ما يفترض
من تقارب بين نظامي الحكم في
البلدين- احتلال ايران لبئر
الفكة رقم 4 وما يجاورها من
أراضي عراقية في منطقة جبل فكة
في محافظة ميسان.. ولغرض
الأشارة الى الخلفية التاريخية
( مع الأستعانة بمقالة للدكتور
حسن طوالبة في جريدة العرب
اليوم في 27/12/2009 والأقتباس منها )
أذكر ما يلي علما أنني سعيت
لتوسيع دائرة معلوماتي من خلال
الأتصال بعدد من الشخصيات
الدبلوماسية العراقية وكذلك
خبراء النفط ممن عملوا عن قرب في
محافظة ميسان وحقل الفكة تحديدا
وأملي أن يعمل البعض على
أغنائها بما لديهم من معلومات....... من الناحية النفطية فقد
تم في عهد الرئيس الراحل
عبدالرحمن عارف التوقيع في 20
تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1967
على اتفاقية عقد الخدمة بين
شركة النفط الوطنية العراقية
وشركة الف-ايراب الفرنسية (
والتي اعتبرت في حينه ضربة
للمصالح الأمريكية) وقد تم
تشريع ذلك بقانون في 3/2/1968 وذلك
تنفيذا لأحكام المادة الثالثة
من القانون رقم 97 لسنة 1967 (والذي
لا زال نافذ المفعول ليومنا هذا
وتنتهكه الحكومة الحالية بشكل
متعمد عند ابرامها عقود خدمة مع
شركات النفط الأجنبية)..وبوشر
منذ عام 1969 بالعمليات
الأستكشافية وحفر الأبار التي
حددت اكتشاف ثلاث حقول وتم
ترسيم أبعادها وحدودها والتي
كانت كليا ضمن الأراضي العراقية
وهي: - حقل البزركان ويبلغ
حجم الأحتياطي فيه 1,54 مليار
برميل - حقل أبو غرب ويبلغ حجم
الأحتياطي فيه 610 مليون برميل - حقل فكة ويبلغ حجم
الأحتياطي فيه 480 مليون برميل بوشر
في أواسط السبعينات بأعمال
استكمال حفر الأبار الأنتاجية
ومد خطوط الأنابيب وبناء
المنشأت السطحية من محطات عزل
الغاز ومنشأت معالجة النفط
والغاز وأنابيب نقل النفط وصولا
الى الفاو ليلتقي مع شبكة
التصدير عبر ميناء البصرة
العميق (البكر سابقا) في الخليج
العربي وتبلغ الطاقات
الأنتاجية للحقول الثلاث : 60 ألف
برميل يوميا للبزركان و40 ألف ب/ي
لأبو غرب و30 ألف ب/ي للفكة وبوشر
بالأنتاج الفعلي في 1978-1979 وتوقف
في أيلول 1980 مع بدء العمليات
العسكرية في المنطقة عندما
تعرضت المنشأت النفطية لأضرار
بالغة خلال فترة الحرب بسبب
القصف الجوي والمدفعي...وتم بعد
اعلان وقف أطلاق النار في 8/8/1988
اصلاح المنشأت وبوشر بالأنتاج
منها ولكن بطاقات أقل من الطاقة
التصميمية واعيد تصليحها مرة
أخرى بعد قصفها خلال حرب الخليج
الثانية رغم الحصار المفروض
1990-2003 وأعيد الأنتاج وكان النفط
خلالها يمزج مع بقية نفوط
البصرة ويصدر عبر منافذ الخليج
العربي. ولا بد من الأشارة الى
أن عددا من الأبار كانت قريبة من
الحدود وكان أقربها البئر رقم 4
الذي يبعد مسافة حوالي 250 مترا
وبقية الأبار بمسافات أبعد
وصولا لعدة كيلومترات وكثيرا ما
كانت هذه المنطقة تشكل منطقة
حرام يصعب الوصول اليها من قبل
الجانبين وخاصة خلال السنوات
