-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 07/01/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


العلاقات الروسية – الاميركية .. اللعبة التي لم تبدأ بعد !!

أ. محمد بن سعيد الفطيسي*

azzammohd@hotmail.com

          كثيرة هي الدراسات والأبحاث والآراء التي تشير الى أمكانية التقارب بين القوتين العظميين النوويتين الاميركية والروسية خلال المرحلة القادمة من القرن الحادي والعشرين , وتلك الآراء بالطبع تعتمد على العديد من الأدلة والقرائن والبراهين التي تؤكد تلك النظرة التحليلية , و- نحن هنا بالطبع - لا يمكن لنا سوى احترام تلك الآراء , كونها تصدر من مراكز أبحاث عالمية مرموقة وشخصيات دولية ذات باع طويل في مجال البحث والتحليل والاستشراف الجيوسياسي والجيواستراتيجي 0

        ومن ابرز الأدلة والبراهين التي يستند ويعتمد عليها أصحاب تلك النظرة التالي :

( 1 ) التفاوت في القوة العسكرية والاقتصادية ما بين القوتين النوويتين مما يستدعي قبول القوة الأقل لمبدأ الانزواء وراء القوة الأقوى , وهو مبدأ معروف في السياسة والعلاقات الدولية 0

( 2 ) لا تملك روسيا الاستقرار السياسي الكافي الذي يمكن أن يدفع بها لتقبل المواجهة مع الولايات المتحدة الاميركية حول تقاسم رقعة الشطرنج الدولية 0

( 3 ) أن الولايات المتحدة الاميركية تملك من القوة والإمكانيات الجيوسياسية والجيواستراتيجية ما يجعلها أكثر قدرة على المناورة ومواجهة التحديدات , وبالتالي ومن حيث هذه النظرة , فان روسيا لن تخاطر في ابتزاز او مواجهة الولايات المتحدة الاميركية , وتحديدا كون روسيا تدرك ان الولايات المتحدة الاميركية قادرة على التسبب لها بمشاكل كثيرة 0

( 4 ) ليس هناك ما يدفع روسيا في ظل الوضع الراهن الذي تعيشه , وخصوصا أنها تسعى للاستقرار واحتواء البيت الروسي الداخلي , الى إعادة مرحلة سابقة قضت سنوات للتخلص من عقباتها ونتائجها الوخيمة , ونقصد مرحلة الحرب الباردة ما بين الولايات المتحدة الاميركية و الاتحاد السوفيتي السابق والذي تعتبر روسيا اليوم وريثه وامتداده الحقيقي 0

( 5 ) أن الفوائد التي يمكن ان تحصل عليها روسيا من تقاربها وتحالفها مع الولايات المتحدة الاميريكية أكثر بكثير مما يمكن ان تحصل عليها من وضع المواجهة والعداء 0 

( 6 ) أن روسيا بحاجة ماسة الى الولايات المتحدة الاميركية كحليف , وذلك للوقوف معها في العديد من القضايا والتحديدات التي تواجهها , وبالتالي فإنها لن تسعى لمواجهتها أو تحديها , على اقل تقدير حتى تحصل منها على أهدافها الاستراتيجية تلك , ومن الأمثلة على ذلك , الانضمام الى منظمة التجارة العالمية , وصمتها على التجاوزات الروسية في نطاق البيت السوفيتي القديم وغيرها 0

          المهم في الأمر بان الآراء ووجهات النظر التي تعتمد على الأدلة والبراهين السابقة على كون ان العلاقات الروسية – الاميريكية هي اقرب الى التقارب والتحسن منها الى الاختلاف والتنافر والمواجهة لها ما يبررها , وكما سبق واشرنا فان ذلك يستدعي منا احترامها وتقديرها رغم اختلافنا العميق والجذري معها , - ونحن – هنا لا نختلف معها من باب الاختلاف فقط , وإنما نستند في ذلك على براهين وأدلة هي كذلك تدفع بنا وتعطينا القوة والدافع للمجاهرة بوجهة النظر التي نتبناها منذ فترة طويلة , والتي تقول بان : العلاقات الروسية – الاميركية لن تتحسن مطلقا خلال المرحلة الزمنية القادمة من القرن الحادي والعشرين 0

          وأن كل ما سيحدث لاحقا من حالات التقارب والود , ما هي سوى واجهة للدبلوماسية المعهودة ما بين القوتين , وستبقى العلاقات ما بينهما تسير وفق مبدأ " كن قريبا من عدوك دائما ولكن خذ حذرك منه " أو " كن قريباً من عدوك يحسبك بعيداً " , وذلك لأهداف حيوية وجيوسياسية كثيرة أقربها الى المنطق والعقل فكرة المثل المعروف " تمسكن حتى تتمكن " 0

