-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 14/01/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


لماذا يكتبون؟

أ.د. محمد اسحق الريفي

أرى أن مضمون مقال الرأي يتأثر بعوامل عديدة، أهمها: دوافع الكاتب، وثقافته، ومعرفته، ووعيه، وفكره، ومنطقه، وأدواته للبحث والإحصاء، وقدرته على التفكير والتحليل، ومهاراته اللغوية.  تتفاعل هذه العوامل تحت سلطة أخلاق الكاتب ومبادئه، فتولد لديه آراء واتجاهات وتصورات، يعبر عنها الكاتب بمقالات الرأي التي يكتبها.

 

الدوافع تدفع الكاتب للكتابة، وتعبر عن أهدافه الشخصية أو الحزبية أو الدينية، وتجعله يتفاعل، بالقدر الذي يعبر عن اهتماماته ومهاراته وقدراته، مع الأحداث والقضايا المحلية والإقليمية والدولية، ومع الواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي الخاص بالمجتمع الذي يعيش فيه، في الاتجاه الذي يحقق أهدافه وينسجم مع آرائه ومواقفه وطموحاته.

 

ورغم أنه ليس من الصعب معرفة دوافع كتَّاب مقالات الرأي للكتابة، نجد أنه عند سؤالهم عن تلك الدوافع، يحجم معظمهم عن الإفصاح عن حقيقتها، ويتجنبون الخوض فيها، وهذا شيء طبيعي بالنسبة للإنسان، وفقاً لنظريات علم النفس، التي تؤكد أن الإنسان عندما يتحدث عن سيرته الذاتية وجوانب حياته الخاصة، يتجنب ذكر ما يعيبه، أو يشوه سمعته، أو يحط من قدره، وأنه لا يذكر من الأحداث والحقائق والدوافع إلا ما يؤدي إلى تقدير ذاته، ويبرز مروءته، ويدعم مواقفه، ويعزز ثقة القرَّاء المتابعين لمقالاته به.

 

ولهذا عندما يجيبك الكاتب على السؤال "لماذا تكتب"، لا تسمع منه إلا إجابات جميلة، ذات مضامين إنسانية وأخلاقية سامية، تدل على دوافع إنسانية نابعة من قيم إنسانية مثلى، وعلى حرصه على الوطن والشعب والأمة، بل حتى على البشرية والعالم الذي نعيش فيه.  ويخبرك أيضاً بأنه إنما يكتب لممارسة النقد الاجتماعي، بهدف الإصلاح والتغيير، والتوعية والتنوير، ونشر المعرفة، والمساهمة في حل المشكلات الاجتماعية، ودراسة الظواهر الاجتماعية، والمحافظة على الثقافة، والارتقاء بالمجتمع، والدفاع عن بلادنا وقضايا أمتنا... الخ.

 

وإذا عبرت مثل هذه الإجابات عن الدوافع الحقيقية لفئة معيَّنة من الكتَّاب الشرفاء والمخلصين لأمتنا وشعوبنا وقضايانا، فإنها دون أدنى شك لا تعبر عن دوافع فئات أخرى من الكتَّاب في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، خاصة كتَّاب مقال الرأي السياسي.  فمن الكتَّاب من يكتب من أجل الحصول على الأجر والمال، ولا عيب في هذا إلا إذا تجاوز الكاتب الخطوط الحمراء التي تحددها الأخلاق والاعتبارات والثوابت والقيم الوطنية والقومية والدينية والإنسانية، لأن الكاتب إذا تجاوزها، فإنه يصبح عنده الحصول على المال غاية تبررها كل الوسائل.

 

ومن الكتَّاب من يكتب من أجل تملق جهات سياسية، أو طبقة نخبوية، أو شخصيات اعتبارية، أو سلطة، أو حكومة، أو حزب سياسي، أو دولة.  ومنهم من يكتب لهثاً وراء الشهرة، في إطار حاجة الإنسان إلى تحقيق الذات، أو ترويجياً للقدرات والكفاءات الذاتية والمهارات والملكات الأدبية.  ومنهم من يكتب لإثبات أهليته لمنصب ما، أو لتسلق الهيكل التنظيمي للحزب الذي ينتمي إليه نحو الزعامة، أو لتبرئة ذمته من اتهامات تتعلق بانتمائه السياسي والأيديولوجي، أو للتنصل من فكر حزبي أو ديني معيَّن، أو للظهور أمام الناس بمظهر المعتدل والوطني والحكيم والورع، أو للتسلية أحياناً، أو للهروب من واقع اجتماعي بائس، أو للهروب من واقع سياسي مضطرب، أو للهروب من مشكلة شخصية، أو للانتقام من الذات.  ومنهم من يكتب ليشفي غليله من جهة معادية ما لأسباب شخصية أو حزبية، عبر سلقها بلسانه الحاد، والنيل من سمعة رموزها وقادتها، وكيل الاتهامات لها، والتشكيك في أهدافها ومصداقيتها ونياتها، وضعضعة ثقة الناس بها... وهكذا.

 

لذلك عندما يفكر الكاتب بعقل أكبر من حجم دماغه، وبمعطيات منقوصة، ومعرفة سطحية، ووعي ضحل، وأدوات ضعيفة، ومنطق معتل، وفكر سقيم، ثم يكتب بعد ذلك بلغة فقيرة، فإنه لا يزيد القارئ إلا خبالاً، فتنتشر الفوضى الفكرية والسياسية والاجتماعية، وتحدث المصيبة، هذا إن صلحت دوافعه.  أما إذا فسدت دوافع الكاتب، فإن الخطر على القارئ يكون أشد فتكاً به وبوعيه وبعقله، وتكون المصيبة أخطر وأكبر وأعم.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