الأولى للحرب عند احتلال أيران
لأراضي عراقية كان منها جزء من
حقل مجنون.. ويجب الأشارة الى
أنه عند حفر جميع الأبار لم
تتعرض أجهزة وكوادرالنفط
للمضايقات كونها كانت واثقة من
أن عملها هو داخل أراضي عراقية
سبق وأن عُلٌمت بواسطة الدعامات
الحدودية في عام 1976 كما سيجري
شرحه لاحقا. الحدود العراقية
الأيرانية: على مدى قرون من الزمن
ومنذ أكثر من 1400 سنة شهدت
العلاقات مع بلاد فارس (ايران
لاحقا) الكثير من الصراعات
الحادة والتوترات يتخللها
أحيانا هدوء نسبي واستمر الأمر
كذلك خلال الأحتلال العثماني
لشبه الجزيرة العربية والعراق
ومع ذلك ابرمت معاهدة أرضروم
الأولى بين البلدين في عام 1823
والتي سرعان ما نقضها الفرس وتم
ابرام معاهدة أرضروم الثانية
عام 1847.. وتكرر الحال نفسه فتم
توقيع (بروتوكول طهران) عام 1911
وقامت لجنة مشتركة بالعمل على
ترسيم الحدود وذلك بعد ابرام
اتفاقية الأستانة عام 1913 وتمكنت
من تثبيت 233 دعامة وشملت كلا من
أتفاقية الأستانة وملاحقها
المبرمة عام 1914 والتي حددت
الأساس للحدود البرية (( وهي ذات
الأسس التي أعتمدت من قبل
اللجنة المشكلة بموجب اتفاقية
الجزائر عام 1975 )) . وكانت ايران تقوم
بأثارة المشكل كلما حصل تغيير
في نظام الحكم في العراق مستغلة
فترة من عدم الأستقرار..فبعد
سقوط الدولة العثمانية
وتشكيل الدولة العراقية عام
1921 قامت ايران بتجاوزات على
الحدود ولكن ليس على الجدود
البرية فقط بل وشملت أيضا شط
العرب مطالبة بحقوق لها فيه حيث
قامت قوات ايرانية بالسيطرة على
بعض المناطق داخل الأراضي
العراقية مع قطع مياه الأنهار
الجارية من ايران الى العراق (
وهو ما عاودت ايران القيام به
خلال السنوات الأخيرة وبعد
الغزو الأمريكي). واستمر الحال
لغاية عام 1937 حيث وقع البلدان
معاهدة جديدة مستندة الى
اتفاقية الأستانة ومحاضر لجنة (
قومسيون) في 1914... وتكرر الأمر
على مدى السنوات اللاحقة وصولا
الى عام 1969 بعد تولي حزب البعث
للسلطة حيث أعلن شاه أيران ومن
جانب واحد ألغاء معاهدة 1937 قامت ايران بدعم التمرد
العسكري في شمال العراق كما
اتهمها العراق بتمويل مؤامرات
لقلب نظام الحكم
واستمر التأزم في العلاقات
لعدة سنوات الا أنه وبناء على
استنزاف القوات المسلحة
العراقية لذخيرتها قبل العراق
وساطة الجزائر وتم خلال انعقاد
مؤتمر قمة الأوبك في الجزائر
عام 1975 التوقيع على اتفاقية
جديدة وقعها عن العراق نائب
الرئيس أنذاك صدام حسين وعن
أيران الشاه وبحضور الرئيس
الجزائري الراحل هواري بومدين
والتي حددت اسس الحدود البرية
اعتمادا على اتفاقية الأستانة
وغيرها من الأتفاقيات السابقة
الاُ أن العراق أعطى تنازلا
كبيرا يتضمن تقسيم شط العرب بين
البدين واعتبار خط التالوك الحد
الفاصل و تلقى النظام العراقي
أنذاك انتقادات شديدة بسببها
والذي برر الأتفاق بقيام ايران
بأيقافها لدعم التمرد في شمال