          وهو ما سيتضح خلال السنوات القريبة القادمة , ونحن هنا نؤكد ان الطرف الثاني لمعادلة الصراع – أي – الولايات المتحدة الاميركية تدرك تمام الإدراك تلك الفكرة التي تتبناها الجمهورية الروسية منذ البداية , وتعلم عن روسيا الكثير , حتى إننا نؤكد بان الولايات المتحدة الاميركية تعلم تمام العلم الإمكانيات الروسية المختلفة وعلى مختلف الأصعدة , ولكن ذلك بالطبع لا يستدعي منها اعتماد السياسة الصلبة أو دبلوماسية المواجهة معها دون مبرر قوي يستدعي ذلك , أو تخليها عن مبدأ الحوار وتقارب وجهات النظر حتى إشعار آخر 0

         وقبل ان نتطرق الى أهم وابرز ما نستند عليه في رؤيتنا السابقة لمستقبل العلاقة ما بين القطبين النوويين الروسي والأميركي , والتي تؤيد فكرة استمرار العداء وتغلبها على فكرة التقارب والتحالف الاستراتيجي , سنلخص أهم القضايا والتحديات التي نتصور – من وجهة نظرنا الشخصية – بأنها ستكون الفتيل الدائم لاشتعال الأزمات بينهما خلال المرحلة القادمة :- 

( 1 ) توسع حلف الناتو , والذي تنظر إليه روسيا على انه تهديد مباشر لأمنها وسيادتها القومية , وخصوصا كونه قد بدأ بضم العديد من الدول التي كانت تشكل سابقا الاتحاد السوفيتي , فبعد انضمام التشيك والمجر وبولندا للناتو في العام 1999م , تمددت تلك المنظومة الاوروأميركية أصلا لتضم أعضاء جدد لا تقل مخاطر دخولهم للناتو عن الدول الثلاث سالفة الذكر كبلغاريا ورومانيا ولتوانيا واستونيا وسلوفينيا , ومن يعلم من سينضم لاحقا !!؟؟

( 2 ) إشكالية الدرع الصاروخي , والذي تصور الكثيرون حتى وقت قريب بأنها انتهت بعد وصول الرئيس الديموقراطي باراك أوباما الى الحكم , وخصوصا بعد تعهده بالغاها وتفكيكها في شرق أوربا , ولكن ما حصل بالفعل هو ان القيادة الاميركية قد قامت بتحويل تلك المنظومة من منظومة دفاعية برية ثابتة الى أخرى بحرية متنقلة , هي اخطر بكثير على روسيا مما كانت عليه سابقا , وبالتالي فان مبدأ التهديد الاورو اميريكي  لم ينتهي بعد 0

( 3 ) إشكالية البيت الروسي القديم , - أي – النطاق السوفيتي السابق , والذي تفكك وتقسم بسقوط الاتحاد السوفيتي مع نهاية عقد الثمانينات وبداية عقد التسعينيات من القرن العشرين , والذي تنظر إليه روسيا " الوريث الشرعي " على انه جزء من سيادتها وأمنها القومي , بينما تسعى الولايات المتحدة الاميركية الى انضمامه الى التحالف الغربي بقيادتها , وهو ما يجعل من روسيا الاتحادية تنظر الى الأمر على انه تدخل في سيادتها وأمنها ومحاولة عدائية من قبل الغرب لتحطيمها وتدميرها وتفتيتها0 

 

         فهل يمكن بالفعل ان تتقارب وجهات النظر كما يشير البعض ما بين الولايات المتحدة الاميركية وروسيا الاتحادية في ظل وجود كل تلك الأزمات والاختلافات الجذرية سالفة الذكر ؟ وهل يمكن لدولتين تملكان نفس الطموح والأهداف الاستراتيجية ان تتعايشان دون نزاع او صراع على المصالح الحيوية الدولية ؟ وهو ما لا نتوقعه مطلقا على المدى البعيد , وان حاولت القيادتين السياسيتين السعي لتحقيق ذلك بطريقة ما 0

         وهنا نشير الى النقاط والمبررات والدوافع التي نستند عليها  في رؤيتنا الاستشرافية التي تتبنى فكرة المواجهة والصراع ما بين القطبين التقليديين على المدى المتوسط , وأهمها :

( 1 ) استحالة إمكانية التعايش الطبيعي دون صراع ومواجهة ما بين خصمين يملكان نفس الطموح والأهداف الجيوسياسية والجيواستراتيجية على رقعة الشطرنج الدولية , ويسعيان للهيمنة والسيادة على موارد ومواطن عالمية محددة وتتمركز في نطاق عالمي معروف 0

( 2 ) وجود العديد من نقاط الخلاف الجذري كما سبق واشرنا ما بين الطرفين حول المصالح العالمية التي تتقاطع في أكثر الأحيان , حيث ان ما تراه الولايات المتحدة الاميركية من خلال وجهة نظرها صائبا ومبررا وليس هناك ما يستدعي الخوف منه , تجده روسيا من خلال وجهة نظرها انتهاكا واختراقا لمصالحها الاستراتيجية وتهديدا لأمنها وسيادتها القومية 0

( 3 ) هناك إشكالية كبيرة تعاني منها القيادات السياسية في كلا الطرفين , و- نقصد – إشكالية القيادات العسكرية التي تنظر الى الأمور من ناحية مختلفة كليا عما يراه السياسيين والدبلوماسيين , وتحديدا في ظل وجود قيادات عايشت فترة الحرب الباردة , وأخرى تربت على يديها , ولا زالت تنظر وتتعامل بعدائية وتخوف مع العديد من القضايا المشتركة 0

( 4 ) بروز القيادات القومية السياسية والعسكرية والإعلامية بشكل لافت في روسيا الاتحادية , حيث تسعى تلك القيادات بطريقة او بأخرى الى استعادة مكانة روسيا القيصرية , وهو ما دفع وسيدفع روسيا خلال المرحلة القادمة الى التعاطي مع بعض القضايا وخصوصا القومية والسيادية بطريقة متشددة ومتشككة , وبالتالي عدم التجاوب مع الكثير من المسائل ذات الدوافع الأمنية والسياسية المشتركة ما بين الطرفين 0

( 5 ) النظرة الاميركية الجديدة الى روسيا , والتي بدأت بالارتسام والتشكل مع بداية القرن الحادي والعشرين , حيث تنظر الولايات المتحدة الاميركية الى تصرفات ومساعي وأهداف روسيا القومية الاستراتيجية بتشاؤم وقلق , وواحد من أهم تلك الأهداف التي تخيف الولايات المتحدة الاميركية , عسكرة المواقف الروسية تجاه حلفاء الولايات المتحدة في نطاق الاتحاد السوفيتي القديم , كما حدث مع جورجيا مع نهاية العام 2008م , وقد يحدث مع أوكرانيا على سبيل المثال لا الحصر 0

( 6 ) التطور الهائل في الشؤون العسكرية وموازنات الدفاع في كلا الدولتين دون مبرر يذكر , وهو ما يؤكد المخاوف المشتركة , وتبني خيارات الردع والاحتواء من جديد كما كان ذلك على عهد الاتحاد السوفيتي أثناء الحرب الباردة في ستينيات القرن العشرين , وليس أفضل دليل على ذلك من بناء كلا الطرفين لمنظومات جديدة من الأسلحة النووية الانشطارية الاستراتيجية خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين 0

( 7 ) كذلك فان هناك نقطة هامة على هذا الصعيد , وهي البناء الايديوبوليتيكي للقرن الحادي والعشرين نفسه , حيث ان هذا القرن وكما أكدنا في بحوث ودراسات سابقة سيكون اقرب الى التعددية الفضفاضة , او ربما الى نظام البولياركي منه الى نظام الثنائية القطبية , وهو ما يستدعي بروز التحالفات والخصومات منه الى الاستقرار والتوازن الاستراتيجي , ومن باب أولى ان يكون ذلك بين القوى العظمى على المصالح والهيمنة والسيادة العالمية 0

          وباختصار شديد , فإننا نؤكد بان العلاقات الروسية – الاميركية , لن تتحسن تدريجيا كما يعتقد البعض خلال الفترة الزمنية القادمة , وان حدث ذلك أحيانا , فلن يكون ذلك أكثر من فترة للتهدئة وقياس للنبض , فما يحدث اليوم من اشتعال لفتيل بعض الصراعات واختلاف وجهات النظر وما سيحدث في الغد في نفس السياق الثنائي او العالمي , هو بمثابة لعبة دولية للصراع والمنافسة والمواجهة لم تبدأ بعد بين الطرفين النوويين 0

ــــــــــــ

* باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية

* رئيس تحرير صحيفة السياسي التابعة للمعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