العراق مما مكن العراق في النصف
الثاني من السبعينات من التركيز
على حملة الأعمار الكبيرة .. الا
أن الأمر سرعان ما انتكس مرة
أخرى بأعلان الجمهورية
الأسلامية في ايران وتولي
الأمام الخميني ولاية الفقيه (
وكان قد تم ابعاده من العراق عام
1975) حيثأعلن الأمام الخميني فور
تسلمه للسلطة عدائه للعراق
والنظام فيه وقرر عدم الأعتراف
بأتفاقية الجزائر وأدى ذلك
لاحقا ومع استمرار التجاوزات
الأيرانية على الحدود وضرب
المنشأت النفطية في منطقة
النفطخانة وكذلك محاولات
اغتيال عدد من رموز النظام
العراقي وبالتالي الى اشتعال
الحرب في 23 أيلول 1980 والتي
استمرت لغاية 8/8/1988 حبث أعلنت
ايران قبولها بوقف اطلاق النار. اجراءات ترسيم الحدود: تم في 13 حزيران
1975 التوقيع في بغداد ، بحضور
وزير خارجية الجزائر آنئذ السيد
عبد العزيز بوتفليقة (الرئيس
الحالي للجزائر)،على معاهدة
الحدود الدولية وحسن الجوار بين
العراق وإيران والبروتوكولات
الثلاثة الملحقة بها التي تخص
إعادة تخطيط الحدود البرية
وتحديد الحدود النهرية بين
العراق وإيران والأمن على
الحدود وملحقاتها . وقد جرى في
طهران تبادل وثائق التصديق
بتاريخ 22 حزيران 1976 ودخلت
المعاهدة حيّز التنفيذ اعتبارا
من ذلك التاريخ. وقد أكد الطرفان
المتعاقدان في المادة الأولى من
المعاهدة على أن الحدود الدولية
البرية بين إيران والعراق هي
تلك التي أجري إعادة تخطيطها
على الأسس وطيقا للأحكام التي
تضمنها بروتوكول إعادة تخطيط
الحدود البرية وملاحق
البروتوكول المذكور ، التي هي
مرفقة بالمعاهدة. وفي المادة الأولى من
بروتوكول إعادة تخطيط الحدود
البرية ، أكد الطرفان وسجلا
اعترافهما بأن إعادة التخطيط قد
أجريت على الأرض من جانب اللجنة
المختلطة العراقية الإيرانية
الجزائرية . وذكرت المادة من بين
ما ذكرته من الأسس المحضر
الوصفي لإعادة تخطيط الحدود
الذي وضعته اللجنة المختلطة ،
والخرائط التي رسم عليها خط
الحدود وكذلك مواقع الدعامات
القديمة والجديدة والبطاقات
الوصفية للدعامات كافة ووثيقة
بإحداثيات الدعامات
الحدودية ، وألحقت كل هذه
بالبروتوكول. مع الأشارة الى
مشاركة الجزائر وتم الأحتكام
اليها في ثلاث حالات من قبل
الجانب الأيراني وصدر القرار في
حينه لصالح العراق. والجدير بالذكر أن
إيران أودعت المعاهدة وكل ما
ألحق بها من بروتوكولات
واتفاقات لدى الأمانة العامة
للأمم المتحدة عام 1976 وباللغتين
الأنكليزية والفرنسية. الواضح مما تقدم أنه
ليست هناك أية صعوبة في التثبت
من عائدية آبار النفط إلى أحد
الطرفين بمجرد عملية تدقيق مسحي
بسيطة لإحداثياتها الفعلية على
الأرض ومقارنة تلك الإحداثيات
بتلك التي تعود للدعامات وخط
الحدود المرسوم على الخرائط
بينها في منطقة الفكة. العراق وايران في مرحلة
ما بعد الغزو الأمريكي: رغم التقارب ما بين
الحكومات المتعاقبة والعديد من
الأحزاب الحاكمة بعد الأحتلال
والأجهزة الأيرانية الا أن ذلك
لم يمنع ايران من استمرار
تجاوزاتها وخروقاتها بأعتراف
وزارة الخارجية العراقية التي
اكتفت منذ عام 2006 بأرسال كتب
الأحتجاج على الخروقات في البر
والمياه العراقية بما في ذلك
قصف المناطق الحدودية شمال
العراق والتجاوزات في المياه
العراقية والأعتداء على
الصيادين وادعاءاتها حول رأس
البيشة وجزيرة أم الرصاص ثم
تجاوزاتها قبل سنتين في مناطق
حقل مجنون والمناطق القريبة عام
2008 وصولا الى احتلالها لبئر فكة
النفطي رقم 4 في 18/12/2009 . كما وقع بعض من
المسؤولين العراقيين الحاليين
– عن قصد أو غيره – عندما أخذوا
- ومعضمهم بعيد عن شؤون النفط -
بالحديث عن (الحقول المشتركة) في
حين أن تلك الحقول العراقية هي
حدودية داخل الأراضي العراقية
بالكامل بأستثناء حقل
النفطخانة المشترك مع نفط شاه
الأيراني... وحسنا فعلت وزارة
النفط عندما صححت خطأ سابقا
وقعت فيه قبل سنتين عندما أخذت
تتعامل مع حقول مجنون والحلفايا
وبدرة كحقول عراقية صرفة كما
أنها وبعد صمت استمر أيام أكدت
أن فكة وبئرها الرابع هي عراقية.....ونود
أن نشير بالمناسبة الى أنه يوجد
في محافظة ميسان 11 حقلا منها
الزركان وأبو غرب وفكة (حقول
مطورة منتجة ) وحقول العمارة
والحلفايا ونور والرافدين
وكميت والرفاعي والدجيل
والحويزة ( حقول مكتشفة وغير
مطورة). بتضح مما تقدم أن
الأدعاءات الأيرانية بكون
منطقة وحقل فكة تقع ضمن أراضيها
هي ادعاءات باطلة لا تستند الى
أي حقائق وما عليها الا أن تعود
الى الوثائق والخرائط
والمودعة لدى الأمم المتحدة ...وكفى
سكوتا من قبل أجهزة وزارة
الخارجية العراقية وبقية
الوزارات التي عليها كشف
الحقائق ونشر تلك الوثائق
والخرائط... وكفى التملق
والمحاباة للنظام الأيراني
والذي تبقى أطماعه التوسعية
وبثروات العراق وبغض النظر عن
أي نظام للحكم.. لقد توفى الله عددا من
كبار خبراء العراق في مجال
المساحة أمثال علاء الصقال
وطالب البراك وفؤاد الحكيم
وغيرهم الا أن ما تركوه من أعمال
موثقة تثبت الحقيقة. المتعلقة
بالحدود وترسيمها ولا يمكن أن
يبقى المسؤولون العراقيون
متجاهلين للحقائق وأن يكاشفوا
الشعب بها. هذه محاولة مني لكشف
الحقائق وأملي أن يبادر أخرون
سواء ممن عملوا في وزارة
الخارجية أو وزارة النفط ولديهم
المزيد من الأدلة الثبوتية
والمعلومات بأن يقوموا بالكشف
عنها بدون خوف أو تأخير ...وأقول
لأيران أن استمرار محاولاتها
للنيل من العراق وأرضه وثرواته
ستقابل من قبل الشعب العراقي
بكل حزم كما وعلى حكام ايران أن
يلتفتوا لمعالجة مشاكلهم
الداخلية المتفاقمة وكذلك
مشاكلهم الخارجية المتعلقة
بالملف النووي مع أمريكا وأوربا
بمعزل عن العراق فلديه ما يكفيه
من هموم ومأسي
في ظل الأحتلال. ــــــــــ * وزير النفط العراقي
الأسبق ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |